البث المباشر

رد مظالم في الدنيا قبل الآخرة حوار مع الشيخ محمد السند حول كيفية إبلاغ السلام لرسول الله(ص) الورع والمواساة في سورة الفجر الحسينية وآثارها الأخروية أبيات السيد الحميري في آثار معرفة حجة الله يوم القيا

الأحد 31 مارس 2019 - 10:21 بتوقيت طهران

الحلقة 74

الحمد لله ذي العز الشامخ المنيف، الذي وسع كرسيه السموات والارض وبيده الامر كله، القادر الحكيم.
والصلاة والسلام على المهيمن على رسله والمطاع في ملكوته محمد المصطفى وعلى آله اهل الذكر الصادقين.
السلام عليكم اعزاءنا ورحمة الله وبركاته، اهلاً بكم في الحلقة السابعة‌ والسبعين من حلقات هذا البرنامج. نلتقيكم فيها بفقرات نسأل الله ان تكون نافعة لنا ولكم.
عناوين فقرات هذه الحلقة هي:
- رد المظالم بين الدنيا والآخرة
- ابلاغ السلام لرسول الله
- الورع والمواساة في سورة ‌الحسين (عليه السلام)
- النجاة في معرفة ولي الله
تابعوا البرنامج مشكورين، وشاركونا فيه بملاحظاتكم واقتراحاتكم واسئلتكم، ابعثوها على بريدنا الالكتروني وعنوانه هو:[email protected].

*******

فإلى الفقرة الاولى التي اخترنا لها عنوان: 

رد المظالم بين الدنيا والآخرة

جاء في الحديث النبوي المروي من طرق الفريقين عنه (صلى الله عليه وآله) انه قال: «من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض او مال: فليستحللها من قبل ان يأتي يوم ليس هناك درهم او دينار، فيؤخذ من حسناته، فإن لم تكن له حسنات اخذ من سيئات صاحبه فتزاد على سيئاته».
الحديث النبوي المتقدم يعرفنا بأحد اهم وسائل النجاة في موقف موازين الاعمال من اهوال يوم القيامة.
وهي الوسيلة التي تعرف في كلام المتدينيين برد المظالم، والتي يهتمون باللجوء اليها خاصةً قبل السفر خاصةً سفر الحج؛ او في اواخر عمره.
ولكنها على اي حال وسيلة لا تختص بمثل ذلك، بل يحتاجها الانسان في كل الاحوال خاصةً مع عدم معرفته بوقت الاجل.
وكذلك بملاحظة ان الاحاديث الشريفة تؤكد ان الله العدل الحكيم ينتصف للمظلوم من الظالم يوم القيامة مهما كانت انتماءات وحالات المظلوم او الظالم.
لاحظوا ما ورد في حديث رواه الكليني في الكافي مسنداً عن الامام زين العابدين عن ابيه عن جده امير المؤمنين (عليهم السلام) ضمن حديث عما يجري في يوم القيامة.
وقد ورد في جانب منه ان النداء الرباني يعلو يومئذ بالخطاب التالي للخلائق اجمعين: انا الله لا اله الا انا الحكم العدل الذي لا يجور، اليوم احكم بينكم بعدلي وقسطي، لا يظلم اليوم عندي احد، اليوم آخذ للضعيف من القوي بحقه ولصاحب المظلمة بالقصاص من الحسنات والسيئآت واثيب على الهبات، ولا يجوز هذه العقبة اليوم عندي ظالم ولا احد عنده مظلمة يهبها صاحبها وآخذ له بها عند الحساب.
وواضح من اطلاق عبارات الاحاديث المتقدمة ان هذا القانون الالهي عام يشمل جميع الخلائق المحسنيين منهم والمسيئيين.
من هنا جاء في تتمة رواية الكافي، ان رجلاً كان حاضر مجلس الاوم زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) وهو يحدث بهذا الحديث، فعرض عليه السؤال التالي.
قال: يا ابن رسول الله، إذا كان للرجل المؤمن عند الرجل الكافر مظلمة فأي شيء يوخذ من الكافر وهو من اهل النار؟
فأجاب الامام السجاد (سلام الله عليه): يطرح عن المسلم من سيئاته بقدر ما له على الكافر، فيعذب الكافر بها مع عذابه بكفره بقدر ما للمسلم قبله من مظلمة.
وهنا عرض السائل - وكان قرشياً- حالةً ثانية فقال: انت المظلمة للمسلم عند مسلم، كيف تؤخذ مظلمته من المسلم؟
قال (سلام الله عليه): يؤخذ من الظالم من حسناته بقدر حق المظلوم فتزاد على حسنات المظلوم.
فقال له القرشي: فإن لم يكن للظالم حسنات.
فقال (عليه السلام): ان لم يكن للظالم حسنات فإن للمظلوم سيئآت، يؤخذ من سيئآت المظلوم فتزاد على سيئآت الظالم.
إذن فلا مفر يوم القيامة، من تبعات اي ظلم صغيراً كان ام كبيراً يلحقه الانسان بأي مخلوق.
والسبيل الوحيد هو في الدنيا يكون اولاً برد المظالم عند الامكان، او الطلب من الله عزوجل استرضاء اصحابها عند تعسر ذلك؛ والله عفو غفور.
نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم مستمعينا الافاضل توفيق اجتناب اي ظلم او مظلمة بحق احد من خلقه.
ونسأله توفيق الاستغفار ورد المظالم واسترضاء اصحابها في الدنيا قبل الآخرة اثر الوقوع في اي منها. اللهم آمين.

*******

اما الآن فالى الفقرة التالية من البرنامج واجوبه خبير البرنامج ليجيب عن الاسئلة الواردة. نستمع للاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، سلام من الله عليكم احباءنا ورحمة منه وبركات، معنا في هذه الفقرة من برنامج عوالم ومنازل ضيفنا الكريم سماحة الشيخ محمد السند، سماحة الشيخ من الاخ قاسم محمد عبر البريد الالكتروني وصلتنا رسالة يسأل فيها هذا السؤال يقول: قال سماحة الشيخ في حلقة سابقة ان رسول الله صلى الله عليه وآله بعد انتقاله وكذلك الائمة المعصومين من هذا العالم تكون احاطتهم بما فيه اقوى فكيف نفهم على ضوء ما قلتم الحديث النبوي: ان من سلم عليَّ يعني عند قبري سمعته ومن سلم عليَّ من بعيد ابلغته ظاهراً ملكاً خاص موكل بذلك. تفضلوا سماحة الشيخ؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، في الحقيقة ابلاغ الملك على اية حال بالتسليم على رسول الله هذا لا ينافي على اية حال الحيطة والاطلاع له لا سيما واذا كان توظيف هذا الملك وتوكيله لابلاغ النبي صلى الله عليه وآله عبارة عن نوع من الشؤون التكوينية من شروح النبي صلى الله عليه وآله، نظير مثلاً قيام اعوان ملك الموت عزرائيل بقبض الارواح توفته رسلنا كما في بعض الآيات يتوفاهم ملك الموت في بعض آخر فهذا الارتباط على اية حال نوع من الشؤون التي ترجع التكوينية الى نفس عزرائيل، ففي الحقيقة هذا ليس نوع من الانفصال او التمايز البينوني مثلاً او التغاير.
المحاور: يعني لحكمة خاصة سماحة الشيخ، يعني مثلما ان الملك الذي يتوفاه الله تبارك وتعالى هو الذي يتوفى الانفس ولكن وجود ملك او رسل يقومون بهذه المهمة هو نوع من الحكمة بجعل اسباب لانجاز هذه الامور، هل ان هذا القانون يصدق على القضية ابلاغ السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله لمن سلم عليه من بعيد؟
الشيخ محمد السند: يعني هو التماثل طوق من هذه الجهة ولكن اردت ان ابين وابلور اكثر هذا الارتباط ليس من قبيل الارتباط الموجود بين الاعوان والرئيس في دار الدنيا وفي الارض كما نحن نعيشه، وانما هذا الاعتبار هو نفس الشيء الذي يستطيع الانسان ان يمثله القوى العاقلة التي فينا والقوة الحاسة او الروح الحاسة في البدن هي التي تتلقى روافد الاحساس الخمس وليس العقل مباشرة ولكن ارتباطها مع العقل في نفس طبقات روحنا نوع من الارتباط الالتحامي التكويني، فهنا التلقي وان كان قوة الحاسة او قوة الشهوة او ما شابه ذلك، ولكن العقل نوع من الارتباط الالتحام والاشراف مع تلك القوى وتلك الارواح.
المحاور: سماحة الشيخ هنا اذن ما الفرق بين السلام من قرب والسلام من بعد من هذه الجهة باعتبار سؤال الاخوة على هذه الظاهرة يعني من هناك من يسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو عند قبره الشريف والذي يسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في مكان بعيد عن قبر الرسول ما الفرق بين هاتين الحالتين؟
الشيخ محمد السند: هو في الحقيقة هذا يرجع الى مراتب ومقامات النبي صلى الله عليه وآله بلحاظ ذاته عندما كان رسول الله صلى الله عليه وآله حي فروحه الجذرية متعلقة ببدنه الشريف تنفعل بانفعالات عن شرائط خاصة وما شابه ذلك، واما التي تكون عن آفاق بعيدة فهي ايضاً مرتبطة بروح النبي لكن عبر تلك الروح الكلية او المرسلة له المرتبطة بموجودات تكوينية اخرى.
المحاور: هذه الموجودات التكوينية الاخرى يمكن التي يعبر عنها الحديث بالملك؟
الشيخ محمد السند: نعم كما عندنا في علم المعصوم وعلم الامام وعلم الرسول صلى الله عليه وآله ان هناك عمود من نور يعني عبارة عن موجود روحاني عظيم في كل مدينة يصبر او يمتلك ذلك الموجود النوري صفائح اعمال كل فرد في المدينة وينقله الى النبي او الى المعصوم فقل اعملوا سيرى الله عملكم ورسوله فهذا هو نوع من الارتباط كما هو نوع تسخير من عقل الانسان للقوى النازلة هناك ايضاً تسخير من العقل الكلي الكبير للمعصوم لقوى موجودات اخرى توظف عنده مسخرة لديه وان كانت هي ذات جواهر وليست هي عين ذاته ولكن هي مسخرة لديه تكويناً بحيث تكون كالايدي التكوينية والقوى التكوينية له.
المحاور: سماحة الشيخ محمد السند شكراً لكم جزيلاً، وشكراً لكم احباءنا تابعوا مشكورين ما تبقى من فقرة برنامج عوالم ومنازل.

*******

اما الآن فكونوا معنا وفقرةً اخرى تحمل عنوان: 

الورع والمواساة وسورة الحسين (ع)


روى الشيخ البرقي بسنده عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال ضمن حديث عن قبض روح الانسان؛ قال:
ما بين احدكم وبين ان تغتبط ويرى السرور... الا ان يعاين ما قال الله تعالى واتاه ملك الموت يقبض روحه... فأما المؤمن فلا يحس بخروجها وذلك قول الله تبارك وتعالى: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم «يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ، رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي».
ثم حدد (عليه السلام) اي المؤمنين يخطى بهذه الكرامة فقال: ذلك لمن كان ورعاً مواسياً لاخوانه وصولاً لهم.
ولكن ما حال ومن لم يكن كذلك وكيف يخاطب عند نزع الروح؟ 
يجيب الامام الصادق (عليه السلام) في تتمة الحديث المتقدم عن هذا السؤال، فيذكر نوعاً آخر من الخطاب، قال (عليه السلام):
وإذا كان غير ورع ولا وصول لأخوانه قيل له: ما منعك عن الورع والمواساة لأخوانك؟ انت ممن انتحل المحبة بلسانه ولم يصدق ذلك بفعله. 
ثم قال (عليه السلام) مبينا حاله عند لقيا المعصومين عند الاحتضار، قال: وإذا لقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وامير المؤمنين (عليه السلام) لقيهما معرضين مغضبين في وجهه غير شافعين له.
اذن يتضح مستمعينا الافاضل ان الورع عن المحارم ومواساة الاخوان وصلتهم، هي من اهم العوامل التي تجعل النفس تحظى بأعلى مراتب استقرار الايمان والطمأنينة الروحية والنفسية وكذلك برضا الله ورضوانه.
كما ان صفاته الورع والمواساة‌ تعبر في المقابل عن شدة حب الانسان لحبه وحرصه على رضاه، بحيث يتورع عن كل ما لا يرضاه و يندفع للعمل بما يرضيه ومن اشد ما يحبه الله قضاء حوائج الناس.
من هنا نعرف (مستمعينا الاكارم) أحد أسرار تسمية سورة الفجر باسم سيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام)، لنتدبر معاً في الرواية التالية المروية في تفسير كنز الدقائق؛ ونصها يأتيكم بعد قليل:
قال مولانا الصادق (عليه السلام): اقرؤا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم فإنها سورة الحسين (عليه السلام) وارغبوا فيها رحمكم الله.
وهنا سأله احد الحاضرين في المجلس واسمه ابو اسامة: كيف صارت هذه السورة للحسين (عليه السلام) خاصة؟ 
فأجاب الصادق (عليه السلام) مبيناً ان سيد الشهداء هو اظهر مصاديق خاتمة هذه السورة، قال الصادق:
الا تسمع الى قوله ]تعالى[: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم «يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ، رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي».
ثم قال (عليه السلام): انما يعني بها الحسين بن علي (عليهما السلام) فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية واصحابه من آل محمد (صلوات الله عليهم اجمعين) الراضوان عن الله يوم القيامة وهو راض ٍعنهم.
وختم الصادق حديثه بقوله (عليه السلام): من ادمن قراءة الفجر كان مع الحسين (عليه السلام) في درجته في الجنة والله عزيز حكيم.
نشير اخيراً اعزاءنا المستمعين، الى ان اهل المعرفة قد اشاروا الى ان التحقق بحقائق سورة الفجر يوفق الانسان للتحلي بنفحات من الروح الحسينية في مختلف حركاته وسكناته.

*******

وهذه نكتة دقيقة جديرة بالمزيد من التدبر، وبالاشارة اليها ننقلكم الى الفقرة الختامية التي تحمل عنوان:

النجاة في معرفة ولي الله

ثبت عند مختلف فرق المسلمين ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتةً جاهلية. 
اذن فمعرفة امام العصر والاعتقاد بأمامته والتمسك بولايته هو سبيل النجاة من ميتة الجاهلية‌ وبالتالي النجاة من اهوال منازل الآخرة.
وهذا المعنى صاغه الشاعر الولائي السيد الحميري وهو يحكي قصة انتقاله من الفرقة الكيسانية الى الايمان بالامامة الحقة، فقال (رحمه الله):

صح قولي بالامامة

وتعجلت السلامة

وازال الله عني

اذ تجعفرت الملامة

قلت من بعد حسين

بعليً ذي العلامة

اصبح السجاد للاسلام

والدين دعامة

قد اراني الله امراً

أسأل الله تمامه

كي الاقيه به في

وقت اهوال القيامه

ختاماً نستودعكم الله بكل خير ونحن ندعوكم الى متابعة الحلقة القادمة من البرنامج في اوقات بثه. فكونوا معنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة