البث المباشر

ما معنى أن نكون من الصابرين؟

السبت 25 مايو 2024 - 18:42 بتوقيت طهران
ما معنى أن نكون من الصابرين؟

ليس من كلام في فضل الصبر أوضح وأجلى من كلام أمير المؤمنين عليه السلام حينما قال: "الصبر أحسن خلل الإيمان وأشرف خلائق الإنسان" ([1]).

فإذا كان الصبر من أشرف الأخلاق الإنسانية فإن معنى ذلك أن الذي يتحلى به هو من أشرف الناس وأعظمهم أخلاقا، وهذا ما نراه جليا في امتحان الأنبياء عليهم السلام فإن إحدى البليات التي يتعرض لها الأنبياء لكي ينالوا مقام الإمامة الإلهية تتطلب الصبر الشديد بحيث لا يستطيع المؤمن العادي تحمله.

فهذا نبينا إبراهيم عليه السلام قد صبر على طاعة الله عز وجل بعد أن أمره بذبح ولده فكاد أن يذبحه لولا الفداء العظيم من الله بعد أن أظهر عليه السلام صبرا على أداء التكليف الإلهي فأعطاه الله مقام الإمامة الإلهية...

فالصبر صفة تدل على كمال المرء كما دل الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: "لا ينبغي لمن لم يكن صبورا أن يُعدّ كاملا" ([2]).

وقد أمر الله المؤمنين بالصبر كما جاء في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تحث عليه منها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ([3]).
 

 

الصبر والإيمان‏ 

وروي عن الإمام الرضا عليه السلام: "الإيمان عقد بالقلب، ولفظ باللسان، وعمل بالجوارح" ([4]).

إن البعد الحقيقي للإيمان هو أن يتحول هذا الاعتقاد إلى فعل وعمل، لا أن يبقى داخل النفس، فأثر وفعالية هذا الإيمان هو دخوله حيّز الواقع والتطبيق، ودخول الإيمان إلى واقع الحياة يحتاج بالدرجة إلى الصبر، لأن الأثر الحقيقي هو طاعة الله عز وجل وعدم الانحراف نحو معصيته، وهذا ما يحتاج إلى الصبر، فبالصبر يمكن أن تواجه كل ما يعترضك في سبيل أن يكون إيمانك ذا أثر وفعالية.

ومن هنا وردت الروايات التي تعتبر الصبر هو الأساس في الإيمان أو الدين، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنه قال: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان" ([5]).

كما ورد عن الإمام علي عليه السلام أنه قال: "أيها الناس عليكم بالصبر فإنه لا دين لمن لا صبر له" ([6]).
 

 

كيف يكون الصبر؟

سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جبرائيل عليه السلام:

"يا جبرائيل فما تفسير الصبر؟

قال: تصبر في الضراء كما تصبر في السراء، وفي الفاقة كما تصبر في الغناء، وفي البلاء كما تصبر في العافية فلا يشكو حاله عند المخلوق بما يصيبه من البلاء" ([7]).

وقد يقال للصابر صابراً أو متصبراً ولكلا الكلمتين معنى مختلف عن الآخر حسب الرواية المروية عن إمامنا الصادق عليه السلام لما سئل عن الصابرين المتصبرين قال: "الصابرون على أداء الفرائض، والمتصبرون على اجتناب المحارم" ([8]).


 

------------------------

([1]) ميزان الحكمة، الحديث 10019.

([2]) ميزان الحكمة، الحديث 10022.

([3]) سورة آل عمران، الآية: 200.

([4]) ميزان الحكمة، ج‏1، ص‏191.

([5]) أصول الكافي، ج‏2، ص‏87.

([6]) ميزان الحكمة، ح 10067.

([7]) ميزان الحكمة، الحديث 10090.

([8]) ميزان الحكمة، الحديث 10093.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة