معكم ولقاء آخر نستنير فيه بأنوار القرآن الكريم وهو يهدينا الي الطريقة الفضلي لأداء فريضة الصيام كما يحبها الله ويرضاها لعباده المؤمنين وها نتدبر معاً في هذه الحلقة من البرنامج في الفقره الأولي من الأية الثانية من آيات تشريع الصيام الواردة في سورة البقرة حيث يقول الله عزوجل: أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ، فما الذي نستوحيه من هذه العبارة القرآنية؟
جاء في تفسير مجمع البيان عن قوله تعالي «أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ» قال: أي معلومات محصورات مضبوطات ويجوز أن يريد بقوله«مَّعْدُودَاتٍ» أنها قلائل، كما قال سبحانه (دراهم معدودة) أي قليلة.
ولا يخفي علي المتدبر في سياق آيات الصيام الثلاث أن قوله تعالي في الاية الثالثة «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ» هو تفسير لقوله «أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ» في الآية الثانية، فيكون المعني أن الله أوجب الصيام في «أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ» هي شهر رمضان لخصوصية خاصة في هذا الشهر العظيم سيأتي بيانها في الآية الثالثة. أما أستخدام وصف مَّعْدُودَاتٍ بمعني أنها أيام قليلة فليس المراد قلتها في العدد وإنما اراد الله تبارك وتعالي التنبيه الي أن هذه الأيام مهما كثرت فهي قليلة مقابل الثمرات العظمي التي تشتمل عليها فريضة الصيام، مثلما أن كل ثمن دفع لشراء يوسف علي نبينا وآله وعليه السلام، يبقي بخساً مهماً كبر.
وثمه حديث نبوي مهم يعرفنا بحقيقة مهمة للغاية وهي أن كون أيام الصوم الواجب مَّعْدُودَاتٍ إنما يرتبط بالتقدير الالهي الحكيم لتحقق هذه الفريضة آثارها المطلوبة في كل عام كدورة تربوية وتطهيرية لمرتبة أسمي من مرتبة أسمي من مراتب التقوي والفوز بثمارها فقد جاء في حديث أسئلة اليهودي من رسول الله )صلي الله عليه وآله) الذي رواه الشيخ الصدوق في كتاب الأمالي أن اليهودي سأل رسول الله قائلاً: فأخبرني لاي شيء فرض الله عزوجل الصوم علي أمتك بالنهار ثلاثين يوماً.
أجاب (صلي الله عليه وآله) قائلاً: إن آدم لما أكل من الشجرة بقي [ما أكله] في بطنه ثلاثين يوماً ففرض الله علي ذريته ثلاثين يوماً الجوع والعطش، والذي يأكلونه باليل تفضل من الله عزوجل عليهم، وكذلك كان آدم ففرض الله عزوجل علي أمتي ذلك ثم تلا (صلي الله عليه وآله) قوله تعالي: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ»ويفهم من هذا الحديث الشريف أن هذه الايام المعدودات تمثل دورة كاملة للتطهر من العقبات التي تصد الانسان المؤمن عن الارتقاء الي مرتبة أعلي من التقوي والقرب الالهي.
*******