وتم اليوم الثلاثاء انعقاد اجتماع مشترك لوزراء خارجية البريكس والدول الصديقة للبريكس، في نيجني نوفغورود الروسية.
وفي كلمة له خلال هذا الاجتماع أوضح علي باقري كني، مواقف وسياسات الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وفي ما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي السيد لافروف، وزير خارجية الاتحاد الروسي،
وزراء خارجية دول بريكس،
وزراء خارجية الدول الصديقة،
السيدات والسادة،
أعرب عن سعادتي البالغة لتواجدي اليوم في الاجتماع المشترك لوزراء خارجية البريكس ووزراء خارجية الدول الصديقة المدعوة إلى قمة بريكس، في مدينة نيجني نوفغورود الجميلة.
وأعبر عن شكري لحكومة وشعب الدولة الصديقة والجارة، الاتحاد الروسي، على الاستضافة الحارة لوفد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. كما أفتخر بأن أغتنم هذه الفرصة لأعبر عن شكري لجميع القادة والمسؤولين رفيعي المستوى وشعوب الدول الحاضرة في هذا الاجتماع الذين أعربوا عن تعازيهم بمناسبة استشهاد الرئيس المحبوب ووزير الخارجية المجتهد في بلدي، من خلال إرسال رسائل التعزية والمشاركة في مراسم التأبين.
الزملاء الأعزاء،
العالم يمر بمرحلة انتقالية، مليئة بالفوضى والظلم، وبريكس تمتلك رؤية واضحة لعبور هذه المرحلة الانتقالية وإصلاح الحكم العالمي من خلال التمسك بالتعددية، ومواجهة الأحادية، وتشكيل نظام جديد أكثر عدالة وشفافية وديمقراطية يعتمد على التوافق، وقد وضعت مجموعة من الإجراءات لتحقيق الأهداف المشتركة. لقد أظهرت هذه المجموعة قدراتها، ومن هذا المنطلق، تجذب يومًا بعد يوم المزيد من الداعمين والدول المتفقة معها.
الوزراء المحترمون،
لأول مرة يتم إنشاء هوية سياسية واقتصادية ومالية وثقافية مشتركة وقوية ومؤثرة في العالم النامي. الرغبة المتزايدة للدول في الانضمام إلى بريكس تعد دليلاً مهماً على اهتمامها بتسريع ولادة عالم جديد مبني على التعددية العميقة والمستدامة.
نحن نعتقد أنه إذا أصبحت فكرة توسيع بريكس واقعًا، فستصبح هذه الهوية أكثر تماسكًا وعالمية. وبناءً على ذلك، أصدر رؤساء الدول توجيهاً لوضع اللمسات الأخيرة على وثيقة الأنماط والمعايير والشروط للدول الشريكة بحلول قمة الرؤساء المقبلة في شهر أكتوبر في قازان، بحيث يتم التوقيع عليها من قبل الرؤساء.
وتشارك الجمهورية الإسلامية الإيرانية بنشاط في جميع المفاوضات المتعلقة بهذا الموضوع، وستواصل المشاركة والمساعدة في وضع اللمسات النهائية على هذه المعايير في المستقبل.
السيدات والسادة،
تسيطر القوى الغربية على البنى التحتية للاقتصاد العالمي بشكل مرعب، وقد أظهرت فعلاً أنها تستخدم هياكل الاقتصاد العالمي كسلاح ضد منافسيها. وجعلت اعتماد الدول على عملة معينة للتبادل والاحتياطي الاقتصاد في العديد من الدول عالقًا في فخ الدولار، وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة، فإن هذا الأمر سيغرق اقتصاد الدول في وحل أعمق. ولا يوجد دولة مستقلة في العالم النامي لا تتضرر من هيمنة الدولار؛ لذا فإن السعي للتخلص من الدولرة في التجارة العالمية هو مطلب لجميع الدول والشعوب المستقلة.
كما أن أحد التحديات التي يستخدمها النظام المهيمن لترهيب الدول المستقلة هو العقوبات الاقتصادية التي أصبحت الأداة الرئيسية لترهيب الدول المهيمنة لفرض إرادتها، وتعتبر من العوائق الرئيسية لتحقيق التقارب بين الدول النامية والأقل نمواً.
السيد الرئيس والوزراء المحترمون،
الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كدولة تحملت لسنوات العقوبات الأمريكية غير القانونية الأحادية الجانب، وفي نفس الوقت استطاعت عبر آليات داخلية مرنة وخلق مسارات خارجية آمنة، أن تقدم نموذجاً جديداً للعيش المترافق مع التقدم تحت ضغط العقوبات، تحت مفهوم الاقتصاد المقاوم، وقد استفادت بذكاء من استراتيجية تحييد العقوبات وتكتيك التحايل على العقوبات.
نحن نؤمن بأن العقوبات غير القانونية، رغم أنها حقيقة تسبب ضرراً وتكلفة للدول المستقلة، إلا أن الإرادة لمواجهتها والتعاون بين الدول المستقلة للتخلص من الآليات الأحادية الجانب، لا سيما في المجالات المالية والنقدية والمصرفية الدولية، يمكن أن يجعل العقوبات غير الفعالة ويقلل من تأثيرها إلى الحد الأدنى. لذلك، فإن إنشاء آليات مالية ومصرفية ونقدية مستقلة بين أعضاء بريكس، الذين هم أكبر منتجي ومستهلكي الطاقة بينهم، هو ضرورة كاملة لضمان المصالح الاستراتيجية والطويلة الأمد للأعضاء.
لذلك، تعلن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مع تأكيدها على استعدادها لتقديم نموذج الاقتصاد المقاوم، أن الوقت قد حان لبريكس والدول الصديقة للنظر بشكل جدي في نموذج عملي للاستقلال المالي والنقدي والمصرفي بعيداً عن الآليات المعتمدة على النظام الأحادي الجانب.
السيدات والسادة،
غزة اليوم تمثل أكبر معرض لإنجازات الأحادية. قتل عشرات الآلاف من الأبرياء، ومجازر الأطفال والنساء، وتشريد مئات الآلاف من البشر العزل، ومقتل عشرات الصحفيين والعاملين في المنظمات الدولية، وتدمير البنى التحتية للحياة الحضرية، وتدمير عشرات المراكز العلاجية والعبادية والتعليمية والإدارية، وانتشار أنواع الأمراض الجسدية والنفسية بين مئات الآلاف من الأبرياء، والأهم من ذلك دعم المعتدي المحتل والمجرم ودعمه بالسلاح والمال والمعدات والدعم السياسي والقانوني والإعلامي للكيان العنصري، كل هذا هو جزء صغير من طبيعة النظام العالمي القائم على الأحادية.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتقد أنه ما دام هناك احتلال، فإن النضال ضد الاحتلال هو حقيقة لا يمكن إنكارها، لذلك الحل الوحيد المستدام هو الإنهاء السريع وغير المشروط للاحتلال من جميع فلسطين المحتلة، ثم إجراء استفتاء بإشراف الأمم المتحدة بين جميع الفلسطينيين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهود لتقرير مصير شعب ودولة فلسطين.
عمر الأحادية قد انتهى وهي في طريقها لترك المجال للتعددية. يجب على جبهة التعدديين أن تدير بذكاء مرحلة الانتقال من النظام الأحادي إلى النظام التعددي العادل من خلال إقامة وتعزيز آليات مالية ومصرفية واقتصادية وتجارية وسياسية وثقافية جديدة.
وفي الختام، أشكر السيد الرئيس على عقد هذا الاجتماع بشكل لائق. كما أتمنى لهذه القمة نتائج مثمرة، ولجميع الزملاء من 25 دولة حاضرة في الاجتماع، المزيد من النجاح.