نلتقيكم في حلقة أخري من هذا البرنامج نستنير فيها بهدايات أخري يتضمنها قوله تبارك وتعالي مخاطبا المؤمنين: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. وجل حديثنا في هذه الحلقة سيكون عن آخر هذه الآية الكريمة والعلاقة بين الصيام والتقوي.
روي الشيخ الصدوق في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة بسنده عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: إن الله تبارك وتعالي لم يفرض من صيام شهر رمضان فيما مضي الاعلي الانبياء دون أممهم وانما فرض عليكم ما فرض علي أنبيائه ورسله قبلي إكراماً وتفضيلاً.
وهذا الحديث نموذج لمجموعة من الاحاديث الشريفة تقدم هذا التفسير الدقيق لقوله تعالي «كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ»فمنه يتضح أن المقصود بقوله «مِن قَبْلِكُمْ» هم الانبياء والرسل (عليهم السلام) وليس الامم السابقة، وفي ذلك كما يصرح نبينا الاكرم (صلي الله عليه وآله) في حديثه المتقدم تكريم وتشريف للأمة المحمدية بتكليفها بفريضة الصوم بالكيفية التي إختص بها صفوته من الانبياء والمرسلين (عليهم السلام). وهذا يعني أن علينا أن نشكر الله تبارك وتعالي علي تكريمنا بهذه الفريضة المباركة وأن نجتهد في أدائها بالصورة التي كان يؤديها الانبياء والمرسلون (صلوات الله عليهم أجمعين).
أما آخر هذه الآية الكريمة فهو يحدد ببلاغة قرآنية فريدة الهدف المحوري أو الثمرة الاساس لفريضة الصوم المباركة حيث يقول الله عز من قائل: «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ».
ونلاحظ هنا أن القرآن الكريم لم يقل (لكي تتقوا) بل قال «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» حيث أستخدم أداة التمني الترديدية (لعل) وفي ذلك إشارة الي عدة حقائق منها: التنبيه الي أن الله تبارك وتعالي يحب لعباده أن يثمر صومهم التقوي التي هي من أعظم المراتب والكمالات الانسانية.
وثانياً تنبيه الصائمين الي حقيقة ان حصولهم علي ثمرة التقوي العظيمة مرهون بأدائهم لها علي وفق آدابها التي أرادها الله جل جلاله فقد روي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله): يقول الله عزوجل: من لم تصم جوارحه عن محارمي فلاحاجة لي في أن يدع طعامه وشرابه من أجلي.
*******