وباستخدام بيانات رادار "كاسيني"، جمع علماء الفلك من جامعة كورنيل معلومات جديدة حول المحيط السائل لأكبر أقمار زحل، تيتان، والذي يتكون من الهيدروكربونات، وهي فئة من المواد الكيميائية العضوية تتكون من الكربون والهيدروجين، وعلى سبيل المثال، تتضمن هذه الفئة مواد كيميائية، مثل الميثان والإيثان.
وتمكن الفريق من تحليل تكوين و"خشونة" بحر تيتان، الذي يقع بالقرب من القطب الشمالي للقمر. ووجد العلماء بحاراً هادئة من غاز الميثان مع تيار مد وجزر لطيف.
ويعد تيتان أكبر الأقمار الـ 146 المعروفة التي تدور حول زحل، وهو يأسر العلماء وعشاق الفضاء على حد سواء بميزاته الفريدة وإمكاناته لإيواء الحياة.
وتم جمع بيانات "كاسيني" المستخدمة لتحقيق هذه النتائج الجديدة بواسطة "الرادار الباليستي"، الذي يتضمن توجيه المركبة الفضائية لشعاع راديوي نحو تيتان والذي انعكس بعد ذلك نحو الأرض.
وتأثير ذلك هو استقطاب الانعكاس السطحي من تيتان، والذي قدم وجهات نظر من منظورين مختلفين.
وتم جمع بيانات "الرادار الباليستي" خلال أربع رحلات جوية في 17 مايو و18 يونيو و24 أكتوبر 2014، ثم مرة أخرى في 14 نوفمبر 2016.
ولكل مجموعة من مجموعات بيانات "الرادار الباليستي" هذه، تم رصد الانعكاسات السطحية التي شوهدت عندما اقتربت "كاسيني" من أقرب نقطة إلى تيتان، ثم مرة أخرى أثناء ابتعادها عن القمر.
وقام الفريق بفحص ملاحظات ثلاثة من البحار القطبية لتيتان: كراكن ماري، ليجيا ماري، وبونغا ماري. ووجدوا أن تكوين الطبقات السطحية للبحار الهيدروكربونية يعتمد على الموقع وخط العرض.
وعلى وجه الخصوص، كانت المواد الموجودة على سطح الجزء الجنوبي من "كراكن ماري" هي الأكثر كفاءة في عكس إشارات الرادار.
وبدت بحار تيتان الثلاثة هادئة عندما رصدتها "كاسيني"، حيث شاهدت المركبة الفضائية أمواجا يبلغ ارتفاعها نحو 3.3 ملم. وحيثما التقت البحار الهيدروكربونية بالساحل، ارتفع الأمواج إلى 5.2 ملم فقط، ما يشير إلى وجود تيارات مد وجزر ضعيفة.
وقال فاليريو بوغيالي، الباحث في مركز كورنيل للفيزياء الفلكية وعلوم الكواكب (CCAPS): "لدينا مؤشرات على أن الأنهار التي تغذي البحار هي عبارة عن ميثان نقي حتى يتدفق إلى البحار السائلة المفتوحة، وهي أكثر غنى بالإيثان. ويشبه الأمر على الأرض عندما تتدفق أنهار المياه العذبة وتختلط بالمياه المالحة في المحيطات".
وقال الفريق إن هذا الاكتشاف يتناسب مع نماذج الأرصاد الجوية لقمر زحل، التي تنبأت بأن الأمطار التي تهطل على تيتان هي في معظمها غاز الميثان، مع كميات صغيرة من الإيثان وغيره من الهيدروكربونات.
وأضاف بوغيالي أن الفريق يواصل العمل مع البيانات التي أنشأتها "كاسيني" خلال 13 عاماً من دراستها لتيتان. وخلص إلى القول: "هناك منجم من البيانات ما يزال ينتظر التحليل الكامل بطرق من شأنها أن تؤدي إلى المزيد من الاكتشافات. وهذه ليست سوى الخطوة الأولى".
جدير بالذكر أن "كاسيني" أُطلقت من كيب كانافيرال بولاية فلوريدا في 15 أكتوبر من العام 1997، ثم أمضت سبع سنوات من السفر للوصول إلى زحل، وتلتها 13 سنة من الدوران حول الكوكب، وظلت طوال تلك الفترة تتقاسم عجائب زحل وعائلته من الأقمار الجليدية مع الأرض قبل أن ينفد وقودها، بعد 20 عاماً أمضتها في الفضاء وإنهاء مهمتها بالاحتراق داخل الغلاف الجوي للكوكب في 15 سبتمبر 2017، عقب إرسال جميع البيانات إلى كوكبنا.