موضوع الحلقة:
• الاعمال التي تؤدي الى تخفيف صعوبة نزع الروح
• الشيخ محمد السند يجيب عن أسئلة المستمعين
• لقاء بطل رواية مسيرة الارواح بعد الموت بحبيب بن مظاهر في عالم البرزخ
• أشعار ومراسلات في صدق الحب الالهي
• حقيقة الحياة في حديث الامام الصادق(ع)
*******
الحمد لله الذي تحبب لعباده وهو غني عنهم بالفضل والاحسان واتم نعمته عليهم بحججه الهداة اليه والمعينين لعباده على طاعته محمد وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين.
السلام عليكم مستمعينا الاعزاء ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في الحلقة الثامنة والعشرين من حلقات هذا البرنامج، نسأل الله ان تقضوا معنا فيها وقتاً نافعاً مفعماً بالذكرى التي تنفع المؤمنين.
وفي بداية هذه الحلقة نعرفكم - ايها الاخوة والاخوات- بفقراتها الرئيسة.
ففي الاولى لنا حديث عن الاعمال التي تخفف سكرات الموت.
وفي الثانية يجيب ضيف البرنامج سماحة الشيخ محمد السند عن اسئله المستمعين.
وفي الثالثة نتابع معكم لقاءً بين بطل رواية سياحت غرب وحبيب بن مظاهر رضوان الله عليه محله عالم البرزخ.
اما في الفقرة الرابعة فهي ادبية تشتمل على مراسلات اخوانية واشعار في الصدق في اليقظة والحب.
*******
ونختم اللقاء بكلمة جامعة من الامام الصادق (عليه السلام) تعرفنا باحدى اهم حقائق الحياة.
روى الشيخ الكليني رحمه الله في الكافي مسنداً عن الصادق (عليه السلام) ان امير المؤمنين صلوات الله عليه اشتكى عينه فعاده النبي (صلى الله عليه وآله) فاذا هو يصيح.
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): اجزعاً ام وجعاً؟
فقال: يا رسول الله ما وجعت وجعاً قط اشد منه، فقال: يا علي ان ملك الموت اذا نزل لقبض روح الكافر نزل معه سفود من نار فينزع به روحه فتصيح جهنم.
فاستوى علي (عليه السلام) جالساً فقال: يا رسول الله اعد علي حديثك فقد انساني وجعي ما قلت، ثم قال: هل يصيب ذلك احداً من امتك؟
قال: نعم، حاكم جائر وآكل مال اليتيم ظلماً وشاهد زور.
اعاذنا الله واياكم احباءنا من ذلك وخفف عنا وعنكم سكرات الموت.
واضح من الحديث المتقدم ان المعاصي والذنوب عاملان اساسياً في تشديد سكرات الموت وصعوبته وبالتالي فان الورع عنها والتوبة منها وتجديد التوبة يساهم في تخفيف هذه السكرات.
اجل خاصة اذا لاحظنا ان جملة من الاحاديث الشريفة تصرح بان الله عزوجل يشدد سكرات الموت حتى على المومن لكي تكون كفارة لما بقي من ذنوبه.
وهذا يعني ان صدق التوبة ودوام الاستغفار عما نعلم من ذنوبنا وما لا نعلم يودي الى تخفيف سكراته وشدائده.
وثمة اعمال اخرى تساعد على التخفيف من سكرات الموت نتعرف عليها في الفقرة التالية:
يستفاد من النصوص الشريفة مستمعينا الافاضل ان من الاعمال العبادية التي لها تأثير في التخفيف من سكرات الموت، هي تلاوة القرآن الكريم ودوام الارتباط بهذا العهد الالهي المجيد.
اجل، هذا ما نستفيده بوضوح من المقطع التالي من دعاء الامام السجاد (عليه السلام) عند ختم القرآن الكريم حيث يقول:
«اللهم صل على محمد وآله وهون بالقرآن عند الموت على انفسنا كرب السياق وجهد الانين وترادف الحشارج اذا بلغت النفوس التراقي وقيل من راق؟ وتجلى ملك الموت لقبضها من حجب الغيوب ورماها عن قوس المنايا باسهم وحشة الفراق، وداف لها من ذعاف الموت كأساً مسمومة المذاق، ودنا منا الى الآخرة رحيل وانطلاق وصارت الاعمال قلائد في الاعناق».
وقد عرفنا اهل بيت النبوة (عليهم السلام) بمجموعة من اعمال الخير التي لها تأثير خاص في تخفيف صعوبة نزع الروح منها صلة الرحم وبر الوالدين.
اجل اعزاءنا المستمعين فقد روى الشيخ الصدوق في اماليه مسنداً عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: «من احب ان يخفف الله عزوجل عنه سكرات الموت فليكن لقرابته وصولاً وبوالديه باراً فان كان كذلك هون الله عليه سكرات الموت ولم يصبه في حياته فقر ابداً».
ومن هذه الاعمال احباءنا ادخال السرور على المؤمنين وقضاء حوائجهم ورعايتهم واعانتهم بمختلف اشكال الاعانة والبر حسب استطاعته.
هذا ما تنبه له جملة من الاحاديث الشريفة منها ما رواه القطب في كتاب الدعوات عن الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) انه قال: «من اطعم اخاه حلاوةً اذهب الله عنه مرارة الموت».
كما روي في الكافي عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: «من كسا اخاه كسوة شتاء او صيف كان حقاً على الله ان يكسوه من ثياب الجنة وان يهون عليه سكرات الموت وان يوسع عليه في قبره».
كما ذكر لاعمال عبادية اخرى آثار خاصة في تخفيف سكرات الموت، منها صيام يوم من آخر شهر رجب فقد وصف الامام الصادق (عليه السلام) اثره قائلاً: «كان ذلك اماناً له من شدة سكرات الموت واماناً له من هول المطلع وعذاب القبر».
ومنها المواظبة على تلاوة سورة «اذا زلزلت الارض زلزالها» خاصة في النوافل فقد ورد عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال عن آثار ذلك ان الملتزم بها: «اذا مات نزل عليه ملك كريم من عند ربه فيقعد عند رأسه فيقول: يا ملك الموت ارفق بولي الله فانه كان كثيراً يذكرني».
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج عوالم ومنازل بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ محمد السند اهلاً ومرحباً بكم:
المحاور: سماحة الشيخ السلام عليكم.
الشيخ محمد السند: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ الاسئلة التي وصلت الى البرنامج من المدينة المنورة من الاخ ابو عبدالرحيم يسأل عن حديث المعراج معراج النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) ومن انه رأى طبقات من المنعمين ومن المعذبين في الجنة والنار، يسأل من هؤلاء وكيف رآهم وهل كانوا صور حقيقية وهل انها امور رمزية تشير الى مستقبل الانسان عندما يصل الى الجنة وكيف يكون ذلك معذبون او منعمون هذا مختصر سؤال الاخ الكريم، تفضلوا مشكورين بالاجابة؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وعلى آله بيته الطيبين الطاهرين المعراج كما ورد بذلك بنص القرآن الكريم في سورة النجم وسورة الاسراء وورد في روايات الفريقين ايضاً ان النبي (صلى الله عليه وآله) عرج بجسده وروحه الى دار الآخرة، ودخل الجنة وشاهد كثير من مشاهد الآخرة لانه في مدرسة اهل البيت (عليهم السلام) ان الجنة والنار الاخروية الآن مخلوقتان.
المحاور: الاخروية مقابل اي شيء سماحة الشيخ؟
الشيخ محمد السند: مقابل النشأة البرزخية ومقابل نشأة دار الدنيا.
المحاور: الجنة والنار التي يكون فيهما خلود للمؤمنين وللكافرين كلتان الجنتان مخلوقتان؟
الشيخ محمد السند: دار الآخرة ليس عالم سيخلق وان كان انتقال اهل الدنيا الى دار الآخرة يحتاج الى قيام القيامة عليهم واما نفس دار الآخرة، ومن ثم في خطبة النبي (صلى الله عليه وآله) في شهر شعبان وفي شهر رجب وغيره ان اهل الحسنات والطاعات الآن يتعلقون بشجرة طوبى وان اهل المعاصي والسيئات الآن يتعلقون بشجرة الزقوم.
المحاور: وان ابواب الجنة مفتحة وابواب النيران مغلقة....
الشيخ محمد السند: نعم هذا بالنسبة الى اوصاف شهر رمضان وايضاً ورد حول ذلك المنافق انه مات عن عمر يناهز الثمانين عاماً او السبعين فلما مات سمع النبي وجدة وهي سقوطه في دار جهنم وامثال هذه الروايات كثيرة جداً نقرأ نظير ذلك الانصاري الشاب الذي فتح الله بصيرة قلبه فرأى اهل الجنة يتنعمون واهل النار يعذبون وان منهم اراد ان يكشف من صحابة النبي عن اهل الجنة واهل النار وتحدث بذلك لقال النبي كف، عندما سأله ما بالك حيث رآه مصفراً قال اسهد ليلي واطوي نهاري صائماً وماشابه ذلك واني على يقين فقال لكل حق حقيقة ولكل علامة نور بما مضمون هذا الحديث.
المحاور: علامة المتقين...
الشيخ محمد السند: اذن روايات عديدة موجودة في طريق الفريقين كلها دالة ومد للة على انها الجنة والنار الآن مخلوقتان وان النبي (صلى الله عليه وآله) عرج به الى دار الآخرة والى ما فوق حتى الجنة والنار وما شاهد من آيات ربه الكبرى.
المحاور: سماحة الشيخ السؤال الآخر هو في الحقيقة من هؤلاء بأعتبار ان القيامة الكبرى لم تقم بعد؟ من الذين رآهم واي صور رآهم فيها؟
الشيخ محمد السند: طبعاً لانحسب ان اهل الجنة واهل النار هم نحن فقط بل هناك قبل خلقة آدم ابو البشر وبنيه كانت خلقة مخلوقات سابقة وقد يعبر عنها في روايات اهل البيت بأن قبل آدمكم الف الف آدم وماشابه من هذا التعبير فأهل الجنة واهل النار على اية حال دورات خلقية كانت لله عزوجل من قبل وطبعاً ما ذكر في روايات المعراج وما ذكر عنه ان النبي (صلى الله عليه وآله) شاهد من امته او من الامم السابقة فهذا كيف يبين الاعمال من تجسم.
المحاور: يعني يكون الانسان وهو على الحياة الدنيا معذب بالنار؟
الشيخ محمد السند: ولكن لا يشعر بالعذاب نظير الانسان الذي لو اصيب بجرح وكسر ولكنه في خضم حرارة حديث او حرب محتدمة فلا يشعر بالجروح واذى الجروح وبعد ان يعود الى حواسه والى تركيز التفاته يبدأ يشعر بالالم والجرح وشدته.
المحاور: يعني يخرج من حالة الغفلة وسكرة الحياة الدنيا؟
الشيخ محمد السند: كما تشير الى ذلك الآية الكريمة فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد، فيدل على ان الامور كانت لكن الانسان لا يشعر بها وبالتالي كما مر بنا ان الانسان وجوده ذو طبقات وجودية كما ان بدنه الدنيوي الآن ونشأته الدنيوية الا ان طبقات ذاته من روحه وقلبه هي متعلقة بنشآت متجانسة متناسبة في اللطافة والرقة مع تلك الوجودات وبالتالي له تعلق بتلك العوالم وله مباشرة وله ملابسة بنحو من الانحاء وله تدبير.
المحاور: الشيخ محمد السند شكراً جزيلاً على ما تفضلتم به.
*******
سياحت غرب (القسم الثامنة والعشرين)
نتابع اعزاءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل بمتابعة رحلة بطل رواية سياحت غرب في عالم البرزخ لعلنا نعرف في هذه الحلقة سر الحزن الذي دخل قلبه وهو في روضة من رياض جنان البرزخ، نستمع معاً لفقرة:
مسيرة الارواح بعد الموت
للمرة الاولى لم اشعر بالوحشة عندما تركني رفيقي الهادي رغم كونه مودتي لاهل البيت عليهم السلام التي تمثلت في البرزخ بصورة هذا الشاب الطيب، لقد نفذت هذه المودة القدسية الى اعماق قلبي واختلطت بالحزن الذي استشرى فيه وحير كل من رآني على تلك الحال... وفيما انا غريق حزني جاء الي من يخبرني ان حبيب بن مظاهر يطلبني عبر اثير البرزخ يريد ان يحدثني وهو في عاصمة دار السلام.
اثر ذلك وجدت نفسي امام جهاز الهاتف اسمع منه صوت الحبيب حبيب شيخ انصار الحسين (عليه السلام) وأرى فيه صورته.
قلت في نفسي: لعل رفيقي الهادي قد استنجد بهذا الشهيد الزكي لكي يخرجني مما انا فيه ويقنعني بالدخول الى المدينة. فهل استطاع تحقيق ذلك؟
قال لي: ابعد عنك الحزن وهواجسه وافكاره، تعال الى هنا واهنأ بنعيمه واشكر الله على الوصول الى جنان البرزخ هذه.
فأجبت: لن يخرج من قلبي الحزن ما لم تتحقق امنيتي والا ستبقى الجنان في عيني سجناً.
قال: تعال نبث احزاننا بعضنا لبعض لنرى اينا اشد حزناً؟
قلت: ان العشاق الذين يضحون بانفسهم في سبيل المعشوق ينالون غاية ما يتمنون ولاينتابهم بعد ذلك حزن او حسرة وهكذا حالك انت يا حبيب وصحبك الشهداء وحسن اولئك رفيقا.
قال: اما سمعت قول الصادق الامين (صلى الله عليه وآله): «من مات على حب آل محمد مات شهيداً».
قلت: بلى، ولكن للقتل في سبيل المحبوب حساباً آخر فكيف يمكن ان اكون عديلك يا حبيب وقد صدق على ما فعلتموه يوم كربلاء قول الشاعر:
لبسوا القلوب على الدروع وانما
يتهافتون على ذهاب الانفس
استمر حبيب الحبيب يحاورني قائلاً: من احب عملنا حشر معنا فلاخوف عليه ولا حزن. اجبته: الاجر على قدر المشقة وانتم قتلتم في سبيل الله فانتم الاحياء حقاً لكم ان تكونوا عند ربكم ترزقون.
قال: لقد احببت عملنا فانت من السعداء انت منا فهلم الينا...
قلت: بل انا من الاموات مالم اقتل في سبيل الله نصرةً لامامي مثلما فعلتم انتم لقد قتلتم في نصرة امام زمانكم الحسين (عليه السلام) اما انا فقد مت حتف انفي، وتركت امام زماني المهدي في غربة الغيبة يستصرخ طالباً النصرة منتظراً يقظة الغافلين يندب ثار الحسين صباحاً ومساءً...
تغيرت حال حبيب بن مظاهر وانهمرت دموعه وهو يسمع كلامي عن سيد مظلومي العصر المهدي... وتوقف عن الكلام فقد ودعني بتلك الدموع بدلاً عن الكلام.
*******
ننتقل احباءنا الى فقرة ادبية شعرية اخترنا لها عنوان:
اسر الغفلة
يروى ان بعض المؤمنين كتب رسالةً الى صديق له قال فيها:
اما بعد يا اخي، كن حياُ تسلم، واقطع كل قاطع يقطعك عن الله عزوجل فان قبلت ذلك والا هلكت. ثم ذيل رسالته بهذه الابيات:
ومن الناس من يعيش سفيهاً
جاهل القلب غافل اليقظة
فاذا كان ذا وفاء ورأي
حفظ الوقت واتقى الحفظة
ومن الناس راحل ومقيم
فالذي بان للمقيم عظة
وكتب بعض الوعاظ رسالة الى اخ يحبه جاء فيها:
اما بعد يا اخي فانه من تعرض لعقوبة الله هوى وشقي، ومن تعرض لرضا الله كفي ووقي، فاجعل حظك من دنياك الاشتغال بطاعة مولاك والسلام.
واكتفى بعضهم في رسالته الى اخ له غرته الدنيا بكتابة هذه الابيات الثلاثة:
تحب الصالحين بزعم قلبك
وتخلو ان فقدتهم بذنبك
فمن حب الخليل تفر منه
اهذا كله من كذب حبك
ستندم حين لا ندم بمجد
وتعلم ما يحل غداً بجنبك
*******
ختام هذا اللقاء فقرة وكلمة مهمة اخترنا لها عنوان:
وسيلة الفوز
ان من اهم سبل الفوز بسعادة الدنيا والآخرة - ايها الاخوة والاخوات- هو ان يعرف الانسان قيمة وحقيقة وقدر كل منهما ويتعامل مع كل منهما على اساس هذه المعرفة.
ولذلك فقد اهتم ائمة اهل بيت النبوة ومعدن الحكمة (عليهم السلام) بتعريفنا بذلك ومن مواعظهم الجامعة والبليغة في هذا المجال، ما روي عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال: «من اصبح وامسى والدنيا اكبر همه جعل الله تعالى الفقر بين عينيه وشتت امره، ولم ينل من الدنيا الا ما قسم له، ومن اصبح وامسى والآخرة اكبر همه جعل الله تعالى الغنى في قلبه وجمع له امره».
وهذه احباءنا من الحقائق المعاشة فمن يغفل عن الآخرة ويجعل سعيه للدنيا وحدها يبقى الى يوم موته يعيش هاجس الفقر والشعور بالفقر محروماً من طمأنينة الشعور بالغنى على العكس ممن كان همه الآخرة وسعى لها سعيها وعلم ان الرزق مقسوم مقدر.
ولذلك فان سعي العاقل يكون منصباً في اطار ما يدعونا اليه مولانا سيد الساجدين وهو يدعو الله عزوجل في يوم الثلاثاء:
«اللهم اصلح لي ديني فانه عصمة امري واصلح لي آخرتي فانها دار مقري واليها من مجاورة اللئام مفري واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير والوفاة راحةً لي من كل شر».
*******