موضوع البرنامج:
المهدويون أهل الغنى والتواضع
اليأس من الظهور المهدوي
الله عند القلوب المنكسرة
يا رؤى الفجر حين يعم ظلامٌ
تضيء وان جلل الشمس سحب
ونشيدٌ على الشفاه يشيع البشر
فينا وفيك يفرج كرب
أنت عيد القلوب بل بسمة الفجر
ومن فيه للجراحات طبّ
انت وعد الاله على الافق نورٌ
وكم بك قد حارّ لب
لك منا في كل صبح عهود
وسلامٌ يا من للموالي قلب
لك يا عيد كل احلامنا البيض
سلامٌ في حبك الفذ يربو
بسم الله والحمدلله غياث المستغيثين وغاية أمال العارفين والصلاة والسلام على صفوته المنتجبين محمد وآله الطيبين.
السلام عليكم اعزاءنا المستمعين، بالأبيات التي اخترناها من قصيدة مهدوية للعالم الاديب الشيخ محمد حسين الفقيه –رضوان الله عليه- افتتحنا لقاء اليوم من برنامجكم هذا ونتابع تقديمه بالفقرات التالية:
تربوبة نتابع فيها استلهام وصايا امام زماننا المهدي –عليه السلام- عنوانها في لقاء اليوم هو: المهدويون أهل الغنى والتواضع
تليها الاجابة عن سؤال الاخ أمجد الشمري عن الياس من الظهور المهدوي
ثم حكاية موثقة اخرى من حكايات المتوسلين الى الله بخليفته امام العصر –ارواحنا فداه- عنوانها هو: الله عند القلوب المنكسرة
تابعونا مشكورين سلفاً:
معكم والفقرة التربوية التي اخترنا لها العنوان التالي:
المهدويون اهل الغنى والتواضع
قال مولانا امام العصر خليفة الله المهدي –ارواحنا فداه- في دعائه الجامع الموسوم بدعاء (توفيق الطاعة):
"اللهم وتفضل على مشايخنا بالوقار والسكينة وعلى الشباب بالانابة والتوبة وعلى النساء بالحياء والعفة وعلى الأغنياء بالتواضع والسعة وعلى الفقراء بالصبر والقناعة".
نتابع مستمعينا الاكارم استلهام وصايا امامنا المهدي من فقرات دعائه المبارك المشار اليه آنفاً وفي هذه الفقرة نتناول قوله –صلوات الله عليه-: "اللهم وتفضل على الاغنياء بالتواضع والسعة".
فما هي الوصايا التي تشتمل عليها هذه الفقرة؟
في الاجابة الاجمالية عن هذا السؤال نقول: ان الوصية الاولى هي دعوة المهدويين عامة والاغنياء منهم خاصة بالاجتهاد في التحلي بفضيلتي التواضع والسعة:
والمراد بالتواضع ما يشمل التواضع لله عزوجل والتواضع لخلق الله تبارك وتعالى.
اما المراد بالسعة فهو ما يقابل البخل اي التوسعة في الانفاق مما تفضل به الله على الغني على العيال ومن تجب مؤونته على الانسان كالزوجة والاولاد والوالدين اذا افتقرا، وكذلك التوسعة في الانفاقات المستحبة على الفقراء والمحتاجين عموماً.
أيها الاخوة والأخوات، وبعد هذه الاجابة الاجمالية نتطرق الى تفصيلها للاهتداء الى السبل العملية للالتزام بهذه الوصية المهدوية المباركة، فنبدأ اولاً بالتعرف الى المقصود بوصف (الأغنياء)، فواضحٌ ان المعنى الاول للغنى هو الغنى المادي الذي يتبادر أولاً الى أذهان الناس عند سماع مفردة الغنى.
وعلى ضوء هذا المعنى يكون معنى الوصية المهدوية هو: أن على من تفضل الله عزوجل عليه بالثروات المادية بمختلف اشكالها ان لا يسمح لهذا الغنى بان يوقعه في مستنقع الطغيان المشار اليه في قوله عزوجل في الآيتين (٦و۷) من سورة العلق:
"كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى{٦} أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى"
والذي ينقذ الانسان من هذا الطغيان هو العمل بهذه الوصية المباركة، فالثروة تجعل النفس الانسانية تشعر بالاستغناء عن الافتقار والحاجة لله عزوجل اولاً ولخلقه ثانياً فتطغى بالتمرد على طاعة الله والتعالي والاستكبار على خلق الله تبارك وتعالى لانه يمتلك من الثروات ما لا يمتلكون؛ والبخل عن الانفاق حرصاً على ما في يديه.
لذلك ينبغي للانسان أن يتطهر من هذا الطغيان المردي في العذاب الالهية ووسيلة التطهر منه هو التواضع لله بالعبودية وإدراك حقيقة ان كل مالديه من ثروات هي في الواقع ملك الله ويمكن ان يذهب به الله عزوجل متى ماشاء.
هذا أولاً وثانياً ان يتواضع بالتالي لخلق الله عزوجل لاسيما الفقراء منهم انطلاقاً من معرفته ان المعيار في التكريم والتفاضل هو التقوى؛ وكذلك استذكاره لحقيقة أن الله هو المالك الحقيقي لكل ثروة وقد جعل عزوجل حقوق للفقراء من خلقه في اموال وثروات الاغنياء منهم، وكل ذلك يجعل الغني يتنزه عن التكبر والتعالى على الفقراء وينظر لهم نظرة الشركاء له لكونهم ذوي حقوق جعلها الله لهم في أمواله.
مستمعينا الاطائب، ما تقدم كان فيما يرتبط بالمعنى الاول للغنى وهو الغنى المادي، أما المعنى الثاني فهو الغنى المعنوي مثل أن الغنى العلمي وامتلاك امثال القوة البدنية العالية أو الذكاء او الوجاهة الاجتماعية او الرئاسة الدنيوية بمختلف اشكالها ونظائر ذلك.
وما يجري على معنى الغنى المادي يجري مع الغنى المعنوي، فالامام المهدي –أرواحنا فداه- يوصي الاغنياء باي صورة من صور الغنى المعنوي المشار اليها قبل قليل، بالالتزام أكثر من غيرهم بالتواضع لله بكل مصداقيه اي التواضع لله وترسيخ الشعور بالافتقار اليه عزوجل وان كل ما عنده نعمة منه تبارك وتعالى ينبغي أن يحسن الاستفادة منها فيما يرتضيه ربه تبارك وتعالى ويحقق له الصلاح والفلاح، وبذلك يزداد ارتباطه بالله وتقوي عبوديته له جل جلاله.
هذا أولاً وثانياً التواضع لعباد الله وخفض جناحه للمؤمنين حسب التعبير القرآني الذي يخاطب النبي الاكرم –صلى الله عليه وآله-؛ فلا يتكبر عليهم بعلمه أو قوته او وجاهته وسائر ما انعم به عليه ربه وربهم تبارك وتعالى، بل يتوسع في ايصال ما يحتاجونه من هذه النعم ابتغاء مرضاة الله عزوجل.
أعزاءنا مستمعي اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران نجدد شكرنا لكم على جميل المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب.(
ننقلكم الآن الى زميلنا الاخ عباس باقري لكي يلخص لنا ولكم وللاخ امجد الشمري اجوبة الاحاديث الشريفة على سؤال هذه الحلقة، نستمع معاً:
الباقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أحباءنا في هذه الفقرة نتناول سؤال الأخ أمجد الشمري بعث لنا عبر البريد الألكتروني ملخص ما ورد فيها يقول هذا الأخ الكريم كيف تجمعون بين ما ذكرتموه في حلقات سابقة أن من علامات ظهور الامام بقية الله المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف كثرة ذكره بين الناس وبين الروايات التي تذكر أن اليأس من ظهوره ايضاً هو من علامات الظهور حتى يقال "مات او هلك في أي وادي سلك". الأخ أمجد في الواقع هنالك أشارات متعددة لهذا الموضوع أشار اليها العلماء في بحثهم من هذه الطائفة من الأحاديث الشريفة، أولاً الحديث الذي إستندتهم اليه او إستشهدتم به يرتبط بقضية المنكرين للإمام المهدي سلام الله عليه وهذه الحالة او الظاهرة ظهرت في الغيبة الصغرى وبدايات الغيبة الصغرى والى نهايتها تقريباً يعني ظهرت بعض الفرق التي ظهرت حتى في وسط أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام، قالوا هذا المضمون "لو كان للإمام العسكري ولد لظهر أمره" فهذه العبارات إستنكارية للإعتقاد بالإمام الغائب سلام الله عليه ولاعلاقة لها باليأس من ظهوره، هذا الرأي الأول للعلماء فيما يرتبط بتفسير هذه الأحاديث. أما اليأس من الظهور وعلاقته بكثرة ذكره، يلاحظ أن اليأس من الظهور حالة نفسية، يعني اليأس بطبيعته حالة نفسية وليست حالة عقائدية وإن كانت ترجع الى جذور عقائدية فيما يرتبط بقوة الايمان به سلام الله عليه او ضعفه ولكن المستفاد من مجموع الأحاديث الشريفة أن كثرة ذكر الامام سلام الله عليه تعبر عن حالة التطلع لظهوره لإنهاء الأزمات والمصاعب وأشكال الظلم والجور التي يمر بها الناس فهي تعبر من هذه الجهة عن التطلع الى الأمل المنقذ أما اليأس من ظهوره فهي تعبر عن حالة اخرى وهي حالة طول الغيبة، طول غيبة الامام سلام الله عليه. ولاتعبر عن عدم ذكره او قلة ذكره لعل حالة اليأس أنه قد يذكر كثيراً ولكن هذا الذكر يكون مقروناً بمتى يظهر وتعبير متى يظهر؟ وقد ورد في النصوص الشريفة. اذن التعارض غير موجود، هذا أولاً وبعض العلماء أشاروا الى قضية ثالثة وهي أن اليأس من ظهوره يشمل طائفة غير كثرة الذاكرين له فلايحدث تعارض بين الأمرين، يعني هنالك المؤمنون قويو الايمان يكثرون من ذكره سلام الله عليه وهنالك ايضاً ضعاف الايمان ييأسون من ذكره فتكون المعالجة في إستذكار الأدلة الشرعية والعقلية والنقلية المثبتة لحتمية ظهوره سلام الله عليه وأن هذا يرتبط بالميعاد الإلهي الذي لايقبل الخلف ولايمكن أن يخلفه الله تبارك وتعالى لأن الله لايخلف الميعاد. شكراً للأخ أمجد الشمري على سؤاله وشكراً لكم على طيب المتابعة مستمعينا الأفاضل.
تابعونا ايها الاحبة وحكاية حلقة اليوم من البرنامج ننقلها لكم في الفقرة التالية تحت عنوان:
الله عند القلوب المنكسرة
ايها الاكارم، الحكاية التالية نختارها من كتاب (كرامات الامام المهدي (عج) ) الذي اعده الاخ (فارس فقيه) ونشرته دار المحجة البيضاء اللبنانية.
وهي حكاية سيد شاب من جرحى ملحمة الدفاع المقدس التي خاضتها الجمهورية الاسلامية ضد العدوان الصدامي الأميريكي رمز لإسمه بحرفي (عين، باء) وهو من أهالي مدينة مشهد المقدسة، وقد آذاه تأنيب ارحامه على مشاركته في ملحمة الدفاع وما أصابه بسببها، فتوسل الى الله ببقيته امام العصر –عليه السلام- لكي ينجيه من هذا الآذى خاصة وقد نزلت به مصيبة ثانية هي احتراق منزله، نتابع معاً حكايته فأبقوا معنا:
قال السيد المشهدي الشاب عين:
(جرحت منذ ۸ سنوات في الحرب، واصيب قسم من جسمي بالشلل فلم أعد قادراً على المشي الا بصعوبة جاءت أمي الى منزلي ليلاً وتحدثت معي لم يعجبني الكلام فضجرت منه وشعرت بالانكسار؛) –ويبدو مستمعينا الافاضل أن والدة هذا الشاب قد شددت تأنيبها له على مشاركته في الحرب الدفاعية التي أوصلته الى الشلل وهو في ريعان شبابه، يقول حفظه الله متابعاً نقل حكايته:
(فتوسلت بالامام المهدي (عج) وقلت: يا سيدي ومولاي اطلب شفائي من الله ثم غفوت رأيت الامام المهدي (عج) يقول لي: انا بنيت مسجداً بيدي، اذا تريد الشفاء، فعليك ان تذهب الى هذا المسجد فتوسل الينا عنده.
وعندما قمت من النوم صممت على الذهاب الى عيادة صديقي المريض وقلت في نفسي: في السنة القادمة سأذهب إلى مسجد جمكران إن شاء الله ثم مشيت إلى المستشفى لعيادة صديقي.
لما رجعت الى منزلي، وجدته قد احترق ومعه كل الأثاث)
ايها الاطائب ويبدو ان هذه الحادثة قد ضاعفت همه وجعلته يسرع في الالتجاء الى الله والذهاب الى مسجد صاحب الزمان في جمكران بل والخدمة فيه، قال –وفقه الله-:
(فزع قلبي كثيراً، صباحاً مشيت الى مسجد جمكران، بقيت ۳۹ يوماً في المسجد، وفي ليلة الأربعين من مدة الاعتكاف في المسجد (وكانت تصادف ليلة التاسع عشر من شهر رمضان) حين الخدمة في المسجد شعرت بالتعب كثيراً فنمت، في الساعة الواحدة.
رأيت بنامي: أنني كنت أنظف ساحة المسجد المبارك فقدم سيد جليل وقال لي: هل تنظف المسجد: قلت: أجل قال: اذهب معي الى المسجد لنتحدث قليلاً ودخلنا الى المسجد فرأيت ٤ أشخاص جالسين في المسجد جلست قربهم قال لي السيد: يا سيد كأنك مريض؟ قلت: أجل، جرحت في الحرب وشل جسدي.
فوضع السيد يده على رأسي وقال لي: ستشفى إن شاء الله.
ثم وضع يده على ظهري ورجلي، بنفس اللحظة شعرت بالراحة، ثم نظرت الى الجماعة فوجدت أنهم كانوا النبي محمد (ص) والامام علي (ع)، فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) بضلعها المكسورة والمعصومة الكبرى (سلام الله عليها) اخت الامام الرضا (ع) وهم في حالة بكاء.
الامام المهدي (عج) قال: الصديقة الكبرى غير راضية لان الناس لا يحترمون حقها، ثم اعطاني رطباً وقليلاً من الماء وقال لي: يجب ان تأكل شيئاً لانك ستصوم يوم غد.
ثم قمت من النوم فلم أجد اثراً من الالم والجروح فشكرت الله كثيراً.(
نشكر لكم مستمعينا الأطائب طيب الاستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب)، الى لقائنا المقبل بأذن الله لكم خالص الدعوات من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، دمتم في أمان الله.