"إيزولد"
وبعد أكثر من 20 عاماً من البحوث جاء هذا الإنجاز التقني بشراكة فرنسية ألمانية، وهذه الآلة ذات الشكل الأسطواني التي يبلغ طولها خمسة أمتار، وكذلك ارتفاعها، تحوي مغناطيساً يزن 132 طنا.
كما تتكون من بكرة يسري فيها تيار كهربائي بقوة 1500 أمبير، ولها فتحة تبلغ 90 سنتيمتراً لاستيعاب جسم الإنسان.
وأطلقت على جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي تسمية "إيزولد"، وهو من أبرز إنجازات مركز "نوروسبين" لأبحاث تصوير الدماغ التابع لهيئة الطاقة الذرية والطاقات البديلة والذي يرأسه عالم الأعصاب ستانيسلاس دوهين.
فيما يصل المجال المغناطيسي لهذا المغناطيس الاستثنائي إلى 11,7 تيسلا، مما يتيح الحصول على صور أكثر دقة بعشر مرات من تلك المنتجة حاليا في المستشفيات، حيث لا تتجاوز قوة التصوير بالرنين المغناطيسي 3 تيسلا.
ومن أهداف جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي المتقدم هذا تكوين فكرة أفضل عن تكوين الدماغ والمناطق التي تنشط فيه عند تنفيذ بعض المهام.
ويعرف العلماء أصلاً أن الأنواع المختلفة من الصور التي يستطيع الإنسان التعرف عليها (الوجوه، الأمكنة، الكلمات، وما إلى ذلك) تُنشّط مناطق مختلفة من القشرة الدماغية.
تشخيص مبكر
لكنّ الجهاز سيساهم أيضاً في توضيح الآليات في الأمراض التنكسية العصبية (مرض باركنسون أو الزهايمر) أو في الحالات النفسية (الاكتئاب، والاضطراب الثنائي القطب، والفصام، وغيرها).
وبدورها قالت مديرة الأبحاث الأساسية في الهيئة آنّ إيزابيل إتيانفر "نحن نعلم مثلاً أن لمنطقة معينة هي الحصين دوراً في مرض الزهايمر، لذلك نأمل في أن نتمكن من فهم تنظيم وعمل الخلايا في هذا الجزء من القشرة الدماغية".
ويأمل الباحثون أيضاً في أن يتمكنوا من رسم خريطة لتوزيع بعض الأدوية، مثل الليثيوم المستخدم في علاج الاضطراب الثنائي القطب.
تحديد هياكل الدماغ
وسيتيح المجال المغناطيسي العالي جداً للآلة بالفعل تحديد هياكل الدماغ التي يستهدفها الليثيوم لدى المرضى ورصد المستجيبين الجيدين وأولئك الأقل استجابة للعلاج.
وأضافت إتيانفر "إذا فهمنا هذه الأمراض الشديدة التأثير بشكل أفضل، يُفترض أن نصبح قادرين على إجراء تشخيص مبكر، وبالتالي علاجها بشكل أفضل".
وسيبقى "إيزولد" سنوات عدة مكرّساً للأبحاث الأساسية. وأكّد نيكولا بولان أن "هدف الجهاز ليس أن يصبح أداة تشخيصية سريرية، ولكننا نأمل في أن تستخدَم المستشفيات المعرفة المكتسبة".
وينبغي تجنيد متطوعين أصحاء جدد بحلول نهاية الصيف، إذ لن تتم دراسة أدمغة مرضى قبل بضع سنوات أخرى.