وله الحمد واسع الرحمة والمغفره رب العالمين وازكي الصلاه والتسليم علي امنائه في دار الفناء وشفعاء دار البقاء محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته اهلاً بكم في حلقه اخري من برنامج عوالم ومنازل يسرنا ان نلتقيكم فيها مع الفقرات التالية:
- الاولي روائية عنوانها: جهنميون يخرجون من جهنم
- والثانية اجابة لخبير البرنامج سماحه الشيخ محمد السند عن سؤال بشآن دعاء الاموات للاحياء
- وحكاية مؤثرة عن الشفاعة الصادقية عنوانها: قد وفينا لصاحبك
- وفقره ادبية تحمل العنوان التالي: راح الرضي الي روح ورضوان
*******
نبدأ باولي فقرات البرنامج وهي روائية تحمل عبرا وفوائد عقائدية وتربوية عنوان الفقرة هو:
جهنميون يخرجون من جهنم
وردت كثير من الاحاديث الشريفه التي تصرح بآن الله تبارك وتعالي يخرج بعض اهل النار منها بعد احقاب يلبثون فيها فمن هم هؤلاء؟ لننقل اولا بعض الاحاديث التي روتها المصادر المعتبره بهذا الخصوص.
فقد سئل مولانا الصادق (عليه السلام) عن الاستثناء الوارد في قوله تعالي: «خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ».
فقال (عليه السلام): هذه في الذين يخرجون من النار.
وصرحت الاحاديث الشريفه بان الذين يخرجون من النار هم الذين اعتقدت قلوبهم بعقيده التوحيد ولكنهم ارتكبوا المعاصي.
قال مولانا الرضا (عليه السلام) في كتاب له بهذا الخصوص: ان الله لا يدخل النار مؤمناً وقد وعده الجنة ولا يخرج من النار كافراً وقد اوعده النار والخلود فيها، ومذنبوا اهل التوحيد يدخلون فيها والشفاعة جائزة فيهم.
ويصور مولانا الامام الباقر (عليه السلام) عظمة العفو الالهي بشأن هؤلاء والغيرة الالهية علي اهل توحيده في حديث طويل روته المصادر المعتبرة:
قال الباقر (سلام الله عليه): ان الكفار والمشركين يرون اهل التوحيد في النار فيقولون (لهم): ما نري توحيدكم اغني عنكم شيئاً، وما انتم ونحن الا سواء.
قال الباقر (سلام الله عليه): فيأ نف لهم الرب عزوجل، فيقول للملائكة اشفعوا، ويقول للمؤمنين مثل ذلك، حتي اذا لم يبق احد تبلغه الشفاعة، قال تبارك وتعالي: انا ارحم الراحمين، اخرجوا برحمتي، فيخرجون كما يخرج الفراش وهؤلاء هم الذين يسمون با لجهنميين الذين سئل عنهم مولانا الصادق (عليه السلام) فقال: انهم يدخلون النار بذنوبهم ويخرجون منها بعفو الله عزوجل.
ويصور الامام الباقر (عليه السلام) في حديث آخر روته المصادر المعتبرة سعه العفو الالهي الذي يشمل هؤلاء، فيقول: ان قوماً يحرقون في النار (بذنوبهم) حتي اذا صاروا حمما ادركتهم الشفاعة، فينطلق بهم الي نهر يخرج من ر شح اهل الجنة، فيغتسلون به، فتنبت لحومهم ودماؤهم ويدخلون الجنة فيسمون (الجهنميين) فينادون بأجمعهم: اللهم اذهب عنا هذا الاسم فيذهب عنهم.
ولكننا في المقابل نجد في حديث لمولانا الصادق (عليه السلام) تحذير لاهل التوحيد من ان عدم تدارك الذنوب با لتوبة قبل الموت يحرمهم من مجاورة اولياء الله وفيها واحدة من اسمي الكرامات الالهية.
أجل، فقد روي انه قيل للامام (عليه السلام) ان قوماً يقولون: ألا تعجبون من قوم يزعمون ان الله يخرج قوماً من النار فيجعلهم من اصحاب الجنة مع اوليائه.
فرد الامام الصادق (عليه السلام) هذا القول قائلاً: أما يقرؤن قوله تعالي: «وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ»، انها جنة دون جنة ونار دون نار انهم لا يساكنون اولياء الله بينهما والله منزله.
*******
نتابع تقديم هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل بأن ننقل الميكرفون الي زميلنا لكي يعرض علي خبير البرنامج بعض اسئلتكم:
دعاء الاموات للاحياء
المحاور: السلام عليكم مستمعينا الافاضل ورحمة الله وبركاته، وسلام على خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند، سماحة الشيخ الاخت الكريمة منى من قطر تسأل تقول اذا كنا نحن لا نهتم بامر امواتنا فلا ندعو لهم ولا نهدي ثواب بعض الاعمال لهم، هل ان ذلك يؤدي الى عدم رضاهم عنا وهم في عالم البرزخ هذا سؤال، سؤالها الثاني يقول هل ان اهل البرزخ يدعون لارحامهم الاحياء في هذه الدنيا، وهل هنالك استجابة من قبل الله تبارك وتعالى لدعاء الاموات بحق ارحامهم او من يحبون من اهل الدنيا؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، نعم وصل وصلة الارحام وهم في البرزخ امر راجح بل ملزم، وهناك اذا وصل الى درجة القطيعة فانه ورد عن الامام الصادق (عليه السلام) ربما ولد بار بوالديه في حياتهما وبعد مماتهما يكون عاقاً.
فقيل له: يا سيدي كيف يكون عاقاً بعد وفاتهما؟
قال (عليه السلام): لا يهدي لهما شيئاً من الثواب فيعقهما وبالتالي يكتب عاقاً بعد ان كان باراً، فصلة الارحام لا سيما الوالدين وحتى بقية طبقات الارحام، شجرة الرحم ضرورية ولو باهداء شيء من الثواب بذكرهم والترحم عليهم وما شابه ذلك، فمن الواضح ان صلة الرحم لا تقتصر على نشأت الحياة الدنيا والدار الدنيا بالامور المادية، بل تمتد الى عالم البرزخ عبر اهداء ما هو من الباقيات الصالحات في تلك الدار لهم، اما عن السؤال الثاني، نعم الموتى يدعون ويشفعون بحسب ما لهم من مقام وصلاح وايمان، وبالتالي يشفعون في ذويهم وارحامهم او معارفهم واصدقائهم، وهذا امر على اية حال ورد في جملة من الدلالات والروايات وهو امر ايضاً شوهد من الكثير من الاولياء، فمن ثم التواصل مع الاموات الصالحين والارحام في الحقيقة هو نوع من الاعتقاد بدار الاخرة ونوع من الارتباط والانشداد بالدار الاخرة الذي يقوي فيه الانسان عزيمة الايمان بتلك الدار وعزيمة الاستعداد بتلك الدار وينتشل الانسان كثيراً من سكرة الحياة المادية سكرة الدنيا، ومن ثم ورد ان زيارة القبور في الحقيقة تحيي القلوب عن الذوبان والاغراق في نشأت الدنيا وغفلة في الدنيا عن الاخرة.
المحاور: سماحة الشيخ يعني الاحياء يرون آثار دعاء امواتهم في الحياة الدنيا يعني في هذه الدار؟
الشيخ محمد السند: مجرب كثيراً نعم.
المحاور: يعني لا يختصر الامر على حالهم في الاخرة؟
الشيخ محمد السند: وهذا ما يدلل على قوة الايمان بالدار الاخرة وفي البرزخ والارتباط، وليس هذه امور كما يحلو للبعض من ذوي النزعة المادية يقولون انها هلوسة واسطوريات وخرافات، لانه من ليس له نزعة غيبية له نزعة سفلية ارضية ومادية لا يؤمن الا بالمحسوسات الدنيوية ولا ينشد الى دار الاخرة ويستعد لها.
المحاور: سماحة الشيخ محمد السند شكراً جزيلاً، وحيا الله وهم يتابعون ما تبقى من هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل.
*******
في الفقره التالية ننقل لكم حكاية معبرة اخترنا لها العنوان التالي:
قد وفينا لصاحبك
روي ثقة الاسلام الكليني في كتاب الكافي بسنده عن العبد الصالح ابي بصير وهو من حواري الامامين الباقر والصادق عليهما السلام قال: كان له جار يتبع السلطان [أي الحاكم الجائر] فأصاب مالاً يعني من طرق محرمة، فأعد قياناً [مغنيات] وكان يجمع الجميع اليه ويشرب المسكر ويؤذيني.
أي أن أصوات مجون هذا الجار كانت تصل الي بيت ابي بصير فتؤذيه قال أبو بصير: فشكوته الي نفسه غير مرة.
فلم ينته فلما ألححت عليه قال: يا هذا أنا رجل مبتلي [بالذنوب] وأنت رجل معافي [منها] فلو عرضتني لصاحبك رجوت أن ينقذني الله بك.
وكان مراد الرجل هو أن يعرض أبو بصير مشكلة جاره علي الامام الصادق (عليه السلام) لعله يجد لها حلاً وقد وقع في قلب أبي بصير أن ينقل هذا الطلب الي مولانا الصادق (عليه السلام) وهذا ما كان بالفعل.
ونبقي مع أبي بصير وهو ينقل تتمة ما جري قال (رضوان الله عليه). وهو يذكر طلب جاره وذهابه الي المدينة للقاء مولاه الصادق (عليه السلام) فوقع ذلك له في قلبي فلما صرت الي أبي عبد الله (عليه السلام) ذكرت له حاله فقال لي:
اذا رجعت الي الكوفة سيأتيك فقل له: يقول لك جعفر بن محمد: دع ما أنت عليه وأضمن لك وعلي الله الجنة!
يعني (عليه السلام) بذلك أن يتوب الرجل ويتخلي من المال الحرام الذي كسبه من السلطان الجائر مقابل ان يضمن له الإمام الصادق قبول توبته وحسن عاقبته.
قال ابو بصير: فلما رجعت الي الكوفة أتاني [جاري] فيمن أتي فأحتبسته عندي حتي خلا منزلي ثم قلت له: يا هذا إني ذكرتك لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) فقال لي: إذا رجعت الي الكوفة سيأتيك فقل له: يقول لك جعفر بن محمد دع ما أنت عليه وأضمن لك علي الله الجنة.
فبكي الرجل ثم قال لي: الله لقد قال لك أبو عبد الله هذا؟
فحلفت له أنه (عليه السلام) قد قال لي: ما قلت فقال لي حسبك ومضي.
ومضي الرجل في توبته النصوح واثقا بالشفاعة الصادقية الصادقة قال أبو بصير: فلما كان بعد أيام بعث إلي فدعاني وقال لي: يا أبا بصير والله ما بقي لي في منزلي شيءٌ إلا وقد أخرجته وأنا كما تري!
قال ابو بصير: فمضيت الي إخواننا فجمعت له ما كسوته به ثم لم تأت عليه أيام يسيرة حتي بعث إلي: أني عليل فأتني فجعلت إختلف إليه وأعالجه حتي نزل به الموت.
نعم بقي أبو بصير يعالج جاره التائب حتي شهد إحتضاره وما جري فيه قال: كنت عنده جالسا وهو يجود بنفسه فغشي عليه غشية ثم أفاق فقال لي: يا أبا بصير قد وفي صاحبك لنا.
وعني بذلك الإمام الصادق (عليه السلام) وأنه شاهد مقامه في الجنة عند احتضاره قال أبو بصير: ثم قبض رحمة الله عليه فلما حججت أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فأستأذنت عليه فلما دخلت قال لي ابتداءً من داخل البيت وإحدي رجلي في الصحن والأخري في الدهليز قال: يا أبا بصير قد وفينا لصاحبك!
*******
وندعوكم للفقرة الأدبية التي تحمل عنواناً هو:
راح الرضي الي روح ورضوان
من شعر الترغيب في اتخاذ الدنيا مزرعة للآخرة إخترنا لكم أبياتاً لاثنين من شعراء الاندلس الأول الملقب بأبن الآبار يقول فيها:
قل للمناجي في الدياجي ربه
وعليه من حلل القيام غلائل
يتلو كتاب الله في أو راده
فرحاً به وهو الحزين الثاكل
يهنيك أن قبلت وسائلك التي
هي للمقيم الي النعيم وسائل
وأن اعتمدت الصالحات مزاودا
وعلمت أن العيش ظل زائل
ونبقي مع الأديب ابن الآبار الأندلسي في أبياته التي يحث فيها علي الالتصاق بالقرآن الكريم وهو والعترة المحمدية الطاهرة الثقلان اللذان أوصي بهما رسول الله (صلي الله عليه وآله) للنجاة من الضلالة.
نعم، فالتمسك بالثقلين معا هو الوسيلة العظمي للنجاة والفوز والفلاح في جميع منازل الوجود وكل منهما يهتف بالتمسك بالثقل الآخر بل لا يصدق التمسك بأحدهما دون الآخر إذ أن ائمة العترة المحمدية هم العارفون بأسرار القرآن الكريم كما أن كتاب الله هو الهادي الي اتباعهم وهم الصادقون الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهير. نرجع أحباءنا الي ابن الآبار الأندلسي وهو يقول في تتمه أبياته:
أبشر بفردوس الجنان فانها
للناسكين مساكن ومنازل
لا يأمن التبعات الاهائب
عرضا تقدمه وعيد هائل
يا حاذق القرآن يرجو أجره
وهو الشفيع لصحبه والماحل
قد قابلتك من النجاح بشائر
وبدت عليك من الصلاح دلائل
ونختم هذا اللقاء بهذين البيتين لابي حيان الأندلسي في تهنئة السابقين الي صالحات الاعمال حيث يقول:
راح الرضي الي روح ورضوان
فليهنه أن غدا جاراً لرحمان
وافي الجنان فوافاها مزخرفة
يحفه الأهل من حور وولدان
*******