بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ونشكره على عظيم احسانه ونسأله توفيق التوبة قبل الموت والراحة عند الموت والعفو عند الحساب.
والصلاة والسلام على سادات الشاكرين واسوة المحسنين وهداة التائبين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم اعزاءنا ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم ومرحباً في الحلقة الثالثة عشرة من حلقات هذا البرنامج نفتتحها بحديث شريف يتكفل ببيان آثار المعاصي في سوق الانسان الى سوء العاقبة والعديلة عند الموت وهو الموضوع الاول من موضوعات الحلقة التي تستمعون فيها الى اجابات ضيف البرنامج عن اسئلتكم وما قيل من بليغ الشعر في العاقبة اضافةً الى قسم آخر من رواية (سياحت غرب) ورحلة الانسان بعد الموت...
*******
الذنوب وسوء العاقبة
روى الشيخ الكليني رضوان الله عليه في كتاب الكافي مسنداً عن ابي بصير قال: دخلت ام خالد العبدية على ابي عبد الله (الامام الصادق) عليه السلام وانا عنده فقالت:
جعلت فداك انه يعتريني قراقر في بطني... وقد وصف لي اطباء العراق النبيذ بالسويق وقد وقفت وعرفت كراهتك له، فاحببت ان اسالك ذلك.
اذن لقد جاءت هذه الامة الصالحة سائلة من امام زمانها عن حكم تناول دواء فيه النبيذ لكي تشفى من مرضها فماذا كان جواب الامام عليه السلام؟ لقد سألها: وما يمنعك من شربه؟
أجابت هذه المرأة الصالحة: قد قلدتك ديني يابن رسول الله فالقى الله عزوجل حين القاه فاخبره ان جعفر بن محمد امرني ونهاني. بارك الله في هذا الولاء الصادق لائمة الحق فهو مفتاح الخير، على اي حال عندما اخذ الامام الصادق عليه السلام عهد التسليم لأمر الله عزوجل من ام خالد (رحمها الله) نهاها عن استخدام هذا الدواء المحرم مبيناً لها ظهور آثار الخمر السيئة عند الاحتضار حتى لمن يشربه كدواء.
قال عليه السلام لام خالد بلهجة الحريص على خير المؤمنين الرحيم بهم: لا والله لا اذن لك في قطرة منه، ولا تذوقي منه قطرة، فانما تندمي اذا بلغت نفسك ها هنا وأوماً بيده الى حنجرته مشيراً الى حالة الاحتضار.
وكرر القول ثلاث مرات تأكيداً: وقال عليه السلام افهمت؟!
لاشك بان الله تبارك وتعالى قد هدا ام خالد الى دواء آخر لمرضها اوعافاها منه حتى بدون دواء لتسليمها لأمر امام زمانها وهو امره عزوجل. لاريب في ذلك على ان في النصوص الشريفة تصريحاً بان الله لم يجعل فيما حرم دواءً لمرض. قد نفهم من الرواية المتقدمة ان لبعض الذنوب تأثيراً اشد في اضعاف قدرة الانسان على مقاومة هجوم الشيطان لسلبه ايمانه في ساعات الاحتضار.
اجل هذا ما دلتنا عليه روايات عدة نقلنا بعضها في حلقات سابقة، ومنها الدالة على شدة تاثير عقوق الوالدين وخاصة الام في وقوع الانسان في خطر العديلة عند الموت.
اتذكر هنا حكاية معبرةً نقلها آية الله الشيخ الزاهد عباس القمي في كتابي منازل الآخرة وسفينة البحار تؤيد وتصدق من خلال مصداق عملي ما حذر منه الامام الصادق عليه السلام في الحديث المتقدم. كأنك تعني قصة تلميذ الفضيل بن عياض الزاهد الكوفي الثقة الذي روى احاديث عنه الامام الصادق عليه السلام.
*******
يحكي ان تلميذاً من تلاميذ الفضيل كان يعد اعلم تلاميذه واكثرهم معرفةً بعلوم الدين لما حضرته الوفاة دخل عليه استاذه الفضيل وجلس عند رأسه وشرع بتلاوة سورة ياسين لكي يسهل عليه هول نزول الموت به.
ولكن هذا التلميذ المحتضر قاطع استاذه وقال بضجر: يا استاذ لا تقرأ هذه السورة فتعجب الاستاذ من قوله، ثم اراد ان يلقنه الشهادات فقال له: قل لا اله الا الله.
فأبى التلميذ ورد على استاذه قائلاً: لا اقولها لاني بري منها. ومات على هذه الحالة دون ان ينطق بكلمة التوحيد. اضطرب الفضيل مما رأى اضطراباً شديداً خاصة وانه مع ما كان يراه من وفور علم هذا التلميذ، فرجع الى منزله ولم يخرج منه اياماً يفكر في امر هذا الشاب وسر سقوطه في سوء العاقبة اعاذنا الله واياكم منها. وبعد ايام رآه في النوم وهو يسحب الى نار جهنم فسأله الفضيل: لقد كنت اعلم تلاميذي فبأي شيء نزع الله المعرفة منك؟
اجاب: بثلاثة اشياء.
اولها: النميمة فاني قلت لاصحابي خلاف ما قلت لك.
والثاني: بالحسد.
والثالث: كانت بي علة فجئت الى الطبيب فسألته عنها، فقال تشرب في كل سنة قدحاً من الخمر، فان لم تفعل بقيت بك العلة فكنت اشرب الخمر تبعاً لقول الطبيب، ولهذه الاشياء الثلاثة التي كانت في ساءت عاقبتي ومت على تلك الحالة.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج عوالم ومنازل بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ محمد السند اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ محمد السند: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته اهلاً وسهلاً.
المحاور: جزاكم الله خير سماحة السيد على اجابة سؤال ايضا فيها يرتبط بأسالة وردت الينا من احدى الاخوات مستمعي الاذاعة سؤال منها من الاخت سهير كاظم تسأل عن عالم البرزخ وما معنى ما ورد عن الامام الصادق عليه السلام ن تخوف على المومنين من هذا العالم عالم البرزخ وقوله بان شفاعة اهل البيت عليهم السلام لا تشملهم في هذا العالم؟ تفضلوا.
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم. عالم البرزخ على اية حال فما هو نص الآية الكريمة من ورائهم برزخ الى يوم يبعثون عالم يبعث فيه البني آدم من بعد مماتهم تبعث ارواحهم في ظل اجسام كما وردت في بعض الروايات امير المؤمنين صور بلا مواد يعنى بلا مواد غليظة هي التي تتعلق بها ارواحهم في دار الدنيا وكما ورد في بعض الروايات انه المعروفة رواه الفريقين عن النبي صلى الله عليه وآله كما تنامون وتموتون وكما تبعثون تستيقضون تبعثون فبين الحديث النبوي الشريف ان البرزخ نوع مسانخ ولون مقارب الى الحالة المنامية وفي بعض الروايات الاخرى ان قوم بعض الانبياء سأل نبيهم عن البرزخ والآخرة وما يدعوهم اليه فطلب من الله عزوجل ان يريهم آية يتعرفوا بها على الآخرة وما شابه ذلك فاحدث الله المنام للبشر رؤيا المنامية لم تكن في سابق عهد من اوائل خليقة البشرية بعد ذلك استحدثت نتيجة طلب قوم ذلك النبي فيدلل حديث على ان هو ما يراه انسان من حالات منامية لاسيما الرؤى الصادقة هي تمثل طبيعة برزخية اخروية يستطيع الانسان من خلالها ان يتعرف على شؤون عالم البرزخ بذلك واما ما مورد ان شفاعتهم عليهم السلام لا تنال المؤمنين في البرزخ نعم على اية حال مضمون هذه الرواية وربما روايات متعددة بهذا المضمون وهذا ان كان فهو يمثل حالة غالبية وقاعدة عامة طبعاً لكل قاعدة من صفوف واستثنائات ولكن ظاهر الحديث على اية حال اي ما كان ان الحالة الغالبة هي عدم نيل الشفاعة في البرزخ لذلك الانسان يجيب ان يوقي نفسه عن الوقوع في المعاصي المخالفات وعدم حينئذ التعاون والتسير في صرامة التقوى والطاعة وما شابه ذلك في امور سبل الخير وعموما طبعاً هناك روايات اخرى تدلل على انه نوع من الشفاعات تنال مؤمن في البرزخ ولكن بسبب اعمال خاصة معينة مثلاً، مثلاً الدينا روايات انه من صلى صلاة الرغائب فانه تلك الصلاة تأتيه في اول ليلة من ليالي القبر وتدفع عنه وحشة معينة من القبر او انه لو صلى صلاة الوحشة للميت فانها تبعث اليه في ظل نوع من البهجة السرور وعلى اية حال هناك وردت اعمال خاصة وبسبب تلك اعمال خاصة لمن يأتي بها نعم ينال نوع من التخفيف او على اية حال رفع نوع من العذاب عنه اذا ما اتي به تلك مثلا حسن خلق المرء مع اهله وعياله واسرته فان هذا يوسع في قبره من هذا القبيل لدينا، اما بنحو عالم على اية حال يغض النظر علي اعمال خاصة هناك قاعدة غالبة عامة ان شفاعتهم عليهم السلام انما تفعل وتعمل في يوم القيامة عند الحساب في الآخرة.
المحاور: سماحة الشيخ هل يمكن القول بأن البرزخ في الواقع هو اشبه ما يكون بمرحلة تطهيرية للمؤمنين يعني مثل ما ورد في ما يرتبط في سكرات الموت وشدة النزع انه فيه نوع من التطهير للمؤمنين كذلك يكون البرزخ له هذه الخصوصية؟
الشيخ محمد السند: في الحقيقة البرزخ هو على طبقات الرواد من درجات الايمان والصالحين والاتقياء هناك قد يظهر من جملة من روايات توكل لهم وظائف وامور الآن حتى العلوم الحديثه الروحية الاثيرية من خلال اتصال مع جملة من اهل البرزخ عبر وسطاء روحيين كما هم عندهم لذلك النظام البرنامج على اية حال نتائج التي هم اقروا بها واذعنوا بها ان جملة من الاموات من هو من اهل الخير والصلحاء وما شابه ذلك يكون لنوع من الرعاية مع الاحياء عبر التخاطر والالهام وما شابه ذلك ويدل على اية حال ان هناك ادوار يقوم بها الموت في البرزخ في رعايه وتريية وادارة لشؤون بطريقة روحية الهامية في العقل الباطن للاحياء.
المحاور: جزاكم الله خير الشيخ محمد السند. هنالك اسئلة اخرى لو سمحتم نوكلها الى لقاءات مقبله ان شاء الله.
الشيخ محمد السند: اهلاً وسهلاً.
المحاور: الى ما تبقى من فقرات البرنامج.
*******
سياحت غرب (القسم الرابع عشر)
نتابع احباءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل وفي هذه الفقرة نستمع معاً الى قسم آخر من رواية (سياحت غرب) لآية الله الشيخ القوجاني النجفي في هذه الحلقة يروي لنا بطل القصة ما جرى له وهو يعبر منزل الشهوات في عالم البرزخ بعد ان طوى بمشقة منازل السنوات الاولى للتكليف.
ولقد لا حظنا في الحلقة الماضية انه قد حصل على فرس قوي ببركة دعاء خالص له بالرحمة صدر عنه زوجته وهي تتذكر احسانه لها ايام حياته.
لنتابع معاً مجريات هذا القسم من الرواية: «رحلة الارواح بعد الموت».
عاد الى رفيقي الهادي ذلك الشاب الطيب الذي كان معي منذ الساعات الاولى التي تلت وفاتي وانتقالي الى عالم القبر والبرزخ وقد عرفتم كما عرفت انا ان هذا الشاب الشفيق هو الصورة الملكوتية لمودتي في الحياة الدنيا لاهل البيت عليهم السلام وقد جاء لكي يعينني على طي منازل البرزخ.
اعطاني الهادي بطاقة وجواز مرور واشار الي ان علي ان اتحرك لمتابعة مسيرتي في هذه المنازل فنهضت وركبت الفرس الذي اهدته لي زوجتي بدعائها الصادق وحميت ظهري بترس وحملت معي عصا تحسباً لمخاطر الطريق وخرجنا معاً لنتابع المسير.
اثر خروجنا من المنزل السابقه وجدت نفسي وسط ارض كلها اوحال ومستنقعات وكانت تطالعنا على جانبي الطريق حيوانات تشبه القرود لكنها ليست قروداً كانت في الواقع من البشر اناس يخرج من فروجهم القيح والدم وقذارات تثير الاشمئزاز اما روائحهم فقد كانت كريهة للغاية لاتطاق و كانت وجوههم ساعرة كانها ذات لهيب حارق قلت لصاحبي: العياذ بالله من هذا المنزل واهله من هولاء يا صاحبي؟
اجابني رفيقي الهادي هذه هي ارض الشهوات والذين تراهم على جانبي الطريق هم الزناة الذين اتبعوا الشهوات فانحرفوا عنه الطريق فاحذر الخروج عن الطريق والا اصابك ما اصابهم.
عندما سمعت تحذير رفيقي المشفق امسكت بقوة بزمام الفرس ودعوت الله عزوجل ان يترحم على زوجتي الوفية التي اهدته لي ورأيت صدق قول رسول الله صلى الله عليه وآله: من تزوج فقد احرز نصف دينه.
شاهدت بعض اولئك الزناة مصلوبين على اخشاب وقد ثبتت اعضاءهم التي ارتكبوا بها الحرام بمسامير من حديد على المشانق وبعضهم كانوا يجلدون فيستغيثون باصوات تشبه بناح الكلاب فيقال لهم: اخساوا فيها ولا تكلمون.
ولم نطو من الطريق الا بعضه حتى هجم علينا غبر الوجوه ومعهم رفيقي جهل الاغبر وقد اخبرتكم من قبل ان هؤلاء هم الصور البرزخية للجهل الذي كان معنا في الحياة الدنيا حاولوا اقناعنا بالخروج عن الطريق واعزاءنا بان طريقنا طيني موحل يصعب السير فيه وان حافتيه جافتان يسهل السير فيهما.
لقد استجاب بعض المسافرين لهذه الاغراءت وتركوا الطريق اما انا فقد التزمت بوصية رفيقي الهادي الذي وجدته ناصحاً حريصاً على الخير لي في كل ما اوصاني وقد رأيت هذه المرة ايضاً بركة العمل بوصيته لانني شاهدت الذين خرجوا عن الطريق قد غاصوا في اوحال المستتفعات واصبحوا يشبهون القرود والخنازير وقد علتهم الاقذار وتساقطت لحومهم من شدة الحرارة في تلك الاوحال التي كانت من احماض وقطران.
ولم يخرجوا مما هم فيه الا بعد ان تحملوا الاماً قاسيةً فشكرت الله على السلامة مما اصابهم وازداد غضبي على جهل الاغبر الذي لم يدعني الى خير ابداً وكل ما يفعله لي هو تزيين القبيح وتقبيح الحسن في عيني.
*******
الموت والحياة في سجل الشعر
ختام هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل ابيات من الشعر ترجع الى عصر ما قبل الاسلام يصف فيها الشاعر عدي بن زيد العبادي الموت داعياً الى الاتعاظ، ويعد هذا الشاعر من المع شعراء العصر الجاهلي وقد عد حكيماً معتبراً وقد صدق في ابياته هذه في وصف الموت حتى قال عنها ابن ابي الحديد بعد نقلها في شرحه للنهج ما نصد: قد اتفق الناس ان هذه الابيات احسن ما قيل القريض في هذا المعنى وان الشعراء كلهم اخذوا منها واحتذوا حذوها. قال عدي في ابياته:
ايها الشامت المعير بالدهر
أأنت المبرأ الموفود
ام لديك العهد الوثيق من الايام
بل انت جاهل مغرور
اين كسرى كسرى الملوك
شروان ام اين قبله سابور
وأخو الحضر اذ بناه واذ دجلة تجبى اليه والخابور لهم يهبه ريب المنون فباد الملك عنه... فبابه مهجور شاده مراً ... وجلله كلسا... فللطير في ذراه وكسور وتبين رب الخورنق اذا اشرف يوماً.. وللهدى تفكير سره حاله... وقال: فما غبطة حي الى الممات يصير ثم بعد الفلاح والملك والامة... وارتهم هناك القبور ثم اضحوا كأنهم ورق جف فألوت به الصبا والدبور.
*******