موضوع الحلقة:
• الشيخ محمد السند يجيب عن سؤال بشأن عالم البرزخ
• القسم القسم الثالثة والعشرين من رواية (سياحت غرب ) حقيقة الحسد وآثاره في عالم البرزخ
• ذو النون المصري والأبيات المنقوشة على جبة سعدون المجنون
*******
الحمد لله الواحد الاحد الذي لا ند له ولا شريك والصلاة والسلام على صفوة اوليائه الهداة اليه محمد وآله والطاهرين.
السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم ومرحباً في الحلقة الثالثة والعشرين من حلقات هذا البرنامج، نستعرض لكم اولاً اهم فقراتها:
في الفقرة الاولى نتحدث عن ادب الرفق في تلقين والمحتضر العقائد الحقة.
وفي الفقرة الثانية نلتقي عبر الهاتف بضيف البرنامج سماحة الشيخ محمد السند حيث يجيب عنه بعض اسئلتكم بشأن عالم البرزخ.
وفي الفقرة الثالثة نتابع رحلة بطل رواية سياحت غرب وما رآه في ارض الحساد من عالم البرزخ.
وفي الفقرة الرابعة نتعرف على ما نقله ذو النون المصري بشأن الابيات التي كتبها سعدون المجنون على جبته.
*******
فاهلاً بكم ومرحباً مرة اخرى ونتمنى لكم ولنا وقتا طيباً نافعاً مع فقرات هذا البرنامج واولها تحمل عنوان:
الرفق في تلقين المحتضر
روى الكليني رحمه الله في كتاب الكافي مسنداً عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال: ما من احد يحضره الموت الا وكل به ابليس من شياطينه من يأمره بالكفر ويشككه في دينه حتى تخرج نفسه، فمن كان مؤمناً مما يقدر عليه، فاذا حضرتم موتاكم فلقنوهم شهادة ان لا اله الا الله محمد رسول الله حتى يموتوا...
وقال (عليه السلام): اعقل ما يكون المؤمن عند موته، وفي رواية اغفل ما يكون.
وعن الصادق (عليه السلام) ايضاً قال: والله لو ان عابد وثن وصف ما تصفون عند خروج نفسه ما طعمت النار من جسده شيئاً ابداً.
وقد روي عن سيد المرسلين محمد (صلى الله عليه وآله) انه امر بمنابذة الشيطان عند المجيء الى من حضره الموت، ولما سألوه كيف ننابذه امر (صلى الله عليه وآله) بتلقين المحتضر سورة «قل يا ايها الكافرون».
لا يخفى مستمعينا الافاضل على من يتدبر في هذه الاحاديث الشريفة ونظائرها ان الانسان عندما يأتيه الموت يعيش في ساعاته الاخير حالة صعبة للغاية بين دعوات الهداية ودعوات الضلال التي يوسوس لها به الشيطان بكل مكائده وحيله.
وتزيد من صعوبة تلك الحالة عليه ان قواه البدنية والذهنية تكون ضعيفة مرتبكة وهو يغادر العالم الذي انس به طويلاً.
وقد عرفنا ان مهمة التلقين هي اعانته على التمسك بالهداية وحمل قلباً مهتدياً معه الى عالم الآخرة في هذه الفرصة الاخيرة التي عرفتنا الاحاديث الشريفة بان الله يغفر حتى لعبدة الاوثان ويقبل منهم اذا عرض عليهم الحق في تلك الساعات وامنوا به بصدق ولم يكونوا من قبل من الجاحدين.
من هنا وبملاحظة كل هذه الخصوصيات ينبغي ان يكون التلقين بلطف ورفق وبيان لصفات الرحمة والرأفة الالهية لكي يدخل الى قلب المحتضر ويعينه على تقبل العقائد الحقة.
وقد اهتم العلماء بهذا الامر حتى انهم اكدوا الوصية بان يكون التلقين بصوت هادئ محبب، وبروح عطوفة شفيقة.
جاء في كتاب المحجة البيضاء في تهذيب احياء علوم الدين للغزالي قول: «وينبغي للملقن ان لا يلح بالتلقين، ولكن يتلطف فربما لا ينطلق لسان المريض فيشق عليه ذلك ويؤدي الى استثقاله وكراهيته للكلمة ويخشى ان يكون ذلك سبب سوء الخاتمة».
اذن فالمهم للانسان المحتضر في تلك الساعات ان يستذكر رحمة الله وصفاته الجلالية ويرد بذكرها وساوس الشيطان وينابذه بالاعتزاز بدينه ويملأ قلبه برجاء رحمة الله وحس الظن بسعة مغفرته جاء في تتمة الكلام الذي نقلناه آنفاً من كتاب المحجة البيضاء:
«ان معنى كلمة الشهادة بالتوحيد هو ان يموت الرجل وليس في قلبه غير الله تعالى، فاذا لم يبق له مطلوب سوى الواحد الحق، كان قدومه بالموت على محبوبة غاية النعم في حقه، وان كان القلب مشغوفاً بالدنيا ملتفتاً اليها متاسفاً على لذاتها وكانت الكلمة (يعني كلمة التوحيد) على رأس اللسان ولم ينطق القلب على تحقيقها وقع الامر في خطر المشية فان مجرد حركة اللسان قليل الجدوى الا يتفضل الله بالقبول».
*******
مستمعينا الافاضل، الآن الى هذا الحوار مع ضيف البرنامج سماحة الشيخ محمد السند لكي يجيب عنه بعض اسئلتكم بشأن عالم البرزخ وما بعد الموت نستمع معاً.
المحاور: سماحة الشيخ مع تقديمنا الشكر لمشاركتكم في هذا البرنامج والاجابة على اسئلة مستمعينا الاكارم فيما يرتبط بموضوعاته اعرض عليكم في هذه الحلقة سؤال تكرر في مجموعة من الرسائل التي وصلت الى البرنامج في عدة صيغ حول شفاعة الائمة (عليهم السلام) عند سكرات الموت وعند البرزخ ما المراد من الاحاديث الشريفة التي تقول وتخاطب المؤمنين بأن أخوف ما نخاف عليكم من البرزخ، هناك من يأمر ان تجاوزوا البرزخ وبعد البرزخ علينا في حديث آخر ما هو المراد من هذه الوصايا؟
السيد محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، درجات الاعمال مختلفة مثلاً العقائد والصفات الحسنة كما يقول بعض المحققين منهم المحقق الشاه آبادي ربما جزاءها يتجاوز حتى الجنة وبعض الصفات الحسنة او لا سمح الله الردئية جزاءها هو الجزاء الاخروي وبعض الاعمال التي هي لم تصل بحد الصفات ولا بحد المعارف العقبية والاعتقادات التي ترسخ قلب الانسان عليها الذي هي مجرد اعمال عابرة ومجموعة تراكمية من الاعمال المعينة، هذه آثارها وجزاءها حسب جملة من الروايات وحسب النصوص الواردة جزاءها يكون برزخياً، من ذلك يتضح ما ورد عنهم ربما مستفيضاً ربما شفاعتهم في الآخرة وفي عرفات يقوم القيامة وان في البرزخ ربما لا تمتد شفاعتهم او لا يؤذن بأعمالها في البرزخ بصورة عامة وان كان لكل صفة عامة استثناءات وخصوصيات كما قد شوهد ذلك في مشاهدات ومكاشفات مع اهل البرزخ من الموتى لكن.
المحاور: اذن هذا هو الجواب على مجموعة من الاسئلة، طريق الشفاعة ليس منقطعاً بالكامل فشفاعة اهل البيت في البرزخ.
السيد محمد السند: بالضبط وانما الحالة العامة والحالة الطبيعية ان رحاب الاعمال ليس جزئي وفي الواقع تلك الاعمال التي وقعت من المؤمنين مثلاً المحبين لاهل البيت فاذا لم تكن في الجادة الشرعية في الواقع ليست مشايعة لاهل البيت، تلك الاعمال السيئة لم تصب في مسار التشيع لان مشايعة المتشيع وهو الامام او الائمة يتبعه في كل قضية وبالتالي تلك الاعمال حيث لن تقع في صراط الانقياد والمتابعة للأئمة (عليه السلام) بالتالي خارج عن ولايتهم فيلاقي الانسان جزاءه بخلاف ما احبه واعتقده من آل البيت من صفاتهم الكريمة وربما تكونت له بسبب محبة وولاية ومعرفة اهل البيت (عليهم السلام) فهذه الامور ايضاً يفسرها البحث والميزان العقلي ايضاً وهذا ليس بنحو العموم المستثنى، هناك حالات استثناء، وهي ربما في الواقع ترجع الى الاعمال والصفات ما يرجع الى مشايعة ومتابعة اهل البيت وبالتالي فتغلب تلك الصفات الحسنة والاعمال الحسنة تلك السيئات في الاعمال وبالتالي ينال الشفاعة بالجملة او بنحو استثناءها في البرزخ.
المحاور: سماحة الشيخ هل يمكن القول وما تفضلتم به ان حضور مودة اهل البيت (عليهم السلام) في البرزخ يكون في الواقع هو نوع من الاعانة ومصداق الشفاعة في البرزخ هو حضور الاعمال الحسنة التي قام بها تمثلاً بأهل البيت ومودة اهل البيت (سلام الله عليهم) تكون مرافقة له في البرزخ؟
السيد محمد السند: نعم هذه نمط من الوان الشفاعة ما ورد من ان اعماله من الصلاة والصيام والحج ومودة اهل البيت التي هي انور الصور تكون معه وهي تخاطب بقية الصور والاعمال انه ان جهدكم دفع سيء فتكون النوبة لي هذا احد الانواع من الشفاعة والارتباط وفيما كما مر يكون بنحو التفصيل.
المحاور: سماحة الشيخ ملاحظة اخيرة عفواً هل يمكن القول ان المقصود من هذه الاحاديث انه لا شفاعة في البرزخ حث المؤمنين على ان يكتسبوا في الدنيا ما يعينهم على حياة البرزخ يعني من هذه.
السيد محمد السند: لا ريب في ذلك لانه فيه نوع من الحث وعدم التغرير، الانسان نفسه بأنه يتكل كما ورد في الروايات لا يتكل عبد على عمله بدون مودتنا ولا يتكل على مودتنا بدون عمل فلابد منهما معاً جناحان معاً، العمل والمودة، والمودة تخطر العمل كما يسمى الشيعي شيعي لانه شايع اهل البيت في المعرفة والولاية والعمل ولو انه خالف وعصى ربه فقد نبذ تشيعه وبالتالي في عمله.
المحاور: شكراً جزيلاً لضيفنا الكريم الشيخ محمد السند وشكراً لك ماحبتنا.
*******
سياحت غرب (القسم الثالثة والعشرين)
اهلاً بكم اعزاءنا مرة اخرى في الحلقة الثالثة والعشرين من برنامج عوالم ومنازل وقد حان الآن موعد متابعتنا معاً لرواية سياحت غرب.
في هذا القسم من الرواية بصور كاتبها ومعد ترجمتها الاذاعية هذه اجواء الصورة البرزخية للحسد وما تفعله بالانسان من خلال رحلة بطل الرواية في منازل عالم البرزخ
لنستمع معاً الى فقرة:
مسيرة الارواح بعد الموت
رجعت الى حيث تركت جوادي لكي اتابع رحلتي فوجدت المسكين قد سقط ميتاً مما اصابه من لهيب ارض الحسد فحملت رحلي على ظهري وحمل رفيقي الهادي متاعنا، ومشينا في تلك الصحراء الملتهبة وانا احمد الله عزوجل شاكراً لوليه امير المؤمنين (عليه السلام) استجابته لاستغاثتي وانقاذي من نيران مكائن الحسد المهولة التي كادت ان تحرقني وتهلكني لولا ان من الله على بتلك الاغاثة العلوية الكريمة.
لكنني اسفت لموت جوادي المسكين بلهيب شهوات الحسد تلك، خاصةً وان الجو الذي سرنا فيه كان خانقاً بسبب كثافة الدخان الذي تولده مكائن الحسد ورائحة التعفن الخارجة من افواه المعذبين بنيران الحسد في تلك الارض البرزخية التي لا يمكن للحساد فيها اخفاء روائح الحسد الكريهة ونيرانه الحارقة كما كانوا يفعلون في عالم الدنيا.
وفجأة داخلني رعب شديد وانا اشاهد بشراً يخرجون من فتحات مكائن الحسد الرهيبة تلك... فقد كانت هيئتهم فحيفة حقاً، فاستعذت بالله منهم، وسألت رفيقي الهادي عنهم:
- من هؤلاء وما كان عملهم لكي يظهروا هنا بهذه الصور... والعياذ بالله منهم...
اجابني هذا الرفيق الطيب الذي تتذكرون ولاشك انه الصورة البرزخية لمودتي لاهل البيت (عليهم السلام) قال: هؤلاء هم الذين اظهروا داء ابليس في الدنيا وعبروا عنه تجاه المؤمنين باليد واللسان!
وسألته ثانياً: وما داء ابليس!
اجاب: هو الحسد، لقد حسدوا المؤمنين وعبروا عن حسدهم بايذائهم باليد واللسان مثلما يفعل ابليس، ومثلما فعل حساد آل ابراهيم وآل محمد (عليهم السلام) وعذابهم في برهوت اعظم مما ترى...
وسألته: ولماذا يعذبون بهذه الصورة؟
قال: انهم يلقون في هذه المكائن حيث يضغطون فيها بشدة فتخرج ينرانهم الباطنية وهكذا كان حال بواطنهم في الدنيا، فكانت نيران الحسد تدمر فيهم كل خير، اما علمت بان الحسد ياكل الايمان كما تأكل النار الحطب!
نعم ولا اكتمكم احبائي، انني انا ايضاً لم اتخلص في دنياي من دخان نيران الحسد الا باتباعي لأوامر موالي اهل بيت النبوة واستغاثني بهم (عليهم السلام) بعد ان داخلني شيء منه، وهذا ما ادركته في برزخي عندما وجدت طريقي في هذه المرحلة مظلماً لا استطيع ان امشي فيه ولذلك تقدمني رفيقي الهادي فمشيت وراءه، تذمرت من صعوبة الطريق وقلت لرفيقي: ربما نكون قد اخطانا الطريق..
أجاب: لا، لم نخطئ الطريق، ولكن من ينجو من الحسد قليلون، فاشكر ربك يا صاحبي، لولا ما تفضل به عليك اولياء الامر، لاصابك ما لايقل عما يصيب هؤلاء.. ولكن ابشرك بان بعض هؤلاء سينجون عاجلاً وبعضهم آجلاً مما هم فيه ببركة التوبة والاستغاثة بالزهراء وابيها وبعلها وبنيها (عليهم السلام).
اخذت اسرع في السير رغبة في الخلاص من هذه الاجواء والارض المليئة بالبليان ولذلك فقد تعبت واصابني عناء ونصب بعد ان اجتزنا تلك الارض وفجأةً هب علينا نسيم منعش انساني تعبي وظهرت في الافق معالم اراض خضراء واشجار سامقة وانهار جارية، ووديان جميلة وجبال مزهرة فسرنا حتى وصلنا الى عين ماء جلسنا نستريح عندها، فقلت لصاحبي الودود: احسب ان رفيقي جهل الاغبر الذي كاد يهلكني بالحسد قد هلك هو تحت عجلات مكائنها...
اجاب: انه لا يموت، وما اوتيتم من العلم الا قليلا، ولكن اطمئن لن يصل اليك في هذه الارض، فقد ابتعدنا كثيراً عن وادي برهوت، لقد تطهرت من التكبر فلن ترى بليات صحرائه، ونحن على مقربة من عاصمة وادي السلام، فلا خوف عليك فيها...
*******
اهلاً بكم احباءنا في الفقرة الاخيرة من هذه الحلقة اخترنا لها عنوان:
تذكرة على جبة المجنون
روي عن ذي النون الزاهد المصري قال: بينا انا في بعض ازقة مصر اذا انا بسعدون المجنون وعليه جبة صوف جديدة مكتوب عليها خطوط قد ادخل راسه فيها، فسلمت عليه فرد السلام فقلت له: قف يا سعيد حتى انظر ما كتب على جبتك فوقف.
يقول ذو النون: فقرأت على كمه الايمن سطر واحد هو:
عصيت مولاك يا سعيد
ما هكذا تفعل العبيد
اما على كمه الايسر فقد كتب بيتان هما:
تباً لمن قوته رغيف
يأتي به السيد اللطيف
يعصي الهاً له جلال
وهو به راحم ورؤوف
اما على ظهر الجبة فقد قرأ هذين البيتين:
كل يوم يمر ياخذ بعضي
يذهب الاطيبين مني ويمضي
نفس كفي عن المعاصي وتوبي
ما المعاصي على العباد بفرض
وكتب على مقدم الجبهة (هذين البيتين):
اعمل وانت من الدنيا على وجل
واعلم بانك بعد الموت مبعوث
واعلم بانك ما قدمت من عمل
يحصى عليك وما خلفت موروث
فلما قرأ ذو النون المصري لابي العطاء سعيد الملقب بسعدون المجنون: انت حكيم ولست بمجنون!
فقال ابو عطاء: انا مجنون الجوارح ولست بمجنون القلب.
وبهذه الرواية الادبية الجميلة التي تحمل لنا اكثر من عبرة ننهي احباءنا هذا اللقاء من البرنامج سائلين الله عزوجل لنا ولكم سعادة الدارين وخيرهما ببركة العمل بوصايا اهل بيت النبوة (عليهم السلام).
والى لقاء مقبل نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******