موضوع البرنامج:
المهدويون وخفض الجناح
ما هو الجور الذي يزيله المهدي
أنستني الصلاة حاجتي
يا غائباً ضاق البيان بوصفه
المجد فوق جبينه يتربع
وبقية الله التي في ارضه
لجلاله تصبو القلوب وتتبع
الحق عندك حلية تزهو بها
والعدل فيك هو البناء الأرفع
ترد الفضائل وهي بيض نصع
تقوى وأنت الناسك المتورع
ومكارم ملء اليدين كأنها
للوافدين عليك بحر مترع
آباؤك الغر الكرام ومن لهم
في كل مظلمة لواءٌ يرفع
بسم الله والحمدلله الذي هدانا للتمسك بعروته الوثقى وحبله المتين قرآنه المبين وعترة رسوله الاكرم وسيد المرسلين صلى الله عليه وآله الطاهرين
السلام عليكم ايها الاكارم ورحمة الله وبركاته، معكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج اخترنا لمطلعها ابياتاً من قصيدة مهدوية للأديب الفاضل السيد سلمان هادي آل طعمه جزاه الله خير الجزاء عن امامه وامام زماننا بقية الله المهدي ارواحنا فداه.
ننقلكم ايها الاعزاء في لقاء اليوم الى ثلاث محطات، الاولى في رحاب الوصايا المهدوية تحت عنوان: المهدويون وخفض الجناح
ثم خلاصة لأجوبة العلماء عن سؤال الاخت منار بشأن: ما هو الجور الذي يزيله المهدي
وأخيراً نقدم لكم حكاية أخرى من الحكايات الموثقة للمتوسلين الى الله بخليفته المهدي عنوانها: أنستني الصلاة حاجتي
تابعونا والفقرة التربوية التالية تحت عنوان:
المهدويون وخفض الجناح
قال مولانا الامام الحجة المهدي –صلوات الله عليه- في جانب من دعائه الموسوم بدعاء (توفيق الطاعة):
"اللهم... وتفضل على مشايخنا بالوقار والسكينة وعلى الشباب بالانابة والتوبة وعلى النساء بالحياء والعفة وعلى الأغنياء بالتواضع والسعة وعلى الفقراء بالصبر والقناعة".
مستمعينا الافاضل، في حلقة سابقة من هذا البرنامج كانت لنا وقفة عند فقرة (وتفضل على الأغنياء بالتواضع والسعة)، وقد استلهمنا منها وصية من مولانا امام العصر –عليه السلام- ملخصها هو: أن من تفضل الله عليه بالغنى المادي أو المعنوي يتأكد عليه التحلي بخصلتين كريمتين هما:
أولاً: التواضع لله ولعباده عزوجل.
وثانياً السعة والتوسع في الانفاق مما اكرمه الله به.
وهذا ما حثت عليه ايها الاخوة والاخوات كثيرٌ من الاحاديث الشريفة نتناول بعضها في هذا اللقاء ونبدأ بما روي في كتاب الاصول الستة عشر عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- انه قال:
"ان التواضع لا يزيد العبد الا رفعة فتواضعوا يرفعكم الله، والصدقة لا تزيد المال الا كثرة فتصدقوا يرحمكم الله".
والتحلي بالتواضع خاصة من اخلاق الانبياء –عليهم السلام-، قال امير المؤمنين –عليه السلام- في احدى خطب نهج البلاغة:
"لو رخص الله في الكبر لاحد من عباده لرخص فيه لخاصة أنبيائه وأوليائه ولكنه سبحانه كره اليهم التكابر ورضي لهم التواضع فألصقوا بالارض خدودهم وعفروا في التراب وجوههم وخفضوا أجنحتهم للمؤمنين".
من هنا كان التحلي بذلك من ابرز صفات المتقين المقتفين لآثار الانبياء والاولياء، قال يعسوب المتقين في خطبة اخرى من نهج البلاغة:
".. فقسم بينهم –يعني بين الناس- معيشتهم، ووضعهم من الدنيا مواضعهم فالمتقون فيها هم أهل الفضائل، منطقهم الصواب وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم –أي منهجهم – التواضع).
ولذلك كان الالتزام بهذه الوصية المهدوية من اهم وسائل القرب من الله عزوجل، ففي الكافي مسنداً عن الامام الصادق –عليه السلام- (كما ان اقرب الناس من الله المتواضعون كذلك أبعد الناس عن الله المتكبرون".
أيها الاكارم، وتصرح الاحاديث الشريفة ان العمل بهذه الوصية المهدوية يشمل مصاديق الغنى المعنوي مثل العلم، فمثلاً روي في كتاب الكافي عن الامام الصادق –عليه السلام- قال:
"اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار وتواضعوا لمن تعلمونه العلم وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم ولا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم".
وروي في الكافي أيضاً أن عيسى –عليه السلام- قال للحواريين: لي اليكم حاجة فاقضوها لي، قالوا: قد قضيت حاجتك يا روح الله، وكانت حاجته أن يسمحوا له بان يغسل أقدامهم، فقام وغسلها فقالوا: كنا نحن أحق بهذا يا روح الله، فقال- سلام الله عليه-:
"ان احق الناس بالخدمة العالم، انما تواضعت هكذا لكي تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم... بالتواضع تعمر الحكمة.."
لازلنا معكم ايها الاطائب من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وبرنامجكم (شمس خلف السحاب).
تابعونا والفقرة الخاصة بتلخيص اجوبة النصوص الشريفة عن اسئلتكم للبرنامج معكم، وزميلنا الاخ عباس باقري.
الباقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته
معكم في هذه الفقرة ومع سؤال الأخت منار، سؤال مختصر ولكنه يحمل إلتفاتة مهمة فيما يرتبط بعلامات ظهور الامام المهدي صلوات الله وسلامه عليه. تقول الأخت منار: ماهو معنى الجور الذي هو من علامات ظهور الامام المهدي، معنى إنتشار الجور "ملئت ظلماً وجوراً"؟ طبعاً هذا المعنى تواتر مضمونه في الأحاديث الشريفة المروية من طرق الفريقين وفي الحقيقة إنتشار الظلم والجور هو من العلامات التي لاإختلاف فيها بين العلماء لظهور الامام المهدي سلام الله عليه. بمعنى أن الأحاديث الشريفة تصرح أن الامام المهدي المنقذ العالمي الذي إدخره الله تبارك وتعالى لإقامة الدولة العادلة الإلهية على جميع الأرض وعلى نحو الإطلاق في العدالة، هذا الموعود لايظهر إلا بعد أن تملأ الأرض ظلماً وجوراً. تلاحظون هنالك إستخدام للظلم وللجور، بعض العلماء قالوا إن الجور هنا هو من باب ذكر الخاص بعد العام يعني الظلم يشمل جميع مصاديق التجاوز على الحقوق سواء كان ظلماً ذاتياً يعني يظلم الانسان نفسه بالإنحراف العقائدي كالشرك، يظلم نفسه بإتباع أهواءها، عدم تهذيبها، عدم تزكيتها، عدم إيصالها الى مافيه نفعها او ظلم الآخرين. أما الجور فهو أخص من الظلم بهذا المعنى أي يكون سلباً لحقوق الآخرين مثلاً الإستئثار بالثروات يعني التجاوز على حقوق الآخرين يكون أوضح مما هو في الظلم للآخرين، هذا الرأي الأول للعلماء في التفسير في بيان الفرق بين الظلم والجور. هنالك رأي آخر يشير الى أن تكرار الظلم والجور يشير الى النواع الخفية والظاهرة من الظلم والتجاوز وإنعدام العدالة الاجتماعية بمعنى تشمل المصاديق الظاهرة للظلم، الإعتداء على المظلومين، سحق حقوقهم وكذلك المصاديق الخفية لنفترض من قبيل الظلم تحت شعار العدل، الجور تحت شعار تحقيق تطلعات الأمة يعني ما تقوم به المدارس او التيارات التي ترفع شعارات تضليلية بهدف مخادعة الناس إضافة الى أشكال الظلم المعنوي، هنالك ظلم يشمل إنتزاع حقوق مادية وظلم وجور يشمل إنتزاع حقوق معنوية للانسان يعني حق الانتخاب، حق تقرير المصير، حق العلم وغير ذلك. كل هذه المصاديق المعنوية يمكن أن تدخل تحت مصداق الجور والظلم إضافة الى إمتلاء الأرض ظلماً وجوراً يشير الى تنوع مصاديق الظلم وهذه نقطة مهمة جداً يعني حتى في الدول المرفهة مثلاً التي لانجد فيها مشاكل اقتصادية مثلاً، شعوبها منعمة مثلاً. على فرض هذه الرفاهية هنالك أشكال ومصاديق متعددة للظلم من أمثال الظلم المعنوي، الحرمان من الطياة الطيبة وليس فقط الحياة المرفهة، مايشير اليه من كثرة الإنتحار في بعض البلدان الغربية. هذه كلها تؤكد إمتلاء الأرض بأنواع من الظلم تستدعي ظهور الامام خاتم الأوصياء المهدي سلام الله عليه بإعتباره يمثل الرسالة المحمدية القادرة على تحقيق العدل بجميع صوره وإنهاء الظلم بجميع صوره. إن شاء الله تكون الإجابة وافية للأخت منار، بالطبع بما تتسع له دقائق هذه الفقرة. شكراً لكم.
اما الان فقد حان موعدكم مع الفقرة الاخيرة من البرنامج وحكاية موثقة عنوانها هو:
أنستني الصلاة حاجتي
مستمعينا الافاضل، تشتمل الحكاية التالية على عدة عبر ودروس مهمة منها جميل اثر التعبد لله عزوجل بصلاة مولانا الامام المهدي –أرواحنا فداه-.
فهذه الصلاة النافلة يستحب اقامتها في مسجد صاحب الزمان –عليه السلام- في جمكران كأهم الأعمال المستحبة في هذا المسجد، كما يستحب اقامة هذه الصلاة المباركة في أي وقت وفي أي مكان، فهي من الوسائل العبادية التي ترسخ في قلب المؤمن روح التوحيد الخالص لله عزوجل والاستعانة به في ذلك، اذ ان هذه الصلاة تشتمل على تكرار آية "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" في كل ركعة من ركعتيها اثناء قراءة سورة الفاتحة المباركة.
كما تشتمل هذه القصة على وصية مهدوية للمؤمنين بالاكثار من الصلاة على محمد وآله –صلوات الله عليه وعليهم أجمعين-؛ فهذا الذكر المقدس من أسمى الاذكار والادعية التي تعبر عن حمد المؤمن لربه الكريم على أن من عليه بمعرفة صفوته المنتجبين وكنوز رحمته للعالمين –عليهم افضل الصلاة والسلام-.
أيها الاخوة والاخوات، نقلت هذه الحكاية في كتاب (كرامات المهدي) الصادر عن دار المحجة البيضاء البيروتية وقد أعدها الاخ فارس فقيه من كتاب بالعنوان نفسه صادر بالفارسية في ايران، ويرجع تاريخ هذه الحادثة الى سنة ۱۹۸۹ ميلادية وهي من الحكايات الموثقة في سجل توثيق الكرامات في مسجد صاحب الزمان –عليه السلام- في قرية جمكران من ضواحي مدينة قم المقدسة؛ نوردها هنا ملخصة مما ورد في كلا هذين المصدرين.
راوي هذه الحكاية هو الاخ الحاج (خلج القزويني) حفظه الله وهو من الملتزمين بزيارة المسجد المذكور والتعبد لله عزوجل فيه وقد عرف بشدة تعلقه وحبه لامام العصر بقية الله المهدي –ارواحنا فداه-؛ وكان الحاج (خلج) قد سمع بحالة شاب مؤمن اسمه حسين المهندس اصيب بأضرار في النخاع الشوكي سببت له آلام شديدة ومستمرة في ظهره وسلبته القدرة على الوقوف. وقد راجع الاخ حسين المهندس عديداً من الأطباء داخل ايران وخارجها وخضع لمعالجات طويلة لم تجده نفعاً، وهنا تدخل العبد الصالح الحاج خلج القزويني ودعاه الى التوسل الى الله عزوجل بخليفته امام العصر –عليه السلام-، وبشره بثقة ويقين أن الله عزوجل سيستجيب له، فقال الشاب حسين المهندس: وكيف اتوسل؟
اجاب الحاج خلج: رافقني أربعين ليلة الى مسجد جمكران..
أعزاءنا المستمعين؛ استجاب هذا الشاب المريض لدعوة الحاج القزويني وقد رأى على محياه علامات الصلاح وحب الخير للآخرين والرغبة الصادقة في شفائه، وأخذ يرافقه الى مسجد صاحب الزمان في جمكران ويتقرب الى الله عزوجل بأداء اعماله ومنها صلاة الامام المهدي التي ذكرها العلامة الزاهد الشيخ عباس القمي في كتابه الشهير مفاتيح الجنان، لقد كان يقيم هذه الصلاة المباركة عن جلوس بسبب حالته الصحية ولكن ذلك لم يمنعه من أن يشعر بجميل التوجه الى الله عزوجل فيها خاصة وهو يكرر في كل ركعة آية "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"، لقد جعلته يتذوق حلاوة التوحيد الخالص ويشهد وجدانيا مصداق الاستعانة بالله من خلال التوسل اليه تبارك وتعالى باوليائه المعصومين –عليهم السلام- لقد احب هذه الصلاة المباركة واستغرق فيها حتى انسته الحاجة التي جاء من أجلها الى مسجد صاحب الزمان –عليه السلام-، وهي الشفاء من مرضه العضال، ولكن الله تبارك وتعالى أثلج صدره بقضاء حاجته وهو يقيم تلك الصلاة المباركة يقول الحاج خلج القزويني:
)لقد رافقني الشاب حسين المهندس الى مسجد جمكران اربعين ليلة، وفي الليلة الاخيرة قلت له: انتبه يا ولدي هذه هي الليلة الاربعون، ولما وصلنا المسجد كنت متعباً، فقلت له: أنا متعب واحتاج للاستراحة، أجابني: أما أنا فسأصلي، فتركته ودخلت غرفة صغيرة في احد زوايا المسجد وغفلت عنه حتى سمعت صوتاً فخرجت اليه فأخذني التعجب اذ رأيته وقد خرج من المسجد على قدميه وانبرى الى حجر ثقيل من المرمر رفعه بيديه –وقد كان يشق عليه من قبل القيام وتحريك يديه-، ثم قال لي بابتهاج:
أترى يا حاج خلج، لقد شفيت من مرضي، ها انا اقف على رجلي براحة ودون ألم..
سألته: وكيف حصل ذلك؟
أجاب: كنت أصلي صلاة الامام المهدي –روحي فداه- فشعرت بوجود سيد جليل الى جانبي... وعندما أنهيت تسليم الصلاة وضع يده على ظهري وقال:
لن تشعر باي الم في ظهرك بعد اليوم...
ثم قال: صل على محمد وآل محمد
فسجدت وأخذت بالصلوات على محمد وآله صلوات الله عليهم، فخطر في ذهني تساؤل هو: من هذا السيد؟ وكيف عرف بمرضي وآلام ظهري؟
فرفعت رأسي من السجود، فلم أر احداً الى جانبي ولم اعد اشعر باي الم في ظهري!!
وبهذا نصل مستمعينا الاكارم الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (شمس خلف السحاب)، نشكركم على كرم المتابعة ولكم دوماً خالص الدعوات من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، دمتم في أمان الله ورعايته.