أهلاً بكم في لقاء آخر من هذا البرنامج الذي نستلهم فيه حقائق الطريقة الفضلي لأداء فريضة الصوم وذلك من خلال التدبر في آيات الصوم. في هذا اللقاء نستضئ بقوله عز من قائل: كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ. فمن هو الذين فرض عليها الصوم قبلنا وما هي خصوصية الأمة المحمدية مع هذه الفريضة؟
روي الشيخ الصدوق (رضوان الله عليه) في كتابه الروائي القيم فضائل الأشهر الثلاثة (رجب وشعبان ورمضان) بسنده المعتبر عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) قال: أن شهر رمضان لم يفرض الله صيامه علي أحد من الأمم قبلنا فسأله الراوي عن معني قول عزوجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ».
فأجاب الإمام الصادق (عليه السلام) قائلاً: إنما فرض الله صيام شهر رمضان علي الأنبياء دون الامم ففضل به هذه الأمة وجعل صيامه فرضاً علي رسول الله وعلي أمته.
وقال الإمام زين العابدين (عليه السلام) في دعائه في وداع شهر رمضان من أدعية الصحيفة السجادية، قال مخاطباً ربة الجليل تبارك وتعالي: ثم آثرتنا به علي سائر الأمم وإصطفيتنا بفضله دون أهل الملل فصمنا بأمرك نهاره، وقمنا بعونك ليله.
هذه الاحاديث الشريفة صادرة عن أئمة العترة المحمدية وهم (عليه السلام) عدل القرآن والعارفون بتأويله وتفسيره الحق كما يصرح بذلك حديث الثقلين المتواتر: وفيها يعرفوننا عليهم بمعنا دقيق تشتمل عليه الآية الكريمة في قوله عزوجل: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ» أي من الأنبياء (عليهم السلام) وهذا تشريف عظيم للامة المحمدية، حيث أن الصوم الذي أوجبه الله عليها بتفصيلاته المعروفة وأحكامه وآدابه. هو من التكاليف الخاصة بالانبياء (عليهم السلام)، ولم يوجبه علي الامم السابقة. وهذا يعني أن هذه العبادة الشريفة تشتمل علي بركات سامية تحتاج الي درجة من أمكانية التآهل الروحي لم تكن متوفرة في الأمم السابقة.
وعلي ضوء هذه الحقيقة تترتب علينا عدة أمور أهمها:
أولا: أن نشكر الله عزوجل علي أن أختصنا بنعمة تشرفنا بفريضة الصيام النبوية.
ثانياً: أن نسعي لكي نتأهل روحيا وماديا أداء هذه الفريضة المباركة.
*******