البث المباشر

الايمان وحياة البرزخ المستقبلون في عالم البرزخ وآثار إهداء صلاة الوحشة المستثنون من ضغطة القبر الشيخ محمد السند وإجابة عن سؤال بشأن عذاب البرزخ النجاة من أهوال القيامة في شعر للامام الحسين(ع)

الأربعاء 27 مارس 2019 - 15:18 بتوقيت طهران

الحلقة 38

الحمد لله الذي لا حصر لأبواب رحمته ولاحد لعظيم رأفته وحسن صنعه وجميل تدبيره والصلاة والسلام على ابواب رحمته ومجالي رأفته ومجاري صنعه وتدبيره النبي الاكرم واهل بيته (صلوات عليه وعليهم اجمعين).
في الأولى ننقل لكم رواية عن آثار اقامة صلاة ‌الوحشة لمن لا نعرفهم.
وفي الثانية نتحدث عن المستثنون من ضغطة القبر.
وفي الثالثة يجيب الشيخ محمد السند عن بعض اسئلتكم بشأن عالم البرزخ.
والخاتمة فقرة ادبية عن النجاة من اهوال القيامة. 

*******

فالى الفقرة الاولى وعنوانها هو:

المستقبلون على بوابه البرزخ

نقل احد تلامذة العبد الصالح الحاج عبد الزهره (رحمه الله) ان هذا العبد الصالح اوصاه ذات يوم بان يصلي صلاة ليلة الدفن او صلاة الوحشة بعد صلاة المغرب ويهدي ثوابها الى ارواح المؤمنين الذين يتوفون في ذلك اليوم.
التزم الرجل بهذه الوصية فكان يصلي هذه الصلاة كل يوم ويهدي ثوابها الى ارواح المؤمنين الذين يتوفون وهو لا يعرفهم.
وذات يوم نقل الرجل هذه الوصية الى احد اصدقائه في حديث عابر، وبعد مدة جاءه هذا الصديق واخبره برؤيا صادقة رأى فيها والده بعد وفاته بأيام قليلة فبشره والده بأنه عندما توفي رأى جمعاً غفيراً من اولي وجوه نسيرة وهم يستقبلونه بحفاوة ابعدت عنه صعوبات الانتقال الى عالم البرزخ.
وعندما سألهم: من انتم ايها الطيبون؟ 
اجابوا: نحن الذين كنت تهدي لأرواحنا صلاة الوحشة في ليلة دفن كل منا، لقد جئنا لاستقبالك لكي نشكرك على هداياك تلك.
يقول الولد: لقد اخبرت والدي بوصية الحاج الگرعاوي (رحمه الله) قبل وفاته بفترة ليست بالطويلة ولم اعلم انه التزم بها الا بعد وفاته عندما رأيته في عالم المنام حيث اخبرني بالثمار المباركة لهذا العمل الصالح.

*******

ايها الاخوات والاخوة، نتابع الحديث في هذه الحلقة عن ضغطة القبر التي عرفنا بأنها من اهم ما يلاقيه الانسان عند دخوله عالم البرزخ. والحديث في هذه الحلقة من زاوية مهمة يبينها لنا عنوان الفقره التالية وهو: 

المستثنون من ضغطة القبر

روى الشيخ الكليني في الكافي مسنداً عن الامام الصادق (عليه السلام) حديثاً طويلاً في كيفية موت المؤمن الذي خلص في ايمانه نقرأ لكم بعض فقراته.
قال (عليه السلام): اذا حيل بينه [اي المؤمن] وبين الكلام اتاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن شاء الله [يعني امير المؤمنين عليه السلام]، فجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن يمينه والآخر عن يساره، فيقول له رسول الله (صلى الله عليه وآله): اما ما كنت ترجو فهو ذا امامك، واما ما كنت تخاف منه فقد امنت منه ثم يفتح له باب الى الجنة، فيقول: هذا منزلك في الجنة، فان شئت رددناك الى الدنيا ولك فيها ذهب وفضة، فيقول: لا حاجة [لي] في الدنيا.
واضح من هذا المقطع من الحديث الشريف ان من كرامة المؤمن على الله ان الله جلت حكمته ورحمته ابى بلطفه ان يكرهه على الموت والانتقال من هذه الدار التي الفها الى الدار الآخرة، بل هيأ له اسباب رؤية مقامه في دار الخلود لكي يختار بنفسه ماشاء، فيختاره لما يراه فيها من طيب المقام فينتقل اليها راغباً فيها غير مكره، فسبحان ربنا ما اكرمه واجل لطفه وفضله واعظم رأفته بصالحي عباده. فله الحمد.
نرجع مرةً اخرى الى حديث مولانا الصادق (عليه السلام) عن كيفية قبض روح المؤمن، فهو يقول في فقرة لاحقة:
فاذا ادرج في اكفانه ووضع على سريره خرجت روحه تمشي بين ايدي القوم وتلقاه ارواح المؤمنين يسلمون عليه ويبشرونه بما اعد الله له جل ثناؤه من النعيم، فاذا وضع في قبره رد اليه الروح الى وركيه ثم يسئل عما يعلم، فاذا جاء بما يعلم فتح له ذلك الباب الذي اراه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فيدخل عليه من نورها وبردها وطيب ريحها، [يعني الجنة].
وهنا سأل الراوي وهو ابو بصير (رضوان الله عليه) من الامام (عليه السلام) عن ضغطة القبر فقال: جعلت فداك فأين ضغطة القبر؟ 
اجاب الامام (عليه السلام) قائلاً: هيهات ما على المؤمنين منها شيء، والله ان هذه الارض لتفتخر على هذه فتقول: وطيء على ظهري مؤمن ولم يطأ على ظهرك مؤمن، وتقول له الارض: والله لقد كنت احبك وانت تمشي على ظهري فأما اذا وليتك فستعلم ما اصنع.
ثم قال (عليه السلام): فيفتح له مد بصره، وفي ذلك اعزاءنا اشارة الى نقيض ضغطة القبر، بمعنى ان القبر يوسع له، والمراد هو القبر البرزخي،‌ كما يصرح بذلك حديث امير المؤمنين (عليه السلا) في رسالته لمحمد بن ابي بكر (رضوان الله عليه) المروي في الامالي والذي نقلنا شطره المختص بحالة الكافر في قبره في الحلقة‌ السابقة.
فقد ورد فيه بيان لحالة المؤمن في قبره حيث قال مولانا امير المؤمنين (عليه السلام): «والقبر روضة‌ من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران ان العبد المؤمن اذا دفن قالت له الارض: مرحباً واهلاً، قد كنت ممن احب ان تمشي على ظهري، فاذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك فيتسع له مد البصر».
ايها الاخوة والاخوات، بين لنا حديث امير المؤمنين (عليه السلام) ان منشأ ما يعرف بضغطة القبر او العذاب البرزخي هو الأخلاق المذمومة والاعمال القبيحه اذ انها اثر تكويني على نفس الانسان تظهر آثاره مباشره بعد موته وانكشاف حجب الطبيعة عن بصره الذي يصير حينئذ حديدا، هذا ما تتضح في الحلقة السابقة.
والاحاديث التي نقلناها آنفاً تصرح بدفع هذه الضغطة عن العبد المؤمن وانه ينقل الى قبر واسع بأتساع مد البصر وواضح ان المقصود هنا هو القبر البرزخي المشار اليه بتعبيرات من قبيل فتح فتحات له في قبره الى فضاء نوراني رحيب.
ولكن الا تتناقض هذه الأحاديث مع الأحاديث الشريفة التي نقلناها في الحلقة السابقة والتي تصرح بانه لكل مؤمن ضغطة قلب؟ ويبدو ان هذه الأحاديث معروفة في الوسط الديني ولذلك فقد اثارت التساؤلات في ذهن راوي حديث الامام الصادق (عليه السلام) وهو ابو بصير فسذل الامام فوراً: واين ضغطة القبر؟ فكيف يحل هذا التناقض؟
لعل افضل ما يعيننا - ايها الاخوة والأخوات- على حل هذا التناقض هو خبر وفاة السيدة الجليلة فاطمة بنت اسد والدة امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام)، فقد ورد في هذا الخبر الذي روته جملة من المصادر المعتبرة عند المسلمين، ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد كفنها بقيمصه لكي يقيها من ضغطة القبر.
هذا الخبر ينبهنا الى ان من تحصن بحصن الولاية ولباس تقواها وهو المصداق الحقيقي للباس التقوى الالهية، امن من ضغطة القبر ومن اهواله وعذابه، اي ان الذي اخلص ولاءه لاصحاب الولاية الالهية الحقة، اي محمداً وآله (عليهم الصلاة والسلام)، يكون مستثنى من حكم ضغطة القبر.
من هنا يتضح ان هذه الأحاديث الشريفة تخصص طائفة من المؤمنين كأستثناء للحكم العام الذي تنص عليه الاحاديث المصرحة بان ضغطة القبر تشمل المؤمنين ايضاً، فيكون معنى هذه الاحاديث هو ان ضغطة القبر تشمل من المؤمنين من لم يلذ منهم بالولاية المحمدية مستعيذاً بها من ضغطة القبر.
ويستفاد من جملة من الأحاديث الشريفة ان ثمة استثناءً آخر من شمولية حكم ضغطة القبر وهم المؤمنون الذي يقومون بأعمال صالحة ذكرتها الأحاديث الشريفة تؤدي الى النجاة من ضغطة القبر.

*******

اما الآن مع حوار ضيف البرنامج الشيخ محمد السند حيث اجاباته عن اسئلتكم الكريمة:
المحاور: سماحة الشيخ من الاسئلة التي وردت في اكثر من رسالة منها رسالة الاخ رائد من العراق، سؤال عن عالم البرزخ من اهم العوالم بين الدنيا والآخرة ان صح التعبير، هل يحصل للانسان تكامل وبلوغ مراتب اعلى خلال عيشه في عالم البرزخ؟ تفضلوا.
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل المرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، نعم قد اشير في الروايات ان في البرزخ نحو تكامل وغاية الامر ان مسير التكامل في البرزخ لا يتصور انه نمط المسير والحركة في اعمال وافعال الانسان في دار الدنيا لا ريب انه يختلف من انماط معينة بعبارة اخرى ربما نقول ان درجة نمط اختبار هناك يختلف حتى عن نمط الاختبار هاهنا الاختبار في عالم الذر وعالم الاصلاب وعوالم سابقة وعوالم الميثاق تختلف عن نمط الاختبار في هذا العالم وان كان...
المحاور: سماحة الشيخ عفواً ما معنى الاختبار هنا في عالم البرزخ والاحاديث صريحة بأن الانسان بعد وفاته ينقطع الا من ثلاث او من الصدقة الجارية وما ينتفع به والولد الصالح ونظائر ذلك الذي يدعوله وما معنى الاختبار هنا وعمله قد ينقطع يعني في البرزخ لا يستطيع ان يقوم بعمل.
الشيخ محمد السند: نعم في هذا النمط من الاختبار في دار الدنيا الذي يؤثر في حسم مصير الانسان، الاختيار هو النمط الحاسم لمصير الانسان وهو في دار الدنيا ولكن هناك انماط من الوان اخرى من الاختبار في عالم البرزخ هي في الواقع استزاده لطريق المصير الذي اختاره الانسان لا سيما في جانب التكامل. 
المحاور: من الانسان نفسه او من الذي يرتبط به مثلاً عائلة المتوفى او عمل صالح كان قام به في الدنيا وكانت اثاره مستمرة في البرزخ؟
الشيخ محمد السند: طبعاً هذا يؤكد ان هناك نمط من التكامل للانسان انه حتى ولو ذهب الى تلك الدار فأنما اسسه من الاعمال السابقة ويظل يرفده بالكمال والتكامل مما يدل على وجود نمط التكامل ورد ان المؤمنين في قبورهم يعلمون القرآن ويعلمون العلوم وماشبه ذلك فيتكاملون عندما يحين وقت الجزاء بأعتبار ان الجزاء كل درجة بحسب معرفة ‌الانسان لكل آية من القرآن الكريم وغيرها من الروايات التي وردت.
المحاور: سماحه الشيخ، سؤال فرعي ولكن يبدو انه مهم وفي جنبة عملية وهي كيف يهيأ الانسان نفسه قبل الموت لمرحة التكامل في البرزخ بحيث يكون ممن يستمر تكامله وقربه من الله تبارك وتعالى وهو في عالم البرزخ؟
الشيخ محمد السند: في طليعة ذلك المعرفة الحقة والتوسع في المعرفة الحقة والايمان وثم من بعد ذلك في طليعة ‌ذلك تأتي النية الصالحة نية الخير وهي ان انما الاعمال بالنيات فقمة الاعمال بالواقع في النية فاذا كانت النية موجودة وان كانت لم تتوفر لدى الانسان امكانية انجاز تلك الاعمال الا ان هذه النية‌ بما لها من السعة وانها تسع السموات والارض هي تتكفل لان يعد الانسان نفسه ان يجود الله عليه بتلك الكمالات المنوية ‌له وان لم يستطع ان ينجزها. 
المحاور: يعني نية الخير تكون مستمرة في قلبه وينتقل بها الى عالم البرزخ؟
الشيخ محمد السند: نعم الامر حساس، والخطب كبير بالنسبة الى النية، صفات الانسان الرديئة لاسمح الله تحول دون ان ينوي الانسان نية الخير، مدى خطورة وعظمة وقيمة النية، في الواقع انما يكترث بالعمل في واقع النية، صفاء النية ونفاذ النية واستقامة‌ النية امر عظيم يأتي بعد النية‌ بل بالنية يستطيع الانسان ان ينوي كل الخير وحينئذ يتساءل ويأمل ان يرفد ويجاد عليه بكل الكمالات في البرزخ بسبب مانواه من سعة تلك الخيرات ولكن من يوفق ان ينوي نية‌ جادة‌ تتعلق بكل الخير هذا يحتاج الى صفاء الروح والقلب السليم، فضائل الصفات في النفس كي تتمكن النفس من النية الجادة المتعلقة بكل الخير وكل الخيرات.
المحاور: وحسن النية بالله تبارك وتعالى، يعني ان يحسن الانسان ظنه بالله تبارك وتعالى ويسأله ان يرزقه القرب وما يقربه اليه في الدنيا وفي البرزخ والله على كل شيء قدير؟ 
الشيخ محمد السند: نعم هذه من فضائل صفاته التي تفتح الباب امام تلك النية‌ الدافعة للخير.
المحاور: سماحة الشيخ محمد السند شكراً جزيلاً.

*******

نغتنم هذه الفرصة لتجديد ترحيبنا بمشاركاتكم في برنامج عوالم ومنازل بمختلف انواعها، من الآراء والمقترحات والأسئلة والمعلومات التي تحبون تزويدنا بها فيما يرتبط بأهتماماته.
فيمنكنكم ارسالها لنا مشكورين عبر عناوين الاذاعة ومنها بريدها الألكتروني. 
او بريدها العادي وعنوانه هو ص. ب ٦۷٦۷-۱۹۳۹٥.

*******

اما الآن فمع الفقرة الختامية وهي كما اعتدتم ادبية وعظية وعنوانها في هذه الحلقة هو: 

النجاة من أهوال القيامة

أيها الأخوة والأخوات، من بليغ الاشعار في وصف يوم القيامة والدعوة الى الاستعداد له بما ينجي من اهواله، ما روي ان الامام الحسين بن علي (عليهما السلام) كان ينشده وجاء في وصفه ليوم الحشر:

عظيم هو له والناس فيه

حيارى مثل مبثوث الفراش

به تتغير الالوان خوفاً

وتصطلك الفرائص بآرتعاش

هنالك كل ما قدمت يبدو

فعيبك ظاهر والسر فاشي

وهنا يبين (عليه السلام) سبل النجاة من اهوال يوم القيامة منبهاً الى لزوم استثمار لحظات ودقائق العمر في العمل الصالح ومحذراً من السقوط في اسر الغفلة عن الآخرة بسبب الانشغال بشؤون الدنيا، فيقول (عليه السلام):

تفقد نقص نفسك كل يوم

فقد اودى بها طلب المعاش

الى م تبتغي الشهوات طوراً

وطوراً تكتسي لين الرياش

 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة