ويتزين المسجد والشوارع المؤدية إليه والمجاورة بالأنوار وأنواع الزينة المختلفة، وتنتشر في ساحة المسجد وصحنه وداخل المقام حلقات الذكر مثل الابتهالات والتواشيح التي تضفي نفحات روحانية فريدة من نوعها على المكان الذي يقصده محبو آل البيت(ع).
ويقع مسجد الحسين(ع) الذي يضم مسجداً ومقاماً في حي الحسين بالقاهرة القديمة وإلى جواره العديد من الأماكن التاريخية الإسلامية الشهيرة مثل جامع الأزهر الشريف وخان الخليلي والعديد من المساجد التاريخية التي تميز القاهرة الفاطمية عن غيرها من عواصم العالم العربي والإسلامي.
وافتتحت السلطات المصرية مسجد الحسين(ع) في الربع الأول من عام 2022 بعد تطويره خارجياً وداخلياً بتكلفة 150 مليون جنيه (نحو 8 ملايين دولار)، بعد بترميم وتجديد أغلب أجزاء المسجد بما في ذلك تركيب مقصورة جديدة للضريح، وتجديد الساحة الخارجية وزيادة مساحتها.
من أهم مساجد مصر
بني مسجد الحسين(ع) في عهد الفاطميين عام 549 هـ/ 1154م، ويضم العديد من المقتنيات المهمة؛ مثل قطعة من قميص النبي محمد(ص)، وقطعة من عصاه ومكحلته وشعرتين من لحيته، بالإضافة إلى نسختين من المصاحف بالخط الكوفي أحدهما بخط يد الخليفة عثمان بن عفان والآخر بخط يد الامام علي بن أبي طالب، وفقا لما ذكره موقع البوابة الإلكترونية لمحافظة القاهرة.
ويفتح المسجد أبوابه الثلاثة أمام آلاف الزائرين من مصر ومن مختلف الأقطار العربية الإسلامية والأجنبية، على مدار اليوم، إذ يعد أحد أبرز المعالم الإسلامية بوسط القاهرة، ويقع في منطقة تاريخية معمورة بالآثار الإسلامية من مختلف العصور.
بقعة مرصعة بالأنوار
وتعج المنطقة بآلاف الزائرين من أهل مصر ومن الأقطار العربية والإسلامية وخاصة بلدان شرق أسيا إلى جانب العديد من السياح الأجانب الذين يفتنون بالمقاصد والمزارات الدينية والتاريخية والثقافية الإسلامية.
حولت الزينة والأنوار المنطقة إلى مكان إشعاع وسط القاهرة وانتشرت الفوانيس و الخياميات في كل شارع وزاوية وعلى الطرقات، وانتشرت الأطعمة والحلوى والمشروبات الرمضانية في كل مكان، وازدحمت المطاعم بالزائرين من كل مكان.
وانتشرت موائد الرحمن لاستقبال محبي آل البيت(ع) من كل بقاع الأرض في الشوارع القريبة من المسجد واكتظت بالأسر والعائلات والأصدقاء والأطفال وكبار السن والذين كانوا يتسابقون على الصلاة والدعاء والتنزه في جنبات المسجد والمقام والساحة، ويكثر عمل الخير سواء من قبل أصحاب المطاعم أو الجمعيات أو الطرق الإسلامية المختلفة سواء الصوفية أو السنية أو الشيعية بما فيهم البهرة والإسماعيلية وغيرهم ممن يرتادون المكان.
وتتوافد أفواج سياحية كثيرة من كل البلدان خاصة الدول الأوروبية وكذلك الصين واليابان وكوريا ودول شرق ووسط آسيا وآسيا الوسطى وجنوب والدول الإفريقية وسط أجواء رمضانية خاصة لا توجد إلا في مثل تلك الأماكن التي يفوح منها عبق التاريخ الإسلامي.
بعد صلاة المغرب مباشرة يلتف الشباب والشيوخ والأطفال حول الضريح للابتهال والدعاء وبعضهم يلتمس البركة ويحرص على قراءة الفاتحة، وهناك جزء خاص للنساء للزيارة والدعاء والتبرك أيضا، ويمتلئ المسجد والمقام بعد صلاة العشاء والتراويح بمحبي آل البيت (ع).
الحسين (ع) بعيون محبيه
يوجد الكثير من الوافدين من دول شرق آسيا الذين حرصوا على التواجد في المكان سواء كزائرين أو طالبي علم ديني حيث يوجد الجامع الأزهر بالقرب من مسجد الحسين(ع) والذي يمتلئ هو الآخر بالمصلين والزائرين والطلاب من مختلف الجنسيات.
أحدهم عرف نفسه بأنه أمير نور الدين والآخر ميرزا حاذق يدرسان في كلية أصول الدين والشريعة بجامعة الأزهر من دولة ماليزيا، وقال نور الدين: "أحب الحسين(ع) وآل بيت الرسول(ع) ونسل الحسين(ع)، وهنا للزيارة والصلاة والتنزه وتناول الإفطار في أجواء روحانية رمضانية تاريخية".
وقد قدم نفسه على أنه من نيجيريا واسمه حسين داود، وجاء إلى القاهرة لاستكمال الدراسات العليا بجامعة الأزهر، وقال لـ"عربي لايت" مفتخرا: "اسمي حسين على اسم الحسين عليه السلام حفيد الرسول(عليه السلام)، وأنا هنا للزيارة والدراسة".
ما أهمية مسجد الحسين؟
عن الأجواء الخاصة لمسجد الحسين(ع) في شهر رمضان يقول أستاذ الآثار الإسلامية ومستشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار سابقا، بجامعة القاهرة مختار الكسباني، إن: "ضريح سيدنا الحسين يضم رأسه الكريمة، وبعد دفنها بالقرب من باب زويلة تم نقلها إلى تربة (مدفن) الزعفرانة التي هي الآن المقام الموجود بالمسجد".
وأضاف : "كانت الجبانة مزروعة بأشجار الزعفران، وكان هناك اختلاف حول مسألة وجود رأس سيدنا الحسين(ع) في القاهرة، ولكن مع ذلك ظل أهل مصر يتبركون بالمكان ويترددون عليه ويعتقدون أن رأسه هنا، وأيا كان الأمر فقد أصبح الأمر واقعيا وجزءا من الثقافة والتراث في مصر والعالم الإسلامي".
وأوضح أن "المكان زاد أهمية دينية لدى المصريين بعد تخصيص قاعة بها بعض مقتنيات الرسول(عليه السلام) مثل الشعر والمشط، وزاد ارتباط المصريين بالمكان بصفة خاصة، ولا يخفى على أحد حب المصريين الكبير لآل البيت(ع) ونسله، وهم مرتبطون روحانيا بالشيوخ والعابدين والأئمة وبعضها لا يوجد أي شيء من هذا القبيل".