موضوع البرنامج:
المهدويون أهل الإستقامة في الهزاهز
حكم بني العباس وظهور المهدي
لا تقلقوا، ستزول الأزمة
يا غائباً عنا ولست بغائب
ما زلت مثل الشمس بين سحائب
ألطاف جودك لم تزل ما بيننا
يا خير ماش في الفلاة وراكب
القلب ينعشه سناك وذا أتى
من خلف أستار بنور غالب
يحي النفوس هداك يا ذخر الهدى
يا خير مطلوب لأشوق طالب
فمتى تقر عيوننا يا نورها
فظهورك الموعود حتف الغياهب
بسم الله والحمد لله الذي منّ علينا باتباع صفوته من العالمين حبيبه سيد الكائنات الهادي المختار وآله الأطهار صلوات الله عليه آناء الليل وأطراف النهار.
السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله.. أهلاً بكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج، لنا فيها فقرات عدة هي:
فقرة إستلهام وصايا إمامنا المهدي – عليه السلام – وعنوانها في هذا اللقاء هو: المهدويون أهل الإستقامة في الهزاهز
تليها خلاصة لأجوبة العلماء عن سؤال الأخت زهراء الموسوي عن: حكم بني العباس وظهور المهدي
والفقرة الأخيرة حكاية موثقة عنوانها: لا تقلقوا، ستزول الأزمة
أطيب الأوقات وأنفعها نرجوها لنا ولكم في لقاء اليوم من برنامج شمس خلف السحاب، هلموا معنا الى فقرة الوصايا المهدوية تحت عنوان:
المهدويون أهل الإستقامة في الهزاهز
قال إمام زماننا بقية الله المهدي – أرواحنا فداه – في دعائه الجامع المعروف بدعاء (توفيق الطاعة):
"اللهم.. وتفضل على مشايخنا بالوقار والسكينة وعلى الشباب بالإنابة والتوبة، وعلى النساء بالحياء والعفة وعلى الأغنياء بالتواضع والسعة، وعلى الفقراء بالصبر والقناعة".
نتابع أيها الأحبة إستلهام الوصايا المهدوية المستفادة من هذا الدعاء المبارك الذي حدد فيه مولانا إمام العصر – عليه السلام – الخصال الأساسية التي ينبغي أن يتحلى به أنصاره الصادقون بمختلف طوائفهم، وقد ذكرنا في حلقة سابقة أن إختصاص كل طائفة ببعض الصفات إنما يعني شدة حاجتها إليها وإن كانت صفات أساسية ينبغي للجميع أن يتحلوا بها.
من هنا فالتأكيد على ضرورة أن يتحلى المشايخ، أي كبار السن والوجهاء بالوقار والسكينة يعني أنهم أولى بهاتين الصفتين وإن كانتا من الصفات الأساسية لكل مؤمن كما صرحت بذلك الأحاديث الشريفة التي نستنير ببعضها في هذا اللقاء؛ فابقوا معنا.
قال أميرالمؤمنين الوصي المرتضى – عليه السلام – في خطبته الشهيرة في وصف المؤمن المروية في كتاب الكافي واصفاً المؤمن الصادق بأنه: "كثير الصمت وقور ذكور صبور شكور"، وقال – عليه السلام – في نهج البلاغة في وصفه المؤمن ضمن خطبته في وصف المتقين:"في الزلازل وقور وفي المكاره صبور وفي الرخاء شكور".
وروي في كتاب التمحيص والكافي وغيرهما عن الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – قال: "ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال: وقور عند الهزاهز، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه الله، لا يظلم الأعداء، ولا يتحامل على الأصدقاء، بدنه منه في تعب، والناس منه في راحة".
ونلاحظ في هذا النص أن الإمام – عليه السلام – يذكر صفة الوقور كأولى الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الأنصار الصادقين للإمام المهدي – عجل الله فرجه – وبالتحلي بها يساهمون في الواقع في التمهيد لظهوره – عليه السلام – إذ أن توفر العدد الكافي من الأنصار الصادقين هو من أهم الشروط لظهوره – عجل الله تعالى فرجه – كما نصت على ذلك كثير من الأحاديث الشريفة.
أيها الإخوة والأخوات، وعندما نتأمل في معنى صفة (الوقور) من صفات المؤمن الصادق، تتضح لنا أهميتها بالنسبة للمهدويين، فقد جاء في معنى الوقار في كتاب العين للعلامة الجليل الخليل بن أحمد الفراهيدي قوله – رضوان الله عليه -: "الوقار: يعني السكينة والوداعة، ورجل وقور – يعني – ذو حلم ورزانة، ووقرت فلاناً: بجلته ورأيت له هيبة وجلالاً".
وهذا يعني أن الوقور لا يستعجل الأمور ولا يبادر في الغضب الى تجاوز الحدود ولا تجره الشهوات الى فعل ما لا ينبغي، كما أن الهزاهز لا تجعله يضطرب والفتن لا تسقطه في حبائلها ولا يفر في الحروب، قال المولى المازندراني في شرحه لأحاديث أصول الكافي:
"الوقار ضد الخفة، - والمؤمن – وقور أي رزين متين إذ كانت نفسه مطمئنة في تحصيل المطالب المستقيمة في الوصول الى المآرب بحيث لا يحركها الغضب ولا تهزه المكاره بسهولة ولا يتجاوز عن الحد اللائق به عقلاً وشرعاً، والوقار من جنود العقل... في عروجه الى المقامات العالية في الدنيا والآخرة".
وقال – رحمه الله – في موضع آخر من شرحه لحديث آخر في معنى صفة الوقور ما ملخصه:
"المؤمن في الهزاهز وقور رزين لا تحركه الفتن ولا تجعله يضطرب.. في الفتن التي يهتز فيها الناس وتضطرب فيها القلوب".
مستمعينا الأفاضل، ومن خلال التأمل في معنى صفة (الوقور) تتضح لنا أهميتها وضرورتها لكل من يرغب صادقاً في نصرة المهدي الموعود – عجل الله فرجه – لأنها تمثل ركن خصال المجاهد الإسلامي الحق الثابت على الصراط المستقيم الذي لا ينحرف عنه في الهزاهز ولا يسقط في الإمتحانات مهما صعبت لأنه متحرر من أسر الشهوات.
وهنا تتضح أهمية الصفة الثانية وهي السكينة الملازمة للوقار، وهي ثمرة الإرتباط بالله عزوجل والثقة به والطمأنينة الى نصره لعباده المؤمنين كما فصلت الحديث عن ذلك عدة من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة نتناولها بإذن الله في حلقة مقبلة ونكتفي هنا بالإشارة الى أن هذه السكينة هي التي تعين المؤمن على أن يكون وقوراً في الهزاهز والصعاب.
مستمعينا الأكارم، حان الآن موعدكم مع الفقرة الخاصة بتلخيص أجوبة العلماء عن أسئلتكم للبرنامج، معكم ومع زميلنا الأخ عباس باقري.
الباقري: السلام عليكم أحباءنا ورحمة الله وبركاته أهلاً بكم مع هذه الفقرة مع سؤال الأخ الكريمة العلوية زهراء الموسوي حفظها الله، بعثت لنا عبرالبريد الألكتروني برسالة تذكر فيها نقاش جرى بينها وبين أخت لها فيما يرتبط بالروايات التي تتحدث عن أن ظهور المهدي سلام الله عليه يكون إثر سقوط حكم بني العباس. تقول الأخت رأينا أن الأحاديث الشريفة صريحة في هذا المجال أي أن الامام المهدي يظهر فوراً إثر سقوط حكم بني العباس، تقول كيف نفهم هذه الروايات والمعلوم أن حكم بني العباس قد سقط منذ ثمانية او تسعة قرون ولم يظهر الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف؟
الأخت الكريمة زهراء الموسوي في الإجابة عن سؤالكم أنا أنقل كلام للعلامة الجليل السيد مصطفى الحيدري أورده في كتاب بشارة الاسلام وهو في الإنصاف من الكتب المهمة في علامات الظهور بإعتباره إختار روايات مهمة وأساسية فيما يرتبط بعلامات الظهور. في تعقيب له على احدى هذه الروايات ينقل حديثاً عن اعلام الورى، عن الامام الباقر سلام الله عليه يقول فيه "توقعوا آخر دولة بني العباس فإن لهم لشيعتنا لدغات وفي آخر دولتهم علامات انضى من الحريق الملتهب" يعلق السيد مصطفى الحيدري على هذه الرواية يقول "والذي يدل على ذلك وفي آخر دولتهم علامات أي علامات الفرج وعلى هذا فيكون هذا الحديث من الأخبار الدالة على تجدد دولة بني العباس" هذه هي النقطة المهمة التي أردت الاشارة اليها وهي أن المفهوم من مجموع الأحاديث الشريفة وعدة احاديث خاصة عن الامام الباقر والصادق سلام الله عليهما أن دولة بني العباس تتجدد بمعنى نفس النهج الذي حكم به بنو العباس يتجدد قبيل ظهور الامام المهدي سلام الله عليه في آخر الزمان وهذا النهج وهذه المميزات أي حكومة الصبيان، حكومة الأهواء، الحكم بإسم الدين، الحكم بنوع يجمع بين الظاهر الديني من جهة والفساد الشديد من جهة اخرى. كنموذج على ذلك نشير مثلاً الى الحكومة السعودية ومنهج حكم العائلة السعودية، هو إمتداد للحكم العباس ودول اخرى ولكن المقدار المتيقن والمفهوم من الأحاديث أنه حتى إنتماء النسب لبني العباس يتجدد حكمهم في بعض دول الاسلامية قبل ظهور الامام المهدي. اذن الأخت الكريمة زهراء الموسوي تجدد حكم بني العباس من الأمور الثابتة في الروايات الشريفة قبل الظهور وسقوطهم قبل قرون لايشير الى أن إنتهى الأمر وإنتهى حكمهم بل هنالك روايات متعددة تؤكد على نقطة مهمة وهي حدوث إختلاف شديد بين بني العباس قبيل ظهور المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، هذا الإختلاف يفهم منه أنه حكم يتجدد من خلال مجموعة من الأنظمة تمثل إمتداد النهج العباسي. شكراً للأخت زهراء الموسوي وشكراً لكم أيها الأحبة، تابعوا ما تبقى من البرنامج.
نتابع أيها الأعزاء تقديم حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران..
في الفقرة التالية ننقل حكاية هذه الحلقة تحت عنوان:
لا تقلقوا ستنتهي الأزمة
أعزاءنا المستمعين، الحكاية التالية تعبر عن جميل رعاية بقية الله وخليفته مولانا الإمام المهدي – عجل الله فرجه – لجهود إحياء الحوزة العلمية العريقة في مدينة قم المقدسة على يد المرجع الديني الورع آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي – رضوان الله عليه -.
فمن المعلوم أن هذا المرجع التقي تصدى لجهود تغريب ايران الإسلامية ومحو معالم حياة مدرسة أهل البيت – عليهم السلام – فيها، وذلك في ذروة تصاعد هذه الجهود في زمان الطاغية رضا شاه بهلوي، فقد سعى هذا الملك بعد زيارته الشهيرة لتركيا ولقائه (أتاتورك) الى الإقتداء بالنموذج العلماني الأتاتوركي وبدفع من الإستعمار البريطاني، وكان من خطواته في هذا المجال التضييق على العلماء والحوزات الدينية وخاصة حوزة قم العريقة، فبادر آية الله الحائري الى تكثيف جهوده في إحياء هذه الحوزة وحفظها بعد أن قدم الى قم المقدسة من أجل تأسيسها في عهدها الجديد.
وفي خضم ذلك حصلت الحكاية التالية وهي مسجلة برقم (۲۳٥) في سجل توثيق الكرامات في مسجد صاحب الزمان – عليه السلام – في قرية جمكران من ضواحي مدينة قم المقدسة؛ ننقلها لكم بعد قليل فابقوا معنا مشكورين.
أيها الأحبة يروي هذه الحكاية العالم التقي حجة الإسلام والمسلمين السيد علي أكبر أبوترابي من أخيار علماء مدينة قزوين الإيرانية عن جده من جهة والدته آية الله السيد محمد باقر العلوي القزويني وهو من العلماء الأجلاء المقربين من آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري – رضوان الله عليه -:
يقول السيد علي أكبر أبوترابي:
(بعد أن جاء المرحوم آية الله الحائري – رضوان الله عليه – الى مدينة قم لتأسيس حوزتها الجديدة، دعا جدي – من والدتي – السيد محمد باقر العلوي القزويني – رحمه الله – للمجيء الى قم للتدريس فيها ولإمامة صلاة الجماعة في مسجد (عشق علي) وكذلك في مسجد جهة الرأس الشريف من مرقد السيدة فاطمة المعصومة – عليها السلام – فاستجاب رحمه الله ورحل الى قم وأقام فيها.
وفي تلك الأيام كان المرحوم آية الله الحائري يعاني من أزمة مالية في توفير الخبز لطلبة الحوزة وأثقلت كاهله ديون كانت بذمة الحوزة لعدد من الخبازين إذ لم يستطع – بسبب قلة الموارد – من دفع قيمة ما يقدمونه من خبر لطلبة الحوزة، فدعا – رضوان الله عليه – ثلاثة من علماء الحوزة في قم كان أحدهم جدي وقال لهم:
إذهبوا الى مسجد صاحب الزمان في جمكران، وتوسلوا الى الله عزوجل بوليد إمام العصر لحل هذه الأزمة لكي نستطيع – على الأقل – توفير الخبز للطلبة لكي يتمكنوا من مواصلة الدراسة.
أعزاءنا المستمعين وقبل أن نتابع نقل الحكاية، نشير الى أن الضغوط الإقتصادية كانت من الوسائل التي لجأ إليها النظام البهلوي لتحجيم حوزة قم والسعي لمنع الطلبة من مواصلة الدراسة فيها.. وبعد هذه الإشارة نعود الى حديث السيد علي أكبر أبوترابي لكي يكمل الحكاية قائلاً:
"حدثنا جدي السيد محمد باقر العلوي فقال: ذهبنا الى مسجد جمكران وبقينا فيه عدة ليال نتوسل الى الله بإمام العصر – عجل الله فرجه – وفي الليلة الثالثة أو الرابعة رأيت الإمام – عليه السلام – في عالم الرؤيا فقال لي:
إذهب الى الشيخ عبد الكريم وقل له: واصلوا الدراسة والتدريس والبحوث ولا تقلقوا بسبب الأزمة المالية، سترفع عنكم.
فعدنا الى الشيخ الحائري مسرورين بهذه البشارة، ولم تمر سوى أيام قليلة حتى تمكن الشيخ من تسديد ديون الحوزة وزالت الأزمة المالية بالتدريج ولم يعاني الشيخ الحائري بعدها أي مشكلة في دفع رواتب طلبة الحوزة والحمد لله".
والى هنا نصل مستمعينا الأطائب الى ختام حلقة أخرى من برنامج (شمس خلف السحاب) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم ودمتم بألف خير.