"باعتقادي إن معرفة الإمام الحسين (ع) لاتكتمل دون معرفة أخيه العباس (ع) لأنهما مكملان لبعضهما البعض"، مصرحاً أن العباس (ع) كان أخاً شجاعاً ورفيقاً ومستشاراً وسياسياً موثوقاً للإمام الحسين (ع) كما أنه يعتبر نموذجاً مثالياً للحياة الأخلاقية لجميع الناس من المتدينين وغير المتدينين.
وأشار إلى ذلك، الأستاذ المسيحي المدرس في جامعة الفاتيكان "الدكتور كريستوفر باول كلوهيسي (Christopher P. Clohessy)" في معرض حديثه عن كتابه الأخير "الفارس: أبو الفضل العباس" (The Outrider: Abu al-Fadl al-'Abbas).
وحول الأسباب التي جعلته يقوم بإصدار هذا الكتاب، قال: "شعرت بأن هناك مصادر قليلة حول شخصية أبي الفضل العباس (ع) رغم الأهمية التي يتمتع بها لدى المسلمين من الشيعة والسنة والرجوع إليه كـ نموذج في الثقافة الإسلامية".
وأضاف: "بعض الإصدارات لا تؤخذ بجدية من قبل المؤرخين والباحثين الغربيين لأنها تفتقد لمنهج علمي دقيق وبعد إصداري لكتب حول السيدة فاطمة الزهراء (س) والسيدة زينب (س) وواقعة الطف شعرت بأن أبا الفضل العباس (ع) يستحق كتاباً خاصاً ولهذا السبب قمت بإصدار كتاب بحثي يستند إلى المصادر العربية الرئيسية ويتبع نهجاً علمياً."
وأردف الأكاديمي المسيحي قائلاً: "على النقيض من السيدة فاطمة الزهراء (س) والسيدة زينب (س)، لم أعثر على مصادر تحكي سيرة أبي الفضل (ع) وهذا جعلني ألجأ إلى المصادر التاريخية وكل ما يُقال عنه (ع) في مجالس العزاء وكل ما روي عنه في التاريخ".
وأكد بأن كتابه لا يستهدف التعريف بشخصية أبي الفضل العباس (ع) لغير المسلمين فحسب بل عملت على أن يكون كتاباً للقراء الشيعة من الذين ليس لديهم الكثير من المعلومات حول سيرته (ع)".
وأوضح كلوهيسي قائلاً: "من جانب آخر اعتقد بأن معرفة الإمام الحسين (ع) لا تحصل دون معرفة العباس (ع) لأنهما مكملان لبعضهما فـ كان العباس (ع) أخاً شجاعاً ورفيقاً ومستشاراً موثوقاً به ولهذا السبب قال الحسين (ع) بعد استشهاد أخيه العباس (ع) مقولته الشهيرة "الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي".
واستطرد الكاتب والباحث المسيحي قائلاً: "استندت في كتابي إلى مقتل "أبي مخنف" وهو أول مقتل لكربلاء ويعتبر من المصادر الرئيسية كما استندت إلى كتاب "الإرشاد" للشيخ "المفيد" وهو كتاب قيّم بهذا الصدد".
وتحدّث عن البُعد الإنساني في شخصية أبي الفضل العباس (ع)، قائلاً: "إن الله تعالى خلق الفضائل والدين حثّ عليها وجعل الله تعالى من كل فضيلة في البشر"، موضحاً: "إن السبب الذي يجعلني أبحث في سيرة السيدتين فاطمة الزهراء وزينب الكبرى (سلام الله عليهما) وأبي الفضل العباس (ع) وأنا مسيحي ولست مسلماً هو ليس الدين بل الجانب الإنساني في هذه الشخصيات".
هذا ويذكر أنه تصدّر الكاهن الكاثوليكي والأكاديمي الدكتور كريستوفر كلوهيسي المشهد الديني والثقافي بـ "4 كتب" باللغة الانكليزية عن التراث الاسلامي ـ الشيعي بعد تقديمه رؤى وأطروحات تُظهر عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وفكرهم الأصيل.
وتناول كلوهيسي في كتبه التراث الإسلامي، خصوصاً في كتابته عن كربلاء المقدسة وما وردَ حولها في النبوات والرسالات السماوية التي سبقت الدين الإسلامي, اضافة الى الفكر الشيعي والشخصيات البارزة من بينها السيدتين الطاهرتين فاطمة الزهراء وزينب الكبرى (عليهما السلام) بعناوين (كربلاء، فاطمة بنت محمد، نصف قلب.. حكايات زينب بنت علي، والإسلام الشيعي)، وقد فاز كتابه نصف قلب الذي صدرت طبعته الثانية، ضمن أفضل كتب التاريخ الإسلامي من قبل (Book Authority).
وتجدر الاشارة الى أن كريستوفر باول كلوهيسي هو أستاذ في الدراسات الشيعية حيث أكمل دراساته الجامعية في مرحلتي البكالوريوس والماجستير في الجامعة البابوية بمدينة "روما" الإيطالية، وحصل على درجة الدكتوراه من الجامعة البابوية للدراسات العربية والإسلامية (PISAI) في الفاتيكان، كما يقوم حالياً بتدريس تاريخ التشيع والدراسات القرآنية والأخلاق الإسلامية والحوار بين الإسلام والمسيحية في هذه الجامعة.