تقبل الله أعمالكم علي بركة الله نلتقيكم في حلقة أخري من هذا البرنامج نستنير فيها من آيات تشريع الصيام بقوله تعالي: «فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ».
في هذا المقطع ذكرٌ للذين رفع الله برأفته عنهم واجب الصيام في شهر رمضان وضمن تفصيلات نشير إليها والي العبر المستفادة منها.
في الحلقة السابقة تقدم الحديث عن الله تبارك وتعالي أجاز رأفةً بعباده أن يفطروا في شهر رمضان المبارك إذا أصابهم مرضٌ يضعفهم عنه أو كانوا علي سفرٍ، ثم يصوموا قضاءً في أيامٍ أخر يبارك الله لهم فيها ويعطيهم ثواب الصائمين له في شهره الفضيل.
وبعد ذلك تذكر الآية حكم طائفة ثالثة إستبدل الله لهم حكم قضاء الصوم بحكم أخر هو تقديم فدية عن كل يوم لا يصومونه من شهر رمضان والفدية هي طعامً يرفدون به المساكين والفقراء.
هؤلاء - كما بينت لنا أحاديث أهل بيت النبوة (عليهم السلام) - هم الذين يشق عليهم الصيام ليس لمرض مؤقت أو سفر عارض، بل لضعف مستمر ككبار السن مثلاً أو لأذيً يلحقهم من الصوم ويستمر حالهم أو يستمر المرض بالمريض الي حين مجيء شهر رمضان المبارك، والحكم البديل الذي شرعه ربنا الحكيم تبارك وتعالي لهؤلاء يحقق لهم في الواقع أحد أهداف الصوم الأساسية كما بيّن لنا ذلك مولانا الإمام الحسين (عليه السلام)؟
روي في كتاب بحار الأنوار أنه سئل الحسين (عليه السلام): لم إفترض الله عزوجل علي عبده الصوم.
فأجاب (عليه السلام): ليجد الغني مس الجوع فيعود بالفضل علي المساكين.
إذن فإطعام المساكين الذي أوجبه الله علي الذين يشق عليهم الصوم إنما هو هدية لهم من الله عزوجل تعينهم علي الفوز بهذا الأثر العظيم للصوم وهو إعانة المحتاجين وروي في كتاب عيون الأخبار أن مولانا الرضا عندما سئل عن علة تشريع الصوم قال (عليه السلام) في إحدي فقرات جوابه: لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش وليعرفوا شدة مبلغ أهل الفقر والمسكنة في الدنيا فيؤدوا إليهم ما إفترض الله تعالي لهم في أموالهم.
*******