البث المباشر

حقيقة الموت وحقيقة الرؤيا الصادقة

الأربعاء 27 مارس 2019 - 11:34 بتوقيت طهران

الحلقة 29

موضوع الحلقة:
• رواية أمير المؤمنين(ع) بشأن الأمن من الموت قبل الأجل 
• الشيخ محمد السند يجيب عن أسئلة المستمعين 
• مسيرة الارواح بعد الموت 
• نشاط الروح عند المنام ومعنى الأحلام 
• بهلول وإنذاره الرشيد مما بعد الموت

*******

الحمد لله المسمى بالغفور الرحيم ذي الفضل العميم والصلاة والسلام على صفوته من خلقه محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الاكارم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم ومرحباً في الحلقة التاسعة والعشرين من حلقات هذا البرنامج، نفتتحها تيمناً بحديث يرتبط بسيرة امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) يحمل دلالةً مهمة‌ً فيما يرتبط بمعرفة الانسان للأجل المقدر واثر ذلك في ايجاد حالة الطمأنينة والشجاعة في قلبه، نقرأ اولاً الحديث. 
فقد روي في كتاب الكافي لثقة الاسلام الكليني (رضوان الله عليه) مسنداً عن سعيد بن قيس الهمداني، انه قال: نظرت يوماً في الحرب الى رجل عليه ثوبان يعني انه لم يكن يرتدي ما تعارف لبسه في القتال من لوازم لامة الحرب فحركت فرسي، فاذا هو امير المؤمنين (عليه السلام) فقلت: يا امير المؤمنين في هذا الموضع؟
اي ان سعيداً استغرب من عدم لبس امير المؤمنين (عليه السلام) للامة الحرب وهو في معمعة القتال، فكان جوابه (عليه السلام) عن هذا الاستغراب ان قال:‌ نعم، يا سعيد بن قيس، انه ليس من عبد الا وله من الله عز وجل حافظ وواقي، معه ملكان يحفظانه من ان يسقط من رأس جبل او يقع في بئر، فاذا نزل القضاء خليا بينه وبين كل شيء وجاء في تتمة هذه الرواية كما في بحار الانوار: وكان مكتوباً على درعه (عليه السلام) هذان البيتان:

اي يومي من الموت افر

يوم لا يقدر ام يوم قدر

يوم لا يقدر لا اخشى الوغى

يوم قد قدر لا يغني الحذر

سلام الله على‌ الموحدين علي بن ابي طالب، ولكن قد يسأل سائل هنا فيقول: هل يمكن الاستناد الى هذه الرواية أو الى قوله (عليه السلام) في حديث آخر «كفى بالاجل حارساً»، لتصحيح عمل من لا يتوخى الحذر او لا يتخذ الاجراءات المناسبة لدفع المخاطر المحتملة او اليقينية بحجة انه اذا كان الاجل قد حل فلن تنفع مثل هذه الاجراءات؟!
لا بالطبع، فعمل مثل هذا هو مصداق لالقاء النفس بالتهلكة وهو امر محرم قرآنياً، ومراد امير المؤمنين (عليه السلام) في هذين الحديثين وغيرهما من الاحاديث الشريفة امر آخر.
لقد ابى الله تبارك وتعالى الا اجراء‌ الامور باسبابها كما ورد في الاحاديث الشريفة، فكيف نجمع بين هذا الامر وما نقلناه آنفاً عن مولى الموحدين (عليه السلام)، وما هو الامر الآخر الذي تشيرون اليه.
اعتقد ما يريد ان ينبه له امير المؤمنين (عليه السلام) في مثل هذه الاحاديث هو ان قانون الاجل الحتمي من القوانين الخاصة التي تحكم على نظام الاسباب والمسببات
تعنون انه مثل قانون الدعاء الذي يرد القضاء وقد ابرم ابراماً، او مثل قانون ان بعض الاعمال كصلة الرحم والانفاق والحج وغيرها تبعد الآجال وتزيد في العمر اجل، فيكون المعنى ان الانسان مأمور من جهة بالعمل بالاسباب ولكن عليه ان يعلم بان هذه الاسباب محكومة بقوانين اخرى بيد مسبب الاسباب وهو الله عز وجل فيكون توكله - وهو يعمل بالاسباب- لا عليها بل على مسببها ومالك زمامها، وهو الله القادر على كل شيء.
هذه قاعدة عامة تشمل جميع شؤون حياة الانسان ولكن الحديث هنا عن قاعدة الاجل وكفى به حارساً للانسان من الموت، فكيف يكون تطبيقها هنا بالذات؟
بركات تطبيقها فيما يرتبط بالاجل كثيرة منها انها تعطي للانسان السكينة القلبية ورباطة الجأش في القيام بما يقتضيه واجبه الالهي اذا كان انجازه محفوفاً بالمخاطر، فهو يقتحمها لانه يعلم انه لن يصيبه الا ما كتب الله له من اجل اضيف لما قلتم ان الايمان بهذه القاعدة يخلص الانسان من الامن من الموت وبالتالي من الغفلة عنه الاستعداد له اذا كان قد اتخذ الاحتياطات اللازمة فاذا حل اجله ادركه الموت ولو كان في بروج مشيدة.

اجل واذا المنية انشبت اظفارها

الفيت كل تميمة لا تنفع

طيب ايها الاخوة والاخوات، كانت هذه الفقرة الاولى من فقرات البرنامج. 
ولنا في حلقته هذه فقرات اخرى، منها لقاءنا الهاتفي بخبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند حيث يتفضل مشكوراً بالاجابة عن بعض اسئلتكم الواردة الينا. وسؤال عن الصراط وحقيته وحكمة‌ عبورة يوم القيامه.
ومنها ايضاً قسم آخر من رواية (سياحت غرب) لآية الله القوجاني النجفي وفي هذه الحلقة يعرف بطل الروايه رفاق سفره البرزخي من المؤمنين بحقيقة الحزن الذي سيطر عليه رغم نزوله في رياض جنان البرزخ.
ومن فقرات هذه الحلقة، محطة ادبية نلتقي فيها ببعض اخبار بهلول الواعظ واشعاره فكونوا معنا، ولنبدأ باسئلتكم مع خبير البرنامج:

*******

المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم احباءنا شكراً لكم على متابعتكم لهذا البرنامج والآن مع فقرة ضيف البرنامج وسماحة الشيخ محمد السند الذي يتفضل مشكوراً بالاجابة على الاسئلة التي تصلنا منكم، السلام عليكم سماحة الشيخ محمد السند.
الشيخ محمد السند: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ من الاسئلة التي وصلتنا من الاخ ابو عمار من العراق يسأل ما قضية المرور على الصراط يوم القيامة، يقول ما هي حكمة المرور على الصراط يوم القيامة‌ وهل ان الانسان مرهون بعمله الذي عمله في الحياة الدنيا فما حكمة التعرض لاحتمال السقوط هنا او هناك يوم القيامة اذا سار على الصراط بصورة غير صحيحة، تفضلوا سماحة الشيخ؟

الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وبعد فأن الصراط في الحقيقة هو تجسم وتمثل وان الانسان في كل عمل يزاوله يخطو ليس خطوة فقط للموت في الواقع يخطو اما لسبيل الجنة او النار انا «هديناه النجدين» «اما شاكراً واما كفورا»ً فالنجد اذن آه من طول السفر وقلة الزاد ونصوص في القرآن وفي سنة النبي (صلى الله عليه وآله) واهل بيته الكثيرة الدالة على ان الانسان ليس في حالة حياته في دار الدنيا يعيش ضمن مسار وحركة بدنية في الواقع هو في ضمن مسار وحركة روحية واجسام اخرى من عوالم اخرى يديرها ويدبرها الانسان وهو في حالة طي ومنازل في تلك العوالم وان لم يشعر بهذا لكنه في حالة طي لتلك المنازل والمسافات من تلك العوالم بعد الممات او عند قيام القيامة‌ الكبرى ويشاهد حينئذ ما قد طواه فما يشاهده من مشاهدات اخرى «فكشفنا عنك غطاءك فبصر اليوم حديد» هي كلها تجسمات وتمثلات لما قد طواه فمن ثم كل عمل صالح وكل عقيدة صالحة يوجب ورفعة تلك الدرجة او ذلك العمل والايمان يسبب اختلاف لافراد البشر في كيفية طيهم لذلك الصراط فقد ورد لدينا في بعض الروايات ان البعض يطوي الصراط كالبرق الخاطف وبعضهم كالراكب وبعضهم على الدابه السريعة وبعضهم كالماشي السريع وبعضهم كالماشي المتعتع يكاد يسقط وهذه كلها في الواقع ترسم خط بياني متجسم بما قد انجزه الانسان وطواه يتمثل له حينئذ في الحقيقة الصراط فيما يعنيه هو الجسر الرابط بين النشآت السابقة من دار الدنيا والبرزخ والآخرة فهذا الجسر الرابط ينشأ ومرتبط من متن روح الانسان وذاته وجسده، هذا الجسر الوجودي الرابط بين ذات الانسان والعوالم لامحال يكون من الضروري واقيعيته وحقيقته وكوينيته ولابد ان يشاهده الانسان ولو افترضنا انه الانسان بينه صراط كما لو افترضنا ان هناك طفرة في انتقال الانسان من عالم الدنيا الى عالم البرزخ ومن عالم البرزخ الى عالم الآخرة والحال انه لاطفرة في معادلات الوجود وسنن الله عزوجل وهي على اية حال مدارج واسباب ومسببات والصراط اذن ضرورة واقعية وحكمية وفلسفية ودالة على وجود الارتباط الوجودي بين ذات الانسان وما يكتسبه من اعماله وعقائده ومعارفه تربطه وتطوي به المنازل في تلك النشآت.
المحاور: سماحة الشيخ هل افهم من كلامكم ثلاث حقائق لا ادري صحيحة ام تحتاج الى تصحيح، الحقيقة ان الارتباط موجود ما ذكره الاخ السائل ما يوحي انه انقطاع من العلاقة السير على الصراط وعمل الانسان في الدنيا هذا غير صحيح يعني هنالك ارتباط بين السير على الصراط وعمل الانسان في هذه الدنيا اذا كان عمله جيد يمشي بسرعة ولا يقع في شفير النار نتيجة لعمله هذا صحيح؟
الشيخ محمد السند: نعم الصراط يمثلونه بنفس المسافة في تعبير ملاصدرا المسافة التي يطويها الانسان في حركته الذاتية التكاملية هذه المسافة هي نفسها الصراط، لتكامل الانسان في ذاته اما لنجد الخير او لنجد الشر والعياذ بالله، الصراط عبارة عن مسافة فهل يمكن ان يتصور الانسان انه يتكامل من دون مسافة تطويها النفس في حركة التكامل وفي هذه الابعاد لا لا يمكن هذا التصور للانسان. 
المحاور: اذن يمكن ان نقول ان المشي على الصراط هو قراءة من الله للانسان لما عمله ولما سار به؟
الشيخ محمد السند: لطيه منازل خير ومنازل شر ولنسبة السرعة في طيه وفي القوة والضعف وهلم جرى.
المحاور: سماحة الشيخ محمد السند شكراً جزيلاً لكم هنالك أسئلة نعرضها عليكم في الحلقة المقبلة، شكراً لكم احباءنا الى ما تبقى من فقرات البرنامج.

*******

نتابع احباءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل وبتجديد ترحيبنا بتواصلكم معنا بالاقتراحات والمساهمات والاسئلة يمكنكم ارسالها على عناوين الاذاعة الالكتروني منها وهو: [email protected].
والبريدي وهو ايران طهران ص. ب ٦۷٦۷/۱۹۳۹٥.
كما نذكركم بان حلقات البرنامج تجدونها على موقع الاذاعة في شبكه الانترنت وعنوانه هو: www.arabic-irib.ir.

*******

ايها الاخوة والاخوات، تدبروا معنا في هذه الاحاديث الثلاثة الآتية فهي تجيب عن كثير من الاسئلة التي تدور بما وراء ظاهر الحياة الانسانية:
الحديث الاول: رواه الشيخ الصدوق في كتاب الخصال عنه الامام علي (عليه السلام) قال: لا ينام المسلم وهو جنب، لاينام الا على ‌طهور فان لم يجد ماءً فليتيمم بالصعيد، فان روح المؤمن ترفع الى الله تعالى فيقبلها ويبارك عليها فان كان اجلها قد حضر، جعلها عز وجل في كنوز رحمته وان لم يكن اجلها قد حضر بعث بها في امنائه من ملائكته فيردونها في جسده.
اما الحديث الثاني: فقد رواه الشيخ العياشي في تفسيره مسنداً عن الباقر (عليه السلام) قال: ما من احد ينام الا عرجت نفسه الى السماء وبقيت روحه في بدنه وصار بينهما سبب كشعاع الشمس، فان اذن الله في قبض الارواح اجابت الروح النفس، وان اذن الله في رد الروح اجابت النفس الروح وهو قوله سبحانه: «الله يتوفى الأنفس حين موتها».
ثم قال (عليه السلام): فمهما رأت في ملكوت السماوات فهو مما له تأويل وما رأت فيما بين السماء والارض فهو ما يخيله الشيطان ولا تأويل له.
اما الحديث الثالث: ايها الاخوة والاخوات فهو مروي من طريق اهل السنة رواه الحافظ السيوطي في تفسيره الروائي الدر المنثور.
قال السيوطي: اخرج ابن ابي حاتم عن ابن مردويه عن سليم بن عامر قال: ان عمر بن الخطاب قال: العجب من رويا الرجل! ان يبيت فيرى الشيء لم يخطر له على بال فيكون رؤياه كأخذ باليد ويرى الرجل الرؤيا فلا يكون رؤياه شيئاً.
والمعنى مستمعينا الافاضل ان الخليفة كان متعجباً من صدق احلام بعض الناس وعدم صدقها عن بعض آخر، ويبدو انه قال ذلك على نحو الاستفسار عنه سر هذه الحالة من امير المؤمنين (عليه السلام).
اجل فقد تابع السيوطي روايته قائلاً: فقال علي بن ابي طالب، افلا اخبرك بذلك؟ .. يقول الله تعالى: «الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى‌ اجل مسمى».
ثم قال (عليه السلام) مبيناً: فالله يتو‏فى الا نفس كلها، فما رأت وهي عنده في السماء فهي الرؤيا الصادقة، وما رأت اذا ارسلت الى اجسادها تلقتها الشياطين في الهواء فكذبتها واخبرتها بالا باطيل، فعجب عمر من قولها اي من قول الشياطين.
تشتمل هذه الاحاديث الشريفة الثلاثة مستمعينا الاعزاء على جملة من الحقائق المهمة ابرزها: 
الحقيقة الاول: هي ان عالم المنام هو من القنوات المهمة التي تربط بين الانسان وهو في عالم الدنيا بعالم الغيب والملكوت.
والحقيقة الثانية: هي انها تبين منشأ التمايز بين الرؤيا الصادقة واضغاث الاحلام وبالتالي تشير الى سبل تمييز الانسان بين هذه وتلك.
والحقيقة الثالثة: هي ان صدق الرويا والاحلام الصادقة في الواقع الخارجي وهذا ما يحدث لكثير من الناس يثبت بوضوح الحقيقة الاولى وهي ان عالم الرؤيا الصادقة هو قناة ربط بين الانسان وعالم الملكوت والغيب.
والحقيقة الرابعة: هي ان المنام هو موت اصغر تنتقل فيه الروح بدرجه معينة من اسر عالم الدنيا وظاهره.

*******

سياحت غرب (القسم التاسعة والعشرين)

احباءنا المتبقي من وقت البرنامج لا يتسع لنقل قسم آخر من رواية (سياحت غرب) كما هو الحال في حلقات البرنامج ومنذ الاولى منها، ولذا نعتذر عن ذلك وسنتابع تقديمها ان شاء الله في الحلقة اللاحقة، اما الآن فالى الفقرة الختامية، وهي ادبية روائية ايضاً وقد اخترنا لها عنواناً هو:

الحساب الالهي

روي عن الفضل بن الربيع انه قال: حججنا مع الرشيد (يعني هارون الغوي من طواغيت بني العباس) فمر موكبه بالكوفة في طاق المحامل، واذا ببهلول قاعد فابتدر اليه الخدم ليطردوه.
فقام بهلول وقال للرشيد: كيف لو اقامك الله بين يديه فسألك عن النقير والقطمير والفتيل؟
فقال الرشيد وقد اظهر التأثر: اريد ان اصلك بصلة، فقال بهلول: ردها على‌ من اخذتها منه!
فعاود هارون الطلب قائلاً: اطلب مني حاجة!
اجاب بهلول: حاجتي الا تراني ولا اراك!
ثم روى بهلول مسنداً عن بعض الصحابة انه قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرمي جمرة العقبة على ناقة صهباء لا ضرب ولا طرد ولا اليك اليك...
وفي ذلك تعريض بالخليفة العباسي وضخامة موكبه ومحامله وهو يذهب للحج، ثم ذهب بهلول بسرعة عن موكب هارون وهو ينشد الابيات التالية:

فعدك قد ملك الارض طراً

ودان لك العباد فكان ماذا

الست تصير في قبر ويحوي

تراثك بعد هذا ثم هذا

 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة