وعلى هامش مشاركته في الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، اجرت قناة الجزيرة الناطقة باللغة الانكليزية مقابلة مع الرئيس الايراني مسعود بزشكيان حول قضايا اقليمية ومحلية ومن ضمنها توسع جرائم الكيان الصهيوني في لبنان، حل المشكلة الفلسطينية، مفاوضات الملف النووي الايراني،العلاقات مع الدول الغربية والتعاون مع دول الجوار.
على الدول الاسلامية الّا تسمح باستمرار جرائم الصهاينة
وفيما يتعلق بالمستجدات في منطقة غرب اسيا، رأى بزشكيان انه من الصعب تقبل ما يحصل حيث تزهق ارواح الابرياء بالعنف والعدوان دون رحمة، لافتا الى ان ما يقوم به الكيان الصهيوني من ابادة جماعية وارتكاب المجازر المنتهكة لحقوق الانسان وقوانين المجتمع الدولي يجري امام مرأى ومسمع العالم اجمع وبدعم من الادراة الامريكية والدول الغربية وفي ظل صمت المجتمع الدولي ومؤسساته.
واضاف الرئيس الايراني بأن الكيان الصهيوني يسعى الى توسيع رقعة الحرب في غرب اسيا واستخدام اساليب ارهابية ومدمرة من اجل بقائه لانه فشل في تحقيق اهدافه والقضاء على حماس وكل مافعله هو قتل الاطفال والنساء والابرياء وتدمير المدراس والمستشفيات والبنية التحتية في غزة.
واكد انه كمسلمين نشعر بالتزام تجاه هذا الأمر، وعلى الدول الإسلامية أن تجلس وتبدي رد فعل محدد على هذه الجرائم ولا تسمح باستمرار جرائم الكيان الصهيوني في لبنان، مشيرا الى انه لو اتحدت الدول الاسلامية وادانت بصوت واحد جرائم الكيان الصهيوني ولم تسمح للقواعد الأمريكية والصهيونية بتنفيذ هذه الأعمال بسهولة وما كانت امريكا بكل هذه البساطة ان تستطيع تقديم كل هذا الدعم للكيان الصهيوني وتزوده بالأسلحة.
واعتبر الرئيس الايراني بأن الدول الاسلامية مقصرة في هذا الخصوص فبدلا من وضع الخلافات جانبا وفتح ابواب الحوار فيما بيننا ومساندة بعضنا البعض ضد الهيمنة والاستكبار والجرائم التي تحصل لامتنا والدفاع عن حقوق المسلمين في المنطقة نقوم بالتقاتل وخلق فجوة بيننا، مؤكدا على ان تضامن وتآزر الدول الاسلامية سيحقق نموها وتعزيزها وسيغادر الاجانب المنطقة ويمكننا أن نحقق السلام والأمن في المنطقة بأنفسنا. مضيفا انه ينبغي علينا أن نبني منطقة إسلامية واحدة بالمحافظة على الحدود ووحدة الأراضي الموجودة.
سياسة الاغتيالات الصهيونية وتداعياتها في المنطقة
اوضح بزشكيان بأن الغرب والمتشدقين بحقوق الانسان يخالفون حكم الاعدام بحق المجرمين والارهابيين وهم من ناحية اخرى لا تهون عليهم كل العمليات الاجرامية التي يقوم بها الصهاينة وبكل دم بارد بقتل المدنيين الابرياء وعلى سبيل المثال اخر اساليب اجرامهم كانت تفجيرات وسائل الاتصالات اللاسلكية (البيجر) في لبنان، لافتا الى ان هذا يدل على أن ما يزعمونه عن حقوق الإنسان والإنسانية كله محض أكاذيب، وعندما يتعلق الأمر بمصالحهم فإنهم على استعداد لقتل أي شخص وأي بريء دون هوادة.
وفي المقابل عندما اصبح الامر متعلقا بإيران استغلوا حادثة وفاة طبيعية لفتاة ايرانية وجيّشوا اعلامهم ضد ايران واعتبروا ذلك نقيضا لحقوق الانسان، بينما يغمضون اعينهم ويصمون اذانهم عمّا يفعله الكيان الصهيوني بفتيات ونساء فلسطين ولبنان، اوليست هذه النساء اللاتي يفقدن ارواحهن يوميا بالقصف الصهيوني في لبنان وفلسطين بشرا؟
ومن هذا المنطلق يجب على الدول الاسلامية ان تدرك حقيقة الدول الغربية وسياساتها، موضحا ان هذه الدول تكذب ونحن من يجب أن نعلم أنها كاذبة ولا يهمها أبدا مصالح المسلمين وبلادهم.لذا، اذا اتحدنا كمسلمين وسعينا لحل مشاكل بعضنا البعض واحترمنا سلامة أراضي بعضنا البعض، فلن يجرؤ احد على تقسيمنا لتحقيق اهدافه.
اغتيال الشهيد هنية في طهران
وعن اغتيال الشهيد اسماعيل هنية في طهران، اشار الرئيس الايراني الى ان الكيان الصهيوني والادارة الامريكية لديهم ادواتهم واساليبهم الخاصة في مثل هذه العمليات وينفذونها في اي مكان وزمان يريدون وفقا لمصالحهم، وان ارادوا ايضا لكانوا نفذوا عملية الاغتيال في دولة اخرى.
وتابع انه وعلينا أن ندرك من الآن فصاعدا أن نفس جهاز النداء والأدوات الإلكترونية المختلفة التي لدينا تحت تصرفنا، هناك احتمال أن يكون قد تم التلاعب بأي منها ويمكنهم السيطرة علينا أو اغتيالنا بناء على ذلك. وإذ فعلوا ذلك، أصبح واضحا أن ادعاءات المنظمات الدولية والأشخاص الذين كانوا يتحدثون عن حقوق الإنسان والإنسانية والكرامة وغيرها هي مزاعم كاذبة.
الرد الايراني على جريمة اغتيال الشهيد هنية
واوضح بزشكيان ان ايران تحتفظ بالرد على جريمة اغتيال الشهيد هنية وتعمل على ذلك بنحو متناسب ولن تعلن عما ستفعله، ونوع عملها وتوقيته وما يتعين عليها القيام به، وبالمقابل نرى ان الكيان الصهيوني وبدعم من الولايات المتحدة الامريكية المتشدقة بحقوق الانسان والديمقراطية لا يمانعان في زج المنطقة بالفوضى حتى يتمكن الكيان الصهيوني من الخروج من هذا الفخ الذي وقع فيه بسهولة.
واضاف الرئيس الايراني بأن نتنياهو يلجأ الى العديد من الاساليب لخلق الحرب والفوضى في المنطقة لذا يجب ان نكون حذرين حتى لا نقع في الفخ الذي يريد أن ينصبه لنا ونتيجة لذلك، ومن وجهة نظر سياسية سنحاول القيام بشيء ما في وقت معين وفي مكان معين حتى لا يتمكنوا من تحقيق هدفهم.
ورأى بزشكيان بان الصهاينة اختاروا طهران وتحديدا بتوقيت مراسم تنصيبه الرئاسة لتنفيذ عملية اغتيال الشهيد اسماعيل هنية، لانه اي الرئيس الايراني يسعى الى تقريب الدول الاسلامية وتحقيق مستوى اعلى من الوحدة فيما بينها، موضحا ان وجهة نظره كانت أنه لا ينبغي لنا أن نعتبر أي شخص أجنبيا في بلدنا، وهذا الامر الذي سوف يدمر مؤامرتهم تلقائيا لايروق لهم لأنهم يريدون أن ننقسم ونتقاتل دوما كي لا نتمكن من العيش بسلام مع جيراننا والعالم الذي نعيش فيه.
وتابع بزشكيان انه في العقيدة الاسلامية يجب على كل مسلم الا يبقى صامتا ويقف موقف الحياد وانما يجب عليه نصرة اخاه المظلوم، و يجب على الدول والشعوب الاسلامية التي تدعي الاسلام ولا تعمل بهذا المبدأ ان تزيل اسم الاسلام من وجودها حتى نعرف نحن وسائر المسلمين واجبنا.
الالتزامات تجاه قضية غزة والحلول الواجب اتخاذها
وفيما يتعلق بقضية غزة، صرح بزشكيان انه وكخطوة اولى يجب على الدول الإسلامية ان تتحاور سويا وتتوصل الى لغة ومفهوم ورؤية واحدة مفادها أن كل من يعتدي على المجتمع الإسلامي فهو معتدٍ، وينبغي توضيح واجب الدول الاسلامية من الناحية الدولية، مضيفا انه لا ينبغي أن نسمح لاي كان أن يأتي بسهولة ويعتدي على الدول الإسلامية ويذبح المسلمين بهذه الطريقة، ونحن كمسلمين نجلس ونشاهد ومن ثم نقول ماذا تريد إيران أن تفعل؟
وانطلاقا من كوننا مسلمين لا يمكننا تحمل ما يحصل بأبناء امتنا لذا ونتيجة لذلك فإن الخطوة الأولى وفقا لبزشكيان هي أن تجلس الدول الإسلامية وتعترض على العملية التي اوجدها الكيان الصهيوني وداعميه في غرب اسيا وفي غزة ولبنان، وبذلك فلن يجرؤوا على التمادي باعمالهم الهمجية هذه. لكن إذا تريدون أنه يجب على ايران أن ترد وحدها وأن الآخرين يقفون ويراقبون، فإن الكيان الصهيوني لن يمانع في مواصلة جرائمه وعندها سنتشابك ونتورط مع بعضنا البعض.
وبالاشارة الى الحل المناسب للقضية الفلسطينية، اوضح بزشكيان ان الفلسطينيين لديهم الحق في تحديد مصيرهم بيدهم وايران تحترم ذلك، مشيرا الى ان الحل العادل الوحيد للقضية الفلسطينية هو إجراء استفتاء بمشاركة جميع الفلسطينيين.
حوار وتعاون ايران مع الدول الغربية
لفت الرئيس الايراني الى ان ايران ليس لديها أي خلاف مع أحد وكل ما تريده هو حقها وحق شعبها وهي مستعدة لفتح ابواب الحوار في هذا الصدد، كما انها ملتزمة بما وقعت عليه واتفقت عليه سابقا وعلى الاطراف الاخرى العمل بالتزاماتها، موضحا ان ايران لا تسعى الى امتلاك اسلحة نووية وما تصنعه من أسلحة أو صواريخ أو أي شيء آخر هو لتكون قادرة على الدفاع عن اراضيها وسيادتها وحماية شعبها كي لا يتجرأ احد كالكيان الصهيوني ويقوم بارتكاب المجازر وانتهاك السيادة في ايران.
كما بيّن بزشكيان بأن الحوار يجب ان يقوم على الاحترام المتبادل بين الاطراف والشفافية وحفظ الكرامة وعدم إذلال أي شخص، لذا يجب تهيئة ظروف متساوية على أساس نفس الأطر الدولية للجلوس والتحاور مع بعضنا البعض، ونتفاعل ونرافق ما هو في مصلحة العالم ومصلحتنا مصلحتهم، اما إذا أرادوا إتباع اسلوب الاذلال، فاننا كمسلمين نفضل الموت على الذل ولن نتعرض للإذلال.
ملف المفاوضات النووية
ورأى بزشكيان ان المشكلة في ملف المفاوضات النووية هي عدم شفافية وصدق الطرف المقابل فإيران قامت بالوفاء بكامل التزاماتها في خطة العمل المشترك الشاملة وحنى عندما قامت الادارة الامريكية بالانسحاب الاحادي الجانب من هذه الاتفاقية بقيت ايران ملتزمة بالتزاماتها لمدة سنة وسمحت للمراقبين الدوليين بدخول اراضيها ومنشآتها النووية السلمية ولكن حين رأت ان ذلك لا يصب في مصالحها الوطنية امتنعت عن الاستمرار في القيام بالتزاماتها في هذا الصدد.
كما اوضح بزشكيان ان امريكا فرضت عقوبات لاضعاف ايران واسقاطها وفرضت على الدول الاخرى التي تهاب امريكا عدم التعاون والتعامل مع ايران، لكنها فشلت في اضعاف ايران واسقاطها لان فرض العقوبات لم يؤثر على عزيمة وارادة ايران حكومة وشعبا.
التعاون والحوار مع دول الجوار
وعن التعاون مع دول الجوار، اشار بزشكيان الى ان هناك حاجة لوضع مخطط استراتيجي مع دول المنطقة من اجل التعاون لما هو صالح للجميع، مشيرا الى ان إنشاء شبكة اتصالات إقليمية للدول الاسلامية امر قيم ويسعى الى نمو الدول الاسلامية لتصبح قادرة على أن لا تحتاج الى القوى الأجنبية كثيرا وأن يتم التعامل مع الدول الإسلامية على أساس الاحترام.
واضاف انه قام بزيارة العراق واجرى العديد من المحادثات في بغداد وإقليم كردستان والبصرة، كما ان اللقاءات الجانبية على هامش الدورة الـ79 للامم المتحدة ساهمت في تبادل الاراء والمشاورات في المواضيع الاقليمية والعالمية وتقريب وجهات النظر.
واكد ان وتيرة الاتصالات بين دول الجوار ستزداد قدر الإمكان، سواء فيما يتعلق بالتعاون بين البرلمانات والهيئات القضائية في البلدان أو فيما يتعلق بالقضايا الحكومية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.