موضوع البرنامج:
دعاء الغريق
رواية مسجد جمكران
ان كنت أهلاً
يا يوسف الزهراء تفدى
أحرقتنا بالشوق وجدا
طال انتظارك سيدي
والقلب لا يقواك بعدا
كم تنتخيك معالم
للدين قد لاقت مصدا
كم تنتخيك ثواكلٌ
منذ الطفوف فقدن ولدا
كم تنتخيك فوارس
نذرت لك الأرواح جندا
والحزن فتت في الحشا
والمحل في العين استبدا
جفت مدامعها فصاغت
دمعة الايماء وفدا
فمتى ظهورك سيدي
لتقود للثوار حشدا
بسم الله والحمدلله الذي هدانا للأيمان والصلاة والسلام على أمناء الرحمان وأبواب الجنان سيد الخلائق الهادي المختار وآله الأصفياء الاطهار
السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات ورحمة الله وبركاته اطيب تحية نحييكم بها ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب(
الأبيات التي استمعتم لها قبل قليل اخترناها من قصيدة مهدوية للشاعر العماني المبدع الاخ علي سلمان العجمي حفظه الله، ومعكم في هذا اللقاء والفقرات التالية:
التربوية ومع وصية صادقية لمؤمني عصر الغيبة نتناولها تحت عنوان: دعاء الغريق
ثم اجابة عن سؤال المستمع الفاضل مهند صادق من لبنان عن: رواية مسجد جمكران
اما عنوان حكاية لقاء اليوم فهو: ان كنت أهلاً
تابعونا مشكورين في هذه المحطات ونبدأ بفقرة الوصايا للمهدويين وعنوانها اليوم هو:
دعاء الغريق
روي في كتاب الغيبة للشيخ النعماني وغيره مسنداً عن عبدالله بن سنان قال: قال ابو عبدالله الامام الصادق –عليه السلام-:
سيصيبكم شبهة، فتبقون بلا علم يرى ولا امام هدى، ولا ينجو فيها الا من دعا بدعاء الغريق.
قال ابن سنان: قلت: كيف دعاء الغريق؟ قال –عليه السلام- تقول:
يا الله يا رحمان يا رحيم، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
فقلت: يا مقلب القلوب والابصار، ثبت قلبي على دينك، فقال الإمام –عليه السلام-: ان الله عزوجل مقلب القلوب والأبصار، ولكن قل كما اقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
يشتمل هذا الحديث الشريف –مستمعينا الافاضل- على واحدة من أهم الوصايا المحورية لمؤمني عصر الغيبة، تتأكد أهميتها كلما اقترب ظهور الامام المهدي –عجل الله فرجه- وذلك لاشتداد انواع الفتن العقائدية والاخلاقية والسلوكية فتغرق الكثيرين في متاهات التيارات المنحرفة وضلالاتها وشبهات ادعياء الهدى او الامامة او الانقاذ وغيرها من الشعارات التي تزداد تعقيداً وخبثاً واضلالاً يوماً بعد آخر..
هذه الفتن يخبرنا امامنا جعفر الصادق صلوات الله عليه بحتمية وقوعها حيث يقول (سيصيبكم شبهة) والشبهة تعني أن أئمة الباطل والضلالة يظهرون بشعارات الحق بما يؤدي الى التباس الأمور على الناس.
وبعد بيان هذه الحقيقة يؤكد سادس أئمة العترة المحمدية –عليهم السلام-، وبكل حزم أنه لن ينجو من هذه الفتن التي يختلط فيها الحق والباطل الا من دعاء بدعاء الغريق، فما هي الوصية التي تتضمنها هذه العبارة؟
مستمعينا الاطائب، في الاجابة عن السؤال المتقدم نقول: ان مولانا الامام الصادق –عليه السلام- يوصينا هنا بالتوجه الى الله عزوجل بكل صدق وتوجه كحالة الغريق المضطر والطالب للنجاة فيطلب من الله تبارك وتعالى ان يثبت بالوهيته ورحمانيته ورحيميته قلبه على الدين الالهي الحق لكي لا يغرق في ضلالات وشباك الائمة المضلين.
لذا ينبغي لنا ان نحرص بأستمرار على التوجه الى الله جل جلاله بنص دعاء الغريق الذي حرص الامام الصادق –عليه السلام- على تذكيرنا بلزوم الالتزام بنصه وهو:
"يا الله، يا رحمان، يا رحيم، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"
وكما تلاحظون –أعزاءنا الافاضل- فهو دعاء قصير يسهل حفظه وقوي في ترسيخ طلب الهداية من الله الرحمان الرحيم لان شدة فتن أواخر عصر الغيبة هي من القوة بحيث لا ينجو منها الا المتوجه باستمرار وباضطرار لطلب الهداية من الله تبارك وتعالى.
مستمعينا الأطائب، مع تقديم شكرنا لكم على طيب المتابعة ندعوكم الى الفقرة التالية من برنامجكم (شمس خلف السحاب).
وفيها ننقل الميكرفون الى زميلنا الأخ عباس الباقري لكي يلخص اجوبة العلماء والنصوص الشريفة على سؤال هذا اللقاء، نستمع معاً:
الباقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أحباءنا ورحمة الله وبركاته وسلام على الأخ مهند صادق من لبنان. الأخ مهند عرض على البرنامج السؤال التالي يقول: هل يمكن إعتبار مسجد صاحب الزمان في قرية جمكران من مقامات الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف؟ أخ مهند فيما يرتبط بهذا السؤال، علماءنا تناولوا قضية المقامات، الميرزا آية الله النوري وقبله من المتقدمين السيد ابن طاووس وغيره. هنالك مقامات متعددة للامام المهدي سلام الله عليه، هنالك مقامات في النجف، في الحلة، في كربلاء، في أصفهان وفي مدن اخرى. هذه المقامات عندما يطلق عليها أسم او وصف المقام وعلى رأسها مسجد السهلة في الكوفة، هذه المقامات عندما يطلق عليها وصف المقام الوصف يطلق على لحاظ أن الامام سلام الله عليه كانت هناك حادثة مرتبطة بالامام المهدي سلام الله عليه وكان له نوع من الحضور في هذا المكان لهدف معين، أسس هذا المقام تيمناً وتبركاً بحضوره سلام الله عليه في ذلك المكان وكذلك للعبرة التربوية التي يشتمل عليها، أساس البيوت الالهية المساجد الله تبارك وتعالى جعلها لكي يذكر فيها اسمه، محال لعبادته، محال للتقرب اليه، مشاهد اهل البيت سلام الله عليهم عموماً هي من مصاديق البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه. فمن هذه الجهة المكان الذي حضر فيه الامام المهدي سلام الله عليه، صلى فيه الامام، إلتقى بأحد الصلحاء، عندما يخلد هذا المقام كمكان للامام المهدي سلام الله عليه يكون في ذلك فتح لباب الحصول على هذه البركات والثمرات الالهية التي أرادها من الله تبارك وتعالى من تقديس بعض الأماكن والبقاع لكي يذكر فيها أسمه، المتوسلون يتوسلون الى الله تبارك وتعالى بصاحب هذا المقام. لايشترط في المقام أن يحوي أثراً ملموساً كالقبر مثلاً او محل القدم كما هو في مقام الامام الرضا سلام الله عليه في منطقة القدمكاه قرب مشهد، المقام الذي بقي فيه أثره على ما أجراه الله تبارك وتعالى على ابراهيم الخليل. المقام يكفي فيه أصل حضوره عليه السلام وثبوت ذلك في المصادر المعتبرة. فمن هذه الزاوية يمكن إعتبار مسجد صاحب الزمان في جمكران من مقامات الامام المهدي سلام الله عليه بإعتبار أن الرواية التي وردت فيه رواية معتبرة رواها العلماء الثقاة وكانت في اليقظة، والرواية مفصلة نقلناها في حلقات سابقة من البرنامج وتحدثنا عنها. قضية الشيخ العبد الصالح حسن بن مثلة الجمكراني، أمره الامام ووصف له هذه البقعة ووصفها بأنها بقعة شريفة قد اختارها الله تبارك وتعالى وأمره بأن يأمر المؤمنين بالرغبة في هذا الموضع ويصلوا فيه أربع ركعات هذه التي "من صلاها فكأنما صلى في البيت العتيق". زمن بناء هذا المسجد اوهذا المقام الذي حدده الامام المهدي سلام الله عليه بيده الشريفة كما ورد في الرواية التي نقلها الميرزا النوري رحمة الله عليه في جنة المأوى، يعود تاريخ بناء المسجد الى سنة ۳۹۳ في القرن الرابع الهجري وفي وقت مبكر ومن المقامات التي يعود تاريخها الى القرون الاسلامية الأولى وقد ظهرت ولله الحمد الكثير من الكرامات الدالة على صحة هذا المقام وإختيار الله تبارك وتعالى له. إضافة الى أن هناك مصادر اخرى ذكرت حديثاً عن امير المؤمنين فيما يرتبط بقدسية هذا المكان الذي أمر الامام الحجة سلام الله عليه ببناء مسجده فيه وحدد بيده الشريفة علائمه. الأخ مهند صادق يمكن أن يراجع الرواية في كتاب جنة المأوى للميرزا النوري المطبوع مع بحار الأنوار في جزءه الثالث والخمسين. شكراً جزيلاً للأخ مهند وشكراً لكم أحباءنا على طيب المتابعة، الى ماتبقى من البرنامج مع زملاءنا.
من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية نتابع أيها الاحبة تقديم حلقة اليوم من برنامجكم المهدوي هذا.
فنقدم لكم حكاية هذا اللقاء تحت عنوان:
ان كنت أهلاً
أعزاءنا المستمعين، من المهام الأساسية للامام المنصوب من قبل الله عزوجل لمسؤولية الامامة الالهية العامة هي مهمة الهداية الى الله بامره تبارك وتعالى كما نصت على ذلك الآيات القرآنية الكريمة.
وامام زماننا المهدي –أرواحنا فداه- يقوم بهذه المهمة في عصر غيبته الكبرى أيضاً ولكن بما يتناسب مع خصوصيات غيبته واستتاره –عجل الله فرجه-.
وهدف الهداية الالهية هذا هو أحد أهم الأهداف التي نلمحها بوضوح في كثير من الحكايات الموثقة التي تناقلها الثقاة بشأن لقاءاته –عليه السلام-، ومنها حكاية هذا اللقاء، وهي حكاية مشهورة نقلها عدة من الأعلام عن آية الله العالم الأخلاقي والفقيه العارف الشيخ محمد حسين الكمباني الاصفهاني من أساتذة العارف الشهير الشيخ محمد تقي بهجت وغيره من العلماء الأعلام، ننقلها لكم ملخصة مما أورده سماحة الشيخ عبدالعظيم المهتدي البحراني في كتابه الوثائقي (قصص وخواطر) نقلاً عن آية الله العالم المتعبد الشيخ علي الفلسفي عن إستاذه اية الله السيد أبي القاسم الخوئي عن استاذه الشيخ الكمباني –رضوان الله عليه-، تابعونا مشكورين:
قال آية الله الشيخ الكمباني:
)كنت وزميلٌ قروي ندرس ايام الشباب عند أحد العلماء، فجاءنا ذات يوم واعتذر إلينا عن القاء الدرس لأنه لم يتمكن من التحضير له لإنشغاله بأمر لم يفصح عنه... ولكن زميلي القروي أخبرني بذلك الأمر، فأستغرب استاذنا وطلب من تلميذه القروي وبأصرار شديد أن يخبره كيف إطلع على الأمر ومن أخبره).
مستمعينا الأفاضل، ويظهر من تتمة هذه الحكاية أن امام العصر –أرواحنا فداه- قد رتب الأمر عن طريق ذلك التلميذ القروي لكي يوصل رسالة هداية مهمة الى ذلك العالم كان بأمس الحاجة اليها لكي يرتقي بنشاطه في ترويج المعارف الاسلامية الى مرحلة اكثر جدية.
تأملوا معنا في تتمة الحكاية بعد قليل:
أجاب ذلك التلميذ القروي عن سؤال استاذه بحكاية قصة مجيئه لدراسة علوم مدرسة الثقلين في حوزة النجف الأشرف، حيث قال:
كان والدي عالماً على مستوى قريتنا، يرجع اليه الناس في مسائلهم الدينية وهو يجيبهم ويبت في مسائل الزواج والطلاق والقضايا الشرعية الأخرى فمات وجاء أهل قريتنا الي ونصبوني مكانه وأنا أجهل كل شيء عن الأحكام الشرعية، ولم ينفع رفضي وامتناعي، فاضطررت لفترة قصيرة الى أن أمارس هذا الدور المفروض علي كرها، ولكني سرعان ما أنقذت نفسي وأصنيت لتأنيب ضميري فدعوت أهل القرية يوماً إلى كلمة هامة جداً، وقلت لهم في المسجد: أيها الناس ان والدي كان يفتيكم وهو عارف بعض الشيء بالأحكام الشرعية، أما أنا فقد أجبرتموني أن أحل محله وليست لي معرفة بالأحكام، فالذي حصل هو أن ما أفتيتكم به وعملته من عقود للزواج وإجراء للطلاق لا يخلو من إشكال وخطأ...
وهنا هاجمني الحاضرون وأشبعوني ضرباً، ولا أدري كيف تمكنت من الهرب، فخرجت من القرية إلى الصحراء من غير هف ولا مأوى، وبعد استراحة قليلة فكرت أن أذهب الى النجف الأشرف لدراسة العلوم الإسلامية، وما قررت الحركة باتجاه النجف وخطوت قليلاً إلا لقاني رجل نير الوجه فقال: إلى أين انت ذاهب؟
قلت: إلى النجف الأشرف.
قال: هل تريد رفيقاً؟
قلت: نعم وبكل تأكيد.
أتذكر أننا وصلنا إلى النجف ولم أشعر بالتعب، ولعلّ السبب هو مؤانستي مع هذا الرجل الطيب. وهو جزاه الله خيراً منذ تلك المرافقة والصداقة لازال يأتيني ويتفقد أحوالي في حجرتي، حقاً إنه صديق حميم جداً، ورغم ما عليه من هيبة فإنه متواضع الى أبعد حدود، يسلب حبه قلب كل إنسان يراه للوهلة الاولى، نعم هذا الرجل هو الذي أخبرني بأنك سوف تأتي غداً وتعتذر إلينا بتعطيل الدرس وأخبرني بسبب ذلك
مستمعينا الأفاضل وهنا فهم الأستاذ أن الرجل ذا الوجه الساطع ولي من أولياء الله ولعله الامام الحجة (صلوات الله عليه) ولكن الطالب القروي لبساطته وصفاء نفسه لم يعرفه. لذا توجه إلى الطالب وقال له: اسأل هذا الرجل هل يقبل أن أزوره وأتعرف عليه.
قال الطالب: بالتأكيد يقبل، بل إنه لشدة تواضعه وأخلاقه الحسنة ربما يقول أنه يزورك إذا أردت!
فجاء الطالب وأخبر صاحبه (الرجل المشع نوراً) بطلب الأستاذ.
فقال له الرجل: أبلغه أنه لا داعي الآن إلى لقائنا، بل إننا إذ وجدناه أهلاً لذلك نزوره بانفسنا!
ولقد كان لهذا الجواب وقع تربوي كبير على نفس الاستاذ جعلته يرقى بنشاطه التبليغي المقدس الى ما ينبغي أن يرتقي له.
أعزاءنا مستمعي اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، وها نحن نصل معاً الى ختام حلقة اخرى من برنامجكم (شمس خلف السحاب) شاكرين لكم طيب المتابعة وداعين لكم بكل خير وبركة، في أمان الله.