الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم اعزاءنا ورحمة الله، هذه هي الحلقة السادسة عشرة من حلقات هذا البرنامج الذي يعلم متابعوه بأنه يعنى بشرح الزيارة المباركة للنبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) المروية في المصادر المعتبرة عن امامنا الصادق (عليه السلام).
والمقطع الذي وصلنا اليه مستمعينا الاكارم من هذه الزيارة هو قول الزائر: «السلام عليك يا محمد، السلام عليك يا احمد، السلام عليك يا حجة الله على الأولين والآخرين، السابق الى طاعة رب العالمين، والمهيمن على رسله والخاتم لأنبيائه، الشاهد على خلقه، الشفيع اليه، والمكين لديه، والمطاع في ملكوته، الأحمد من الأوصاف، المحمد لسائر الاشراف، الكريم عند الرب، والمكلم من وراء الحجب، الفائز بالسباق، والفائت عن اللحاق».
ايها الاخوة والاخوات، اعتبر بعض العلماء المقطع المتقدم اهم مقاطع الزيارة ولبها لما اشتمل عليه من بيان مجموعة من المقامات التي خص الله تبارك بها نبيه الاكرم (صلى الله عليه وآله).
يبدأ المقطع المتقدم بالسلام على النبي الخاتم بذكر ما اختص به (صلى الله عليه وآله) من اشتقاق صيغيتين من مادة واحدة هي مادة «الحمد» كلاهما اسمان له وهما محمد وأحمد؛ فما السر في ذلك؟
*******
الاجابة عن هذا السؤال نستمع لها في الحوار التالي الذي اجراه زميلنا مع ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي، نستمع معاً:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احباءنا واهلاً بكم في هذه الفقرة من برنامج (فاتح الخير) ونرحب بضيفنا الكريم سماحة الشيخ الصادقي، سماحة الشيخ اسئلة تتكرر عادة في سر اسم محمد واحمد يعني احياناً يذكر الرسول صلى الله عليه وآله باسم محمد واحياناً باحمد وكلاهما ذكر في القرآن هذه الظاهرة كيف تفسرونها؟
الشيخ باقر الصادقي:بسم الله الرحمن الرحيم، في الكتب التي سبقت القرآن الكريم كان اسم النبي احمد كما في الانجيل، الانجيل اشار بذكر احمد وفي بعض الروايات والزيارات تشير في انه مسمى في السماء باحمد لكن في الارض اسمه محمد صلى الله عليه وآله وفي الحقيقة هي كلها لها اشارة لمعنى واحد مرتبطة بالحمد والثناء وانه اسم مشتق من اسم المحمود، الله هو المحمود واختار واشتق له اسم لنبينا الاكرم صلى الله عليه وآله وهو محمد، ففي الكتب التي سبقت الانجيل حتى في سورة الصف «وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ».
المحاور: وايضاً في القرآن مذكور محمد رسول الله؟
الشيخ باقر الصادقي:حتى سورة باسم سورة محمد صلى الله عليه وآله، فهذه التسمية وردت في كتابنا القرآن باسم محمد وفي بعض الزيارات المسمى في الارض بمحمد وبالنسبة الى الانجيل كان يسمى باحمد وكذلك في بعض الزيارات يستفاد منها انه في السماء مسمى باحمد وفي الارض با ابا القاسم محمد صلى الله عليه وآله.
المحاور: هل يمكن ان يفهم من اشتقاق صيغتين لاسم النبي صلى الله وعليه وآله احداهما في الارض واخرى في السماء ان الامر يرتبط بظهور كمالات النبي باعتبار ان محمد صلى الله عليه وآله اسم محمد هذه الصيغة التفعيلية يمكن ان يفهم منها ظهور الكمالات المتعددة ان هذا الظهور يكون في عالم الدنيا وعالم الارض في حين ان احمد يستفاد من صيغة الافعل هي التفضيل المطلق فلا يمكن ان المعنى يستفاد انه في الارض هو تظهر كمالاته للناس فيجمعون على هذه الجهة؟
الشيخ باقر الصادقي:بلا شك هذه كمالات في الارض اجمع الجميع على ظهورها في النبي وتجسدها وبلا شك ان ظهوره وكمالاته في السماء كذلك الله عز وجل اراها لبعض انبيائه وبعض اوليائه وسوف يريهم في يوم القيامة المقام الشامخ العظيم للنبي الاكرم صلى الله عليه وآله هو قد وعده الله عز وجل بها، بلا شك هذه من جملة الامور التي يمكن ووردت في الروايات والنصوص اشارة الى مقامه وكماله عن ائمتنا ما برء الله نسمة خير من محمد صلى الله عليه وآله وكذلك في النص لا تفضلوا على رسول الله احد فان الله قد فضله وعظمه.
المحاور: صلوات الله وسلامه على محمد وآل محمد، سماحة الشيخ شكراً جزيلاً.
*******
نتابع تقديم هذه الحلقة من البرنامج مستمعينا الاكارم بالاشارة الى ان المقطع المتقدم من زيارة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) قد اشتمل على احد اوجه التمايز بين اسمي محمد واحمد، فقد جاء في فقرة لاحقة منه عبارة: ««الاحمد من الاوصاف، المحمد لسائر الاشراف».
اي انه (صلى الله عليه وآله) هو افضل المحمودين على كل صفة ممدوحة فالمراد هنا عموم التفضيل اما عبارة (المحمد لسائر الاشراف) فالمراد فيها هو التنبيه على كون خصاله وكمالاته (صلى الله عليه وآله) هي من القوة والوضوح بحيث ان كل شريف يذعن لها ويحمده عليها ويثني عليه بسببها من هنا يتضح مستميعنا الاكارم سر ورود اسم «احمد» في بشارات الانبياء السابقين ومنهم عيسى عليهم جيمعاً صلوات الله وسلامه، فإستخدام هذا الاسم في هذه البشارات يتضمن التنبيه الى افضلية خاتم الأنبياء المطلقة على الاولين والآخرين، وهذا الامر يتناسب مع حالة البشارة لأنها تكون بذكر افضل ما يتحلى به المبشر به.
ولذلك نلاحظ - ايها الاخوة والاخوات- ان الفقرة التي اعقبت التسليم على النبي باسم «احمد» هي عبارة ««السلام عليك يا حجة الله على الأولين والآخرين»؛ وفيها اشارة الى افضليته المطلقة.
فهذه العبارة تصرح بأن هذا النبي الاحمد هو حجة الله الكبرى على جميع الخلائق من الاولين والآخرين بمن فيهم الانبياء والاوصياء والاولياء (عليهم السلام) لأنه الأحمد اي افضل من الجميع ولذلك صلح ان يكون حجة لله على الجميع تقربهم الى الله عزوجل لأنه (صلى الله عليه وآله) اقرب منهم جميعاً الى الله جل جلاله.
والفقرة اللاحقة من الزيارة تبين –اعزاءنا المستمعين- احد اسرار كون النبي محمد (صلى الله عليه وآله) افضل الخلق وحجة الله على الجميع، اذ تقرر حقيقة انه ««السابق الى طاعة رب العالمين».
فالنبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) هو السابق الى طاعة الله في جميع عوالم الوجود حتى قبل عالم الدنيا، كما تصرح بذلك احاديث عالم الذر واخذ الميثاق او عالم الاظلة.
كما انه (صلى الله عليه وآله) سبق الاولين والأخرين في نوع ومرتبة طاعته لرب العالمين، بمعنى ان عبادته وطاعته لله عزوجل هي شكرية حبية بالكامل لا اثر فيها لأي دافع أخر في جميع مراحلها.
وهذا المعنى - مستمعينا الأكارم- من اهم محاور نص هذه اليارة كما سنرى ونحن نتدبر في فقراتها التالية في الحلقات المقبلة بأذن الله عزوجل.
ونختم هذه الحلقة - اعزاءنا- برواية عن كرامة الهية لحبيبنا المصطفى (صلى الله عليه وآله) ظهرت عند قبره الشريف، رواها الشيخ الطوسي (رحمه الله) في اماليه بسنده عن ابي الجارود قال:
حفر عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله) عند رأسه وعند رجليه اول ما حفر، فأخرج مسك اذفر لم يشكوا فيه!
وختاماً نسأل الله عزوجل لنا ولكم احباءنا كمال معرفة نبينا المصطفى وصدق محبته واتباعه ففي ذلك كل الخير، والى لقائنا المقبل نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******