الحمد لله والصلاة والسلام على منقذي العباد من ضلالات الجهالة امناء الرحمان محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ـ مستمعينا الافاضل ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج.
ستكون لنا فيها ـ بعون الله ـ جولة ضمن محطات تحمل العناوين التالية:
- شعارات اهل الصراط
- الحكمة من وجود اهل الاعراف
- نبي الرحمة ورحلة عمه حمزة
- نصرة النبي وشرف يوم القيامة
*******
ولنبدأ جولة هذه الحلقة اعزاءنا المستمعين بالفقرة الاولى والعنوان الذي تحمله هو:
شعارات اهل صراط القيامة
من مواقف يوم القيامة التي اهتمت النصوص الشريفة بالحديث عنها وبيان خصوصياتها هو موقف الصراط.
وبين ايدينا طائفة من الاحاديث النبوية التي تخبر عن شعارات المسلمين والمؤمنين والامة المحمدية عند العبور على الصراط.
فعن الاول روي عن نبي الرحمة صلى الله عليه وآله انه قال: شعار المسلمين على الصراط يوم القيامة: لا اله الا الله وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ.
وعن شعار الطائفة الثاني أي المؤمنين قال صلى الله عليه وآله: شعار المؤمنين على الصراط يوم القيامة: رب سلم سلم.
وعن شعار الامة المحمدية قال صلى الله عليه وآله: شعار امتي اذا حملوا على الصراط: يا لا اله الا انت.
فما هي دلالات هذا التمايز والاختلاف في شعارات العابرين على صراط يوم القيامة؟
نذكركم ـ مستمعينا الاعزاء ـ بان سير الانسان على صراط يوم القيامة هو الصورة او النتيجة الملكوتية لمسيرته في الحياة الدنيا.
والطوائف المذكورة في الاحاديث المتقدمة هي طوائف الناجين يوم القيامة ...
الطائفة الاولى هم الذين تحققت فيهم حقائق الاسلام وهؤلاء يتميزون بالتوكل على الله في حركتهم في الحياة الدنيا.
اجل فالتوكل هو جوهر التسليم لامر الله عز وجل وتوحيده على الصعيد الفردي وهو الذي ينجي الانسان من مخاطر الدنيا والآخرة.
وفوقهم مرتبة المؤمنون وهؤلاء فازوا بالامن الشخصي فيكون شعار حركتهم في الدنيا ومسيرهم على صراط القيامة هو السعي لتحقيق السلامة والامن للآخرين.
اما الذين يفوزون بصحبة محمد صلى الله عليه وآله الحقيقية والتامة سواء من معاصريه او سائر اجيال المؤمنين الى يوم القيامة فهؤلاء يكون شعارهم: يا لا اله الا انت.
وهو يشير الى ان حركتهم في الحياة الدنيا مقرونة بدوام التوجه الى الله عز وجل في جميع حركاتهم وسكناتهم أي ان يسعون لرضاه عز وجل في جميع شؤونهم.
*******
نتابع تقديم هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران.
والفقرة التالية هي التي تعنى بالاجابة عن اسئلتكم فيما يرتبط بموضوعاته. يجيب عنها خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند في الاتصال الهاتفي الذي اجراه زميلنا:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، سلام من الله عليكم احباءنا ها نحن نتابع تقديم هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل بهذه الاستضافة لخبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند، سماحة الشيخ في الحلقة السابقة اجبتم عن سؤال للاخ ابو سيد احمد من السعودية عن قضية اهل الاعراف بينتم ان الشواهد القرآنية دالة على كونهم ائمة اهل البيت عليهم الصلاة والسلام كان سؤال الاخ عن الحكمة من وجودهم على الصراط، ثم من الذي يحاسب اهل الاعراف؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، كما مر في الحلقة السابقة ان بعض مقاطع الآية الواردة في سورة الاعراف قد يبين عن ان هناك من هو مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ وفيهم المشية ولكن جملة الايات الواردة في اهل الاعراف واصحاب الاعراف تبين لهم مقام مهيمن ومشرف على الفريقين، فريق اهل الجنة قبل دخولهم وفريق اهل النار قبل دخولهم، المهم الالتفات الى عظمة العدل الالهي في هذا المقام وهو ان بالنسبة الى عموم البشر سواء من كان كافراً او من كان مسلماً ضالاً غير مؤمن اهل الضلال ممن لم يقع في قلبهم الايمان لان في الآخرة ليست النجاة بالاقرار بظاهر الانسان وانما هو بحلول الايمان في القلب.
المحاور: يعني الاقرار نافع في الحياة الدنيا؟
الشيخ محمد السند: نعم، وانما النجاة في دار القرار انما هي بالايمان، وللايمان شرائط واصول واركان فمن لم يتحقق ويستوفي تلك الشرائط وتلك الاصول للايمان ربما يكون قاصر فهو ضال ولكنه قاصر معذور من جهة قصوره او ان تقصيره ليس بذلك التقصير الذي يحقق منه جاحد او معاند او ما شابه ذلك، ففي ميزان الرأفة والرحمة والعدل الالهي كل الملل والنحل من اكثرية البشر يكون على اية لاهية افكارهم او قلوبهم هؤلاء ان كان فيهم تقصير فهو تقصير يسير وليسوا كاصحاب العناد والجحود، ممن عرف الحقيقة وادلة الحقيقة وما شابه ذلك ومع ذلك عدل عنها، اذن الكثير من القاصرين او بعض من يكون مقصر بدرجة خفيفة هؤلاء لله فيهم المشية وهم مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ وبالتالي يمتحنون في يوم القيامة كما ورد في اولاد الكفار ايضاً يمتحنون يوم القيامة بالايمان لولاية الله ولرسوله واولي الامر من اوصيائه يمتحنون بالولاية على اية حال ولاية الله وولاية الرسول وولاية اولي الامر، فان استجابوا لتلك الولاية بامتحان يقام لهم يوم عرصات القيامة، حين اذن يفوزون وينجون ويدخلون الجنة، واما لا سامح الله ان اخفقوا في ذلك او عاندوا بعض منهم يستكمل امتحان لهم والعمل لهم في دار يوم القيامة، هناك نوع من التكامل ونوع من الحرث الاستثنائي يقع في عرصات يوم القيامة قبل الدخول لدار القرار اصحاب الاعراف الذين يرجون وفيهم المشية لتكميل او لاستتباب العدل الالهي والرأفة والرحمة الالهية.
المحاور: يعني اصل وجودهم على الصراط هو رحمة اللهية خاصة؟
الشيخ محمد السند: بالنسبة لاهل الاعراف وهم الائمة عليهم السلام اصحاب الاعراف المهيمنين على اهل الجنة وعلى اهل النار والمهيمنين على دخول الجنة وعلى دخول النار فاولئك لبيان علو مقامهم ورفعة مكانتهم وانه بشفاعتهم يدخل اهل الجنة وببغضهم والعداء لهم والعياذ بالله يهلك من هلك في دركات الجحيم ليتبين حين اذن جلاء الحقيقة على عيانها الواضح اللائح يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ يوم تطاير الكتب يوم الميزان يوم الحشر يوم الصراط يوم يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا، هناك تظهر حقائق الامور بلا لبس ولا ايهام ولا على اية تلبيس على احد.
المحاور: سماحة الشيخ محمد السند من الذي يحاسب اهل الاعراف بالمعنى الثاني يعني الذين هم المعصومين عليهم السلام؟
الشيخ محمد السند: هو كما ذكرت ان هيمنة اهل الاعراف الرسول صلى الله عليه وآله وخلفاءه الاثنى عشر كما بينت ذلك آية الحج كما مر بنا انهم شهداء وهم من ذرية ابراهيم كما في آخر اية من الحج مفادها وهم نفس محل ومحط دعوة ابراهيم في سورة البقرة ان يكونوا امة مسلمة وفيهم الامامة ويبعث فيهم الرسول كما هو ملف هذه الايات في سورة البقرة، في الحقيقة هذا يبين انهم هم اليهم الحساب واليهم مقاضاة ومداينة الخلق بتوكيل وتفويض من الله كما يفصح عن ذلك القرآن الكريم، حيث يخاطبون اهل النار ويعاتبونهم ويحاسبونهم كما في الايات التي تشير الى اصحاب الاعراف كما ذكرت ان هذه الاية تشير الى هيمنتهم، هؤلاء الذين زعمتم ان لن يدخلوا الجنة وما شابه ذلك خطاباً لاهل جهنم.
المحاور: يعني حسابهم يكون هو في الواقع حساب الله تبارك وتعالى؟
الشيخ محمد السند: نعم باعتبار انه كما ان الملائكة عندما تحاسب في القبر منكر ونكير هو حساب من الله فاذا كان الملكين المنكر والنكير او المبشر والبشير يحاسبان الميت في قبره فكيف بسيد الرسل الذي اطوع الله جميع الملائكة لطاعته.
المحاور: جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ محمد السند، وشكراً لكم احباءنا تفضلوا مشكورين بمتابعة باقي فقرات برنامج عوالم ومنازل.
*******
اعزاءنا المستمعين، كونوا معنا والفقرة التالية من فقرات برنامج عوالم ومنازل عنوانها هو:
نبي الرحمة ورحلة عمه حمزة
من القضايا المهمة التي نبهتنا لها النصوص الشريفة قضية الاهتمام باستذكار العقائد الحقة وباستمرار لكي تظهر آثارها في سلوك الانسان وتحفظ مسيرته على الصراط المستقيم.
وكذلك لكي تتسخ هذه العقائد في قلب الانسان وتصبح جزءاً من وجوده، فلا تفارقه ولا ينساها عند هول المسائلة اذا رحل عن هذا العالم.
ويتأكد الامر عند اقتراب اجل الانسان، لاحظوا نموذجاً للرأفة المحمدية في هذا المجال، في الرواية التالية التي رواها السيد ابن طاووس في كتاب الطرف باسناده الى عيسى بن المستفاد مما رواه في كتاب الوصية، نقرأ لكم هذه الرواية بعد قليل:
روى عيسى بن المستفاد عن الامام موسى بن جعفر عن ابيه الامام الصادق عليهما السلام قال:
لما كنت الليلة التي اصيب حمزة في يومها، دعاه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال:
يا حمزة، يا عم رسول الله، يوشك ان تغيب غيبة بعيدة، فما تقول لو وردت على الله تبارك وتعالى وسألك عن شرائع الاسلام وشروط الايمان؟
فبكى حمزة وقال: بأبي انت وامي "يا رسول الله، ارشدني وافهمني".
فقال صلى الله عليه وآله: يا حمزة، تشهد ان لا اله الا الله مخلصاً، واني رسول الله بالحق.
فقال حمزة: شهدت "يا رسول الله".
فقال صلى الله عليه وآله: وتشهد ان الجنة حق وان النار حق، وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الصراط حق والميزان حق، ومَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ، وفريق في الجنة وفريق في السعير وان علياً امير المؤمنين.
فقال حمزة: شهدت واقررت وآمنت وصدقت.
فقال صلى الله عليه وآله: والائمة من ذريته ولده الحسن والحسين والامامة في ذريته.
فقال حمزة: آمنت وصدقت.
فقال صلى الله عليه وآله: و"تشهد ان" فاطمة سيدة نساء العالمين.
فقال حمزة: نعم صدقت.
واستشهد سيد الشهداء حمزة رضوان الله عليه وهو يحمل هذه العقائد الحقة راسخة في قلبه، فرحل الى لقاء الله بنفس راضية مرضية، مطمئنة مستبشرة.
*******
حان الان مستمعينا الافاضل موعدكم مع الفقرة الادبية للبرنامج واخترنا لها في هذه الحلقة عنواناً هو:
نصرة النبي وشرف القيامة
ايها الاخوة والاخوات، في هذه الفقرة من فقرات برنامج عوالم ومنازل نرجع بكم الى صدر الاسلام وبدايات البعثة النبوية وابيات بليغة تربط بين نصرة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله في الدنيا والفوز في الحياة الاخرى.
الابيات هي لكافل النبي وحاميه شيخ البطحاء ابو طالب سلام الله عليه، والمخاطب فيها هو السيد الماجد سيد شهداء صدر الاسلام اخيه ابي اروى حمزة عليه السلام وهي:
اعلم ابا اروى بانك ماجد
من صلب شيبة فانصرن محمدا
شرف القيامة والمعاد بنصره
وبعاجل الدنيا يحوز السؤددا
اكرم بمن يفضي اليه بامره
نفساً اذا عد النفوس ومحتدا
وخلائقاً شرفت بمجد نصابه
يكفيك منه اليوم ما ترجو غدا
مستمعينا الافاضل ومن عصر صدر الاسلام ننتقل الى العصر الحديث وهذه الابيات الجميلة للشاعر البغدادي الاديب عبد الباقي العمري التي يشر فيها الى موالاة اهل الكساء والنجاة من اهوال القيامة. قال رحمه الله:
في نعت اهل العبا تفصيل اجمالي
به كذوقي غدا جيد العلا حالي
خفت رقائق اقوالي بمدحتهم
لكن بها ثقلت ميزان اعمالي
ونلت بالباقيات الصالحات منى
بها قد اجتمعت شتات آمالي
لدى مروري على متن الصراط غداً
وسيلة لنجاتي غيرها مالي
وها نحن اعزاءنا نصل الى ختام هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل. قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران كونوا معنا في الحلقة القادمة التي تأتيكم في مثل هذا الوقت من الاسبوع المقبل باذن الله. نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******