الموضوع الذي نعتزم الحديث عنه هو الزيارة الجامعة الكبيرة للائمة المعصومين عليهم السلام ولعلك تعلم تماماً ان الائمة عليهم السلام ترد زياراتهم حينا خاصة بمشاهدهم وحيناً آخر ترد زيارتهم عامة ومشتركة بحيث يستطيع الزائران يقتصر على ما ورد من الزيارات المنسجمة عليهم جميعاً دون فرق بين احدهم وما نحدثك عنه الآن هو من النمط الثاني أي الزيارات المشتركة ولا نحسبك تتساءل عن الفلسفة الكامنة وراء التخصيص اوالتعميم في الزيارات لان الموضوع ببساطة يعني ان الائمة عليهم السلام جميعاً من نور واحد قد انتخبهم الله تعالى خلفاء للنبي(ص) وفي نفس الوقت فان لكل امام خصوصية لذلك فان زياراتهم العامة والخاصة تظل حاملة لمسوغاتها التي اشرنا اليها.
والمهم الآن هو ان نحدثك عن احدى الزيارات الجامعة وهي الزيارة المنقولة عن احد الائمة عليهم السلام ونعني به الامام الهادي(ع) حيث سئل عن اكمل الزيارات التي يزار الائمة عليهم السلام بها فأجابه بهذه الزيارة التي نتحدث عنها.
هنا ينبغي لفت نظرك الى زاوية مهمة هي: ان راوي الزيارة سأل الامام(ع) بان يعلمه قولاً كاملاً وبليغاً وليس مجرد زيارة مما يعني ان هذه الزيارة تتسم بطابعين لهما اهميتهما هما: البلاغة والكمال بحيث يستخلص قارئ النص بانه امام زيارة لها دلالتها المتميزة عن سائر الزيارات بمعنى ان لها مضموناً خاصاً تنفرد به هذه الزيارة من حيث الكمال الذي تتسم به دلالاتها من حيث البلاغة التعبيرية التي تفصح بدورها عن اهمية المضمون ودقته ونكاته....
اذن: الزيارة الجامعة التي نحدثك عنها ينبغي ان نتوقع تميزها بخصائص غير متوفرة في الزيارات الاخرى، وهو امر يدعونا بطبيعة الحال الى ملاحظة هذا الجانب بدقة.
واذن: للمرة الثانية ـ نبدأ بالحديث عن الزيارة المشار اليها ...
قبل ان نشرع بحديثنا عن الزيارة الجامعة نلفت نظرك الى التمهيد او المقدمة التي المح الامام الهادي(ع) اليها وهي ان نبدأ اولاً بالشهادتين أي الشهادة بان الله تعالى لا اله الا هو وحده لا شريك له، وان محمداً(ص) عبده ورسوله ... ويلاحظ ان الامر بقراءة الشهادتين جاء في سياق خاص هو الوقوف عند الباب أي: المشهد المزار، ثم جاء امر آخر هو التكبير مائة مرة عند ملاحظة الامر، وهو بكيفية خاصة أي التكبير اولاً ثلاثين مرة ثم يعقبها صمت ثم التكبير ثلاثين مرة اخرى، يعقبها الصمت ثم التكبير اربعين مرة.. هنا نحسب بان الزائر او كان ممن دقق نظرة في الظواهر التي يواجهها قد يدفعه الفضول الى التساؤل عن الاسرار الكامنة وراء هذه التمهيدات والتقسيمات أي قد يتساءل عن سر الافتتاح بالشهادتين وسر القراءة مائة مرة "الله اكبر" وسر توزيعها ثلاثين وثلاثين واربعين امثلة هذه التساؤلات قد يكون لها مسوغها اذا كان الزائر ممن يعني وهذا له اهمية بمعرفة ما يزار به وان كان الموضوع من الجانب الآخر ينبغي ان يقترن بالتسليم لما جاء به النص الشرعي بصفة ان العمل العبادي تعبدي وليس عقلياً لكنه مع ذلك يظل التساؤل المذكور حاملاً مسوغاته وهو امر نحاول باذن الله تعالى ان نتوفر عليه في نطاق ما تحتمله من الدلالة والا فان العلم لله وحده سبحانه وتعالى.
ان هذه التساؤلات وسواها سوف نحدثك عنها ان شاء الله تعالى في لقاء لاحق ... بيد ان ما نعتزم توضيحه من جديد هو ان هذه الزيارة المهمة تتضمن دلالات مهمة قلنا ان نفس الراوي الذي سأل الامام(ع) بان يعلمه زيارة خاصة انما سأل ذلك مقروناً بما هو قول بليغ وكامل حيث ان هذا الكلام ينبغي الا نمر عليه عابراً وذلك لسبب واضح هو ان المعرفة درجات وان الافضل او الاحسن من العمل هو ان نتبين حقائق الامامة باعلى مستوياتها نظراً لما خصه الله تعالى به نبيه محمداً(ص) ومن ثم الائمة الخلفاء لرسالته وزيارة الجامعة تتضمن دلالات من الممكن لا يهضمها من لا عمق له في معرفة ذلك ... ومن هنا فان محاولة التدقيق والتأمل العميق في مضامين هذه الزيارة تفرض علينا ممارسة ذلك ...
اخيراً: نأمل من الله تعالى ان يوفقنا للمعرفة العقائدية المتصلة بالتوحيد وبالنبوة وبالامامة وبمطلق المعرفة العبادية والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: حياكم الله.
المحاور: سماحة الشيخ في الحلقة الاولى من حلقات هذا البرنامج وكمدخل له حبذا لو تعطونا فكرة اجمالية عن المصادر التي روت هذه الزيارة المباركة الزيارة الجامعة تفضلوا.
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين من حيث المبدأ الزيارة الجامعة المقصود منها الزيارة الجامعة الكبيرة وهذا التعبير اشتهر على السنة العلماء واصحاب ائمتنا عليهم السلام. لأن الزيارات الجامعة كما تعلمون زيارات متعددة ليست زيارة واحدة هناك زيارة من بين هذه الزيارات كان لها الحظ الاوفر في الاشتهار وذلك لاسباب ربما وفقنا لبيان بعضها في هذه الحلقة وفي بعض الحلقات القادمة.
المحاور: يعني لها خصوصية من بين الزيارات الجامعة
حسان سويدان: نعم.
المحاور: هل وصل اطلاق هذا الوصف عليها الزيارة الجامعة الكبيرة لابد لخصوصيات فيها؟
الشيخ حسان سويدان: لاشك اولاً هي من اطول الزيارة الجامعة وثانياً يمكن ان يشار الى بهذا التعيير الى عظمتها لان هذه الزيارة انفردت من بين الزيارات الجامعة لانها اكثرها اعتبارا ومعالم الاعتبار فيها تتجلي من عدة جهات الجهة الاولي من جهات اعتبارها هي انها حازت على مصادر من الدرجة الاولى من مصادرنا الروائية فهي مروية منذ زمن بعيد في كتاب هو احد كتب الاربعة الاساسية التي تدور عليها رحى الاستنباط للاحكام الشرعية في مذهب اهل البيت عليهم جميعا افضل الصلاة والسلام يرويها الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه المتوفي في القرن الرابع في كتابه الشهير كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه ويسندها هناك ايضاً ويرويها في كتاب آخر من كتبه ايضا شهير جداً وهو كتاب عيون اخبار الامام الرضا عليه افضل الصلاة والسلام.
المحاور: وان كانت هي مروية عن الامام الهادي عليه السلام.
الشيخ حسان سويدان: نعم هي مروية عن الامام الهادي لانه اخرجها في كتاب عيون اخبار الامام الرضا عليه افضل الصلاة والسلام. وهذا ممثل في حب ذاته ربما يمثل نوعاً من الاعتبار لهذه الزيارة بحيث كان الشيخ الصدوق راي ان خلوق كتاب مثل كتاب عيون اخبار الرضا هو كتاب هام وواسع في الرواية عن الامام الرضا عليه السلام كأنه نقص في الكتاب اذا خلي من مثل هذه الزيارة التي تتضمن في الحقيقة معالم عظيمة وجليلة لشخصية الائمة عليهم السلام وبالطبع من ابرزهم ومنهم الامام الرضا عليه السلام شيخ الطائفة الشيخ الطوسي رضوان الله تعالى عليه والذي جاء متأخراً عن الشيخ الصدوق وليس بكثير حيث ان وفاته في عام ٤٦۰ للهجرة ايضاً الشيخ الطوسي اخرج هذه الرواية او هذه الزيارة في كتابه التهذيب تهذيب الاحكام وتعلمون انه اهم كتاب في الكتب الاربعة على مستوى روايات الاستنباط لانه اوسع هذه الكتب اخراجاً للروايات التي تنفع في استنباط الحكم الشرعي لكن مما يهمنا ان تلفت اليه هنا هو ان الشيخ الطوسي رحمه الله لا ينقلها مستقلاً بسند متصل عن المعصوم عليه السلام بل يرويها بواسطة الشيخ الصدوق فتعود روايته لها الى رواية الشيخ الصدوق لها، فالى هنا نستطيع ان نقول بان المصدر الاصلي لها هو كتب الشيخ الصدوق وهو رضوان الله تعالى عليه.
*******