والحمدلله عصمة المعتصمين به في الدنيا والآخرة، والصلاة والسلام على عروته الوثقى وعصمته الكبرى النبي المصطفى وآله خير الورى.
السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته، واهلاً بكم في الحلقة الرابعة والأربعين من حلقات هذا البرنامج نعرفكم في مطلعها بعناوين فقراتها:
العقائد والاعمال تتحدث في المساءلة البرزخية
بعض خفايا حياة القبر
الوفاء المحمدي للمنقطعين عن الدنيا
بالنبي وآله نجاة الناجين
شكراً لكم ايها الاخوات والاخوة على جميل تواصلكم مع هذا البرنامج وعلى اسئلتكم ومشاركاتكم فيه والتي نرحب بالمزيد منها يمكنكم رفدنا بها على عناوين الاذاعة ومنها البريد العادي وهو ص. ب- طهران ٦۷٦۷/۱۹۳۹٥.
والبريد الالكتروني وهو radiohadi@ irib.ir.
*******
ولنبدأ جولتنا اعزاءنا في هذه الحلقة ومع اولى فقراتها وعنوانها هو:
العقائد والأعمال تتحدث في المساءلة البرخية
مستمعينا الاعزاء، في الحلقة السابقة عرفنا من الأحاديث الشريفة ان مسائلة منكر ونكير للمتوفى تشمل العقائد والاعمال وطبيعة مسيرته في الحياة الدنيا.
ولكن المستفاد من النصوص الشريفة ان بعض الاعمال لها خصوصية خاصة في هذه المساءلة ولذلك فقد اكدتها الاحاديث الشريفة لكي نهتم بهذه الاعمال بما يمكننا من النجاة من موقف المسائلة البرزخية ونجتاز هذا المنزل بسلام.
فمثلاً روي في كتاب الكافي مسنداً عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال: «اذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه والزكاة عن يساره والصبر مطل عليه.. فاذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة والزكاة: دونكما صاحبكم فان عجزتم فانا دونه... ».
في هذا الحديث الشريف مستمعينا الاكارم اشارة الى اهمية الصبر- بمختلف اقسامه اي الصبر على اداء الطاعات والصبر على اجتناب المعاصي والصبر على البلاء والمصائب والامتحانات الدنيوية. والى اهميته في جعل المؤمن قادراً على النجاح في هذه المساءلة البرزخية.
وروي في الكافي ايضاً عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال:
«يسأل الميت في قبره عن خمس: عن صلاته وزكاته وحجه وصيامه، وولايته ايانا اهل البيت، فتقول الولاية عن جانب القبر للاربع: ما دخل فيكن من نقص فعلي تمامه».
وهنا ينبهنا مولانا الصادق (عليه السلام) الى ان الاهتمام بتقوية العقيدة الصحيحة هو مفتاح النجاة في هذه المساءلة البرزخية، بمعنى ان قوة الايمان بأركان الاعتقاد التوحيدي الولائي الخالص هي التي تستكمل بها نقائص الاعمال الصالحة وتنقلها الى المرتبة المنجية للمؤمن من صعاب مساءلة منكر ونكير.
ايها الأخوة والأخوات، لنا عودة لهذا الموضوع اي المساءلة في القبر من خلال رواية ما فعله سيد المرسلين محمد المصطفى صلى الله عليه وآله عند وفاة السيدة الجليلة فاطمة بنت اسد.
*******
اما الآن فمع هذا الاتصال الهاتفي بخبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند وهو يجيب عن بعض اسئلتكم فيما يرتبط ببعض شؤون منازل البرزخ.
المحاور: شكراً لضيفا الكريم سماحة الشيخ محمد السند على تفضله بالاجابة على الاسئلة الواردة الينا، سماحة الشيخ محمد السند السلام عليكم.
الشيخ محمد السند: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ في الحلقة السابقة اجبتم على شطر السؤال الاول وسؤال الاخ احمد سليم عن البدن وهل يتأذى من ضيق القبر والديدان والتفسخ وما الى ذلك من الاجابة وقد بينتم هل تأثير الاعمال من رش الماء واشرتم كمثال توضيحي في قضية الحالة المنامية ولم يتح الوقت لهذا البيان تفضلوا؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين، نعم في بيان كيفية علاقة الروح بعد الموت بالبدن وذات علاقة، مثل في حديث نبوي لهذه العلاقة بهذا القول النبوي «كما تنامون تموتون وكما تستيقظون تبعثون» وكما في الآية الكريمة «الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها» فالمنام حالة من الوفاة، يستطيع الانسان ان يتلمس في الحالة المنامية وبقية البدن من كيفية وضع البدن على اي جانب ربما هناك مثلاً ضيق في الموضع الذي طرح الانسان بدنه فيه رغم ان الروح في حالة منام ولكن يشاهد هذا الضيق ينعكس على الروح نفسها او ربما يشاهد ثقل معين شديد جداً وكالكابوس الروحي في حالة المنام او الرؤية مثلاً وقوع شيء ثقيل على البدن او الطعام الثقيل او ربما كان الانسان في حالة برودة في بدنه او حالة حرارة بعبارة اخرى الحالات التي تطرأ على البدن تنعكس تلقائياً على البدن سلباً او ايجاباً ومن ثم وصلت توصيات كثيرة في اداب الاحتضار واداب حمل الميت واداب تغسيله واداب دفنه ومراحل هذه الامور، ورد في الروايات انه لا يوضع ثقل على بطن الميت اثناء الاحتضار ولا اثناء التغسيل لان هذا يجهد الميت وشبيه النائم لو وضع عليه شيء ثقيل وربما شديد يشاهد كابوس بالنسبة له وايضاً ورد في الروايات انه في حالة الاحتضار لا يلمس بدن الميت لان لمس اعضاء المحتضر كأن اعان عليه لانه يوجب نوع من الشدة بأعتبار نزع الروح هي حالة من الشدة فأذا وجد شيء من الشدة او المؤثر الخارجي الضاغط ستكون شدته على الميت اكثر.
المحاور: هذه سماحة الشيخ مستمرة سواء كانت مثلاً على موت المتوفى تمر عشرين سنة اربعين سنة او اكثر هل تبقى هذه الامور مثلاً استحباب رش الماء واستحباب الزيارة ويأنس ويستوحش وغير ذلك، هذه تبقى جارية ام تختص بالفترة الاولى التي تلي الوفاة؟
الشيخ محمد السند: هناك نوع من المشاهدات بل نوع فحوى، جملة من الروايات تقول ان هذه تبقى، في الروايات ان الموتى يأنون ويعانون مع كون ابدانهم رميمة في تلك القبور ولكنهم يتأذون فيما لو جعلت مزبلة قريبة من قبورهم حتى ولو بعد طوال سنين، او مثلاً جعل كليفاً وبالوعة من القاذورات قريبة من مثاويهم بأعتبار الكرامة للقبور والمأوى مؤثر ولا سيما اذا كانوا من الاولياء والخلص الذين تبقى ابدانهم طرية كما شوهد ذلك في جملة او مراراً في الصلحاء.
المحاور: حتى الذين لم تبقى ابدانهم اشرتم في الحلقة السابقة الى بقاء نوع من الطينة؟
الشيخ محمد السند: نعم الطينة الاصلية التي تسوق في الثراب وان لم تشاهد في الحس تبقى للروح مرتبة من الشعور بتلك الطينة لدينا ايضاً الميت عندما يغسل مثلاً لا يدخل الماء في منخريه او اذنيه فأن ذلك يوجب الصمم في الميت مما يدل على انه تبقى الية البدن لبعض انشطة الروح على حالها في الايام الاولى من الموت، ورد لدينا ايضاً انه لا يزحف وينقل الميت بدفعة واحدة الى القبر بل يوضع على مراحل فأنه مقبل على بيت جديد وهول عظيم فهذا نوع من التهيئة النفسية فهذه امور كما لو اراد السامع ان يتمثل انه كان في حالة منامية ويشاهد بدنه في بعض الحالات المنامية فكيف يؤخذ به الى مكان فالروح وان كانت هي في موضع ولكن من بعد تشاهد ما يجري على البدن.
*******
نتابع احباءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل، بفقرة تعرفنا من جهة ببعض اخلاق النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) وكذلك بآثاره المباركة في اعانة المؤمنين على صعاب منازل الآخرة، الفقره اللاحقة تحمل عنوان:
الوفاء المحمدي للمنقطعين عن الدنيا
روت عدة من المصادر المعتبرة رواية ما فعله سيد الرسل (صلى الله عليه وآله) عند وفاة السيدة الجليلة فاطمة بنت اسد زوج ابي طالب عليهما السلام، وها نحن ننقل لكم هذه الرواية طبقاً لما ورد في روضة الكافي وفضائل ابن شاذان وجاء فيهما:
لما ماتت فاطمة بنت اسد اقبل علي (عليه السلام) باكياً فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك لا ابكى الله عينك؟
اجاب: توفت والدتي يا رسول الله، فقال (صلى الله عليه وآله): بل ووالدتي يا علي، فلقد كانت تجوع اولادها وتشبعني، وتشعث اولادها وتدهنني، والله لقد كان في دار ابي طالب نخلة فكانت تسابق اليها من الغداة لتلتقط ثم تجنيه - رضي الله عنها- فاذا خرجوا بنوعمي تناولني ذلك.
فسلام على هذه السيدة الصالحة وجزاها الله كل خير على جميل رعايتها لحبيبنا المصطفى (صلى الله عليه وآله)، أيها الأخوة والاخوات، وبعد ان اشاد سيد الأوفياء النبي الاكرم بمقام فاطمة بنت اسد وسماها امه، تقول الرواية: ثم نهض (صلى الله عليه وآله) فاخذ في جهازها وكفنها بقميصه وكان في حال تشييعها يرفع قدماً ويتانى في رفع الاخرى وهو حافي القدم.
وتضيف الرواية: فلما صلى النبي عليها كبر سبعين تكبيرة ثم لحدها في قبرها بيده الكريمة بعد ان نام في قبرها ولقنها الشهادة، فلما اهيل عليها التراب واراد الانصراف جعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لها: ابنك ابنك، ابنك، لا جعفر ولا عقيل، ابنك، ابنك علي بن ابي طالب.
نعم - ايها الاخوة والاخوات-، والواضح من الرواية ان ما فعله سيد الانبياء والاوفياء (صلوات الله عليه وآله) لم يكن قد فعل مثله مع مراسم تشييع ودفن اي من اصحابه قبل ذلك، الامر الذي اثار استغراب الاصحاب فسألوه عن سر ما فعل قائلين:
يا رسول الله فعلت فعلاً ما راينا مثله قط: مشيك حافي القدم، وكبرت سبعين تكبيرة، ونومك في لحدها، و[وضعك] قميصك عليها، وقولك لها: ابنك، ابنك، لا جعفر ولا عقيل...[ابنك علي].
النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله) اجابهم على التساؤلات قائلاً:
اما التأني في وضع اقدامي ورفعها في حال التشييع للجنازة فلكثرة ازدحام الملائكة
ثم قال (صلى الله عليه وآله) جواباً عن السؤال الثاني: واما تكبيري سبعين تكبيرة فإنها صلى عليها [يعني صلاة الميت] سبعون صفاً من الملائكة. [اي انه كبر لكل صف منهم تكبيرة].
واجابهم (صلى الله عليه وآله) عن السؤال الثالث قائلاً: واما نومي في لحدها فاني ذكرت في حال حياتها ضغطة القبر فقالت: واضعفاه، فنمت في لحدها لأجل ذلك حتى كفيتها ذلك [يعني ضغطة القبر].
واجابهم (صلى الله عليه وآله) عن رابع اسئلة اصحابه فقال: واما تكفيني لها بقميصي فاني ذكرت لها في حياتها القيامة وحشر الناس عراةً فقالت: واسواتاه، فكفنتها به لتقوم يوم القيامة مستورة.
وبقي مستمعينا الافاضل - خامس الاسئلة التي وجهها الصحابة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بشأن ما استغربوه مما فعله في تشييع ودفن السيدة فاطمة بنت اسد وهو يرتبط مباشرةً بموضوع هذه الحلقة اي (المساءلة في القبر).
قال (صلى الله عليه وآله): واما قولي لها: ابنك، ابنك، لا جعفر ولا عقيل، فانها لما نزل عليها الملكان وسألاها عن ربها فقالت: الله ربي، وقالا: من نبيك، قالت: محمد نبيي، فقالا: من وليك وامامك، فاستحيت ان تقول ولدي، فقلت لها: قولي ابني علي بن ابي طالب، فاقر الله بذلك عينها.
ايها الأخوة والاخوات كثيرة هي العبر والدلالات التي تشتمل عليها هذه الرواية منها ما يرتبط بآثار اهداء اي شيء يستطيعه المؤمن لنبيه الاكرم صلى الله عليه وآله، آثاره في استجلاب النصرة المحمدية له على طي منازل الآخرة فالنبي الاكرم هو سيد الاوفياء والكرماء (صلى الله عليه وآله).
ومن هذه العبر اهمية تلقين المتوفى من قبل الصالحين في اعانته على اجتياز المساءلة في القبر، وهذا موضوع مستقل سيأتيكم ان شاء الله في الحلقة المقبلة من البرنامج.
*******
اما الآن فالى فقرة ادبية تصور لنا الاستعانة بالنبي الاكرم صلى الله عليه وآله للنجاة من مواقف القيامة واهوالها، عنوان الفقرة هو:
بالنبي وآله نجاة الناجين
رحم الله الأديب الشيخ ابراهيم عبد الرسول النجفي المتوفي سنة ۱۳۷۰ للهجرة فقد اجاد في تصوير منازل الآخرة في مقدمة قصيدة له في رثاء الحسين (عليه السلام) نقلها الشيخ الخاقاني في الجزء الاول من كتاب (شعراء الغري).
وها نحن نختار بعض ابيات هذه القصيدة، قال رحمه الله:
اغفلتني بزهوها وكأني
ما أحتسبت المعاد في حسباني
كنت اصبو الى السعادة لكن
فرط جهلي على الشقا أغواني
جرأتني على التمرد نفسي
في هواها وقادني شيطاني
بالرقيبين قد علمت ولكن
سوء حظي عن الهدى اعماني
ثم يصف (رحمه الله) الحال التي سيؤول اليها من كانت هذه حاله اذا انتقل الى العالم الآخر فيقول:
لست ادري اذا استطار فؤادي
يوم بعثي بجسمي العريان
ما اعتذاري الى الحساب اذا ما
نشروا ما اقترفت طول زماني
ما اعتذاري وقد جنيت ذنوباً
اثقلتني وسودت ديواني
ما اعتذاري اذا دعيت وخفت
حسناتي بكفة الميزان
ما اعتذاري اذا سئلت بماذا
قد تقضى بك الزمان الفاني
ما اعتذاري اذا نشرت وعدت
ما جنته يداي والرجلان
واقيمت علي مني شهود
باجتراحي جوارحي ولساني
ويواصل رضوان الله عليه بيان منازل ما بعد الحساب واستشهادات الجوارح فيقول:
لهف نفسي اذا اخذت كتابي
بشمالي وابت بالخسران
واستتمت علي حجة حق
عن قضاء المهيمن المنان
من مجيري من العذاب اذا ما
حكمتني حكومة الديان
من مجيري من الشقاء اذا ما
قيدتني سلاسل الخذلان
من مجيري اذا دفعت بزجر
من زبان ملبياً لزبان
عقبات وربما كنت ادري
ما الاقي بها وما يلقاني
ان عدتني بها حسان فعال
وتخوفت ضيعتي وهواني
واذيق العصاة حر عذاب
واستحقوا المصير للنيران
فنجاتي بسيد الرسل طه
وبكائي لسبطه الظمآن
واخيراً نشكر لكم احباءنا طيب متابعتكم لفقرات هذا البرنامج وندعوكم لمتابعة لقاءنا المقبل على بركة الله في الحلقة المقبلة. فالى حينها نستودعكم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******