الحمد لله الذي لا ندله ولا شريك والصلاة والسلام على سادات عباده المخلصين محمد وآله الطاهرين.
يسرنا ان نلتقيكم فيها على بركات وفقرات تحمل العناوين التالية:
- حجود الولاية الحقة وعبودية الاوثان
- الاستغفار ومحو آثار الذنوب الأخروية
- جنة احباء الله
- عنو الله وشفاعة نبيه
اذن كونوا معنا اعزاءنا وفقرات هذه الحلقة من البرنامج نأمل ان تكون نافعةً لنا ولكم. الفقرة الاولى اخترنا لها عنوان:
*******
حجود الولاية الحقة وعبودية الأوثان
حجود الولاية الحقة التي امر الله بالتمسك بها، هو - مستمعينا الاكارم- اهم العوامل التي توقع الانسان في سوء العاقبة وان يلقى الله عزوجل وهو من عبدة الأوثان.
والمهم هو ان نعرف معنى الحجود وما هي العلاقة بين عبادة الأصنام وبين حجود الولاية، وهذا ما سنعمد اليه بعون الله تبارك وتعالى ولكن بعد الاستماع الى رواية شريفه تدلنا على الحقيقة المتقدمة.
وهي التي رواها الشيخ الصدوق في كتاب الامالي مسنداً عن ابي مسلم انه خرج مع الحسن البصري وانس بن مالك حتي اتوا باب ام سلمه رضي الله عنها، فقعد انس على الباب ودخل ابو مسلم مع الحسن البصري الذي سلم على ام سلمة فردت سلامه وسألته عما جاء به فقال:
انا الحسن البصري... جئت لتحدثيني بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي بن ابي طالب.
فقالت: والله لأحدثنك بحديث سمعته اذناي من رسول الله والا فصمتا، ورأته عيناي والا فعميتا، ووعاه قلبي والا فطبع الله عليه، واخرس لساني ان لم اكن سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي بن ابي طالب: يا علي، ما من عبد لقي الله يوم يلقاه جاحداً لولايتك الا لقي الله بعبادة صنم او وثن.
وجاء في تتمة الرواية عن ابي مسلم انه قال: فسمعت الحسن البصري وهو يقول: اشهد ان علياً مولاي ومولى المؤمنين، فلما خرج قال له انس بن مالك: ما لي اراك تكبر؟
ويفهم من سؤال انس ان الحسن البصري خرج من بيت وهو يردد التكبير والشهادة المتقدمة لما سمعه من ام سلمة رضي الله عنها، وعلى اي حال فلما اخبر الحسن البصري انس بن مالك بما سمع، قال انس:
اشهد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال هذه المقالة ثلاث مرات او اربع مرات.
وبعد نقل هذه الرواية نعود الى السؤال الذي عرضناه في بداية هذه الفقرة، فأولاً: ما هو معنى الجحود؟
الجحود هو يعني انكار الحق بعد ان يتبين بالكامل والانكار هنا يشمل الانكار القولي اي الرفض الصريح للحق، كما يشمل الانكار العملي الذي يعني التمرد على الخضوع للحق والعمل بمقتضاه بالقلب والجوارح.
وهنا يأتي دور السؤال الثاني وهو ما هي العلاقة بين جحود ولاية الامام علي (عليه السلام) وبين لقاء الله عزوجل بالوثنية وعبادة الاصنام كما يصرح بذلك النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) في الحديث المتقدم؟
الاجابة واضحة وهي ان الذي يصد الانسان عن الخضوع لولاية اولياء الله المقربين (عليهم السلام) هو شيطان عبودية الأنا.
وهو بلاشك اخطر الأوثان، وآثار سيطرته على الانسان تتجلى بكل وضوح يوم تبلى السرائر وتشكف الحقائق.
*******
اما الآن ايها الاخوة والاخوات فننقل الميكرفون الى زميلنا وهو يعرض بعض اسئلتكم على ضيف البرنامج سماحة الشيخ محمد السند، نستمع معاً لهذا الاتصال الهاتفي :
المحاور: اهلاً بكم احباءنا وشكراً لكم على متابعتكم لهذا البرنامج وهذه الفقرة التي يتفضل بها مشكوراً سماحة الشيخ محمد السند للاجابة عن اسئلتكم الواردة الينا، سماحة الشيخ من الاخ اياد كاظم وردنا سؤالان اجبتم عن السؤال الاول في الحلقة السابقة والسؤال الثاني تتفضلون بالاجابة عنه ان شاء الله بهذه الحلقة وهو يقول هل ان الاستغفار والتوبة تمحوا الآثار التكوينية للسيئات والمعاصي في الدنيا ايضاً ام لا ان هذا اثر اخروي فقط في البرزخ وفي يوم القيامة؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، في الحقيقة ورد لدينا في جملة من الروايات ان التائب من الذنب كمن لا ذنب له ولكن نفس التعبير كمن لا ذنب له يفيد انه ليس كمن لا ذنب له حقيقة.
المحاور: باعتبار فيه كاف التشبيه والتشبيه لا تعني المماثلة؟
الشيخ محمد السند: نعم تعني العينية وبنفس الدرجة والنفسانية المتحدة وانما معظم الاثار السيئة نعم تمحوها التوبة، ولذلك هناك في بعض الآيات أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ، مما يدلل على ان للذنوب وللفسق آثار مهما تكون، لدينا مثلاً بعض الروايات التي وردت عن الحديث النبوي الذي يرتكب كبيرة من الكبائر يفارقه عقل يعني كما نقول جهة من جهات العقل، يفارقه عقل لا يرجع اليه ابداً، ابداً يعني لا يرجع اليه في الاخرة ولا في البرزخ ولو تاب.
المحاور: هل انه المقصود نعمة ادراكية معينة او طاقة معينة؟
الشيخ محمد السند: طبعاً ومن اعظم النعم، للذنوب آثار ماحقة قد لا تعالجها التوبة وان لم تكن هي آثار كما نقول جزائية في العقوبة بشكل مؤذي ولكن هي بشكل حرمان من النعم، لذلك هي الآية سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ، لذلك عندنا روايات وردت ان الشاب المؤمن الورع المتقي اذا ترعرع في ريعان شبابه على التقوى وعلى العفاف والطهارة الى ان شاخ له مقام خاص عند الله يختلف عن الشاب الذي ربما كان منغمس في متاهات الذنوب والخطايا ثم يتوب وان كان التوبة هي باب مفتوح وامل معقود.
المحاور: يعني لها آثار بالتالي لها محو الآثار التكوينية ام لا؟
الشيخ محمد السند: لها بنسبة وليست لها بالقول المطلق، ومن ثم هذا نذير في الحقيقة الى البشر رغم انه مفتوح لهم الباب وليس هناك غلق لباب الرحمة وليس هناك فتح لباب اليأس لكن رغم ذلك ان «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ».
المحاور: طيب شكراً جزيلاً سماحة الشيخ محمد السند على ما تفضلتم به وشكراً لكم احباءنا على طيب متابعتكم لهذا البرنامج، نسأل الله تبارك وتعالى ان يحصننا بحصن الورع والتقوى واذا فقدنا هذا الحصن احياناً فبلطفه وكرمه يزيل جميع آثار المعاصي والذنوب عنا فهو المبدل السيئات بالحسنات تبارك وتعالى، تفضلوا مشكورين بمتابعة ما تبقى من فقرات هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل.
*******
عن مراتب الجنة والنار تدور الفقرة التالية من البرنامج وقد اخترنا لها عنوان:
جنة احباء الله
مما لا شك فيه ان للجنة والنار مراتب عدة بعضها في الآخرة حيث دار الخلود وبعضها في البرزخ، وبعضها في الحياة الدنيا.
ومما لا ريب فيه ان حقيقة الجنة في درا الدنيا تكمن في العيش في رحاب محبة الله عزوجل المتمثلة في مودة اوليائه.
ولذلك فعندما طلب احد حواري الامام الصادق (عليه السلام) منه ان يدعو الله ان يرزقه الجنة صحح له الطلب بأن يدعو الله له بأن لا يخرجه من الجنة؛ لانه موال لأولياء الله.
ثم اعلمه ان العيش في ظل ولاية اهل البيت (عليهم السلام) هو حقيقة العيش في الجنة. كما ورد في الحديث المعروف.
لنتدبر معاً في الرواية التالية التي روتها عدة من المصادر المعتبرة مسندةً عن مولانا امير المؤمنين (عليه السلام).
روي مسنداً عن ابن المعتمر قال: دخلت على امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) فقلت: السلام عليك يا امير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، كيف امسيت؟
فأجاب (عليه السلام): امسيت محباً لمحبنا ومبغضاً لمبغضنا، وامسى محبنا مغتبطاً برحمة من الله كان ينتظرنا، وامسى عدونا يؤسس بنيانه على شفا جرف هاد، فكان ذلك الشفا قد انهار به في نارجهنم.
ثم قال (عليه السلام): وكأن ابواب الرحمة قد فتحت لأهلها، فهنيئاً لاهل الرحمة رحمتهم، والتعس لاهل النار والنار لهم.
ثم بين امير المؤمنين (عليه السلام)، المعيار في صدق الحب والبغض في الله عزوجل، وصدق محبته لأوليائه، فقال: من سره ان يعلم امحب لنا ام مبغض فليمتحن قلبه، فإن كان يحب ولياً لنا فليس بمبغض لنا.
ثم قال: وان كان يبغض ولياً لنا فليس بمحب لنا...
وننتقل الآن احباءنا الى الفقرة الاخيرة وعنوانها هو:
مغفرة الهية وشفاعة محمدية
من الوسائل التي فتح الله جل جلاله ابوابها للناس لطرد اليأس من رحمته عن قلوبهم هي وسيلة حسن الظن بعفوه ورجاء شفاعة حبيبه المصطفى (صلى الله عليه وآله).
وقد ذكر شعراء الولاء بهذه الوسيلة ومنهم الشيخ المتعبد صالح التميمي الكاظمي المتوفى في بغداد سنة ۱۲٦۱ للهجرة والمدفون في الكاظمية، قال (رضوان الله عليه) مناجياً ربه:
بماذا اعتذاري حين القاك في غد
وقد خف ميزاني بما اكتسبت يدي
وانذرني الشيب المنفد للفتى
فلم يصغ سمعي للعذول المفند
ندمت وما تغني الندامة بعدما
دنا الحتف او قامت على اليأس عودي
ولا ذخر لي عفو ربي تمده
شفاعة خير المرسلين محمد
وختاماً نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم.
*******