في هذا اليوم سجل التاريخ اروع ملحمة بطولية عرفتها البشرية وأنصع صفحة من صفحاته عندما وقف أبو الأحرار الإمام الحسين عليه السلام متحدّياً الظلم والاستبداد في سبيل إحقاق الحق وإماتة الباطل، قدم فيها نفسه الزكية واصحابه وأهل بيته، فأصبحت وقفته تلك خير درس لكل أمة تنشد الحرية والكرامة، التي تجلت فيها أروع دروس التضحية والإباء، فبقيت حية في ضمائر الامة الى ان اصبح الحسين عليه السلام نبراسا وعنوانا وعِبرة لكل الاجيال ولكل الاديان ولكل الطوائف ولكل الشرائح ولكل القوميات ولكل الاحرار في العالم الذين يزداد لهب الحب والعشق للحسين في قلوبهم.
فالدور الكبير لنهضته المباركة (عليه السلام) في كربلاء كانت في بناء الإنسان وقيمه الأخلاقية، وعاشوراء كانت مشروع استنهاض ووحدة ومشروعاً تعبوياً وإصلاحياً.. فكل يوم عاشوراء مع كل يوم يتفشى فيه الظلم والفساد ومع كلّ يوم يُسبى فيه الحق أسيراً إلى زنازين الظالم الذي يتربص بأمتنا ويحاول تمزيق جسد الامة وزرع الفتن وحصارها وتهديدها وتجويعها وشيطنتها ومحاربتها.
وكل يوم كربلاء مع كل يوم يصبح فيه العدو صديقاً ويصبح فيه الاستسلام والتطبيع والعمالة والخيانة مشروعة والمقاومة ارهاباً، وتصبح فيه مقدسات وثروات الامة مستباحة.. ألم يقدم الحسين نفسه لتحيا الامة ودينها واسلامها وانسانيتها بعزة وكرامة؟
هذه الامة حاضرة دوما وبقوة في ساحة الحسين التي لا تعرف الهزيمة والاستسلام والتي لم تستطع ان تقف كل شياطين الارض امامها لتثنيها عن حب الحسين واحياء عاشوراء الحسين والسير على طريق الحسين لا بل ازداد هذا الحب تجذراً.
في مثل هذا اليوم تغص كربلاء بالملايين من كل حدب وصوب في مشهد مهيب قل نظيره، ويبقى نداء الحسين صادحاً في هذا اليوم لتلبي الملايين نداءه ألا من ناصر ينصرني؟ فهو يوم تجديد البيعة والولاء للحسين وثورته ومبادئه ..
فالحسين كما ثورته وشهادته كان لكل زمان ومكان بات لكل عصر ولكل أمة وتجسدت ثورة الحق على الباطل وثورة الاصلاح على الفساد وثورة الجهاد على الطغيان.. فكانت بحق، كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء.
السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين.