موضوع البرنامج:
المؤمنون والأسرار المهدوية
من هو صاحب النفس الزكية
عاشوراء ودفع البلاء
القلب ينعشه سناك وذا أتى
من خلف أستار بنور غالب
يحيي النفوس هداك ياذخر الهدى
ياخير مطلوب لأشوق طالب
فمتى تقر عيوننا يا نورها
بظهور الداعي لخير كتائب
بسم الله وله الحمد خالصاً نصير المستضعفين وغياث المستغيثين وأزكى صلواته على أبواب نصرته وغوثه للعالمين حبيبنا المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أيها الاخوة والاخوات ورحمة من الله وبركات، بتوفيق الله نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج وقد أعددنا لكم فيها المحطات التالية:
تربوية تشتمل على وصايا من مولانا الامام الهادي –عليه السلام- لمؤمني عصر الغيبة، نتناولها تحت عنوان: المؤمنون والأسرار المهدوية
تليها خلاصة جواب الأحاديث الشريفة عن سؤال الأخ سعيد عادل بشأن من هو صاحب النفس الزكية.
وأخيراً ننقل قصة موثقة أخرى من قصص الفائزين بالألطاف المهدوية تحت عنوان: عاشوراء ودفع البلاء
تابعونا على بركة الله أولاً مع فقرتنا التربوية وعنوانها:
المؤمنون والأسرار المهدوية
روي في كتاب كمال الدين وكتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام وكتاب (كفاية الأثر) وغيرها مسنداً عن العبد الصالح أبي هاشم الجعفري –رضوان الله عليه- قال سمعت أبا الحسن صاحب العسكر –يعني الامام علي الهادي –عليه السلام- يقول:
الخلف من بعدي ابني الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلق؟
قال ابوهاشم: فقلت: ولم جعلت فداك؟ فقال –عليه السلام-:
لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه.
قلت: فكيف نذكره؟
قال –عليه السلام-:
قولوا الحجة من آل محمد –صلى الله عليه وآله-
وروي في كتاب (كمال الدين) مسنداً عن العبد الصالح علي بن مهزيار –رضوان الله عليه- أنه كتب الى الامام علي الهادي يسأله عن الفرج فكتب –عليه السلام- يقول: إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقعوا الفرج.
مستمعينا الافاضل، في الحديث الشريف الأول ينبهنا مولانا عاشر أئمة العترة المحمدية –عليهم السلام- الى حقيقة الصعوبات التي تحيط بمؤمني عصر غيبة حفيده خاتم الأوصياء المهدي المنتظر –عجل الله فرجه الشريف-؛ هذه الصعوبات تنشأ أساساً من شدة تربص الأعداء بالمهدي الموعود لقتله –أرواحنا فداه- والقضاء بالتالي على الخطر الذي يتهدد حكم الطواغيت بزوال ظلمهم وجورهم وملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
ونتيجة لذلك كانت غيبة بقية الله المهدي والصعوبات الناشئة من فقدان الإرتباط الظاهري به –صلوات الله عليه-؛ كما نشأت ضرورة التزام المؤمنين باجتناب كل ما يعرضه –أرواحنا فداه- لأخطار الظالمين والطواغيت بمختلف إنتماءاتهم، واجتناب كل ما يعرض جهوده وحركته –صلوات الله عليه- للتمهيد لظهوره ومن يرتبط به.
وهذا ما يوصينا به مولانا الامام النقي علي الهادي، حيث يقول –سلام الله عليه- في الحديث الأول:
"لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه".
وهذا الحديث الشريف نموذج لعدة من الأحاديث الشريفة التي تنهى عن ذكر خاتم الأوصياء المحمديين المهدي باسمه الشريف –عليه السلام-، وقد استند اليها الفقهاء في فتاواهم المحرمة لذكره باسمه الشريف اما عموماً أو في خصوص عصر الغيبة الصغرى كما هو الرأي الفقهي الأشهر لشدة طلب الطواغيت له –أرواحنا فداه- في تلك الأيام؛
الا أن الوصية الأعم التي نستفيدها من هذا الحديث ونظائره، لا تختص بعصر الغيبة الصغرى ولا بمصداق ذكر اسمه الشريف –عليه السلام- كما صرح بذلك عدة من العلماء واستناداً الى الأحاديث المتحدثة عن حرمة افشاء أسرار آل محمد –صلى الله عليه وآله-؛ من هنا نفهم ان هذه الوصية تشمل ضرورة التزام مؤمني عصر الغيبة بالورع عن افشاء أي شيء يعرض الامام المنتظر –ارواحنا فداه- لمخاطر الأعداء، او يعرض انصاره المخلصين لاخطار الطواغيت او يعرض للخطر جهوده التمهيدية لظهوره المقدس عجل الله فرجه وجعلنا من خيار انصاره في غيبته وظهوره.
أيها الاخوة والاخوات، ونلتقي في الحديث الثاني بوصية ثانية لمؤمني عصر الغيبة يتضمنها قول إمامنا علي الهادي –سلام الله عليه-:
"اذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقعوا الفرج".
هذا القول البليغ يتضمن أولاً وصية للمؤمنين للسعي نحو الحصول على معرفة دقيقة ومتأنية بعلامات ظهور الموعود المنتظر –عجل الله فرجه- وطبق ما ورد في الاحاديث الشريفة؛ ثم تشخيص مصاديق تلك العلامات خاصة التي تصرح الأحاديث الشريفة بقرب وقوعها من الظهور المقدس.
والوصية الثانية التي يشتمل عليها هذا النص هو أن يضاعف المؤمنون من جهود استعدادهم لنصرة الامام بالصورة المطلوبة والالتحاق به عند ظهوره –عجل الله فرجه-، كما يستفاد من عبارة "فتوقعوا الفرج".
واضافة الى هاتين الوصيتين يتضمن هذا النص وصية ثالثة يمكن استفادتها من عبارة "اذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين"، هذه العبارة تشير الى علامة قريبة من ظهور صاحب الزمان –سلام الله عليه- وهي غيبته عن دار الظالمين، وفيها الماحة لطيفة ودقيقة الى غيبة الامام المهدي –عجل الله فرجه- وبالكامل عن منطقة تخلو بالكامل من المؤمنين أو من يرجى ايمانهم ولو باحتمال ضعيف، فتكون غيبته عنها مقدمة لنزول عذاب الهي ما حق بها كخسف أو زلزال او غير ذلك مما ذكرته الاحاديث الشريفة ضمن بيانها لعلامات ظهوره –عجل الله فرجه-.
أقبل فديتك سيدي
يا حلم كل الأنبياء
أنت النعيم بلا قذىً
بل أنت بلسم كل داء
ولأنت حامل عزتي
وهويتي طول البقاء
لازلنا معكم أيها الاحبة وحلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) تستمعون له من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وقد حان الآن موعدكم مع أخينا الحاج عباس باقري لكي يلخص جواب الأحاديث الشريف عن سؤال لقاء اليوم.
والسؤال هو من الأخ سعيد عادل يتضمن شطرين الأول: من هوالنفس الزكية الذي يقتل قبل ظهور مولانا المهدي –عجل الله فرجه-، والشطر الثاني هو: هل تحققت هذه العلامة؟ نستمع لما يقوله أخونا الحاج الباقري:
الباقري: السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته وكذلك أطيب السلام الى اخينا سعيد عادل. أخ سعيد بالنسبة لسؤالكم الكريم، شطره الأول من هو النفس الزكية؟ النفس الزكية كمصطلح ظهر في الأحاديث الشريفة المتحدثة عن علامات ظهور الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. الكثير من العلامات ذكرت مقتل ذي النفس الزكية كإحدى علامات ظهور الامام المهدي، الذي يستفاد من الأحاديث الشريفة أمران، الأمر الأول أن هذه العلامة أي مقتل ذي النفس الزكية هي من العلامات الحتمية والقريبة ايضاً من ظهور الامام المهدي سلام الله عليه. في كتاب الامامة والتبصرة، كتاب كمال الدين وتمام النعمة، الكافي وغيرها. عن الامام الصادق سلام الله عليه قال "خمسة قبل قيام القائم" وفي لفظ آخر "خمسة من المحتومات" أي من العلامات الحتمية، خروج اليماني والسفياني والمنادي ينادي من السماء وخسف بالبيداء وقتل النفس الزكية. احاديث اخرى تصرح بأن مقتل النفس الزكية من العلامات القريبة بل أقرب العلامات الى ظهور الامام المهدي سلام الله عليه، في حديث رواه الشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين وتمام النعمة عن الامام الصادق عليه السلام قال "ليس بين قيام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وقتل النفس الزكية إلا خمسة عشرة ليلة" هذا الحديث ايضاً من الأحاديث المعتبرة والمهمة. الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه في كتاب الارشاد ضمن تلخيصه لأهم العلامات التي تسبق ظهور الامام المهدي سلام الله عليه ذكر مقتل ذي النفس الزكية وايضاً في الحقيقة ذكر حالتين، طبعاً هذا التلخيص إعتمد عليه العلماء وذكره من بعد الشيخ المفيد بنفس العبارات وإستناداً اليه، قال رضوان الله عليه "جاءت الأخبار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي عليه السلام وحوادث تكون امام قيامه وآيات ودلالات ومنها خروج السفياني وقتل الحسني وإختلاف بني العباس في الملك الدنيوي وكسوف الشمس في النصف من شهر رمضان وخسوف القمر في آخره على خلاف العادات وخسف بالبيداء وخسف بالمغرب وخسف بالمشرق وركود الشمس من عند الزوال الى وسطه الى أن يقول وقتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام" هذا الرجل الهاشمي ايضاً موصوف بالنفس الزكية تذبح إما بين مكة والمدينة على بعض الروايات قبيل ظهور الامام المهدي سلام الله عليه فترة قليلة حدود الأسبوعين وإما بين الركن والمقام. المستفاد من الروايات الأخرى بأن قتل ذي النفس الزكية كونه داعية للإمام المهدي يأتي الى مكة المكرمة ويقف بين الركن والمقام ويعلن ويدعو لظهور الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف والأحاديث كثيرة بهذا المعنى ولكن يستفاد ايضاً بأن هناك نفس زكية اخرى هي التي تذبح او تقتل في ظهر الكوفة أي في النجف الأشرف مع سبعين من الصالحين، هذه لم تحدد الفترة بينها وبين ظهور الامام المهدي سلام الله عليه. أما هل حصلت هذه العلامة من علامات الظهور؟ العلامة القريبة المرتبطة بالهاشمي الذي يذبح يعني نفس زكية علوية طالبية هاشمية هذه النفس الزكية التي تقتل قبيل الامام عجل الله تعالى فرجه الشريف في مكة المكرمة او بين مكة والمدينة بطبيعة الحال هذه العلامة لم تحصل أما الذي يقتل في ظهر الكوفة في سبعين من الصالحين قد تكون حصلت هذه العلامة كما أشار بذلك بعض العلماء وطبقوها على الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه وقد تكون تطبيقات اخرى. تبقى نقطة أخيرة ينبغي الاشارة اليها أخ سعيد وهي أن النفس الزكية هي من المصطلحات التي أستخدمت في الأحاديث الشريفة لوصف الثائر الحسني محمد بن الحسن الحسني الذي ثار على حكومة بني العباس وعلى ظلمهم. بطبيعة الحال هناك روايات رويت ومدى صحتها الله العالم، روي عن النبي قال "يقتل بأحجار الزيت من ولدي نفس زكية" ولكن على أي حال هذه النفس الزكية إن صحت الأحاديث او لم تصح لاتنطبق على علامات الظهور وليس لها علاقة بظهور المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وجعلنا الله واياكم من خيار أنصاره في غيبته وظهوره.
مستمعينا الاكارم، نشكر اخانا الحاج عباس الباقري على هذه التوضيحات وننقلكم الآن الى رحاب الحكايات الموثقة لعباد الله الصالحين وما تحمله لنا من الدروس التربوية.
فهلموا معنا الى الفقرة التالية وحكاية حلقة اليوم تحت عنوان:
عاشوراء ودفع البلاء
أيها الأفاضل، يستفاد من عدة من حكايات لقاءات الصالحين بأمام العصر شدة تأكيده –أرواحنا فداه- على تقوية ارتباط قلوب المؤمنين بالقيام الحسيني المقدس وملحمته الحماسية الخالدة، ومن مصاديق ذلك حثه –عليه السلام- المستمر على الالتزام بزيارة عاشوراء المباركة والتنبيه الى عظمة بركاتها كوسيلة لتقوية الارتباط بالحماسة الحسينية الفريدة، خاصة وان صفات الحسينيين الصادقين هم من قطب صفات المهدويين المخلصين كما تحدثنا عن ذلك مفصلاً في حلقات سابقة.
وهذا المعنى تؤكده الحكاية التي اخترناها لهذا اللقاء وهي من الحكايات التي اشتهرت بين العلماء ونقلت عن عدة من تلامذة أية الله المرجع الشهير الشيخ محمد تقي الشيرازي –رضوان الله عليه- وسجلتها مصادر عدة مطبوعة باللغة العربية والفارسية وغيرهما، ونحن ننقلها هنا من كتاب (طوبى كربلاء) المطبوع في طهران سنة ۱٤۳٥ للهجرة عن دار (هنارس) الإيرانية والمشتمل على وصايا عرفاء مدرسة الثقلين بشأن الشعائر الحسينية والارتباط الوجداني العميق بروح الملحمة الحسينية.
وهذه الحكاية ننقلها هنا عن العالم الزاهد التقي مؤسس حوزة قم العلمية آية الله الشيخ عبدالكريم الحائري اليزدي –رضوان الله عليه-، تابعونا مشكورين:
قال آية الله الحائري –قدس سره-:
حدث أيام دراستي العلوم الدينية في مدينة سامراء المقدسة، إنتشر وباء الطاعون في هذه المدينة وكان يحصد كل يوم أرواح طائفة من أهلها، فإجتمع ذات يوم العلماء في منزل آية الله السيد محمد الفشاركي –رضوان الله عليه- لبحث سبل مواجهة هذا البلاء، وفجأة دخل آية الله الميرزا محمد تقي الشيرازي –قدس الله نفسه الزكية- وكان بمرتبة السيد الفشاركي في زعامة الحوزة، فقال: اذا حكمت بحكم هل تلزم الجميع طاعتي؟ اجاب جميع الحاضرين بالايجاب والتصديق ثقة باجتهاده وعلمه وتقواه، وعندها قال: إنني أصدر حكماً شرعياً بأن يبدأ شيعة سامراء من اليوم الى عشرة أيام بتلاوة زيارة عاشوراء يوميأ واهداء ثوابها الى روح السيدة الطاهرة (نرجس) والدة امام العصر –عليه وعليها السلام-؛ ويتوسلوا بزيارة عاشوراء لدفع بلاء الطاعون عنهم.
يقول آية الله الحائري اليزدي،: وافق الجميع وأبلغوا حكم المرجع الشيرازي لجميع شيعة سامراء، وبدأ الجميع بتلاوة زيارة عاشوراء، فتوقف فوراً موت الشيعة بسببه في حين استمر في غيرهم بصورة واضحة الأمر الذي أثار تعجب اهالي المدينة من غير أتباع أهل البيت –عليهم السلام-، ودفعهم الامر لمعرفة السبب، فلما عرفوا أخذ عديد منهم للتوسل الى الله بتلاوة زيارة عاشوراء المباركة، فأنجاهم الله من بلاء الطاعون.
وقد علق العلماء على هذه الواقعة بأن الميرزا الشيرازي أورع من أن يحكم بهذا الحكم إلا بتوجيه مولاه ومولانا صاحب الزمان خليفة الله المهدي –أرواحنا فداه-.
جئنا وملؤ عيوننا
شوق الى ذاك البهاء
لم لا وأنت امامنا
وشفيعنا يوم الجزاء
نشكر لكم أيها الاطائب طيب الاستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، دمتم بكل خير ورحمة وبركة وفي أمان الله.