الحمد لله الذي الهمنا معرفته وفطرنا على محبته والصلاة والسلام على امنائه في ارضه وهداة عباده وشفعاه خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته، ها نحن نفتحتها بذكر عناوين فقراتها:
حوار في عالم البرزخ
رؤية آل محمد في مواقف القيامة
النبي الاكرم يهدينا الى سبل النجاة من اهوال الآخرة
مستمعينا الافاضل، اهتم القرآن الكريم ببيان جملة من مشاهد عوالم الآخرة ومنازلها، وهدفه من ذلك هو هدايتنا الى ما يكتب النجاة فيها.
*******
ومن هذه المشاهد هذا الحوار القرآني الذي يصور لنا حالة تاركي اعمال الخير عندما يردون عالم البرزخ، كونوا معنا والفقرة التالية التي تحمل عنوان:
حوار في عالم البرزخ
من المشاهد المهمة التي نقلها القرآن الكريم فيما يرتبط بعالم البرزخ هو المشهد الحواري الذي تصوره لنا الآيتان ۹۹، ۱۰۰ من سورة (المؤمنون) فهو يحمل اكثر من عبرة وموقف الهي حازم يشكل احدى سننه في عالم الخلق.
لنتدبر معاً - مستمعينا الأكارم- في هذا المشهد الذي يصوره قوله عز من قائل:
«حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون / لعلي اعمل صالحاً فيما تركت، كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون».
مستميعنا الاكارم، ذكر المفسرون ان هاتين الأيتين نزلتا في مانع الزكاة فهو عندما يعاين معالم الحياة البرزخية يندم على تركه الزكاة ويطلب من الله عزوجل ان يرجعه الى الدنيا لكي يؤدي الزكاة ويفوز ببركة آثار هذا العمل الصالح في عالم البرزخ وينجومن العقاب البرزخي لمانع الزكاة.
هذه الحقيقة تبينها احباءنا كثير من الاحاديث الشريفة المبينة لحضور الصور الملكوتية لاعمال الانسان خيرها وشرها بعد وفاته وموته وقد نقلنا عدداً منها في الحلقات السابقة.
وعليه فان هذه الاحاديث تبين لنا ان الامر لا يقتصر على مانع الزكاة، فحالة الندم هذه تعتري كل من ترك عملاً صالحاً او قام بمعصية عندما يدخل عالم البرزخ.
ولذلك فقد صرح المفسرون ان هذه الآية عامة ولا تنحصر بمانع الزكاة وان كأن ذلك سبب نزولها، خاصة وان الآية ذكرت عموم العمل الصالح دون تخصيص.
اذن هذا المشهد يبين لنا ان الانسان عندما يعاين حياة البرزخ يطلب ارجاعه الى الدنيا لكي يعمل صالحاً، فما المستفاد من ذلك؟
المستفاد هو ان البرزخ ليس دار عمل بل هودار روية نتيجة العمل وقد صرحت النصوص الشريفة بأن عالم الدنيا هو دار العمل بلاحساب والآخرة بمختلف عوالمها هي دار حساب بلا عمل.
اذن ففرصتنا الوحيدة للعمل اعزاءنا هي الدنيا ولذلك امرنا ان نبادر للعمل الصالح فيها.
ويستكمل - مستمعينا الأعزاء- النص القرآني بيان هذا الحوار البرزخي بالتنبية الى حقيقة مهمة الى ان من يتقاعس عن العمل الصالح في حياته الأولى في الدنيا لن يتوفق في العمل اذا ارجع اليها، بل ستشغله زخارفها مثلما شغلته في المرة الأولى.
ولذلك جاء الموقف الالهي حازماً وهو رفض هذا الطلب والحكم ببقاء هذا الانسان في عذاب عالم البرزخ الى يوم البعث.
من هنا نفهم - مستمعينا الاكارم- ان الذين يكرمهم الله عزوجل بالرجعة عند ظهور المهدي الموعود (عجل الله فرجه) هم الذين صدقوا ما عاهدوا عليهم من الاقبال على صالحات الاعمال.
اي ان هذا التكريم هو للمؤمنين العاملين، فيحييهم الله جلت قدرته ليبلغوا مراتب اسمى من التكامل والرقي في معارج الكمال لم تتوفي لهم عواملها اللازمة في حياتهم الاولى في عالم الدنيا بسبب حكومة ائمة الضلال والجور.
*******
مستمعينا الافاضل، تقدم لكم الآن لقاءاً عبر الهاتف مع سماحة الشيخ محمد السند وهو يتفضل مشكوراً بالاجابة عن سؤال لاحدى الاخوات بشأن بعض مشاهد يوم القيامة. نستمع معاً.
المحاور: السلام عليكم سماحة الشيخ؟
الشيخ محمد السند: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ وصلت رسالة من الاخت منى عبر البريد الالكتروني تسأل فيها عن رؤية أهل البيت عليهم السلام في يوم القيامة تقول هل نحن نرى اهل البيت عليهم السلام في يوم القيامة وهل يمكن ان يراهم كل البشر ام ان رؤيتهم محجوبة عنا ومختصة باشخاص معينيين تفضلوا سماحة الشيخ؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين، الظاهر من جملة من الروايات ان رؤيتهم ليست ميسرة للجميع بل غير ميسرة لجميع اهل الجنة يعني من يوفق لدخول الجنة وينجو من النار ليست رؤيته ميسرة لهم كلهم بل الرؤية ميسرة لبعض الناجين من اهل الجنة نتيجة خصائص بعض الاعمال الحسنة الصالحة يوفقون لرؤيتهم، لذلك عندنا في بعض الاعمال من عملها وفق لرؤية النبي "ص" في عرفات يوم القيامة وفي ذات بعض الادعية الدعاء بانه اللهم وفقني لرؤيته والحشر معه والكون معه وما شابه ذلك.
المحاور: في دعاء الامام الصادق سلام الله عليه صلوات معروفة ليوم عرفة (اللهم اني آمنت بمحمد ولم اره فلا تحرمني يوم القيامة رؤيته)، يعني دعاء بطلب الرؤية؟
الشيخ محمد السند: ايضاً هناك بعض الاعمال لرؤية سيد الشهداء عليه السلام في بعض الروايات انه من عمل ذلك العمل وهو نوع من العبادات والطاعات الخاصة وفق لرؤية وجه الحسين عليه السلام في المحشر، فمما يدلل على ان رؤيتهم عليهم السلام ليست ميسرة بذلك وهذا ايضاً حتى مأثور في أهل البرزخ، الكثير من المؤمنين الصالحين والعلماء حتى يعني رؤو في المنام وهم من اهل الصلاح والتقى وما شابه ذلك، عن رؤيتهم لاهل البيت الكثير منهم غير من وصل مرتبة خاصة في الايمان مرتبة خاصة من العلم والطاعة يذكرون بانهم لم يوفقوا لرؤيتهم عليهم السلام، وان رؤيتهم تحتاج الى طي مثلاً منازل معينة في البرزخ او طي مساحات وهذا امر تقريباً نستطيع نستفيض عن اهل الصلاح والايمان والتقوى من المؤمنين انتقلوا الى تلك الدار ورؤو في رؤى صادقة.
المحاور: سماحة الشيخ ماذا بشأن الروايات التي تتحدث عن يوم المحشر ومثلاً جلوس بقاء ظهور الائمة سلام الله عليهم وشيعتهم على منابر من نور هذه الروايات ما المقصود منها اذاً؟
الشيخ محمد السند: هذه حق وصحيحة ولكن لا تعني رؤيتهم بنحو الوضوح والقرب والتفصيل.
المحاور: يعني بالنسبة الى ما اشرتم اليه الرؤية في منازلهم مثلاً مجاورتهم في منازلهم وهذه رؤية عامة؟
الشيخ محمد السند: حتى هذه الرؤية العامة في الحقيقة ليست رؤية واضحة بالنسبة الى الرائي ربما رؤية عن بعد ورؤية يعلم بوجودهم مثلاً.
المحاور: يعني لا يستفاد من القرب؟
الشيخ محمد السند: لا يستفاد من القرب ولا التفصيل ولا على نفس التفصيل والوضوح، بمعنى انه يعلم انه في هذا الاتجاه في هذا الجمع هناك اشخاصهم عليهم السلام، لا يوفق بان يرى بنحو تفصيل او بنحو وضوح.
المحاور: بالنسبة للروايات التي تتحدث عن حضورهم يعني رؤية المنتظر لهم تكون مسرة؟
الشيخ محمد السند: قد استفاضت الروايات في ذلك وقد استفاض النقل عن المؤمنين الموتى وغيرهم في الرؤى التي حصلت معهم وذكروا شاهدوا عند الاحتضار المنقول رواية اهل البيت بشكل عام.
المحاور: العنصر الاساس سماحة الشيخ هل يمكن ان يكون انها تكون راحة ومسرة للمؤمن وسبب للاذى والعذاب بالنسبة للكافر كما يستفاد من بعض الروايات؟
الشيخ محمد السند: نعم وقد اوثر ونقل كثيراً عن موتى مؤمنين صالحين من اهل العلم او اهل التقوى او اهل الخير ان طبيعة عمل الانسان يوفق حتى لرؤية خاصة لبعض المعصومين عند الاحتضار تعتمد على طبيعة عمله وطبيعة نمط توجهه.
المحاور: سماحة الشيخ اخيراً هل يمكن ان يقال بان صدق المحبة لهم سلام الله عليهم هي العامل الاساسي الذي يوفق للرؤية يعني المحبة والمودة اذا كانت صادقة لهم سلام الله عليهم؟
الشيخ محمد السند: في الحقيقة المحبة الشديدة والتولي لهم وما شابه ذلك هي تجر المحب والمؤمن لمشايعتهم في العمل ولمشايعتهم في الموقف ولمشايعتهم في الاعتقاد ان المحب لمن احب مطيع، على اية حال فرق بين المحب وبين المشايع الذي يشايع اخر ويكون شيعياً له.
*******
نشكركم اعزاءنا لطيب متابعتكم وخاصةً استماعكم للفقرة التالية التي فيها رؤيا نبوية فيها من دروس الهدايه الكثير عنوان الفقرة هو:
رؤية آل محمد في مواقف القيامة
مستمعينا الاكارم، نقلنا لكم في الحلقة السابقة من البرنامج قسماً من احد الاحاديث النبوية الجامعة في بيان الاعمال المنجية من اهوال منازل الآخرة وشدائدها.
وقد واعدناكم باكمال هذا الحديث الجامع في هذه الحلقة، وها نحن نفي بالوعد، مع تذكيركم بمقدمة هذا الحديث الشريف.
اجل روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) في كتاب الأمالي مسنداً عن عبد الرحمن بن سمره، ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لهم ذات يوم انه راى رؤيا فيها احوال اهل البرزخ، ثم ذكر لهم آثار مجموعة من الاعمال التي تجعل هذه الحياة طيبة وتنقذ صاحبها من اهوال البرزخ.
قال (صلى الله عليه وآله): ورأيت رجلاً من امتي بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يمينه ظلمة وعن شماله ظلمة ومن تحته ظلمة، مستنقعاً في الظلمة، فجاءه حجه وعمرته فأخرجاه من الظلمة وادخلاه النور.
رزقنا الله واياكم احباءنا الحج والعمرة بنية خالصة لله تنور قلوبنا في الدنيا وفي البرزخ.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): ورأيت رجلاً من امتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه فجاءة صلته للرحم، فقال: يا معشر المؤمنين كلموه فانه كان واصلاً لرحمه، فكلمه المؤمنون وصافحوه.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): ورأيت رجلاً من امتي يتقي وهج النيران وشررها بيده ووجهه فجاءته صدقته فكانت ظلاً على رأسه وستراً على وجهه.
ويتابع حبيبنا المصطفى (صلى الله عليه وآله) بيان آثار الاعمال الصالحة على اهل البرزخ ليقول: ورأيت رجلاً من امتي قد اخذته الزبانية من كل مكان فجاءه امره بالمعروف ونهيه عن المنكر فخلصاه من بينهم وجعلاه مع ملائكة الرحمة.
ورأيت رجلاً من امتي جاثياً على ركبتيه، بينه وبين رحمة الله حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذه بيده فادخله في رحمة الله.
ثم ينتقل (صلى الله عليه وآله) الى بيان آثار الاعمال الصالحه والاخلاق الفاضلة على الانسان بعد عالم البرزخ، فيقول: ورأيت رجلاً من امتي قد هوت صحيفته قبل شماله فجاءه خوفه من الله عزوجل فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه.
ولا ريب بأن المراد هنا هو صدق الخشية من الله عزوجل في الدار الدنيا فهي التي تردع الانسان عن السيئات التي تجعله ممن يعطى كتابه بشماله اعاذنا الله واياكم من ذلك.
ثم قال (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله): ورأيت رجلاً من امتي قد خفت موازينه فجاءه افراطه فثقلوا موازينه.
ولعل المراد هنا - مستمعينا الاكارم- الاشارة الى اثار ادعية الابناء والارحام والاصدقاء لمعارفهم واهداء ثواب اعمال الخير اليهم في اثقال موازينهم بالحسنات.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): ورأيت رجلاً من امتي قائماً على شفير جهنم، فجاءه رجاؤه من الله عزوجل فأستنقذه من ذلك.
ورأيت رجلاً من امتي قد هوى في النار فجاءته دموعه التي بكى من خشية الله فأستخرجته من ذلك.
ورأيت رجلاً من امتي على الصراط يرتعد كما ترتعد السعفة في يوم ريح عاصف فجاءه حسن ظنه بالله فسكن رعدته ومضى على الصراط.
ورأيت رجلاً من امتي على الصراط، يزحف احياناً ويحبو احياناً ويتعلق احياناً، فجاءته صلاته على فأقامته على قدميه ومضى على الصراط.
وختم (صلى الله عليه وآله) حديثه بالقول: ورأيت رجلاً من امتي انتهى الى ابواب الجنة، كلما انتهى الى باب اغلق دونه فجاءته شهادة ان لا اله الا الله صادقاً بها ففتحت له الابواب ودخل الجنة.
لا اله الا الله حقاً حقاً لا اله الا الله عبودية ورقاً لا اله الا الله ايماناً وتصديقاً.
وبنهاية هذا الحديث النبوي الجامع ننهي احباءنا هذا اللقاء من برنامج (عوالم ومنازل) شاكرين لكم طيب متابعتكم. نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******