موضوع البرنامج:
المهدويون متطهرون من الشبهات
شمائل المهدي وحكمة التعريف بها
إجمع أمرك
يا غائباً طال الغياب وعيننا
تشتاق طلعتك البهية فأطلع
يا راجعاً بعد الذهاب قلوبنا
مدت اليك- كما الايادي- فأرجع
يا كاشف الغم الجسيم شفاهنا
نادتك من وسط المظالم فاسمع
يا صاحب الامر الحكيم الى متى
تبقى الامور بلا لواء جامع
والدار يغزوها الفساد مدمدماً
كالسيل يأتي من محيط مترع
يا صاحب الدار التي مما بها
قد آذنت بتشقق وتصدع
يا حجة الله الذي بظهوره
يتفرق الطاغوت بعد تجمع
اظهر فليس الماء في قيعاننا
للظامئين سوى سراب خادع
بسم الله والحمد لله الذي هدانا لموالاة اراف عباده بخلقه حبيبه المبعوث رحمة للعالمين المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله وبركاته وتحياته عليهم أجمعين.
السلام عليكم ايها الأخوة والاخوات ورحمة من الله وبركات
معكم في لقاء اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) استمعتم في مطلعها لأبيات مهدوية من انشاء الاديب الولائي المصري الاخ معروف عبدالمجيد حفظه الله.
في الفقرات اللاحقة من البرنامج نتوقف اولاً عند محطة الوصايا المهدوية وفقرة عنوانها: المهدويون متطهرون من الشبهات.
تليها خلاصة لاجوبة العلماء على سؤال بشأن: شمائل المهدي وحكمة التعريف بها
اما حكاية هذه الحلقة ففيها قبسة من انوار جميل الرعاية المهدوية للمؤمنين، وقد اخترنا لها عنوان اجمع أمرك.
تابعونا مشكورين على بركة الله.
ايها الأكارم من ابرز مصاديق الائتمام بأمام الزمان المهدي –ارواحنا فداه- حسن العمل بوصاياه والسعي للتعرف اليها من المرن من كلامه سلام الله عليه بشتى أقسامه وهذا ما نسعى لها في الفقرة الخاصة بذلك وعنوانها في لقاء اليوم هو:
المهدويون متطهرون من الشبهات
قال امام زماننا المهدي المنتظر –عجل الله فرجه- في دعائه المبارك المعروف بدعاء (توفيق الطاعة):
"اللهم ارزقنا توفيق الطاعة وبعد المعصية وصدق النية وعرفان الحرمة واكرمنا بالهدى والاستقامة، وسدد السنتنا بالصواب والحكمة واملأ قلوبنا بالعلم والمعرفة وطهر بطوننا من الحرام والشبهة واكفف ايدينا عن الظلم والسرقة واغضض ابصارنا عن الفجور والخيانة واسدد اسماعنا عن اللغو والغيبة".
نتابع ايها الاكارم التعرف الى الوصايا التي يوصينا بها مولانا صاحب الزمان –عليه السلام- بصورة غير مباشرة من خلال أمره بالتوجه الى الله عزوجل بالدعاء المتقدم وقد عرفنا جملة من هذه الوصايا المهدوية في الحلقات السابقة وانتهى بنا المطاف الى فقرة "وطهر بطوننا من الحرام والشبهة"؛ فما هي الوصية التي تتضمنها؟ واضحٌ ان في هذه الفقرة وصية للمؤمنين باجتناب كل طعام حرام أولاً بل وكل طعام فيه شبهة اي احتمال أن يكون محرماً غير طيب.
ونلاحظ هنا ان هذه الوصية جاءت بعد الوصايا الثلاث التي تحدثنا عنها في الحلقات السابقة استفادة من فقرة "واملأ قلوبنا بالعلم والمعرفة"، وقد عرفنا ان احدى هذه الوصايا هي ان يجتهد المؤمنون للحصول على العلم الالهامي اللدني والمعرفة الشهودية القلبية.
ومن اهم شروط الحصول على العلم الالهامي اللدني والمعرفة الشهودية القلبية هو طهارة بطن المؤمن من كل طعام محرم أو طعام شبهة، وعليه تكون الوصية التي تتضمنها فقرة "وطهر بطوننا من الحرام والشبهة" وصية بالاستعداد والتهيؤ وتحقيق شرط الفوز بالعلم الالهامي اللدني والمعرفة الشهودية القلبية؛ قال العلامة النراقي في الجزء الثاني في كتاب (جامع السعادات):
(ان اكل الحرام اعظم الحجب للعبد عن نيل درجة الابرار وأقوى الموانع له عن الوصول الى عالم الأنوار وهو الموجب لظلمة القلب وكدورته وهو الباعث لخبثه وغفلته، وهو العلة العظمى لخسران النفس وهلاكها وهو السبب الأقوى لضلالتها وخباثتها... وما للقلب المتكون من الحرام والاستعداد لفيوضات عالم القدس... وكيف يدخل النور والضياء في قلب أظلمته أدخنة المحرمات، وكيف تحصل الطهارة والصفاء لنفس اخبثتها قذارات المشتبهات)
ايها الاخوة والأخوات، وما نقلناه عن العلامة النراقي –رضوان الله عليه- مستنبط من كثير من النصوص الشريفة التي نقل بعضها في تتمة كلامه وهي تظهر لعدم التطهر من أكل الحرام والشبهة آثاراً كثيرة مدمرة منها حرمان القب من أنوار العلم والمعرفة كما اسلفنا، ومنها حجب الدعاء فقد جاء في الحديث القدسي –كما روى العارف ابن فهد الحلي في كتاب عدة الداعي- خطاب الله لعبده:
(فمنك الدعاء وعلي الاجابة، فلا تحجب عني دعوة الا دعوة آكل الحرام) وفي كتاب عدة الداعي أيضاً ان رجلاً قال لرسول الله –صلى الله عليه وآله-:
يا رسول الله أحب أن يستجاب دعائي، فقال –صلى الله عليه وآله-:
"طهر مأكلك ولا تدخل بطنك الحرام".
وفي الكافي عن الامام الصادق –عليه السلام- قال: "من سره ان تستجاب له دعوته فليطب مكسيه"
وفي المقابل فان الحرص على تطهير البطن من أكل الحلال واجتناب الحرام سبب لاستجابة الدعاء ولتأهل القلب للحصول على الحكمة الالهية، ففي عدة الداعي عن الرسول الأعظم –صلى الله عليه وآله- قال: (من اكل من الحلال صفا قلبه ورق ودمعت عيناه ولم يكن لدعوته حجاب)، وقال –صلى الله عليه وآله- أيضاً: "من اكل الحلال اربعين يوماً نور الله قلبه واجرى ينابيع الحكمة من قلبه". وقال الامام علي –عليه السلام-: "ضياء القلب من اكل الحلال".
مستمعينا الافاضل، ونلاحظ في فقرة "وطهر بطوننا من الحرام والشبهة" ان الوصية التي تتضمنها لا تقتصر على حث المؤمنين على الاجتهاد في اجتناب ما يعلمونه من الطعام المحرم والطلب من الله ان يجنبهم ما لا يعلمون منه، وانما تشمل أيضاً التطهر من الشبهة أيضاً، وفي ذلك مزيد الاهتمام بهذا الأمر، أي أن هذه الفقرة تشتمل على وصيتين للمؤمنين:
الأولى: اجتناب الحرام من الأطعمة
والثانية: عدم تناول الا الطعام الذي يتيقن المؤمن من كونه حلالاً طيباً نقياً من كل شبهة كونه حراماً او مكروهاً.
وثمة وصية ثالثة تتضمنها هذه الفقرة هي اجتناب كل طعام معنوي من الحرام والشبهة، اي العلم، فهو غذاء الروح فينبغي اجتناب كل علم لا يتيقن المؤمن انه صادرٌ من ينابيع الوحي الالهي، وهذا المعنى مستفاد مما روي في كتاب المحاسن والكافي وغيرهما عن الامام الباقر –عليه السلام- وقد سأل عن مصداق الطعام في قوله عزوجل "فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ"، قال "علمه الذي يأخذه ممن يأخذه"
معكم ايها الاحبة والفقرة الخاصة بالاجابة عن اسئلتكم للبرنامج يقدمها زميلنا الاخ عباس الباقري، نستمع معاً:
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أحباءنا ورحمة الله وبركاته
في هذه الفقرة نتناول الإجابة عن سؤال الأخت الكريمة زكية الطريحي. هذه الأخت الكريمة سؤالها في الواقع ذو شقين الاول ماهي شمائل وصفات الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في الحاديث الشريفة؟ الشق الثاني يقول لماذا اكدت الأحاديث على ذكر هذه الصفات؟
المستفاد من تحقيقات العلماء فيما يرتبط بهذا السؤال اخت زكية أمران الأمر الأول هو أن شمائل وصفات الامام المهدي سلام الله عليه ورد ذكرها منذ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وفي احاديث مروية من طرق الفريقين يعني احاديث وردت في صفة المهدي وشمائله البدنية يعني عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في سنن أبي داود كذلك في مستدرك الحاكم النيسابوري على الصحيحين، صحيح مسلم والبخاري ومصادر اخرى كذلك عن أئمة اهل البيت سلام الله عليهم وردت هذه الشمائل والصفات بتفصيل اكثر، اهم هذه الصفات ماورد أنه صلوات الله وسلامه عليه أنه أجذل الجبهة أي ذو جبهة عريضة، أقنى الأنف، أفرق الثنايا يعني أسنانه الأمامية فيها جمال خاص ولطافة خاصة، أعين يعني ذو عين كبيرة، أكحل العينين، وجهه كالكوكب الدري، لونه لون عربي يعني فيه سمره قليلة كذلك ورد في حديث عن أمير المؤمنين سلام الله عليه "المهدي من أهل البيت النبي صلى الله عليه وآله اسمه اسم النبي يقول كث اللحية، أكحل العينين، براق الثنايا" أسنانه الأمامية فيها نوع من النورانية "في وجهه خال وفي كتفه علامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم". هنالك حديث آخر عن الامام الحسين سلام الله عليه "لو قام المهدي لأنكره الناس لأنه يرجع اليهم شاباً موفقاً وأن من اعظم البلية أن يخرج اليهن صاحبهم شاباً وهم يظنونه شيخاً كبيراً". هذه قضية اخرى يعني يرجع وشمائله وصفاته لا الخلقية البدنية لاتتأثر بالعمر. هنالك صفات جامعة في احاديث أهل البيت هو أنه أشبه الخلق برسول الله صلى الله عليه وآله في طلعته وفي ملامحه الظاهرية اضافة الى نورانيته وهيبته. من خلال حديث الامام امير المؤمنين سلام الله عليه الذي نقلناه قبل قليل "كث اللحية وفي وجهه خال وفي كتفه علامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم" هذا الحديث مروي في كتاب "البرهان في علامات مهدي آخر الزمان" من كتب الجمهور في القضية المهدوية يمكن الاستفادة عن سؤالكم الثاني اخت زكية وهو لماذا أكدت الأحاديث الشريفة على ذكر شمائل الامام المهدي؟ في الواقع لإعانة المؤمنين على التعرف عليه وتمييزه من أدعياء المهدوية عند ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف. تعلمون أن الاحاديث الشريفة والروايات بينت أنه يظهر قبل الامام المهدي سلام الله عليه كثيرون من أدعياء المهدوية. التأكيد على صفات وشمائل الامام المهدي سلام الله عليه حتى الجسمية فضلاً عن صفاته وسيرته تعين المؤمنين على تمييزه ومعرفته وكشف أدعياء المهدوية من الذين ينتحلون هذه الصفة ويضلون الناس بالإدعاء بأنهم مصاديق للمهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف هذه النقطة ايضاً نجدها ايضاً في حديث الامام الحسين عليه السلام المروي في عقد الدرر للمقدسي الشافعي بأنه يرجع اليهم شاباً يعني التصور بأنه شيخ كبير بعد طول عمره عجل الله تعالى فرجه الشريف وأرواحنا فداه يتوقع الناس أن يكون كبير الملامح وشيخ كبير لكن الروايات تؤكد أن شمائله وصفاته الجسمية صفات شاب. بعض الروايات تشير الى أنه ابن اربعين عاماً يعني صفات وشمائل ابن الاربعين عاماً. نشكر الأخت زكية الطريحي على سؤالها ونأمل أن تكون الإجابة وافية ونشكركم احباءنا على طيب الإصغاء والمتابعة لفقرات البرنامج ومنها هذه الفقرة تتابعون مشكورين ما تبقى من فقرات البرنامج.
لازلتم مع اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وبرنامج شمس خلف السحاب، وقد حان موعدكم مع حكاية هذه الحلقة وقد اخترنا لها العنوان التالي:
إجمع أمرك
الحكاية التالية نقلها –مستمعينا الافاضل- آية الله الفقيه الورع الشيخ علي اكبر النهاوندي –رضوان الله عليه- في كتابه الموسوعي القيم (العبقري الحسان في أحوال صاحب الزمان) عن كتاب مستدرك بحار الانوار للعلامة المتتبع الميرزا محمد العسكري وهو من أفاضل تلامذة المجدد الشيرازي –رضوان الله عليهم اجمعين-؛ قال الميرزا العسكري: حدثنا العالم الرباني الميرزا هادي الخراساني عن العالم الفاضل النبيل الشيخ عبد الحسين الحويزاوي قال:
قبل حدود خمسة وعشرين عاماً –أي في اوائل القرن الهجري الرابع عشر وايام حكم الدولة العثمانية للعراق- كان رئيس بلدية النجف الاشرف رجلٌ متدينٌ صالح اسمه الميرزا أحمد، وقد اجبر على تولي رئاسة بلدية النجف، وهو من أهل الخير وهو بنى من أمواله الخاصة (خان المصلى) خدمة للزوار... في احدى الليالي رأيت في عالم الرؤيا الصادقة مولاي الامام بقية الله ولي العصر –عليه السلام- وهو جالس على سجادة فرشت بين سريرين وقد حضر عنده ذلك الرجل المتدين الميرزا أحمد رئيس البلدية، فخاطبه الامام –عليه السلام-، وقد ظهرت عليه علامات عدم الرضا قائلاً:
لماذا دخلت في امر هؤلاء الحكام وجعلت اسمك في زمرتهم
ثم قال –عليه السلام- كلاماً تدخلت انا لا يضاحه للميرزا احمد، فقلت له: ان الامام يشير الى قول الله "ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار".
وهنا التفت الي الامام بوجهه المبارك وقال:
اذن فلماذا تمدحهم أنت؟
اجبت: انما امدحهم تقية،
فابتسم –عليه السلام- بسمة انكار ونفي وقال ثلاثاً: تقية، تقية، تقية، وقد وضع يده على فمه الشريف، ففهمت ان ما فعلته من مدح اولئك الحكام لم يكن مصداقاً للتقية.
ثم التفت ثانية الى رئيس البلدية وقال:
لم يبق من عمرك سوى سبعة ايام، اذهب غداً الى الحاكم وارجع اليه ختم رئاسة البلدية.
وقبل ان نتابع نقل هذه الحكاية وتصديق الواقع للرؤيا التي اشتملت عليها، نشير الى الذي يتضح منها لا حقاً ان الميرزا احمد المذكور رحمه الله كان قد رأى الرؤيا نفسها او ما يشابهها وهذه من علامات صدق الرؤيا المهمة وقد أشرك الامام –عليه السلام- الميرزا احمد والشيخ الحويزاوي فيها لانهما –رضوان الله عليهما- كانا قد ابتليا معاً بمرتبة من الركون للظالمين الاول بدخوله في جهاز حكمهم والثاني بمدحهم، فأراد –عليه السلام- انقاذهما معاً بدلالة بينة من هذه المصاديق للركون للظالمين. يقول الشيخ الحويزاوي –رضوان الله عليه- في تتمة الحكاية.
خرجت في صباح اليوم التالي وانا افكر في أمر هذه الرؤيا، وفي الطريق سمعت بعض الناس يتحدثون ويقول بعضهم لبعض:
اسمعتم بالخبر؟ لقد ذهب اليوم رئيس البلدية الميرزا أحمد للحاكم وسلمه ختم البلدية ومفاتيحها.
تعجبت مما سمعت، ثم علمت في اليوم الثاني أن الميرزا احمد قد ساءت صحته وهو طريح الفراش، فقررت الذهاب لعيادته، وعندما دخلت عليه وجدته غائباً عن الوعي، فجلست عنده حتى عاد لوعيه ولما فتح عينيه ووقع بصره علي أخذ بيدي وقال بصوت ضعيف:
ها يا شيخ عبد الحسين، انت كنت حاضراً معي في ذلك المجلس وقد سمعت ورأيت...
فأردت أن أسليه، فقلت: لأبأس عليك، ستتحسن صحتك ان شاء الله تعالى فلا تتشائم.
اجابني: ماذا تقول يا شيخ؟ انما الامر كما أنبانا.
لم يفهم احد من الحاضرين مغزى كلامنا وظنوا اننا نتحدث عن حادثة جرت لنا سابقاً..
وعلى أي فقد اشتد مرض الميرزا أحمد وتوفي في اليوم السابع من تلك الرؤيا مثلما قال الامام –عليه السلام-.
وهكذا مستمعينا الافاضل رحل هذا العبد الصالح الميرزا احمد مطهراً من وزر الركون للظالمين ببركة هداية ولي الله وبقيته مولانا المهدي امام العصر –ارواحنا فداه-.
وبهذا ننهي حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) استمعتم له مشكورين من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقبل الله اعمالكم ودمتم في رعاية الله.