وقال هاكوهن إنّ السيد نصر الله "يسعى للوفاء بواجبه في مساعدة حماس، لكنّه في الوقت ذاته "ينتهز الفرصة لصياغة مستوى جديد في هوية حزب الله كقوة إقليمية".
وأضاف أنّ الهجوم الصاروخي، أمس الأربعاء، على صفد، هو "ارتقاء درجة في التصعيد"، في إطار القيود التي يواصل نصر الله الحفاظ عليها، في إدارته للحرب على شفا حرب شاملة".
وفي هذا السياق، أشار هاكوهن إلى "وجوب تحليل الطريقة الخاصة التي تجعل من نصر الله تهديداً خطيراً جداً لوجود إسرائيل، ليس فقط بسبب قوته العسكرية، مع حجم القذائف الصاروخية والصواريخ بعيدة المدى، التي يمتلكه حزبه والذي يُعدّ قوى عظمى، بل هو خطير بسبب حنكة سلوكه الاستراتيجي بشكل رئيسي".
وذكّر اللواء احتياط باستراتيجية الحزب عقب الأيام الأولى لانسحاب "جيش" الاحتلال الإسرائيلي من لبنان في أيار/مايو من العام 2000. حينها، "تبنى حزب الله هوية استراتيجية جديدة ملتزمة بتأثير إقليمي، وليس فقط بسلامة لبنان".
وقد "استغل نصر الله من ذلك الباب، الخلاف على ترسيم الحدود في مزارع شبعا، لاستئناف القتال ضد إسرائيل، على أساس التوجه لتحرير الوطن، وأوضح أنّ رجاله يُقاتلون على أبواب القدس في تلك المعركة"، وفق هاكوهن.
ومنذ ذلك الحين، "طبّق نصر الله واجبه على الدوام في المشاركة في جولات القتال مع الفلسطينيين، كما فعل في الهجوم على المواقع على الحدود مع لبنان خلال عملية السور الواقي في نيسان/أبريل 2002"، بحسب اللواء.
وعود على بدء، فقد "نجح نصر الله في الاستفادة الكاملة من الوضع الجديد، بعد حرب 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لدفع خطوة أخرى لترسيخ هويته، كقوة ذي نفوذ إقليمي".
وأوضح هاكوهن أنّ الأمين العام لحزب الله "انتهز المصلحة الأميركية في تجنب فقدان السيطرة إلى حد حرب إقليمية، وتوجه إلى صياغة معادلة القتال المحدود التي لا توصل لبنان ككل إلى تهديد بالحرب".
ورأى أنّ السيد نجح، بهذه الاستراتيجية، في "تحويل المنطقة الشمالية إلى ساحة معركة نشطة، ومستوطنات خط المواجهة إلى مهجورة، بعد اقتلاع نحو 70 ألف مستوطن من منازلهم".
في غضون ذلك، وباستخدام المفتاح في يديه، "لإعادة الهدوء إلى الساحة الشمالية"، وضع نصر الله لوسطاء الجهود السياسية الأميركية والفرنسية "مطالبات إقليمية غير مسبوقة من إسرائيل"، وفق هاكوهن.
ولفت إلى أنّ السيّد نصر الله "وضع نزاعاً على حوالى عشرة أراضٍ داخل حدود الهدنة الإسرائيلية التي حُددت في نهاية حرب عام 1948، إلى جانب الخلاف المعروف بشأن مزارع شبعا وقرية الغجر، التي هي نتيجة حرب 1967"، فيما "الاقتراح الفرنسي بنزع السلاح من جبهة الحدود، مغلّف أيضاً بإعلان مفاوضات لتعديلات الحدود التي يطالب بها نصر الله".
وعقّب هاكوهن على هذه الوقائع، قائلاً إنّ ذلك "هو فنّ الابتزاز الذي حسّنه وأتقنه نصر الله". وبذلك، "هو وضع سبباً لاستئناف القتال في التوقيت القادم الذي يناسبه، حتى لو وافق على نوع من تسوية سياسية، وحتى لو لم يستوفِ التنازلات الإسرائيلية بشأن قضية الأراضي المتنازع عليها".
وسبق للكاتب نفسه أن وصف الأمين العام لحزب الله بأنّه "أستاذ في إدارة الصراع والقتال"، مشيراً إلى أنّه "يُركّز بشكل أساسي على المسّ بالروح المعنوية في إسرائيل، وإهانتها".
ورأى أنّ "الوضع الذي تطوّر على الحدود اللبنانية منذ بداية الحرب في تشرين الأول/أكتوبر، قد أوقع إسرائيل في مأزق صعب"، ذلك لأنّ "إعادة السكان إلى المستوطنات لن تكون مهمة سهلة، حتى بعد اتفاق سياسي أو عملية عسكرية، لأنّ ذلك لن يكون قادراً على ضمان أمن المنطقة بشكل مطلق، فيما ستستمرّ قدرات حزب الله على المهاجمة بالنيران لكلّ منطقة الشمال وأيضاً وسط إسرائيل".
كما أنّ "حزب الله، كقوّة عسكرية، سيظلّ منتشراً في جميع أنحاء لبنان وسوريا والعراق، وسيواصل جهوده للتعاظم كتهديد استراتيجي على إسرائيل"، بتأكيد هكوهين.