البث المباشر

المنجيات من وحشة القبر سماحة الشيخ محمد السند يجيب عن أسئلة المستمعين المساءلة في القبر من العقائد الحقة حذار من الركون للدنيا حياة قلوب الواصلين

الأربعاء 27 مارس 2019 - 15:36 بتوقيت طهران

الحلقة 41

والحمد لله الملك الحق المبين والصلاة والسلام على رحمة الله العظمى للعالمين صاحب المقام المحمود محمد وعلى آله الطاهرين. السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته، سائلين الله ان تقضوا معنا وقتاً مفيداً لنا ولكم. فقرات هذه الحلقة مستمعينا الاكارم هي: 
المنجيات من وحشة القبر
الاجابات عن اسئلة السائلين
المسائلة في القبر من العقائد الحقة
حذار من الركون للدنيا

*******

ولنبدأ مستمعينا الافاضل بالفقرة‌ الأولى وعنوانها كما عرفتم هو:

المنجيات من وحشة القبر

عرفتنا الاحاديث الشريفة التي نقلنا لكم في الحلقتين السابقتين - مستمعينا الاكارم- طائفة منها على مجموعة ‌من الاعمال التي تؤدي الى التخفيف من وحشة القبر أو دفعها بالكامل.
منها تلاوة سورة ياسين المباركة قبل النوم.
ومنها التوجه الى الله بتكرار ذكر (لا اله الا الله الملك الحق المبين) مئه مرة.
ومنها الاهتمام بأتمام الركوع في الصلاة‌ وعدم الاستخفاف به او الاسراع فيه دون حصول الخشوع والطمأنينة.
ومنها اداء عمل ليلة الرغائب وصلاتها وهي اول ليلة جمعة من شهر رجب.
ومنها التنفل بصلاة‌ الى الله في جوف الليل او التطوع بصوم يوم شديد الحر.
ومن هذه الاعمال اخوتنا واخواتنا صيام اثني عشر يوماً من شهر شعبان المعظم، فقد ورد في الحديث الشريف ان هذا العمل يثمر زيارة عدد كبير من الملائكة للقائم به في قبره بعد وفاته كما روى ذلك الشيخ الصدوق في كتاب ثواب الأعمال، رزقنا الله واياكم التقرب الى الله بذلك.
ومن الأعمال الأخرى الدافعة لوحشة القبر مستمعينا الافاضل هو الاهتمام بعيادة‌ المرضى وهذا من الأعمال الخيرة التي لها كثير منه الأثار المباركة التي تعود على الزائر وعلى المريض نفسه.
من هذه الآثار ما يدفع وحشة القبر اذ ان عيادة ‌المريض سبب لأن يرافق ملك العائد بعد وفاته يؤنسه في قبره.
اجل، كثير من ثقات المحدثين، كثقة الاسلام الكليني في الكافي والصدوق في ثواب الاعمال اوردوا باسانيد صحيحة عدة احاديث بهذا المضمون.
نظير ما روي عن الامام الباقر عليه السلام انه قال: كان فيما ناجى الله به موسى عليه السلام ربه ان قال [اي موسى]: «يا رب علمني ما بلغ من عيادة‌ المريض من الأجر؟ قال عزوجل: أوكل به ملكاً يعوده في قبره».
ومنها ما روي عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: ايما مؤمن عاد مؤمناً في الله عزوجل [اي بنية خالصة] في مرضه وكل الله به ملكاً من العواد يعوده في قبره الى يوم القيامة.
اذن رزقنا الله واياكم احباءنا التوفيق لعيادة‌ المرضى هذا العمل الذي يحبه الله عزوجل واولياؤه وقد ورد في طائفة من الأحاديث ان عيادة المريض المؤمن هي بمثابة‌ زيارة لله عزوجل.
هذه مستمعينا الاكارم جملة‌ من الاعمال التي يمهد بها المؤمن لنفسه دفع وحشة القبر عن نفسه هو بعد رحيله عن الدنيا والانتقال الى عالم البرزخ.
وثمة أعمال تؤدي الى دفع وحشة القبر عن الانسان يؤديها احباؤه او اصدقاءه او ارحامه بل وحتى من لا يعرفهم هو، واهمها ما تعرف في اوساط المؤمنين بصلاة الوحشة او صلاة ‌ليلة الدفن.
اجل فقد روى السيد الجليل علي بن طاووس في كتاب فلاح السائل عن النبي الاكرم المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) انه قال:
لأ يأتي على الميت ساعة اشد من اول ليلة فأرحموا موتاكم بالصدقة فان لم تجدوا فليصل احدكم ركعتين يقرأ فيها فاتحة الكتاب مرة وآية ‌الكرسي مرة، وقل هو الله احد مرتين، وفي الثانية فاتحة الكتاب مرة والهاكم التكاثر عشر مرات ويسلم ويقول:
اللهم صل على محمد وآل محمد وابعث ثوابها الى قبر ذلك الميت فلان ابن فلان فيبعث الله من ساعته الف ملك الى قبره مع كل ملك ثوب وحلة ويوسع في قبره من الضيق الى يوم ينفخ في الصور ويعطى المصلي بعدد ما طلعت عليه الشمس من الحسنات ويرفع له اربعون درجة.
ايها الأخوة‌ والأخوات وقد وردت كيفية اخرى لصلاة الوحشة أو ليلة الدفن هي ركعتان يقرأ المصلي في الأولى الحمد مرة وآية‌ الكرسي مرة وفي الثانية‌ الحمد مرة وسورة القدر عشر مرات ثم يسلم ويقول (اللهم صل على محمد وآل محمد وابعث ثوابها الى قبر فلان).
وقد وجدنا في آثار الصالحين وأولياء الله ان منهم من بلغ مقامات سامية من القرب الالهي ببركة الالتزام بأداء هذه الصلاة‌ بعد فريضة المغرب واهداء ثوابها الى من توفي من اهل الايمان ودفن في تلك الليلة من الذين يعرفهم المصلي وممن لا يعرفهم.
وعلى اي حال فالمستفاد من حديث نبي الرحمة المصطفى محمد صلى الله عليه وآله- المتقدم هو عمل آخر يؤدي الى دفع وحشة القبر عن المتوفى اضافة‌ الى صلاة ليلة الدفن المذكورة الا وهو الصدقة واهداء ثوابها الى روح المتوفى.
والمهم في كل ذلك هو ان تؤدى مثل هذه الاعمال بنية خالصة لله عزوجل وابتغاء وجهه ومرضاته تبارك وتعالى.

*******

مستمعينا الافاضل، حان الأن موعدنا مع ضيف البرنامج سماحة الشيخ محمد السند وهو يتفضل مشكوراً بالاجابة عن اسئلتكم بشأن موضوعاته المختلفة.
المحاور: سماحة الشيخ الاخت منى الحساوي من السعودية تسأل عن هذه العبارة في دعاء الصباح لامير المؤمنين «فيامن توحد بالعز والبقاء وقهر عباده بالموت والفناء»، تقول كيف يكون الموت قهراً للانسان؟ تفضلوا.
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين، الموت احد حيثياته هو انقطاع الروح عن البدن وعن سيطرتها عن البدن وبالتالي من استخدام الروح لقوى الجسم والجسم بالتالي هو نوع من الآلة والتدبير الذي تستطيع توسطه الروح ان تدبر اعمالها في عالم المادة، هذا الانقطاع وهذا الانفصال والانفصام هو نوع من سلب القوى والقدرات والهيمنة والسيطرة حالة الموت التي هي نوع من المرارة ايضاً ونوع من المخاض الذي تمر به الروح من عالم الى عالم آخر فتدل على مدى ضعف الانسان ومدى كونه تحت حيطة وهيمنة قوة فوق قوته وهي قوة الباري تعالى وبالتالي تدل على فقر وذل الانسان تجاه قدرة يتعايش معها فطرة وارتكازاً من دون ان يلتفت اليها التفاتاً تفصيلياً.
المحاور: سماحة الشيخ هل يمكن ان يقال بملاحظة المقابلة بين «فيامن توحد بالعز والبقاء» هنا عز وبقاء يقابله موت وفناء ان الانسان بطبيعته نازع الى ان لا يموت الى ان يبقى خالداً في هذه الدنيا فيكون الموت قهراً له من هذا الجانب؟
الشيخ محمد السند: نعم هو تباعد عن الدنيا وانفصال عن البدن نعم. 
المحاور: بأعتبار انه يبين ان الحاكم في هذا الوجود ليست ارادة الانسان او ما يريده الانسان هو اكبر من قوة اكبر هي التي تهيمن عليه؟
الشيخ محمد السند: نعم فبالتالي هو يشاهد نفسه كيف هو في حالة ضعف وانحسار قوته وقدرة بدنه والتصرف بها في الدنيا. 
المحاور: الفناء المقصود هنا ما هو؟
الشيخ محمد السند: الفناء قد يتبادر منه الانعدام، ليس المقصود بالضرورة هو الفناء المطلق وانما المراد منه نوع من الزوال النسبي بأعتبار ان الروح عندما تترك تعلقاتها بالبدن فيكون نوع من الغروب، غروب الروح عن تصرفاتها في البدن الدنيوي والنشأة الدنيوية وان كانت هي تنزح الى مأوى آخر «ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون».
المحاور: اذن ليس هو الفناء المطلق او العدم؟
الشيخ محمد السند: نعم ليس الفناء المطلق وانما هو الانحسار والكينونة التي يكون فيها الانسان الى عالم آخر وبالتالي فهو غروب وزوال واندثار.
المحاور: سماحة الشيخ هنالك سؤال من الاخ عقيل حمود من ذي قار من العراق يسأل عن الميت يقول هل ان الميت يتذكر الاعمال التي قام بها في الحياة الدنيا، كيف ذلك وهي كثيرة؟
الشيخ محمد السند: بالنسبة الى مشهد الميزان والحساب وتطاير الصحف وما شبه ذلك هذا يسير على الله عزوجل للانسان وذاكرة اعماله المتمثلة في قوة خياله وذاكرته بل يشاهد بالتجربة الموارد الكثيرة التي تنتابهم وتطرأ عليهم بعض الحالات الروحية الشديدة والقوية او بعض من يمارس بعض الرياضات التي يقل فيها الاكل والشرب ويكون هناك نوع من النزع والانشداد الروحي الشديد الى اعماق الروح يسبب ذلك عود الذاكرة بذكريات ومشاهد حتى تعود الى حالة الرضاع او حتى تعود الى حالة الحمل، بعض الاخوة‌ الذي مارس انواع من الطب المائي لمعالجة بدنه ولكن ان طرأت عليه حالات روحية عجيبة تعجب هو منها، مارس انقطاع الاكل والشرب وان التداوي بالماء لا يعرف حالياً واخذ يروج حتى في معالجة الداء الخبيث وهو داء السرطان، مارسه هو في بعده البدني ولكن هذا تلقائياً اورث له حالات روحية شفافة جداً لم تكن لديه في الحسبان بحيث حتى عادت لديه ذكريات ليست فقط الطفولة وفترة الرضاعة بل عادت اليه الذكريات حتى وهو في بطن امه بأعتبار كما يذكر ذلك علماء النفس والروح والحكماء والبحوث العقلية، الروح ينطبع فيها بتوسط آلات الاحساس منذ ان تنفخ في بدن الانسان وهو في بطن امه بالتالي يستقطب الانسان في اعماق روحه وذاكرته كل هذه الامور وتظل قائمة راهنة في اعماق روحه وان لم يكن هو يستطيع بسبب انشداده الى المعايشة اليومية بالمحيط الذي يعيشه الانسان تقل قوته على استرجاع اللوائح الروحية التي فيها انطباع كل ما مر عليه منذ نفخ الروح في بدنه والا فأن الروح موجودة.
المحاور: يعني هي في حالة اخراج سماحة الشيخ والا الروح لها هذه القابلية ولكن انشغالها بالجسد هو الذي يؤدي بها الى ان لا تقوى على الانشداد بأتجاه الباطن، سماحة الشيخ (وكشفنا عنك غطاءك) لعل هذا فيه اشارة لهذا المعنى (فبصرك اليوم حديد)، الوقت المخصص لهذه الفقرة انتهى ولعلنا نتوفق لعرض اسئلة اخرى في حلقة اخرى ان شاء الله شكراً جزيلاً.

*******

نتابع مستمعينا الاعزاء تقديم هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل بالانتقال الى الحديث عن منزل اخر من المنازل المهمة في سيرة الانسان في عوالم الوجود وفي بدايات عالم البرزخ وهو منزل مهم ومصيري في حياة الانسان في الدار الأخرة ينبغي الاستعداد له.
اذن فتابعوا البرنامج في الفقرة التالية والتي تحمل عنوان:

المسائلة في القبر من العقائد الحقة

روي عن مولانا الامام جعفر بن محمد الصادق (سلام الله عليه) في أمالي الصدوق وغيره انه قال: «من انكر ثلاثة اشياء فليس من شيعتنا: المعراج، المساءلة في القبر والشفاعة».
والحديث - اعزاءنا المستمعين- صريح في أهمية الاعتقاد بأن المساءلة في البرزخ حق ينبغي الاستعداد له بما يجعل الانسان قادراً على‌ الاجابة عن هذه المسائلة التي بينت لنا جملة‌ من الاحاديث الشريفة ابعادها.
لنقرأ لكم بعضها المروي في المصادر المعتبرة‌ ولكن بعد قليل.
روى الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب الزهد مسنداً عن حبيبنا ونبينا سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله) انه قال لبعض اصحابه: كيف انت اذا اتاك فتانا القبر؟!
فسأله الصحابي: يا رسول الله وما فتانا القبر؟ 
فأجاب (صلى الله عليه وآله): ‌ملكان فظان غليظان اصواتهما كالرعد القاصف وابصارهما كالبرق الخاطف... فيسألانك...
وروي في البصائر مسنداً عن علي أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: ان العبد اذا ادخل حفرته اتاه ملكان اسمهما منكر ونكير فأول ما يسألانه عن ربه ثم عن نبيه ثم عن وليه، فان اجاب نجا وان عجز عذباه.
اعزاءنا نكتفي في هذه الحلقة بهذين الحديثين الشريفين ونوكل بيان المستفاد منهما ومن باقي الأحاديث الشريفة عن حقيقة هذه المسائلة وهل ان كل من يتمكن هنا من الاجابة سيتمكن من الاجابة هناك، نوكل ذلك الى الحلقة المقبلة بأذن الله تعالى فكونوا معنا.

*******

اما الآن فالى‌ الفقرة الختامية وهي ادبية عنوانها:

حذار من الركون للدنيا

من جميل ابيات معاتبة النفس على الاغترار بالدنيا قول القائل:

نظرت الى‌ الدنيا بعين مريضة

وفكرة مغرور وتأميل جاهل

فقلت هي الدنيا التي ليس مثلها

ونافست منها في غرور وباطل

وضيعت اياماً امامي طويلة

بلذات ايام قصار قلائل

وروي عن ليث بن السري ان بعض الأعيان سمع بخبر سمنون الزاهد وما بلغه من حقائق القرب والزهد، فما زال يطلبه حتى ظفر به وهو يطوف بالكعبة.
فقال له: يا سمنون، امع القربة خدمة؟ وبذلك يشير الى ما اشتهر بين بعض ادعياء القرب الالهي من اعراضهم عن العبادات تحت دعوى استغناءهم عنها بالوصول الى اليقين.
ورداً لهذه الشبهة قال سمنون في الجواب: ان حياة قلوب الواصلين اليه جل جلاله في خدمته.
فسأله: وكيف وصلت اليه؟
أجاب: ما وصلت اليه حتى عملت ستة اشياء.
فسأله الرجل عن هذه الأشياء الستة التي أوصلته الى معرفة الله. 
فأجاب: امت ما كان حياً في وهو النفس، واحييت ما كان ميتاً في وهو القلب، وشاهدت ما كان غائباً وهو الآخرة، وغيبت ما كان شاهداً وهو الدنيا، وابقيت ما كان فانيا وهو المراد وافنيت ما كان باقيا وهو الهوى فأستوحشت مما تأنسون به وانست بما تستوحشون منه.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة