البث المباشر

استغاثات اهل البرزخ باهل الدنيا حوار مع الشيخ محمد السند حول حقيقة الماء في عوالم الوجود قصة نجاة المولى جعفر الطبري من عذاب البرزخ الفضل استشفاع الشيخ الزاهد ابي الحسن المازندراني

السبت 30 مارس 2019 - 11:08 بتوقيت طهران

الحلقة 58

الحمد لله اللطيف في فعله والجميل في صنعه والحسن في تدبيره، والصلاة والسلام على شفعاء خلقه محمد وآله الطاهرين. السلام عليكم مستمعينا الاكارم ورحمة الله وبركاته، اليكم اولاً وكما اعتدنا عناوين فقراتها:
استغاثات اهل البرزخ
حقيقه الماء في عوالم الوجود
نجاة للحي وللميت
ايها الاخوة والاخوات، اغاثة المستغيث هي من الواجبات الانسانية التي تدعو لها الفطرة السليمة.

*******

فهل تصدق هذه القاعدة الفطرية مع علاقتنا بأهل البرزخ؟ الاجابة نجدها في الفقره التالية، وعنوانها هو:

استغاثات اهل البرزخ

روى السيد الجليل القطب الراوندي )رضوان الله عليه( في كتابه (لب اللباب) انه روي في الخبر النبوي قال: 
كان الموتى يأتون في كل جمعة من شهر رمضان، فيقفون، وينادي كل واحد منهم بصوت حزين باكيا، [يقول]:
يا اهلاه، يا ولداه، يا قرابتاه، اعطفوا علينا بشيء يرحمكم الله، واذكرونا ولا تنسونا بالدعاء، وترحموا علينا وعلى غربتنا، فإنا قد بقينا في سجن ضيق وغم طويل وشدة، فارحمونا، ولا تبخلوا بالدعاء والصدقة لنا لعل الله يرحمنا قبل ان تكونوا مثلنا، فواحسرتاه قد كنا قادرين مثل ما انتم قادرون.
[ثم يقول كل منهم]: فيا عباد الله، اسمعوا كلامنا ولا تنسونا، فانكم ستعلمون غداً فإن الفضول التي في ايديكم كانت في ايدينا فكنا لا ننفق في طاعة الله ومنعنا عن الحق، فصاد وبالاً علينا ومنفعة لغيرنا، اعطفوا علينا بدرهم او رغيف او بكسرة.
ثم ينادون [اهل الدنيا]: ما اسرع ما تبكون على انفسكم ولا ينفعكم كما نحن نبكي ولا ينفعنا، فاجتهدوا قبل ان تكونوا مثلنا.
ترى - مستمعينا الافاضل- من منا سمع خطابات اهل البرزخ لنا واستغاثاتهم بنا في جمعات شهر رمضان؟
المخبر عن صدور هذه الخطابات هو الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله) وقد صح النقل عنه بذلك، فلا بد ان الأمر واقع حقاً، ولكن من منا سمع هذه الخطابات؟
يستفاد من احاديث اخرى - اعزاءنا المستمعين- ان هذه الاستغاثات تصدر من اهل البرزخ و يخاطبون بها اهل الدنيا في جمعة، وتشتد في المواسم المباركة مثل شهر رمضان، لا حظوا الحديث التالي:
روي في كتاب جامع الأخبار ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لأصحابه: اهدوا لأمواتكم.
فقالوا: يا رسول الله وما هدية الأموات؟ 
فقال: الصدقة والدعاء.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): ان ارواح المؤمنين تأتي كل جمعة الى السماء الدنيا بحذاء دورهم وبيوتهم ينادي كل واحد منهم بصوت حزين باكين:
يا اهلي، ويا ولدي، ويا ابي ويا امي، ويا اقربائي، اعطفوا علينا يرحمكم الله بالذي كان في ايدينا والويل والحساب علينا والمنفعة لغيرنا.
ثم قال (صلى‌ الله عليه وآله): وينادي كل واحد منهم الى اقربائه: إعطفوا علينا بدرهم او برغيف او بكسوة يكسوكم الله من لباس الجنة.
قال الراوي: ثم بكى (صلى الله عليه وآله)، وبكينا معه، فلم يستطع ان يتكلم من كثرة بكائه ثم قال:
اولئك اخوانكم في الدين، فصاروا تراباً رميماً بعد السرور والنعيم، فينادون بالويل والثبور على انفسهم، يقولون: يا ويلنا لو انفقنا ما كان في ايدينا في طاعة‌ الله ورضائه ما كنا نحتاج اليكم، فيرجعون بحسرة و ندامة وينادون: اسرعو صدقة ‌الاموات.
لاريب - ايها الاخوة والأخوات- انه يوجد بين اصحاب القلوب الحية من يسمع هذه النداءات والاستغاثات، والمهم التصديق بما اخبرنا الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله).
أجل، فهذه الاحاديث - وهي بهذه المضامين كثيرة- تعرفنا بمسؤولية سكنة دار العمل بلاحساب - اي عالم الدنيا- تجاه سكنة عالم البرزخ- وهو من منازل الآخرة اي دار الحساب ولا عمل.
ولا يخفى ان هذه المسؤولية تتضاعف تجاه الأرقاب والأصدقاء وذوي الحقوق على الانسان، وهم بمختلف مراتبهم بحاجة الى ما يصلهم من هدايانا اليهم، اذ ان حتى اللمم من صغائر الذنوب لها آثار على الحياة البرزخية.
فاذا كنا مصدقين حقاً بما اخبرنا رسول الله وائمة الهدى (صلوات الله عليهم) من صدور هذه الاستغاثات من اهل البرزخ، فكيف يمكن ان نغفل عن اغاثتهم ونحن نعرف شدة حاجتهم اليها؟!

*******

مستمعينا الاعزاء سننقل لكم لاحقاً حكاية تناقلها الثقاة تبين الأثار المباركة لما يقدمه اهل الدنيا لأهل الآخرة من خالص الصدقة والدعاء.
ولكن بعد ان نستمع لاجابة ضيف البرنامج سماحة الشيخ السند عن حقيقة الماء في العوالم المختلفة، نستمع للأتصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا.
المحاور: السلام عليكم سماحة الشيخ؟
الشيخ محمد السند: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ الاخ جواد الحمادة عرض في رسالة بعثها عبر البريد الالكتروني هذا السؤال بالنسبة للماء وقوله تعالى:«وجعلنا من الماء كل شيء حي» ما دتم ذكرتم في حلقات سابقة بان هنالك نوع من الحياة للانسان وفي العوالم الاخرى في عالم الذر وفي عالم الاظلة وفي عالم البرزخ والقيامة وما بعدها فهل ان هذه الآية تصدق على جميع هذه العوالم، وما هي حقيقة الماء والمقصود به في هذه العوالم وخاصة في عالم الدنيا تفضلوا سماحة الشيخ؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين، ظاهر الآية كما يثير السائل عامة وظاهرها ليس مختص في حياة النشئة الدنيوية بل مطلق النشئات ولكن الكلام يقع سواء في النشئة الدنيوية او النشئات الاخرى، ان الماء هل هو المراد به هذا الماء الذي نشربه ونشاهده في النشئة الدنيوية او المراد به العلم او المراد به ماهية الاشياء، كما نعلم في اللغة العربية ان الماء اصله ليس عندنا في اللغة العربية همزة اصلية وانما هي معتلة من الواو والياء والف فهو من موها من ماهية الشيء او هوية الشيء وما شابه ذلك، على اية حال هناك عدة تفسيرات في لفظة الماء وفي بعض الروايات.
المحاور: ترتبط هذه التفسيرات سماحة الشيخ بالماهية من زوايا مختلفة؟
الشيخ محمد السند: بالماهية او باسباب افاضة الوجود وبعض هذا الوجود الولاية عبرت عن الماء ايضاً الماء بمعنى الولاية، فما يدلل على اية حال الحياة في النشئآت المختلفة هي مارة عبر سلسلة بعضهم فسرها بالوجود والايجاد، نعم الماء الذي نشاهده الان هو مظهر من مظاهر الماء الاصلي ولذلك ربما يقول قائل بان الماء اصلاً موضوع في اللغة ليس لخصوص السائل الخاص الذي نشاهده بل لكل ما يقوم الحياة.
المحاور: هذه مستفادة من الآية الكريمة ام ان هذا سابق لها.
الشيخ محمد السند: بالحاضر العصر اللغوي وبالتالي الآية واردة بالاستعمال بلحاظ المعنى الاصلي وروح المعنى لا بلحاظ المنسبق الحسي من لفظة الماء.
المحاور: اذن حقيقة الماء في عالم الدنيا ايضاً تكون ذات مراتب وليس في ذات العوالم؟
الشيخ محمد السند: في هذه النشئة وفي تلك النشئآت يعني في هذه النشئة ليس المراد على التحديد بالاصلي هو السائل الذي نشاهده انه دخيل في هذه الحياة نعم ورد في روايات اهل البيت عليهم السلام ان اصل الخلقة للعالم الجسماني ورد في الروايات كما في نهج البلاغة ابتداء حتى خلق السماوات من الماء، وايضاً في الآية الكريمة وكان عرشه على الماء قبل ان يخلق السماوات والارض، العرش كان على الماء ففي الروايات انه دف الماء بريح شديدة نشأ منها زبد ومن الزبد ثم كذا، على اية حال ان كان كما مر بنا هو ان هذا السائل مظهر من مظاهر الماء الاصلي والا الماء الاصلي على اية حال كما ورد حتى في الروايات يشير الى ذلك الماء في رؤية الرائي في المنام يعبر بالعين، او مطلق الخير او العلم بالذات.
المحاور: يعني هذا الامر يصدق على عالم البرزخ عالم الذر ايضاً؟
الشيخ محمد السند: نعم كل نشأة فيها حياة جعل منشأ ايجادها وان كان كثير من المفسرين ربما قصروا لفظ الحياة في هذه الآية «وجعلنا من الماء كل شيء حي»، على النشأة الدنيوية، ولكن ظاهر الآية مطلق الحياة لكل كائن حي كان في اي كينونة من النشئآت.

*******

كان حديثنا في مطلع هذه الحلقة - اعزاءنا المستمعين- عن اغاثة اهل الدنيا لأهل البرزخ بأهداء الصدقات عنهم والدعاء لهم.
والأحاديث الشريفه تخبرنا بأن في هذه الاغاثات نجاة للمغيث والمغات، فقد روي في جامع الأخبار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال:
الا من اعطف لميت بصدقة فله عند الله من الأجر مثل احد ويكون يوم القيامة في ظل عرش الله يوم لا ظل الا ظل العرش، وحي وميت نجا بهذه الصدقة.
ومن الشواهد على هذه الحكمة المحمدية، الحكاية التالية التي تناقلها الثقاة ونستمع اليها في الفقرة التالية التي تحمل عنوان:

نجاة للحي وللميت

نقل الحكاية التالية العالم الجليل آية الله الشيخ حسين النوري في كتاب دار السلام عن العالم الفاضل العبد الصالح المولى ابي الحسن المازندراني (رضوان الله عليه) وها نحن ننقل لكم ملخصاً لها، قال المولى المازندراني:
كان لي صديق فاضل تقي عالم هو المولى جعفر ابن العالم الصالح محمد حسين من اهل طبرستان، وكان رحمه الله فيها عندما انتشر الطاعون، واتفق ان خلقاً كثيراً ماتوا قبله وجعلوه وصياً على اموالهم، فجباها كلها لكنه لم يحترز ومات بعدهم بالطاعون قبل ان يصرف الاموال في محلها، فضاعت كلها.
وكان لهذا التساهل فيما يرتبط بأموال الناس اثره الشديد كما يبدو على الحياة البرزخية للشيخ جعفر، فقد قال المولى المازندراني وهو يتابع نقل حكايته:
ولما وفقني الله تعالى لزيارة العتبات ومجاورة قبر مولانا ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) رأيت ليلة في المنام كأن رجلاً في عنقه سلسلة تشتعل ناراً وطرفاها بيد رجلين وله لسان طويل قد تدلى على صدره، فلما رآني من بعيد قصدني، فلما دنا مني ظهر انه المولى‌ المذكور، فتعجبت فلما هم ان يكلمني ويستغيث بي جرا السلسلة الى الخلف، فرجع القهقرى ولم يتمكن من الكلام، ثم دنا ثانياً ففعلا به مثل الأولى ففرعت من مشاهدة ‌صورته وحالته فزعاً شديداً وصحت صيحة عظيمة انتبهت منها...
مستمعينا الافاضل ويذكر هذا العبد الصالح انه مرت عشرون سنة على هذه الرؤيا ولم يتبين حقيقتها الى ان وفقه الله لاداء مناسك الحج وبعد ان انهاها وزار المدينة المنورة اصيب بمرض شديد منعه من الحركة وظهرت عليه بوادر الموت فطلب من اصحابه ان يغسلوه ويلبسوه ملابس نظيفه ويحملوه الى الروضة المطهرة عند قبر الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله).
فعل اصدقاؤه ما طلبه منهم وفي الروضة توسل بالصديقة الزهراء (عليها السلام) الى الله ثم خاطب الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) طالباً حاجاته، قال: وكان منها الشفاعة‌ لجملة من رفاقي الذين حلوا اطباق الثرى‌، وعددت اسماءهم الى ان بلغت الى‌ اسم المولى جعفر المذكور فذكرت رؤياي السالفة فتغيرت حالي والححت في الدعاء وطلب المغفرة له وسؤال النبي (صلى الله عليه وآله) ان يشفع ذلك، واثر ذلك رأيت في نفسي خفة فقمت ورجعت الى المنزل بنفسي وذهب ما كان بي من المرض.
وعند رجوع هذا العبد الصالح اقام يوماً في منزل احد وكان اول منازل عودة الحجاج يومذاك، فرأى صاحبه المولى جعفر وقد تغيرت حاله بعد ان شملته الشفاعة النبوية فحسنت حياته البرزخية مثلما ذهب المرض عن المولى حسن الذي اخلص في الدعاء له.
وهذا - مستمعينا الافاضل- هو ختام حلقة اليوم من برنامج عوالم ومنازل، نشكركم على طيب متابعتكم لها. نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة