السلام عليكم أحبتنا ورحمة الله، تقبل الله أعمالكم وطاعاتكم في شهر ضيافته الكريمة، أهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامجكم هذا نتابع فيها الحديث عما ذكرته النصوص الشريفة من آداب الصيام ومستحبات شهر الله المبارك. وحديثنا في هذا اللقاء عن آداب الإفطار، تابعونا على بركة الله.
مستمعينا الأفاضل، من آداب الإفطار المهمة التي ذكرتها الأحاديث الشريفة هو أن يكون الإفطار بعد الصلاة التي حل وقتها بأذان المغرب، فقد ندبت الكثير من الأحاديث الشريفة على الإهتمام بأمر الصلاة في أول وقتها واعتبرته من أفضل القربات الى الله عزوجل، وعده أهل المعرفة من وسائل تقوية محبة الله تبارك وتعالى في القلوب، ولذلك كان تقديم الصلاة على الإفطار أحب لأئمة العترة المحمدية كما يصرح بذلك الإمام الباقر (عليه السلام)، فقد روي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال: في رمضان تصلي ثم تفطر إلا أن تكون مع قوم ينتظرون الإفطار، فإن كنت تفطر معهم فلا تخالف عليهم، فافطر ثم صل وإلا فابدء بالصلاة، قال الراوي: قلت ولم ذلك؟ قال لأنه قد حضرك فرضان: الإفطار والصلاة، فابدء بأفضلهما وأفضلهما الصلاة، ثم قال: تصلي وأنت صائم فتكتب صلاتك تلك فتختم بالصوم أحب إلي.
مستمعينا الأفاضل، وقد تناول الفقهاء هذا الأدب في كتبهم بشيء من التفصيل خلاصته أن على الصائم أن يروض نفسه للعمل تدريجياً به إن شق عليه ذلك في البداية، قال الفقيه الجليل الميرزا القمي في كتاب غنائم الأيام في مسائل الحلال والحرام، قال المفيد في المقنعة بعد ما نقل رواية الفضيل وزرارة: وروى أيضاً في ذلك: (إنك إذا كنت تتمكن من الصلاة وتعقلها وتأتي بها على جميع حدودها قبل أن تفطر فالأفضل أن تصلي قبل الإفطار، وإن كنت ممن تنازعك نفسك للإفطار فتشغلك شهوتك عن الصلاة فابدأ بالإفطار، ليذهب عنك وسواس النفس اللوامة، غير أن ذلك مشروط بأنه لا يشتغل بالإفطار قبل الصلاة إلى أن يخرج وقت الصلاة (يعني وقت الفضيلة). وروى الشيخ الطوسي في الموثق عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: قال: (يستحب للصائم إن قوي على ذلك أن يصلي قبل أن يفطر) ولكن ينبغي للإنسان أن لا يجعل هذا مخيلة للشيطان ومضماراً للنفس الأمارة، فإنهما معتادان لما عودا، فليجاهد نفسه ليذهب عنه هذا الخاطر، وقد أشرنا إلى نظيره في تأخير الصلاة عن وقت الفضيلة لأجل الحر ونحوه، مع أنه كما يمنع الجوع عن الحضور والتوجه، فالشبع أيضاً قد يمنعه وإن لم يكن بحد الإمتلاء، سيما في شدة الحر والبرد، فإنا نشاهد الكسل والرغبة عن الصلاة بعد الإفطار كثيراً.
وأما الجمع بينهما: بأن يأكل قليلاً ثم يصلي ثم يتم الشبع، فإنا قد جربنا مراراً أنه يحرك الشهوة ولا يسكن الهمة وبسببه يختل الحال ويشوش النفس، فالأولى اعتياد النفس بتقديم المغرب على الإفطار وإن وقع الإفطار أيضاً في وقت فضيلة المغرب، ولكن الأولى تأخيره عن التعقيب، بل وصلاة العشاء، بل الظاهر من الروايات وبعض الأدلة المتقدمة رجحان التقديم، وإن خرج وقت الفضيلة أيضاً.
وإلى هنا مستمعينا الأطائب ننهي حلقة اليوم من برنامجكم (آداب الصيام) إستمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم بألف خير.