وقد ورد عن النبي صل الله عليه واله وسلم انه قال: اذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين فسموه الصادق.
ولد الامام الصادق عليه السلام في عهد عبد الملك بن مروان بن الحكم ثم عايش الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز والوليد بن يزيد ويزيد بن الوليد وابراهيم بن الوليد ومروان الحمار حتى سقوط الحكم الاموي (سنة 132هـ) ثم آلت الخلافة الى بني العباس فعاصر من خلفائهم ابا العباس السفاح وشطرا من خلافة ابي جعفر المنصور تقدر بعشر سنوات تقريباً، إلاّ ان الامام عليه السلام لم يكن يملك القدرة على التحرك خلال هذه الفترة لاسباب عديدة.
انه كان محط انظار المسلمين لذا فقد كان تحت الرقابة الاموية والعباسية، التجربة التاريخية المرة لقيادة آل البيت عليه السلام مع جمهور الامة، وتيارات الثورات ضد الحكام الامويين بقيادة الامام علي عليه السلام، وولده الامام الحسن ومن بعدهما ثورة الإمام الحسين عليه السلام السبط عليه السلام، نظرا لتخلف الناس عن الرقي الى المقام السامي، والاسلوب الرفيع الذي كان يمارسه أهل البيت عليهم السلام.
ولهذه الاسباب ولغيرها، كان الامام الصادق عليه السلام منصرفا عن الصراع السياسي المكشوف الى بناء المقاومة بناءً علميا وفكريا وسلوكيا يحمل روح الثورة، ويتضمن بذورها لتنمو بعيدة عن الانظار وتولد قوية راسخة.
وبهذه الطريقة راح يربّي العلماء والدعاة وجماهير الامة على مقاطعة الحكام الظلمة، ومقاومتهم عن طريق نشر الوعي العقائدي والسياسي والفقه في احكام الشريعة ومفاهيمها، ويثبت لهم المعالم والاسس الشرعية الواضحة. كقوله عليه السلام:(من عذر ظالما بظلمه سلّط الله عليه من يظلمه، فان دعا لم يستجب له ولم يأجره الله على ظلامته) (العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم).
كان الامام الصادق عليه السلام عظيم زمانه فقد اسس اكبر مدرسه فقهيه في تاريخ الاسلام وقد تتلمذ على يده الاف التلاميذ امثال ابو حنيفه النعمان و مالك بن انس و سفيان الثوري وجابر بن حيان وغيرهم , في نفس الوقت كان الامام الصادق عليه السلام مضايق من قبل المنصور الدوانيقي العباسي فلم يتحمل ان يرى ان الناس تعظمه وتهفو اليه وقد بلغ من العمر خمسا وستين سنة .
ان المكانة التي كانت للصادق عليه السلام، علما وإمامة، جعلته ـ كآبائه وأهل بيته عامة ـ عرضة للحسد والعداوات بل وللخوف من قبل الخلفاء والحكام بصورة عامة؛ وقد تحمل الإمام الصادق عليه السلام بخاصة من بعض معاصريه ومن مدعي الإمامة ومدعي العلم والفضل في زمانه، أذايا وبلايا كثيرة، ولاسيما من بعض أرحامه وأقاربه وفيهم اخوة وأبناء عم وأنسباء.
واستشهد الامام الصادق (ع) مساء يوم (25) شهر شوال سنة (148) للهجرة وله من العمر (65) سنة، متأثراً بسم دسه اليه المنصور العباسي على يد عامله على المدينة محمد بن سليمان بعد أن احضره المنصور الدوانيقي سبع مرات الى بغداد لقتله وقد عجز عن ذلك لذا عمد المنصور الى وسيلة دنيئة لقتل الامام (ع) فقد بعث الى والي المدينة المنورة ان يدس السم الى الامام الصادق (ع) فدس اليه السم في طعامه، بقي امامنا يوما او يومين يعاني الألم الشديد بسبب السم الى ان حضرته الوفاة ودفن (ع) في البقيع وهي مقبرة المدينة المنورة في العهد النبوي الشريف وفيها دفن جمع كثير الصحابة منهم ابن النبي إبراهيم وأم النبي وكذلك الأئمة الأربعة من أهل البيت عليهم السلام.