قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن الاحتلال يشن هجمات عسكرية منهجية ضد الأماكن والآثار التاريخية أثناء عدوانها المتواصل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر على قطاع غزة.
وأعرب "الأورومتوسطي" في بيان له، اطّلع عليه المركز الفلسطيني للإعلام، عن قلقه البالغ إزاء التقارير الواردة عن احتمال استيلاء جيش الاحتلال على آلاف القطع الأثرية النادرة من قطاع غزة بما قد يرتقي إلى جريمة حرب بحسب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وقال المرصد إن "الجيش الإسرائيلي" نشر في 17 كانون الثاني/يناير الجاري، نشر مقطع فيديو يوثق تفجير ونسف حرم جامعة “الإسراء” الرئيسي جنوب مدينة غزة، بعد أكثر من شهرين من احتلال حرم الجامعة واستخدامه كقاعدة عسكرية لآلياته ومركزا لقنص المدنيين ومعتقل مؤقت للتحقيق.
وذكر الأورومتوسطي أن عملية التدمير المذكورة طالت مقر "المتحف الوطني" الذي أسسته جامعة الإسراء منذ سنوات، ويعد الأول من نوعه على مستوى الأراضي الفلسطينية، وقد ضم بين جنباته أكثر من 3000 قطعة أثرية نادرة، قالت الجامعة في بيان صادر عنها إن قوات الجيش نهبت تلك القطع قبل نسف مبنى المتحف.
بموازاة ذلك، تابع الأورومتوسطي نشر “إيلي أسكوزيدو” رئيس سلطة الآثار في حكومة الاحتلال على حسابه على (انستجرام) مقطع فيديو يظهر جنود الجيش الإسرائيلي في موقع يضم مئات القطع الأثرية الفلسطينية داخل غزة من دون توضيح مصيرها.
ومطلع تشرين الثاني/نوفمبر تواردت إفادات للأورومتوسطي بشأن شبهات تعرض موقع “تل أم عامر” (دير القديس هيلاريون) لعمليات سرقة ممنهجة من "الجيش الإسرائيلي" طالت كل ما يتم استخراجه من قطع أثرية في الموقع الأثري الذي كان يعد أحد أقدم الأديرة في فلسطين.
وأكد المرصد الحقوقي أن سرقة الآثار تعد من جرائم الحرب وفقًا للقانون الدولي، إذ تحظر الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية لاهاي لعام 1954 لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح (المادة 4)، والبروتوكول الأول الملحق بها، الاستيلاء على الآثار خلال النزاعات.
ويعد الاتجار غير المشروع بالأملاك الثقافية، بما في ذلك الآثار، جريمة بموجب اتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشأن التدابير الواجب اتخاذها لمنع استيراد وتصدير ونقل الملكية غير المشروع للممتلكات الثقافية.
وأكد أن الاستيلاء على الآثار وتدميرها يعد جريمة حرب بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998، وهو ما يؤكد على حماية التراث الثقافي وعلى المسؤولية الجنائية الدولية لمنتهكي هذه القواعد.
وشدد "الأورومتوسطي" على أن إزالة الاكتشافات الأثرية من المنطقة الخاضعة للسيطرة يشكل نهبا للممتلكات الثقافية وانتهاكا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، المفصل في اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ونبّه إلى أن المخاوف إزاء احتمال سرقة القطع الأثرية من غزة يأتي في خضم استهداف إسرائيلي ممنهج للمواقع الأثرية والتاريخية والمتاحف في القطاع منذ بدء الهجمات العسكرية الإسرائيلية على القطاع.
ورأى أنه يأتي في محاولة لمحو آثار وجود الفلسطينيين وطمس معالم تراثهم الثقافي والروحي والشعبي، وتدمير هويتهم القومية والوطنية، وقطع صلتهم التاريخية بالأرض.
وأبرز الأورومتوسطي تعمد "إسرائيل" استهداف كل المباني التاريخية في قطاع غزة من بيوت وكنائس ومساجد ومقامات ومواقع أثرية بجانب استهداف المراكز والمؤسسات الثقافية والمكتبات العامة والمسارح ودور النشر والمطابع والمتاحف والميادين العامة.
كما استهدف جيش الاحتلال معالم مدن قطاع غزة، عبر قصف الميادين العامة والنصب والأصرحة التذكارية والحدائق والجداريات الفنية، واستهداف أعمال فنية والنصب التذكارية في الميادين العامة خاصة في مدينة غزة.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن حملة القصف والتدمير الإسرائيلية طالت على الأقل 10 مساجد وكنائس أثرية وتاريخية و12 متحفا و9 مواقع أثرية ونحو 200 من المباني التاريخية القديمة تتوزع بين البيوت والقلاع والقصور.
كما أشار إلى تسبب القصف الإسرائيلي لمبنى "الأرشيف المركزي" التابع لبلدية غزة، بتدمير وحريق كبير في المبنى وإعدام آلاف الوثائق التاريخية التي يزيد عمرها عن 100 عام وتوثّق مباني المدينة ومراحل تطورها العمراني.