البث المباشر

حياة القبر اسئلة منكر ونكير حوار مع الشيخ محمد السند حول كيف يتأذى او يرتاج البدن الفاني في قبر استجلاب العون الالهي عند المساءلة الشيخ ابن نصار والتأدب للائمة عليهم السلام عند الاحتضار

السبت 30 مارس 2019 - 09:39 بتوقيت طهران

الحلقة 43

والحمد لله المعين لعباده على طاعته ومثبتهم على القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. والصلاة والسلام على مصابيح هدايته وامنائه في بلاده وقادة عباده سيد المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته نعرفكم في مطلعها بعناوين فقراتها وهي:
أسئلة منكر ونكير
البدن الفاني وعذاب القبر
استجلاب العون الالهي عند المساءلة
ابن نصار والتأدب حين الاحتضار
نرجو لكم اوقاتاً نافعةً مع فقرات هذا اللقاء.
فالى اولاها وهي التي تجيبنا عن الامور التي ينبغي اعداد الأجوبة عنها في اول منزل من منازل الآخرة.

*******

اسئلة منكر وتكير

مستمعينا الافاضل، روى الشيخ الصدوق رحمه الله في اماليه بسنده عن سعيد بن المسيب قال: كان علي بن الحسين صلوات الله عليه يعظ الناس ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اعمال الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد الرسول )صلى الله عليه وآله( وحفظ عنه وكتب. 
ثم روى ابن المسيب جانباً من هذه الموعظة السجادية التي يكفي في بيان اهميتها وشدة احتياج الناس لها ان الامام (عليه السلام) كان يكررها كل جمعة.
وقد اشتملت على مقطع مهم يرتبط بموضوع هذه الحلقة من البرنامج وهو: الأمور التي يسأل عنها الانسان من قبل فتاني القبر او منكر ونكير. 
كان (عليه السلام) يقول في موعظته هذه مخاطباً الانسان: «وكأن قد أوفيت اجلك وقبض الملك روحك، وصرت الى منزل وحيداً فرد اليك فيه روحك واقتحم عليك فيه ملكان: منكر ونكير لمساءلتك وشديد امتحانك».
ثم يبين (عليه السلام) ما يسأل عنه المتوفى وهذا ما ننقله لكم اعزاءنا بعد قليل.
قال سيد الساجدين وزين العابدين (عليه السلام): «... الا وان أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده وعن نبيك الذي ارسل اليك، وعن دينك الذي كنت تدين به، وعن كتابك الذي كنت تتلوه، وعن امامك الذي كنت تتولاه...».
هنا يبين )سلام الله عليه( ان الأسئلة التي يوجهها الملكان تشتمل على جميع اصول العقائد اي التوحيد والنبوة والامامة، وعلى هذا فان ما ذكرته بعض الاحاديث من الاقتصار على ذكر السؤال عن الرب او النبي او الكتاب هو من باب ذكر المصاديق او لأن السؤال عن النبوة مثلاً متضمن للسؤال عن التوحيد والامامة وهكذا.
وهذه الحقيقة اكدها مولانا الامام الرضا (عليه السلام) في حديثه عن مساءلة احد كبار زعماء فرقة الواقفية وهو علي بن حمزة البطائني الذي دفعه حب الدنيا والاستئثار ببعض الأموال من الخمس الى انكار امامة الامام الرضا والوقف على الامام الكاظم (عليهما السلام).
اجل فقد روى الشيخ الكشي في كتاب رجاله مسنداً عن الامام الرضا (عليه السلام) اكثر من سند انه قال بعد موت علي بن ابي حمزة: اما انه سئل عن الامام بعد موسى ابي فقال: لا اعرف اماماً بعده... فضرب في قبره ضربة اشتعل قبره ناراً.
أيها الاخوات والأخوات، سننقل لكم في الحلقة المقبلة - ان شاء الله تعالى- رواية ما فعله النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) مع جنازة السيدة فاطمة بنت اسد سلام الله عليه وفيها عظات مهمة منها ما يرتبط بالسؤال عن تولي الامام الذي تنجي معرفته من ميتة الجاهلية.
وننتقل الى الجانب الثاني الذي تشمله هذه المساءلة كما ورد في موعظة مولانا الامام السجاد (سلام الله عليه) حيث قال في تتمتها: «ثم [يسألانك] عن عمرك فيما افنيته؟ ومالك من اين اكتسبته وفيما أتلفته، فخذ حذرك وانظر لنفسك واعد للجواب قبل الامتحان والمساءلة والاختبار، فان تك مؤمناً تقياً عارفاً بدينك متبعاً للصادقين، موالياً لأولياء الله، لقاك الله حجتك وانطق لسانك بالصواب فأحسنت الجواب».
وهذا مستمعينا الافاضل بيان من مولانا السجاد لما قاله جده سيدنا المصطفى صلى الله عليه وآله من ان تثبيت الله للذين آمنوا في الآخرة يكون عند مساءلة القبر كما سنلاحظ في فقرة لاحقة.
نتابع موعظة السجاد (عليه السلام) حيث قال في تتمتها «... ‏أحسنت الجواب وبشرت بالجنة والرضوان من الله والخيرات الحسان واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان. وان لم تكن كذلك تلجلج لسانك ودحضت حجتك وعميت عن الجواب وبشرت بالنار واستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم وتصلية جحيم».
يتضح مما تقدم ايها الأخوة ان مساءلة القبر تشتمل على صحة عقائد الانسان وكذلك على عمله.
والاستعداد لهذه المساءلة تستلزم اعداد الأجوبة القلبية الصحيحة بشأن كلا الجانبين بتصحيح العقائد بأخذها من ينابيعها السليمة وتصحيح الاعمال بالتوبة واجتناب المعاصي والعمل بالطاعات.

*******

واضافة لذلك فثمة ارشادات للنجاة من مساءلة هدتنا اليها الاحاديث الشريفة نتعرف على احدها في فقرة لاحقة تأتيكم بعد الاستماع لضيف البرنامج سماحة الشيخ محمد السند وهو يجيب عن سؤال بشأن حقيقة الأذى الذي يصيب البدن الفاني في عالم القبر. نستمع معاً:
المحاور: سماحة الشيخ من الاسئلة التي وردت للبرنامج، سؤال من الاخ سالم احمد، هل يتأذى البدن من ضيق القبر ويشعر بالديدان وهل يشعر بتفسخه ام ان الامر يرتبط بالروح ومادام البدن فاني فما هو سر التأكيد على بعض الاداب المرتبطة بالقبر مثل رش الماء عليه ووضع جرائد او جريدتين تحت بدن المتوفى ونظائر ذلك؟ 
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، في الحقيقة وان عرف واشتهر في السن الفلاسفة والحكماء والمتكلمين ان الروح تنفصل عن البدن في الموت وبالتالي تفترق عن البدن ولكن ما تشير اليه جملة من النصوص القرآنية والاحاديث النبوية ‌واحاديث اهل البيت عليهم السلام وكذلك ما تشير اليه جملة من المشاهدات والمكاشفات ان ليس هناك بل حتى في العلوم الحديثة في الغرب انه ليس هناك انقطاع كامل بين الروح والبدن بل هناك درجات من العلقة تبقى مستمرة بين الروح او كما نعبر مع الطينة الاصلية في البدن، يعني هذا البدن لا ريب انه تتوارد عليه التغييرات وتتبدل الخلايا ربما كل سبع سنين كما يثبتها العلم الحديث ولكن هناك انواع من الطينة الاصلية الباقية، مادة طاقية او مادة لطيفة اثيرية ربما بعض علماء الروح المحدثين يروق له التعبير عنها بمادة الاكتوبلازم وهي مادة بيضاء بخارية قد يعد عنها الكثير من المشاهدات وفي العلم الحديث يعبر عنها بمادة ‌بيضاء بخارية سواء كانت الطينة الاصلية هي تلك او غيرها اياً ما كان في الروايات موجودة ان هناك طينة الانسان الاصلية في بدنه الدنيوي تسيخ في التراب ويبقى التراب حافظاً لها.
المحاور: سماحة الشيخ تريدون ان تقولوا في البدن يبقى شيئاً يشعر يعني له شعور؟
الشيخ محمد السند: نعم مادة، يبقى في البدن مادة، الآن في العلوم الحديثة يعبرون عنها بأنها هي المادة الاكتوبلازمية او مادة طاقية.
المحاور: يعني تغيرت التسمية يعني مادة لها شعور يعني تشعر بما ينزل في البدن؟
الشيخ محمد السند: لا المقصود ان هذه تبقى آلة للروح في البدن وان الانفصال لا يكون كاملاً بين الروح والبدن وعلى بقاء العلقة والعلاقة بين الروح والبدن هنالك شواهد عديدة في الروايات المتواترة بين الروح ومثواها، تبقى تلك العلقة ومن ثم الميت عندما يزوره الزائر او بعد مئات وآلاف السنين يشاهد من يزوره ويسمع ويحدث نوع من التلاقي ووردت في الروايات عن اهل البيت انه عندما يفارق الزائر الميت يستوحش الميت من مفارقته حتى ويأنس بمجيئه، مما يدل على انه تبقى نوع من العلقة او في بعض الروايات انه الاموات ترد الى مثاويها في ساعات من اليوم مثلاً ويعرج بها في ساعات اخرى وماشابه ذلك مما يدل على ان مثوى البدن وما فيه من الطينة الاصلية للانسان تبقى الروح ذات علقة حتى بعد صيرورة العظام رقيم وحتى بعد تفسخ وتبدد البدن الى تراب، في الحقيقة هنالك طينة اصلية تبقى وتسوخ وتتفشى وتحتفظ بنوع من الكينونة، الكينونة الآن هذه الاجهزة الحديثة لا تستطيع ان ترصدها لان هذه الاجهزة لا تستطيع ان ترصد بعض الطاقات الدنيوية وهي من عالم الدنيا مع ذلك لا تتمكن، مثلاً هذه مادة الاكتوبلازم التي نريد ان نتجزم بأنها هي الطينة الاصلية الى عقود وسنين قريبة لم يستطيعوا ان يرصدوها الى بعد استحداث اجهزة جديدة استطاعوا ان يرصدوا حتى ما فوق الاشعة البنفسجية او ما تحت الاشعة الحمراء وماشابه ذلك فهناك سيل كبير من مواد الطاقات الدنيوية في عالم الدنيا والكشف البشري لم يتوصل اليها، اذا كان هذا بعد مضي حقب عديدة بعد موت الانسان وتبدد اوصاله هكذا حالها فكيف بك والانسان في بداية حالة موته وبعد نزع روحه بدقائق او ساعات، لا ريب ان تكون العلقة وطيدة موجودة. 
المحاور: يعني يكون لرش الماء تأثير ونفترض تربة‌ سيد الشهداء على البدن نفسه؟
الشيخ محمد السند: نعم لكل هذا تأثير وحتى وضعية البدن وكيف يكون كل ذلك مؤثر حتى مراعاة كيفية التدفين وكيفية الغسل ورد لدينا في الروايات وربما استطيع ان اقرب للاخ السامع انه نظير الحالة المنامية، الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها، المنام نوع من حالة التوفي كما تنامون تموتون وكما تستيقظون تبعثون، الحالة المنامية جداً مقربة لحالة الموت.
المحاور: وجه التقريب لو سمحتم توكلوه للحلقة المقبلة الوقت المخصص لهذه الفقرة من البرنامج انتهى، شكراً جزيلاً. 

*******

نتابع احباءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل بالانتقال الى فقرة اخرى عنوانها هو:

استجلاب العون الالهي عند المساءلة

روى الشيخ الطوسي رضوان الله عليه في اماليه بسنده عن البراء بن عازب ان النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) قال في قوله تعالى «يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة» قال: في القبر اذا سئل الموتى.
وفي قوله (صلى الله عليه وآله) في القبر اذا سئل الموتى تفسير لتثبيت الله للمؤمنين بالقول الثابت في الدار الآخرة بأعتبار ان القبر هو اول منازل الدار الاخرى.
ومن هنا يتضح مستمعينا الاكارم ان من وسائل النجاة والفوز في امتحان مسائلة منكر ونكير في القبر هو الطلب من الله عزوجل وباخلاص ان يثبتنا على حقائق الايمان في الدنيا والآخرة.
ومضمون هذا الطلب موجود في طائفة من ادعية اهل البيت (عليهم السلام) ونصوص زياراتهم، وهو مصداق للاستعانة بالله عزوجل.
وهذه الاستعانة قرينة السعي لترسيخ حقائق الايمان في القلب لكي يكون الانسان مصداقاً من مصاديق «الذين آمنوا» فهؤلاء هم الذين يثبتهم الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة.
جعلنا الله واياكم منهم، كما جعل منهم الشيخ محمد بن نصار لشدة تأدبه مع اهل بيت النبوة في حياته وعند مماته كما تعرفنا بذلك الحكاية التالية واخترنا لها عنوان:

ابن نصار والتأدب حين الاحتضار

من القضايا التي تناقلها الثقاة واشتهرت في المحافل النجفية هي الحادثة الغريبة التي جرت عند وفاة الأديب التقي والشاعر الحسيني الوفي الشيخ محمد بن نصار رضوان الله عليه وهو احد ابرز اعلام شعراء المنبر الحسيني.
وننقل لكم مستمعينا الاعزاء هذه القضية من كتاب معجم شعراء الحسين (عليه السلام) للشيخ جعفر الهلالي نقلاً عن الجزء الثالث من كتاب ماضي النجف وحاضرها للشيخ جعفر محبوبه.
جاء في المصدر المذكور ضمن ترجمة الشيخ بن نصار رضوان الله عليه ما يلي: وجرت له - يعني للشيخ نصار- كرامة عند موته جديرة بمقامه وتفانيه في خدمة مواليه (عليهم السلام) فقد حدث غير واحد من فضلائنا الاعلام ان الشيخ كاظم الحكيم كان مختصاً بالشيخ محمد بن نصار لولائه واخائه غاية الاختصاص، حتى مرض الشيخ محمد مرض الوفاة فلازمه الشيخ كاظم الحكيم، ولما اشتد به الحال طلب من الشيخ كاظم ان يكون هو المتولي عند احتضاره.
ويتابع نقلة القضية المذكورة قائلين: انه لما احتضر الشيخ ابن نصار وجهه الشيخ كاظم نحو القبلة واجرى سائر السنن الخاصة بحالة الاحتضار - اعاننا الله عليها- الا انه عجز عن اجراء سنة واحدة هي سنة مد رجلي المحتضر نحو القبلة.
اجل مستمعينا الاعزاء، فالذي جرى هو انه كلما مد الشيخ كاظم رجلي الشيخ محمد كان الاخير يقبضهما، وتكرر ذلك مراراً حتى توفي ابن نصار رضوان الله عليه ورجلاه مقبوضتان.
هذه القضية اثارت استغراب الشيخ كاظم الحكيم ولم يعرف رغم طول التفكير سر وفاة صديقه وهو على هذه الحالة، لكنه كتم الامر في نفسه ولم يطلع عليه احداً من الخلق حتى كان اليوم الثاني من ايام مجلس الفاتحة حيث جاءه احد اخوة الشيخ ابن نصار حاملاً له رسالة من ابن نصار تحمل عتاباً ودياً له وتزيل استغرابه!!
قال اخو الشيخ ابن نصار انه رأى اخاه المتوفى في عالم الرؤيا فأمره ان يذهب الى الشيخ كاظم وينقل له عتاباً اخوياً.
وهنا سأل الشيخ كاظم بلهفة عن سر هذا العتاب، فأجاب اخو الشيخ ابن نصار: لقد قال لي اخي: اذهب الى اخي في الله الشيخ كاظم وانقل له عتابي له على اصراره على مد رجلي ابان احتضاري رغم امتناعي من مدهما، وانى لي ان امدهما وقد جلس الى جهتهما مولاي سيد الشهداء الحسين روحي فداه حينما جاء مع امه وابيه واخيه صلوات الله عليهم لحضور احتضاري، فلم يكن بوسعي ان امد رجلي تأدباً واحتراماً.
اعزاءنا وقد نقلنا في حلقات سابقة نماذج من الاحاديث الشريفة المصرحة بحضور النبي وآله صلوات الله عليهم اجمعين عند المحتضر وهي من حقائق الغيب التي صدقتها كثير من تجارب الأتقياء عند الوفاة والاحتضار.
بيد ان في هذه الحكاية عبرة مهمة هي ان مودة اهل البيت (عليهم السلام) كفيلة بان تجعل المحب حافظاً للتأدب معهم في كل الأحوال مهما كانت صعوباتها مثل صعوبات حالة الاحتضار.
وبهذه الملاحظة نأتي الى نهاية لقائنا بكم في هذه الحلقة فالى موعد لقاءنا المقبل نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة