لذلك يتعين على كل شخص مضطر إلى التعامل مع هذه الأجهزة، أن يعمل على حماية عينيه، للحفاظ على رؤية واضحة وصحية ولتجنب الإصابة بمشكلات صحة العين مع التقدم في العمر.
ومن أجل معرفة كل هذا، يجب أولاً التعرف على الأمراض الشائعة التي تصيب العيون، ثم طرق الحفاظ عليها، من أجل عدم الوقوع في خطر الإصابة بها.
لنتعرف على كل هذه التفاصيل في السطور المقبلة.
بعض أمراض العيون الشائعة.. إعتام عدسة العين
يؤثر مرض إعتام عدسة العين في العدسة البلورية للعين، وهي التي تتكون طبيعياً من بروتينات متخصصة تسمى "البلورات" ذات خصائص بصرية مُحدّدة تساعد الضوء على التركيز على شبكية العين.
تعمل هذه البروتينات أيضاً على امتصاص الضوء الأزرق قصير الموجة والأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء لحماية العين.
وعند التعرض للإجهاد التأكسدي تنتج الجذور الحرة مع تقدم الشخص في العمر، وهو ما يؤدي إلى الإضرار بسلامة خلايا العين وفقدان هذه البروتينات المتخصصة لخصائصها الطبيعية وفسادها، الأمر الذي ينجم عنه بعد ذلك تدنٍّ في شفافية عدسة العين وإعتام عدسة العين.
تشمل الأعراض التي تكشف عن إعتام عدسة العين الرؤية الضبابية وزيادة الحساسية للضوء، لا سيما ليلاً، وهو من بين الأسباب الرئيسية للعمى في جميع أنحاء العالم.
التنكس البقعي
التنكس البقعي هو حالة طبية تؤثر في شبكية العين، لا سيما في "بقعة الشبكية" وطبقة الأوعية الدموية والأنسجة الضامة المعروفة باسم "المشيمية".
إذ تتكون شبكية العين من طبقات متعددة من الخلايا المتخصّصة التي تعمل جميعها معاً لتركيز الضوء على نحوٍ صحيح.
فيما تحتوي "بقعة الشبكية" على تركيز قوي من "الكاروتينات"، مثل اللوتين والزياكسانثين والميزوزياكسانثين، وهي أصباغ طبيعية تعمل على تصفية الضوء المرئي عالي الكثافة قصير الموجة لحماية منطقة العين الأكثر حساسية من الإجهاد الناجم عن الضوء.
إذ يتسبب التنكس البقعي في انهيار هذه الخلايا المتخصصة في شبكية العين، وهو منقسم إلى نوعين وهما التنكس البقعي الجاف والتنكس البقعي الرطب، الذي يشكل خطراً على صحة العين.
يعتبر التنكس البقعي الجاف المشكلة الطبية الأقدم والأكثر شيوعاً لحالة التنكس البقعي، أما النوع الرطب فهو أحد الأسباب المعروفة لفقدان البصر فوق سن الـ60 عاماً.
يُتوقع أن يؤثر التنكس البقعي في عيون ما يقرب من 300 مليون شخص حول العالم بحلول عام 2040.
الزَّرَق أو المياه الزرقاء
الزَرَق هو حالة طبية أخرى تؤثر في شبكية العين، لكنها تتلف بنية مختلفة تُسمى العصب البصري، الذي ينقل في حالته السليمة الإشارات من شبكية العين إلى الدماغ لتفسير المحفزات البصرية.
يُعتقد أن الزَّرَق هو أحد الأمراض التنكسية العصبية التي تصيب العين، على غرار داء الزهايمر الذي يصيب الدماغ.
لكن على عكس إعتام عدسة العين والتنكس البقعي، اللذين يؤديان إلى ظهور أعراض مبكرة، لا تظهر أي أعراض مبكرة لحدوث الزَّرَق حتى يصبح المرض في مرحلة متقدمة، لهذا السبب، يُشار إليه غالباً باسم "المرض الصامت".
ويُعد الزَّرَق أحد الأسباب الشائعة الأخرى لفقدان البصر، إذ يُقدّر أن عدد المصابين به سيتجاوز 110 ملايين شخص بحلول عام 2040.
اعتلال الشبكية السكري
يعد اعتلال الشبكية السكري أحد المضاعفات الرئيسية الناجمة عن مرض السكري، وقد يصل في نهاية المطاف إلى فقدان البصر.
إذ قد يتسبب الارتفاع الحاد في مستوى السكر بالدم في تمدد الأوعية الدموية على نحو يؤدي إلى قلة تروية نسيج الشبكية؛ بحيث لا تصله كمية الأوكسجين اللازمة، وهو ما يؤدي إلى زيادة نفاذية الأوعية الدموية.
لذا، يعد ضبط مستويات السكر في الدم أمراً أساسياً للتخفيف من خطر الإصابة بتلك الحالة، خصوصا أنه يُتوقع أن يصاب حوالي 160 مليون شخص باعتلال الشبكية السكري بحلول عام 2045.
جفاف العين
أصبحت العيون الجافة وباءً متزايداً حديثاً، حيث تصيب ما لا يقل عن 350 مليون شخص في جميع أنحاء العالم من جميع الأعمار.
تحدث هذه الحالة نتيجة عدم قدرة العين على إفراز ما يكفي من الدموع للحفاظ على رطوبة العين في جميع الأوقات.
وتؤثر هذه الحالة في العديد من الأجزاء المهمة على صحة العين، مثل القرنية والملتحمة والغدد الدمعية، لهذا السبب، قد يعاني المصابون بجفاف العين من ضبابية في الرؤية.
لكن على الرغم من ربط العديد من الأشخاص مشكلة جفاف العين بمجرد حدوث احمرار أو إجهاد في العين، أثبتت هذه الحالة مدى ألمها وخطورتها.
إذ يؤثر جفاف العين، في مرحلته الأكثر تقدماً، ثأثيراً كبيراً في وضوح الرؤية وصحة العين والجسم بوجه عام، و يعتبر الالتهاب أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بجفاف العين.
قصر النظر
أصبح قصر النظر حالة طبية شائعة على نحوٍ متزايد وهو أحد أشكال ضعف البصر، إذ كان يُعتقد سابقاً أنَّه خطأ انكساري بسيط في الرؤية يمكن تصحيحه باستخدام النظارات أو العدسات اللاصقة أو عملية جراحية بتقنية الليزر.
ومع ذلك، تسلط الدراسات الجديدة الضوء على أدلة متزايدة تشير إلى أنَّ مشكلة قصر النظر قد تفاقم خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المذكورة أعلاه، من ضمنها إعتام عدسة العين والتنكس البقعي والزرق وانفصال الشبكية.
طرق الوقاية من هذه الأمراض.. إجراء فحص سنوي للعين
بعد التعرف على الأمراض والمشاكل التي قد تصيب العينين مع التقدم في العمر، جاء دور معرفة طرق الوقاية منها، وأول خطوة هي إجراء فحص سنوي للعين.
ووفقاً للجمعية الأمريكية للبصريات (AOA)، يجب أن تبدأ فحوصات العين في عمر 6 أشهر. إذ يجب أن يخضع الأطفال لفحوصات العين لرصد مشكلات الإبصار المحتملة أو أي عيب خلقي في العين.
كما يجب إجراء فحص دوري للعين سنوياً -ما لم يكن في وقت أقرب- بعد دخول الطفل المدرسة في عمر 6 أعوام تقريباً.
ارتداء نظارات شمسية عند قضاء فترة طويلة في الخارج
يعد التعرض لأشعة الشمس الطبيعية نمطاً مفيداً وضرورياً للصحة، إذ توفر الشمس أحد أفضل أشكال فيتامين "د" المثبت دوره في تحسين صحة العظام.
ومع ذلك، قد يؤدي التعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية إلى الإضرار بصحة العينين ويزيد من احتمالية الإصابة بإعتام عدسة العين والتنكس البقعي والعديد من أمراض العيون الأخرى.
لذلك إذا كنت تخطط لقضاء ما يزيد عن 15 إلى 30 دقيقة في الهواء الطلق نهاراً، ينبغي لك ارتداء النظارات الشمسية وتجنّب دائماً التحديق المباشر في الشمس.
ارتداء النظارات التي تحجب الضوء الأزرق عند التعرض المطول للشاشات
تشير العديد من الدراسات إلى أنَّ التعرض للضوء الأزرق (مثل التعرض للأشعة فوق البنفسجية) يزيد من خطر الإصابة بالعديد من أمراض العيون المذكورة أعلاه.
لم يتضح بعد ما إذا كانت النظارات الواقية من الضوء الأزرق مفيدة لعينيك، إذ لم تثبت الدراسات أنَّ ارتداء تلك النظارات يحمي من إجهاد العين.
ومع ذلك، أفاد الكثير من المرضى عن تحسن الشعور بألم إجهاد العين أثناء ارتداء نظارات الضوء الأزرق.
اتباع نظام غذائي متوسطي من أجل صحة العين
يُمثّل الغذاء جزءاً مهماً من العلاج وقد يؤدي دوراً أيضاً في تعزيز صحة العينين.
وعلى الرغم من اختلاف الاحتياجات الغذائية من شخص لآخر، تبدو حمية البحر المتوسط أكثر فائدة من غيرها فيما يتعلق بالوقاية من أمراض العين؛ لأنَّ هذا النظام الغذائي يوفر العناصر الغذائية الضرورية لصحة العين بوجه عام، مثل مضادات الأكسدة والعناصر الغذائية المضادة للالتهابات والواقية للأعصاب.
قد يساعد أيضاً اتباع نظام غذائي صحي صديق للأمعاء في تقليل خطر الإصابة بأمراض العين، نظراً لوجود رابط بين الأمعاء والعين.
وبناءً عليه، يتضح جلياً أنَّ "المعدة هي بيت الداء"، كما قال الطبيب والفيلسوف اليوناني، أبقراط.
تناول مكملات غذائية عند الحاجة
على الرغم من اتباعك نظام غذائي صحي، لا يزال من الممكن وجود أوجه قصور، وهنا يأتي دور المكملات الغذائية التي تؤدي دوراً مهماً في الوقاية من العديد من أمراض العين ومنع تطورها.
أثبتت دراسات الدور الوقائي للعديد من الفيتامينات المهمة لصحة العينين، مثل:
-الكاروتينات
-أحماض أوميغا 3 الدهنية
– الزنك
– البروبيوتيك
– مستخلص نبات "الجنكة بيلوبا"
ممارسة الرياضة بانتظام
أثبتت العديد من الدراسات أهمية ممارسة الرياضة لصحة العينين وحمايتها من الجفاف والتنكس البقعي واعتلال الشبكية السكري.
في حالة التنكس البقعي، يقلل النشاط البدني من الإجهاد التأكسدي والسيطرة على الالتهاب. تساعد أيضاً التمارين الرياضية في تحسين وظيفة البطانة الغشائية والسيطرة على الالتهاب وضبط مستويات السكر في الدم، وهو ما يحد من خطر الإصابة باعتلال الشبكية السكري.
أما في حالة جفاف العين، تحسّن التمارين الرياضية الغشاء الدمعي من خلال تحفيز العصب السمبثاوي المؤثر في الغدة الدمعية المسؤولة عن إفراز الدموع لترطيب العين.
الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم
لا جدال في أهمية النوم للصحة العامة، ولا يمكن استثناء العين من ذلك، إذ يبدأ الجسم أثناء النوم عمليات إصلاح لخلاياه وتجديدها والتخلص من السموم، لذا يُعد النوم ضرورياً لصحة العين أيضاً.
فيما تزيد أيضاً مشكلات النوم، مثل انقطاع التنفس أثناء النوم، من خطر الإصابة بالمياه الزرقاء.
استخدام مستحضرات تجميل آمنة حول العينين
تُعد النظافة الصحية الجيدة أمراً مهماً للحفاظ على توازن ميكروبيوم العين؛ لذلك تأكدي من تنظيف جفونك وأطراف رموشك لإبعاد الزيوت الزائدة والبكتيريا عن العين مع الحرص على تجنّب استخدام منتجات تحتوي على مواد كيميائية قاسية.
قد تتسبب تلك المواد القاسية في تهيج العين وجفافها، والتي من بينها مركبات البارابين والفثالات والفاعلات بالسطح الفلورية (PFAS).