الحمد لله رب الصراط المستقيم والصلاة والسلام على الهداة اليه محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم احباءنا ورحمة الله واهلاً بكم في الحلقة الثمانين من هذا البرنامج، نعرفكم اولاً بعناوين فقراتها وهي:
- عقديتنا في صراط القيامة.
- علائم رضا الله وكيف يلحق الاذى بالاجساد.
- التمسك بمحمد وعلي(ع) جواز الصراط.
- اعلاجات صادقية لشفاء القلوب.
ندعو الله في بداية الجولة ـ مستمعينا الاكارم ـ ان تقضوا مع فقرات البرنامج وقتاً نافعاً ويكون فيها ما يرضاه الله لنا ولكم.
*******
والفقرة الاولى تعنى باحد المنازل المهمة من منازل مسيرة الانسان المستقبلية، وقد اولته النصوص الشريفة كثيراً من الاهتمام اخترنا للفقرة الاولى عنوان:
عقيدتنا في صراط القيامة
قال الشيخ الصدوق رضوان الله عليه في كتاب اعتقادات الامامية عقيدتنا في الصراط انه حق وانه جسر جهنم، وان عليه ممر جميع الخلق قال تعالى: «وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا».
ثم قال رحمه الله والصراط في وجه آخر اسم حجج الله، فمن عرفهم في الدنيا واطاعهم الله جوازاً على الصراط الذي هو جسر جهنم يوم القيامة.
ثم نقل الصدوق قول النبي لعلي ـ عليهما وآلهما السلام ـ في الحديث المروي من طرق الفريقين باسانيد كثيرة وهو: (يا علي اذا كان يوم القيامة اقعد انا وانت وجبرئيل على الصراط الا من كانت معه براءة بولايتك).
وقال الشيخ المفيد معلقاً على قول الشيخ الصدوق ـ رضوان الله عليهما ـ: الصراط في اللغة الطريق فلذلك سمي الدين صراطاً لانه طريق الى الصواب وكذلك سمي الولاء لامير المؤمنين والائمة من ذريتهم ـ عليهم السلام ـ صراطاً.
ثم قال رضوان الله تعالى عليه: وقد جاء في الخبر بان الطريق يوم القيامة الى الجنة كالجسر يمر به الناس وهو الصراط الذي يقف عن يمينه رسول الله صلى الله عليه وآله وعن شماله أمير المؤمنين عليه السلام ويأتيهما النداء من قبل الله تعالى: «أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ».
ثم قال الشيخ المفيد في بيان حقيقة الصراط: وجاء الخبر بان الصراط ادق من الشعرة واحد من السيف على الكافر، والمراد بذلك انه لا تثبت لكافر، قدم على الصراط يوم القيامة من شدة ما يلحقهم من اهوال يوم القيامة، فهم يمشون عليه كالذي يمشي على الشيء الذي هو ادق من الشعرة واحد من السيف.
الذي يمكن استفادته ـ مستمعينا الافاضل ـ من الكلمات المتقدمة هو ان الصراط يجب ان نعتقد به هو الصورة الملكوتية للصراط المستقيم الذي امرنا بالاهتداء اليه في الحياة الدنيا.
والذي يقام يوم القيامة هو جسر مؤد الى الجنة فتكون حركة الانسان عليه متناسبة مع حركة الانسان وعمله في الحياة الدنيا.
وثمة اعمال يقوم بها الانسان تسهل حركته على صراط يوم القيامة الجنة وتخفف من اهواله.
ولكل ذلك تفصيلات تأتيكم ايها الاخوة والاخوات في الحلقة المقبلة من البرنامج بمشيئة الله فكونوا معنا.
*******
اما الان فننقل الميكرفون الى زميلنا لكي يعرض بعض اسئلتكم للبرنامج على ضيف البرنامج سماحة الشيخ محمد السند، اذن لنستمع معاً للاتصال الهاتفي التالي ...
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم سلام على مستمعينا الافاضل من اذاعة طهران نواصل تقديم هذه الحلقة من برنامج عولم ومنازل بهذه الاستضافة الهاتفية لخبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند وهو يتفضل مشكوراً بالاجابة عن اسئلتكم للبرنامج، سماحة الشيخ للاخ حامد احمد من البحرين السؤال التالي يقول كيف اعرف برضى الله تبارك وتعالى عني؟ هذا السؤال سماحة الشيخ تكرر مراراً وان لم يرتبط مباشرة بموضوع البرنامج ولكن تكرر عدة مرات من المستمعين لذلك نعرضها على سماحتكم تفضلوا؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، رضى الله يستعلم بطاعته لا ريب ان الله عز وجل جعل معلماً لرضاه ولسخطه فرضاه في طاعته وسخطه في معصيته، بالتالي الانسان كلما تقيد بالطاعة والتقوى واجتنب وتورع عن المحارم كلما قد حبي لبحبوحات الرضوان وعطف الله وحنانه ومنته، وكلما لا سامح الله ارتطم وارتكس في معاصي الله او بحور المعصية كلما والعياذ بالله سقط وتهاوى في سخط الله ونقمته، على اية حال هذان نجدان قد علمهم الله كمعلم لرضوانه او لسخطه ونقمته والعياذ بالله.
المحاور: سماحة الشيخ الانسان يعمل الصالحات ويسعى مثلاً ويجتهد لرضا ربه تبارك وتعالى هل يكون في اصل التوفيق للصالحات معلم من معالم الرضا الالهي والعمل الصالح هو نوع او علامة تكشف عن رضا الله تبارك وتعالى؟
الشيخ محمد السند: لا ريب في ذلك لان التوفيق الى المزيد من الطاعات والصالحات هو نوع من فيض الهداية وهو نوع من اسباب الرحمة الالهية التي ذكرت في آيات عديدة، كما ان والعياذ بالله الانزلاق للمعاصي تلو بعضها البعض هو نوع من الاستدراج الالهي لسخطه ونقمته.
المحاور: سماحة الشيخ انتقل الى سؤال آخر من الاخت سمية المقدادي تسأل عن قضية ما ورد في بعض الروايات من وجود العقارب والحيات في القبر وايذائها للمتوفى تقول كيف تؤذيه وهو قد خرجت الروح من بدنه وهو لا يشعر؟
الشيخ محمد السند: في الحقيقة العقارب والحيات ليس من الضروري ان تكون من المادة الفيزائية الارضية ولربما تكون العقارب والحيات هي بلحاظ الجسم البرزخي الذي يبعث فيه الانسان في البرزخ، بالتالي هناك نوع من الاجسام الاثيرية المناسبة للجسم الاثيري البرزخي وما شابه ذلك المتناسبة مع ذلك العالم في الواقع هي تسلط على الانسان، ولا ريب ان المعنى الثاني مسجل وموجود كما تقرره الكثير من الدلائل في الآيات والروايات وان ارتباط الروح يظل في البدن نحو ارتباط معين بل حتى البدن الذي ربما ترب وما شابه ذلك ما يتصل بذلك البدن تظل الروح نحو ارتباط وثيق له، في الابحاث العلمية الاخيرة وجدوا ان هناك طاقة خاصة مودعة في العصعص من فرقات عظام الانسان وهي نهاية فقرات العمود الفقري هناك طاقة خاصة هي كما الان العلم بنى على ذلك وتوصل الى ذلك هي الطاقة المادة الاساسية لتشكيل جسم الانسان وتلك الطاقة الشفافة لا تتبدل بالحرارة ولا بالنار ولا بعوامل طاقية اخرى هي طاقة منيعة متماسكة من نمط عجيب غريب، الان هذه الاكتشافات اخيرة وهي المادة كأنما الاصلية لبدن الانسان التي هي مودعة في العصعص وليست نفس العصعص على اي تقدير سواء ذاك كان او غيره المادة الاصلية حتى لبدن الانسان في الحقيقة ما يتصل ويرتبط بها تظل للروح نحو درجة ارتباط ولو بعد الاف مؤلفة من السنين.
المحاور: هل يؤذي الروح ما يصيب البدن؟
الشيخ محمد السند: في بعض الروايات ان طينة الانسان تسيح في الارض ولا تنعدم ولا تبلى وتبقى الى يوم النشر والحشر.
المحاور: عفواً سماحة الشيخ الملخص ما يتعرض له البدن يؤذي الروح؟
الشيخ محمد السند: هو اتصال وارتباط وكما في المكاشفات والمشاهدات والرؤى نقلت وحتى في الروايات المأثورة انه ربما بدن لميت بعد الاف مؤلفة من السنين ما يجري على قبر ذلك الميت اذا كان من الشرفاء في الصلاح والتقوى والورع او من المتوسطين ينتاب ويتصل بتلك الروح في الحقيقة.
المحاور: سماحة الشيخ محمد السند شكراً جزيلاً وشكراً لكم احباءنا على طيب المتابعة وتفضلوا مشكورين لمتابعة باقي فقرات هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل.
*******
نتابع اعزاءنا المستمعين تقديم الحلقة الثمانين من برنامج عوالم ومنازل تستمعون اليها من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران.
اما الان فننتقل الى فقرة ادبية جميلة ترتبط بالفقرة الاولى من فقرات البرنامج، اخترنا لها عنوان:
عبور صراط القيامة مع لواء الحمد
من جميل الاشعار التي سجلتها كتب الحديث والأدب في التوسل الى الله للنجاة من عقبات الصراط يوم القيامة، تلك التي نقلها الحافظ ابو عبد الله الزرقاني المالكي في كتاب شرح المواهب.
وفيها يتوسل الشاعر بتصوير ادبي بليغ بحب النبي والوصي عليهما وآلهما الصلاة والسلام للفوز بكرامة ثبات القدم على الصراط؛ قال رحمه الله:
يا رب بالقدم التي اوطأتها
من قابِ قوسين المحل الأعظما
وبحرمة القدم التي جعلت لها
كتف المؤيد بالرسالة سلما
ثبت على متن الصراط تكرما
قدمي وكن لي منقذاً ومسلما
وأجعلهما ذخري فمن كانا له
ذخراً فليس يخاف قط جهنما
ولا يخفى ـ مستمعينا الافاضل ـ ان الشاعر يشير في البيت الاول الى حادثة المعراج ووطأ النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) لمقام قاب قوسين او ادنى، كما انه يشير في البيت الثاني الى صعود امير المؤمنين علي عليه السلام على كتف رسول الله صلى الله عليه وآله لازالة الاصنام عن الكعبة عند فتح مكة.
والمعنى المتقدم يفصله الاديب علاء الدين الحلي من اعلام القرن الهجري الثامن في عدة من قصائده ومنها ما اخترنا من اواخرهما الابيات التالية، قال رحمه الله:
اولاك حب محمد ووصيه
خير الانام فنعم ما اولاك
فهما لعمرك علماك الدين في
الاولى وفي الاخرى هما علماك
وهما امانك يوم بعثك في غد
وهما اذا انقطع الرجاء رجاك
واذا الصحائف في القيامة نشرت
سترا عيوبك عند كشف غطاك
واذا وقفت على الصراط تبادرا
فتقدماك فلم تزل قدماك
واذا انتهيت الى الجنان
تلقياك وبشراك بها فيابشراك
هذا رسول الله حسبك في غد
يوم الحساب اذا الخليل جفاك
ووصيه الهادي ابو حسن اذا
اقبلت ظامية اليه سقاك
فهو المشفع في المعاد وخير من
علقت به بعد النبي يداك
*******
وتابعونا مشكورين في فقرة وعظية بليغة في آخرها ذكرت للموضوع الاساس لهذه الحلقة وهو الصراط يوم القيامة، اخترنا لهذه الفقرة عنوان:
علاجات لشفاء القلوب
ابلغ المواعظ بعد مواعظ الله القرآنية ـ هي مواعظ اهل بيت النبوة صلوات الله عليهم، لانهم احزم الخلق في العمل بما دعوا اليه في مواعظهم والخصال ومن هذه المواعظ البليغة ما روى الشيخ الصدوق في كتبه الثلاثة الامالي والتوحيد والخصال ٥٦-٥۷، ان رجلاً جاء الى الامام الصادق عليه السلام فقال له: بابي انت وامي يا بن رسول الله علمني موعظة، فأجابه الامام بالكلمات النورانية التالية التي صيغت بهيئة اسئلة استنكارية قال: ان كان الله تبارك وتعالى قد تكفل بالرزق فاهتمامك لماذا يعني عليه السلام، لماذا يعتصر قلبك هم الرزق وهو مضمون، ثم قال عليه السلام: وان كان الرزق مقسوماً فالحرص لماذا؟ وان كان الحساب حقاً فالجمع لماذا؟ وان كان الثواب من الله فالكسل لماذا؟ وان كان الخلف من الله عز وجل حقاً فالبخل لماذا؟
يعني عليه السلام اذا كان الله قد وعد المنفقين في سبيله بان يبارك لهم في رزقهم فلماذا يبخل الانسان عن الانفاق؟
ثم قال: واذا كانت العقوبة من الله عز وجل النار فالمعصية لماذا؟ وان كان الموت حقاً، فالفرح لماذا؟
والمراد هنا - اعزاءنا المستمعين - هو فرح المغترين بالدنيا وزخرفها كما تنبه لذلك الآيات الكريمة المتحدثة عن قصة قارون، ثم قال عليه السلام: واذا كان العرض على الله عز وجل حقاً فالمكر لماذا؟ واذا كان الشيطان عدواً فالغفلة لماذا؟ وان كان الممر على الصراط حقاً فالعجب لماذا؟ وان كان كل شيء بقضاء وقدر فالحزن لماذا؟ واذا كانت الدنيا فانية فالطمأنينة اليها لماذا؟
يعد هذا الحديث الشريف من غور الاحاديث الشريفة التي تعنى بمعالجة الامراض الروحية التي تحف بالانسان فهو يبني علاج كل منها بعبارات وجيزة تشير الى علة كل منها.
بمعنى ان ترسيخ الاعتقاد بالصراط معرفة وحقيقته يعالج مرض عجب الانسان باعماله الصالحة وهو مرض يؤدي الى احباط الاعمال وزوال آثارها وهكذا الحال مع امراض الاغترار بالدنيا او الحزن، والهم القلبي وغير ذلك مما ذكره الحديث الشريف الجدير بمزيد من التدبر والمراجعة.
وختاماً نتمنى لكم احباءنا اطيب الاوقات مفعمة بصالحات الاعمال والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******