السلام عليكم أيها الأعزاء ورحمة الله معكم في آخر حلقات برنامجكم هذا وفيها لنا وقفة تدبر وتأمل في مطلع الآيات المتحدثة عن أسمي قصص الصائمين التي نقلها القرآن الكريم في سورة الإنسان حيث يقول عزوجل: «إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا، عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا، يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا، وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا...».
هذه الآيات الكريمة تصور إقتران الصيام وفاء بالنذر بأسمي صور الإنفاق في سبيل الله عزوجل.
لقد أنزل الله تبارك وتعالي هذه الآيات تكريماً لسادات الصائمين وهم يؤثرون الأخرين علي أنفسهم وهم في أوضح مصاديق (الخصاصة).
فقد روي المحدثون في الروايات الصحيحة أن الحسن والحسين (عليهما السلام) مرضا فعادهما رسول الله (صلي الله عليه وآله) في ناس معه، فقالوا لعلي (عليه السلام) يا أبا الحسن لو نذرت علي ولديك، فنذر علي وفاطمة (عليهما السلام) وتابعتها جاريتهما فضة رضي الله عنها أن يصوموا ثلاثة أيام إن شفي الحسنان فشفيا ولم يكن في بيت علي شيء من الزاد، فأستقرض (عليه السلام) ثلاثة أصوع من شعير، وصام علي وفاطمة والحسنان ومعهم (عليه السلام) جارية، فطحنت فاطمة صاعا من الشعير وإختبزت خمسة أقراص علي عددهم، وعندما وضعتها بين أيديهم ليفطروا، وقف علي بابهم سائل وقال: السلام عليكم اهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فأثروه (عليهم السلام) وأعطوه إفطارهم وباتوا لم يذوقوا الإ الماء وأصبحوا صياماً وفاء بنذرهم، فلما أمسوا ووضعوا أقراص الصاع الثاني بين أيديهم وقف عليهم يتيم فأثروه بأفطارهم، ووقف عليهم في اليوم الثالث أسير من أسري المشركين فاثروه أيضاً بأقراص الصاع الأخير من الشعير وأتما صيامهم ثلاثة أيام لم يكن له طعام سوي الماء.
فرأئ رسول الله (صلي الله عليه وآله) الحسنين (عليهم السلام) وهم يرتعشون من شدة الجوع، ورأئ فاطمة (عليها السلام) في محرابها وقد غارت عيناها من الجوع، فنزل عليه الأمين جبرئيل وقال: خذها يا محمد، هناك الله في أهل بيتك، فأقرأه سورة الإنسان المباركة.
كثيرة هي الدروس التي يستلهمها الصائمون من هذه الآيات الكريمة وقصة إيثار ساداتهم وصومهم المبارك (عليهم السلام) نكتفي بالاشارة الي أحدها وهو تعلم درس الإخلاص لله في الإنفاق في سبيله وإبتغاء لوجهه الكريم ونطبق هذا الدرس ونحن نؤدي زكاة الفطرة التي جعلها الله تمام صيام شهر رمضان المبارك.
ونختم هذا البرنامج بالمقطع التالي من أدعية أئمة العترة المحمدية نقله السيد ابن طاووس عليه الرحمة في كتاب الدروع الواقية، فليتوجه كل منا الي الله عزوجل قائلاً: اللهم إجعلني ممن وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا، إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا، فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا، وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا.
اللهم أمني يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ولقني نضرة وسروراً، اللهم وأسقني كما سقيتهم شَرَابًا طَهُورًا، وإرزقني كما رزقتهم سعياًمَّشْكُورًا.
*******