ولكن أدلة جديدة تكشف أن ضرر غسول الفم قد يكون أكثر من نفعه.
ويتحول الاهتمام الآن إلى الميكروبيوم الفموي (مستعمرة الميكروبات المتنوعة في أفواهنا)، وعلى وجه التحديد، كيف يمكن أن يؤدي استخدام غسول الفم إلى القضاء على بعض البكتيريا الجيدة التي تساعد على حماية أجسامنا من أمراض، مثل القلب والسكري من النوع الثاني.
ووجدت الدراسة أن غسول الفم المطهر يرتبط بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وغيره من الحالات الطبية، حيث يعتقد أن خصائصه القاتلة للبكتيريا هي السبب.
وتقول الدكتورة زوي بروكس، الأستاذة المساعدة في تعليم وأبحاث طب الأسنان في جامعة Plymouth: "فمك مليء بمئات الأنواع من البكتيريا، وبينما يسبب بعضها الترسبات والتسوس، فإن بعضها الآخر مفيد جدا للصحة ومسؤول عن عمليات معقدة للغاية في الجسم".
على سبيل المثال، هناك بكتيريا تعيش على اللسان وتحول النترات من الطعام الذي نتناوله إلى نتريت، والذي يتحول بعد ذلك إلى أكسيد النيتريك في الأمعاء، المسؤول عن استرخاء الأوعية الدموية، ما يحافظ على ضغط الدم لدينا منخفضا.
وتضيف بروكس: "وجد عدد من الدراسات أن استخدام غسول الفم - وخاصة العلامات التجارية التي تحتوي على الكلورهيكسيدين المطهر - يمكن أن يؤدي إلى زيادة في ضغط الدم، خاصة لدى الأشخاص الذين لديهم بالفعل مستويات مرتفعة".
ووجدت دراسة أجريت عام 2019 في جامعة بورتوريكو، أن الأشخاص الذين يستخدمون غسول الفم مرتين يوميا أو أكثر، لديهم خطر أكبر للإصابة بارتفاع ضغط الدم.
كما كشف دراسة أجريت عام 2017 من قبل المجموعة البحثية نفسها التي يوجد مقرها في بورتوريكو، أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن ممن يستخدمون غسول الفم دون وصفة طبية مرتين يوميا على الأقل، لديهم خطر متزايد بنسبة 50% للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني على مدى فترة ثلاث سنوات.
وقال الباحثون إن قتل بكتيريا الفم الرئيسية هذه يقلل من قدرة الجسم على إنتاج حمض النيتريك، والذي بدوره يمنع الانهيار الفعال لسكر الدم، ما يسبب ارتفاعات خطيرة في نسبة السكر في الدم يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري مع مرور الوقت.
وهذا ليس الأثر الجانبي الوحيد الذي قد يكون ضارا لغسول الفم، حيث وجدت دراسة نشرت عام 2020 في مجلة طب العناية المركزة، أن غسول الفم المطهر الذي يستخدمه المرضى الذين تم إدخالهم إلى المستشفى قد يزيد من خطر الوفاة بسبب الإنتان، وهي حالة تهدد الحياة وتحدث عندما يبالغ جهاز المناعة في الجسم في رد فعله تجاه العدوى، ما يؤدي إلى فشل الأعضاء وأحيانا الموت.
وأشار العلماء إلى أن قتل البكتيريا الفموية المسؤولة عن إنتاج حمض النيتريك يمنع الجسم من امتصاص ما يكفي من هذا المركب، الذي يلعب دورا رئيسيا في الدورة الدموية الصحية.
وتقول بروكس: "بالطبع، هناك أيضا أدلة جيدة على أنه عندما يستخدم المرضى غسولات الفم التي تحتوي على الكلورهيكسيدين المطهر (إلى جانب فرشاة الأسنان)، فإنهم يقللون من الترسبات التي تسبب تسوس الأسنان وأمراض اللثة المبكرة".
ولكنه سيف ذو حدين، لأن الكلورهيكسيدين قوي جدا لدرجة أنه يقتل العديد من الأنواع المختلفة من البكتيريا، بما في ذلك الأنواع الجيدة. وتضيف: "من خلال عدم توازن الميكروبيوم الفموي بهذه الطريقة قد نؤثر بشكل غير مباشر ليس فقط على صحة القلب، بل نزيد من خطر الاستسلام لمشاكل أخرى مثل الإنتان ونساهم أيضا في المشكلة الأوسع المتمثلة في مقاومة المضادات الحيوية".
وتوضح بروكس: "كطبيبة أسنان، نصيحتي مختلفة لكل مريض، وأتساءل في كل مرة عما إذا كانت فوائد استخدام غسول الفم تفوق أي مخاطر شخصية بالنسبة لهم".