موضوع البرنامج:
أنصار المهدي والتوحيد الخالص
سبل تربية أولادنا على الإعتقاد بالإيمان الغائب
طبيبنا يقدر على ما لا تقدرون
أدمى الحنين الدمع في آماقي
أو ما لشمس بهاك من إشراق
أتراك في البيت الحرام تطوفه
أم في البقيع تفيض بالأشواق
يا رب أكرمنا بيوم ظهوره
لنردد الصلوات في الآفاق
بسم الله والحمد لله أحكم الحاكمين والصلاة والسلام على شموس هدايته للعالمين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
معكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج المهدوي إخترنا لمطلعها وطوايا فقراتها أبياتاً مهدوية من ديوان العالم الأديب الشيخ أحمد الدر العاملي حفظه الله ولنا في هذا اللقاء ثلاث محطات؛ أولها تربوية عنوانها: أنصار المهدي والتوحيد الخالص.
ثم إجابة عن سؤال أختنا الكريمة أم محمد من الكويت عن: سبل تربية أولادنا على الإعتقاد بالإيمان الغائب.
أما حكاية هذا اللقاء فعنوانها هو: طبيبنا يقدر على ما لا تقدرون.
أطيب الأوقات نرجوها من الله لنا ولكم مع فقرات لقاء اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب)... تابعونا والفقرة التربوية التالية تحت عنوان:
أنصار المهدي والتوحيد الخالص
جاء في كتاب بشارة الإسلام أنه روي عن أميرالمؤمنين – عليه السلام – أنه قال ضمن خطبة طويلة بشأن أسماء أصحاب المهدي – عجل الله فرجه -:
"ألا إنه إذا خرج اجتمع اليه أصحابه على عدد أهل بدر وأصحاب طالوت، هم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، كأنهم ليوث خرجوا من غاب، قلوبهم مثل الحديد، لو أنهم هموا بإزالة الجبال الرواسي لأزالوها عن مواضعها، وهم الذين وحدوا الله حق توحيده، لهم في الليل أصوات كأصوات الثواكل من خشية الله تعالى قيام في ليلهم وصوام في نهارهم، كأنهم من أب واحد وأم واحدة، قلوبهم مجتمعة بالمحبة والنصيحة".
وقال الوصي المرتضى – عليه السلام – في وصف أصحاب سليله المهدي – عجل الله فرجه – في حديث رواه ابن أعثم الكوفي في كتاب الفتوح بأنهم:
"رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته وهم أنصار المهدي في آخر الزمان".
مستمعينا الأفاضل، في هذين الحديثين الشريفين بيان علوي دقيق لأولى الصفات المحورية لأصحاب المهدي – عليه السلام – وأنصاره المخلصين، وهي إخلاصهم في توحيد الله بأسمى وأصدق مراتب توحيده تبارك وتعالى أي مرتبة (حق التوحيد) فهم الذين (وحدوا الله حق توحيده) حسب تعبير الحديث الأول لمولى الموحدين وأميرالمؤمنين الوصي المرتضى – عليه السلام -.
فما معنى حق التوحيد وكيف يصل المؤمن إليه؟
الإمام علي – عليه السلام – يجيب عن هذا السؤال في فقرات كلامه الشريف، فهو يبين في الحديث الثاني أن معرفة الله حق معرفته عزوجل هي التي تنتج حق توحيده جل جلاله، حيث يقول في الحديث الثاني وهو يصف أصحاب سليله المهدي بأنهم (مؤمنون عرفوا الله حق معرفته)؛ فما هي معرفة الله حق معرفته؟
في الإجابة عن هذا السؤال نقول: إن معرفة الله حق معرفته هي معرفة الله لدى النبي الأكرم وأهل بيته المعصومين – عليهم السلام – وقد صرحت كيثر من الأحاديث الشريفة بذلك منها الحديث النبوي الشهير حيث قال الصادق الأمين – صلى الله عليه وآله – لوصيه الإمام المرتضى: "يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت".
وهذا يعني أن المرتبة الكاملة والخالية من الشبهات والتحريفات لا تتيسر للمؤمن إلا من خلال أخذها من البيان النبوي المعصوم للقرآن الكريم والوحي الإلهي والذي حفظه لنا أئمة العترة المحمدية الطاهرية – صلوات الله عليهم أجمعين -.
أيها الإخوة والأخوات، وننتقل الآن الى السؤال الثاني وهو: كيف توصلنا هه المعرفة الحقة الى توحيد الله حق توحيده لكي نصبح من خيرة أنصار مولانا المهدي – أرواحنا فداه -؟
في الإجابة عن هذا السؤال نرجع الى كلام مولانا مولى الموحدين علي أميرالمؤمنين، فنجده يؤكد على قوة وإخلاص الجانب العبادي في سلوكيات أصحاب المهدي المخلصين، وفي ذلك إشارة الى أنهم أولاً رسخوا الإيمان الصادق بالله عزوجل في قلوبهم، فتحول الى وقود عزم وإرادة راسخة في التعبد له تبارك وتعالى، بحيث يصبح طلبه وحده جل جلاله هو محور جميع سلوكياتهم والإقبال على رضاه والأنس به، فهم عشاق الله وأحباؤه يحبهم ويحبونه كما فصلنا الحديث عن ذلك في حلقة سابقة.
من هنا يتضح أن عبادة المهدويين الخالصة لله جل وعلا هي ثمرة المعرفة المحمدية العلوية به جل جلاله، ولذلك فهذا الإخلاص العبادي الناتج من حب الله هو الذي يحرق جميع مظاهر الشرك الجلي الواضح والخفي المستور حتى لو كان من مراتب عبادة الله بنية الطمع في جنته أو الفرار من النار، فهذا الإخلاص والحب يرقى بالمهدوي الى عبادة الله حباً وشكراً له ولأنه سبحانه أهلاً للعبادة، بعيداً عن شوائب طمع التجار وخوف الأرقاء العبيد.
وهذا المعنى – مستمعينا الأفاضل – بينته عدة من الأحاديث الشريفة نكتفي بما جاء في دعاء الإمام علي الشهير أنه – صلوات الله عليه – قال:
"إلهي، ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك ولكني وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك".
وقول الإمام الحسين – عليه السلام – وقد سئل عن العبادة فقال:
"إن قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوماً عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة".
وقال – عليه السلام – أيضاً: "من عبد الله حق عبادته آتاه الله فوق إيمانه وكفايته".
لما حللنا في ربى أم القرى
فاض الحنين إليك يا خير الورى
هل من سبيل يا ابن أحمد كي ترى
إن تم ذا قسماً بمن بسط الثرى
نقضي الحياة نردد الصلوات
أيها الإخوة والأخوات، لا زلنا معكم وحلقة اليوم من برنامج (شمس خلف السحاب) تستمعون لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
أيها الأكارم، من أختنا الكريمة أم محمد من الكويت وصلتنا عبر البريد الإلكتروني رسالة تشتمل عن سؤال يهتم بالحصول على إجابته كل أب وأم، تقول الأخت أم محمد: نعلم أن من الضروري أن نربي أولادنا منذ الصغر على الإيمان بإمام العصر المنتظر – عجل الله فرجه – والإرتباط به ومحبته، فكيف نقوم بذلك مع ملاحظة أنه – عليه السلام – غائب؟
نستمع معاً أعزاءنا للإجابة عن هذا السؤال من أخينا الحاج عباس باقري في الدقائق التالية:
الباقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أيها الأحبة وسلام على اختنا الكريمة ام محمد من الكويت. في الواقع السؤال الذي عرضته هذه الأخت الكريمة سؤال مهم للغاية يعبر عن جميل الحرص لدى المؤمنين والمؤمنات فيما يرتبط بمسؤوليتهم تجاه الأولاد خاصة بشأن تربيتهم على الارتباط الوجداني بإمام زمانهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. مما لاشك فيه أن هذا الاهتمام يعبر عن معونة مهمة يقدمها الوالدان لأولادهم لتجسيد الحديث النبوي والإستجابة للحديث النبوي فيما يرتبط بمعرفة امام الزمان بإعتبار أن هذه المعرفة هي التي تنقذ الانسان من ميتة الجاهلية، جزا الله الأخت الكريمة على هذا السؤال.
أما بالنسبة للإجابة صحيح أخت أم محمد في عصر الغيبة يشتمل على صعوبات والأولاد بطبيعتهم يتأثرون بالأمر الظاهري أشد من تأثرهم بالغيب لذلك تربيتهم على الارتباط الوجداني بالامام المهدي في غيبته، الأمر فيه بعض الصعوبة ولكن هذه الصعوبة تزول عندما نلاحظ أن الامام المهدي سلام الله عليه في غيبته بالنسبة لهم وبالنسبة لنا لايختلف عن غيب النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، النبي الأكرم ايضاً اليوم بالنسبة لنا غيب. مثلما نربيهم على الاعتقاد والايمان بنبوة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وهو اليوم غيب نربيهم على الايمان إمامة خاتم الأوصياء وهو في غيبته، نعلمهم بهذه الحالة أنه حي خلف أستار الغيب كما سؤل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ينتفع به كما ينتفع في عصر غيبته كالشمس اذا جللها سحاب او غيبها سحاب. من الأساليب العملية التي تعين على تقوية هذا الاعتقاد تعريف الأولاد بصورة الامام المهدي سلام الله عليه كما أن الروايات الشريفة تعرفنا بصورة النبي الأكرم صلوات الله عليه، تعرفنا ايضاً الروايات الشريفة بصورة وملامح وشمائل الامام المهدي سلام الله عليه وهذه موجودة في الحاديث الشريفة "وهو أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً بجده المصطفى صلى الله عليه وآله وهو سميه وكنيه" اذن يمكن أن نرسم صورة له سلام الله عليه تجعله حياً في أذهان الأولاد وهذه ايضاً حالة مفيدة للكبار ايضاً، عندما نتعرف على صفات الامام المهدي سلام الله عليه كما وردت في الأحاديث الشريفة الصحيحة نفس رسم هذه الصورة يسهل لنا الارتباط به وهو خلف أستار الغيبة. من الأساليب العملية المهمة لتقوية ارتباط الأولاد بالامام المهدي سلام الله عليه نقل قصص الذين تشرفوا بلقاء الامام سلام الله عليه في غيبته منذ الغيبة الصغرى والى عصرنا الحاضر، نقل هذه القصص وما تهدينا اليه من صفات الامام سلام الله عليه وجميل اخلاقه وجميل لطفه، جميل إعانته وإغاثته للمؤمنين وطبعاً القصص الموثقة ولاينبغي التوسعة لتشمل قصصاً لاأساس لها من الصحة بل حصر الأمر بالقصص الموثقة وهي ايضاً كثيرة كما قال السيد محمد الصدر رضوان الله عليه في كتاب الغيبة الكبرى، روايات الامام المهدي في غيبته تفوق حد التواتر بالمصطلح العلمي فهي متواترة. والروايات الموثقة كثيرة، المسجلة في المصادر المعتبرة. أتذكر أن أحد المؤمنين قدم برنامجاً تلفزيونياً اشتمل على تصوير هذه القصص عبر الرسم يعني رواية هذه القصص بالرسوم حتى غير المتحركة، هذا الأمر من شأنه أن يرسخ صورة الامام سلام الله عليه ومحبته وجميل صفاته في قلوب الأولاد بل وحتى الكبار ايضاً، وفقنا الله واياكم لذلك وشكراً لكم.
نشكر أخانا الحاج عباس باقري على هذه التوضيحات وننقلكم الآن الى أجواء الحكايات التربوية الموثقة التي تعزز موالاتنا وارتباطنا بمولانا خاتم الأوصياء – أرواحنا فداه – عنوان حكاية هذا اللقاء من برنامج (شمس خلف السحاب) هو:
طبيبنا يقدر على ما لا تقدرون
مستمعينا الأفاضل، تشتمل الحكاية التالية على أكثر من درس تربوي منها:
الأثر القوي لزيارة مشاهد أولياء الله والتعبد له فيها خاصة في الليالي المباركة في قضاء الحوائج لا سيما إذا اقترن الدعاء بالتوسل الى الله بخليفته المهدي أرواحنا فداه..
الحكاية نقلها العالم الورع حجة الإسلام والمسلمين الشيخ أحمد القاضي الزاهدي في الجزء الثالث من كتابه الوثائقي (عشاق المهدي عليه السلام).. وقد أوردها طبق ما كتبته صاحبة الحكاية وهي الأخت المؤمنة زوجة الحاج أحمد المعيني البافقي من أهل محافظة يزد الإيرانية... ويرجع تأريخ هذه الحكاية الى سنة ۱٤۱٥ للهجرة.. ننقل لكم خلاصتها بعد قليل فابقوا معنا مشكورين..
كتبت هذه الأخت الكريمة ما خلاصة ترجمته:
(تأخرنا في معرفة إصابة ولدنا (محمد المعيني) بفقدان القدرة على النطق والسمع بصورة جيدة، وتصورنا في البداية أن ما نشاهده منه ناتج عن الكسل أو الدلال الطفولي.. ولكن عندما عرفنا بحاله سارعنا الى مراجعة الأطباء في مدينة يزد ثم في طهران من الأخصائيين النفسيين وأخصائي جراحة المخ والأعصاب.. وكانت النتيجة صدمة لنا، يوم قالوا لنا: إن ولدكم مصاب بمرض عصبي نادر إسمه (سدرم هلر) لايوجد أمل في معالجته حتى لو ذهبتم به الى خارج ايران، لأن التأخر في تشخيص المرض أدى الى موت عدة من خلايا المخ المسؤولة عن النطق والسمع..
قلت في الجواب: لا أدري ما المصلحة التي يريدها الله.. أما والده الحاج أحمد فقد هب قائلاً بحزم:
سأذهب به الى أطباء آخرين.. أجاب الأطباء: لقد فعلنا كل ما يمكن أن يفعله الطب لمعالجة ولدكم..
فقال الحاج أحمد: إن طبيبنا يقدر على ما لا تقدرون عليه.. سنتوسل الى الله عزوجل بأئمتنا الأطهار – عليهم السلام -!)
أيها الإخوة والأخوات، وتحكي الأخت أم محمد معيني في تتمة حكايتها توجه هذه العائلة المؤمنة الى الدعاء والطلب ممن لا يخيب من دعاه، تقول حفظها الله:
(بسبب هذا المرض ساءت كثيراً حالة ولدي محمد وقد أصبح عمره أربع سنين، أصيب بمرض (التوحد) ولم يعد يلعب مع بقية الأطفال بل وامتنع حتى عن الخروج مع والده الى المتنزه ومحل العمل.. ذهبت ليلتي جمعة متتابعتين الى مرقد السيد العبد الصالح عبد الله من ذرية الإمام الكاظم واجتهدت في الدعاء طلباً لشفاء ولدي فلم أحصل على نتيجة فقلت لزوجي: يبدو أن دعائي لن يستجاب، لن أذهب ليلة الجمعة المقبلة!
أجاب زوجي بثقة كبيرة: بل إذهبي حتماً فليلة الأربعاء المقبلة تصادف ليلة النصف من شعبان.
بعث قوله الأم في قلبي فذهبت وأديت أعمال هذه الليلة المباركة وصليت صلاة إمام العصر – روحي فداه – فأخذتني سنة من النوم رأيت فيها سيداً جليلاً علمت أنه مولاي صاحب الزمان الذي توسلت به الى الله، فسألته: هل سيشفى ولدي؟ أجاب: نعم سيعافيه الله.. عليك بإقامة صلاة صاحب الزمان، قلت: لقد أقمتها، قال: أجل، أقيميها مرة ثانية.. فنتبهت من النوم وأسبغت الوضوء وأقمت هذه الصلاة المباركة قبل صلاة الفجر.. وعندما خرجت من مرقد السيد عبد الله – عليه السلام – سألني زوجي: هل حصلت على شفاء ولدنا محمد؟ فأجابته: نعم، لقد أخبرني بذلك مولاي إمام العصر – روحي فداه -.
رجعنا الى المنزل وكان محمد لا زال نائماً فصبرت حتى استيقظ.. كنت في المطبخ عندما سمعت صوتاً محبباً يناديني: ماما أريد أبي.. أريد أن أذهب معه.. سارعت إليه واحتضنته وخرجت به مسرعة الى والده الحاج أحمد الذي كان عند الباب يستعد للذهاب الى محل عمله.. قلت له: حاج أحمد.. إن ولدك محمد يريد أن يذهب معك.. بكى الحاج أحمد واحتضن ولده وهو يكلمه ويحمد الله.. وعندما عادا ظهراً كانا في غاية السرور لقد خرج ولدي محمد من تلك الحالة المؤلمة وأخذ يذهب الى المتنزه مع والده ويلعب مع الأطفال بعد أن عافاه الله ببركة مولاي صاحب الزمان وصلاته روحي فداه.
العقل في معناه أضحى حائراً
والحسن معنى الحسن منه استلهما
إنا وإن حجبته عنا غيبة
حجب السحاب الشمس لن نتبرما
يا سعد من عند الدعاء له تلى
صلى الإله على الهداة وسلما
والى هنا نصل مستمعينا الأفاضل الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (شمس خلف السحاب) تقبلوا منا أطيب الشكر على طيب المتابعة ولكم دوماً أطيب الدعوات من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران دمتم في رعاية الله.