وعلى مر السنين، وفي ضوء انخفاض عدد "الحريديم" الذين تجندوا في الجيش الإسرائيلي، بدأت الوحدة أيضا في ضم جنود من حركة “فتيان التلال” الاستيطانية المتطرفة، وشباب “حريديم” لديهم أراء يمينية متطرفة، ولم يتم تضمينهم في وحدات قتالية أخرى في الجيش الإسرائيلي، بحسب المصدر ذاته.
وفي سبتمبر/ أيلول 2022، أفاد المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” العبرية عاموس هرئيل، أن وزارة الخارجية الأمريكية بدأت إجراء فحص لكتيبة “نيتسح يهودا” في أعقاب عدة حوادث تورط فيها جنود من الكتيبة في أعمال عنف ضد المدنيين الفلسطينيين.
وشكّل جيش الاحتلال كتيبة نيتسح يهودا لتكون وحدة خاصة بالجنود المتدينين المتطرفين، وجميع أعضاء هذه الكتيبة من الرجال ولا يسمح للنساء بالانتماء إليها، وأصبحت وجهة نشطاء الإرهاب اليهودي الذين يسكنون في مستوطنات الضفة، ويُعرفون لدى الاحتلال "فتية التلال"، بعدما رفض هؤلاء الأرهابيون في وحدات جيش الاحتلال الأخرى بسبب تطرفهم.
وبدأت وزارة الخارجية الأمريكية في عام 2022 تبدي اهتمامًا خاصا بكتيبة نيتسح يهودا، بعد ورود تقارير عن ارتكاب جنود الكتيبة جرائم بحق مدنيين فلسطينيين، من بينها سرقة مركبات واعتداءات جسدية.
ويعتبر المسن الثمانيني عمر الأسعد، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، أحد ضحايا كتيبة نيتسح يهودا، عندما تركه جنود الكتيبة مقيدا من يديه لعدة ساعات في العراء وفي البرد الشديد خلال شهر كانون ثاني/يناير 2022، حتى فارق الحياة.
وظهر جنودٌ من كتيبة نيتسح يهودا في مقطع فيديو وهم ينكلون برجل فلسطيني غرب رام الله، وهي إحدى جرائم الكتيبة التي تم توثيقها، وتداول الفيديو على منصة "تك توك" في شهر آب/أغسطس 2022.
يقول عاموس هرئيل، المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس"، إن عددًا من الضباط الكبار الذين يعرفون نشاط كتيبة نيتسح يهودا عن قرب، اعترفوا بأن الجيش يواجه مشكلة متواصلة تتعلق بالانضباط داخل الكتيبة، فعدد الحالات التي تصرف فيها الجنود بعنف مع الفلسطينيين كبيرٌ جدًا مقارنة بالوحدات الأخرى.
وأوضح عاموس هرئيل، أن جزءًا من المشكلة في كتيبة نيتسح يهودا يتعلق بصفات الجنود الذين يخدمون في الكتيبة، وبخلفيتهم الأيدلوجية والسياسية، فالكثير منهم تسربوا من منظومة التعليم الحريدية من المدارس الدينية وانضموا للخدمة العسكرية النظامية.
وأكد هرئيل، أن عددا كبيرا من عناصر كتيبة نيتسح يهودا من سكان البؤر الاستيطانية غير المرخصة، بل إن قسما منهم مرتبطون بتنظيم "تدفيع الثمن" الإرهابي والتنظيمات اليمينية المتطرفة.
وكان تحقيق نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" في عام 2021 أظهر أن جنود كتيبة نيتسح يهودا اعتادوا سرقة سيارات تعود ملكيتها لفلسطينيين تحت تهديد السلاح وأثناء ارتداء الجنود الزي العسكري، بعدما يوقفهم الجنود على الحواجز العسكرية، ثم يستولون على المركبة ويأخذونها إلى قاعدة عسكرية ويحتفظون بها هناك دون مصادقة أي ضابط أو التنسيق معهم أو مع الشرطة.
وأوضح تحقيق "يديعوت" أن حادث سير وقع قرب رام الله في 17 كانون ثاني/ ديسمبر 2021، وأسفر عن استشهاد فلسطيني وإصابة آخر بجروح، وتبين أن السبب فيه جنديٌ من كتيبة نيتسح يهودا كان يستقل سيارة سلبها في وقت سابق من فلسطيني.
جريمةٌ أخرى وثقتها "يديعوت أحرنوت" في تقرير منفصل، وهي اعتداء أربعة جنود من كتيبة نيتسح يهودا على فلسطيني داخل مركبته، ثم وضعهم أنبوبة بندقية أحد الجنود بمحاذاة مؤخرته، وقد ظهرت عليه علامات الاعتداء.
وفي عام 2019، كشف أور هيلر، مراسل القناة العاشرة للشؤون العسكرية، عن شريط فيديو صوّره جنودٌ من كتيبة نيتسح يهودا وهم ينكلون بفلسطيني وابنه وهما مطروحان على أرضية جيب عسكري من طراز "زئيف".
ويُظهر الفيديو -الذي لم يُنشر إعلاميا- أحد الجنود الذي مارسوا التنيكل بحق الأب وابنه وهو يقول: "إننا في حفلة" فردَّ عليه الآخر سائلًا "حفلة يازلمة؟"، بينما واصل الجنود صفع الرجل وابنه والدماء تنزف من وجه أحدهما.
وأكدت القناة العاشرة، أن أحد جنود كتيبة نيتسح يهودا استخدم الكهرباء في تعذيب موقوف فلسطيني، إذ قام بربط قطب كهربائي في عنق الموقوف، ومرر تيارًا كهربائيًا قويًا في جسده ثم ركله برجله.
يُذكر أن المستوطنين الذين ينتمون إلى مليشيات الإرهاب اليهودي المعروفة باسم "تدفيع الثمن"، أو "فتية التلال"، لا يلتحقون بوحدات الجيش بسبب رفضهم العمل إلى جانب النساء من جهة أخرى، حيث تضم كتائب ووحدات جيش الاحتلال نساءً في صفوفها، ونتيجة لذلك تم إنشاء كتيبة نيتسح يهودا لتكون خاصة بهم، لتصبح هذه الكتيبة الأكثر ارتكابًا للجرائم بحق الفلسطينيين على مدار السنوات الستة الماضية.