الانقسامات الداخلية في كيان الاحتلال تتفاعل على خلفية استمرار الحرب على قطاع غزة، والتلكؤ في إنجاز صفقة تبادل الأسرى، وتقارير صحافية إسرائيلية وأميركية تتقاطع على اقتراب "كابينت" الحرب الإسرائيلي من الانهيار بسبب "تدهور العلاقات بين أعضائه".
وقفت صحيفة "فايننشال تايمز" الأميركية عند التصريحات الأخيرة لعضو "كابينت" الحرب الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، ومدى تناقضها مع كلام رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو.
وكان آيزنكوت قد صرّح أنّه "يجب أن نقول إنّه من المستحيل إعادة الأسرى أحياء في المستقبل القريب من دون اتفاق (مع حماس)"، مضيفاً أنّه "على إسرائيل أن تفكر في وقف القتال لفترةٍ كبيرة من الوقت كجزءٍ من أي اتفاق من هذا القبيل".
وتأتي تصريحات آيزنكوت بينما كان نتنياهو قد تعهّد في مؤتمرٍ صحافي، بأنّه "سيواصل القتال بكل قوة حتى النصر الكامل على حماس"، حيث اعتبرت الصحيفة الأميركية هذا التناقض في التصريحات مؤشراً واضحاً على عمق الخلافات في "كابينت" الحرب الإسرائيلي.
ونقلت الصحيفة عن 3 أشخاص مُطّلعين على علاقة نتنياهو ووزير الأمن في حكومته، يوآف غالانت، أنّهما "بالكاد يتحدثان"، مشيرةً إلى توقف المؤتمرات الصحافية المشتركة بينهما وبين عضو "الكابينت" الثالث، بيني غانتس، والتي كانت تُعقَد في الأشهر الأولى من الحرب.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ التدهور في العلاقات قد تفاقم بسبب دعوة العديد من الإسرائيليين إلى التوصل لاتفاقٍ بشأن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، على حساب وقف الحرب، وهي الدعوات التي رفضها نتنياهو وغالانت بشكل قاطع.
ويقول مسؤولون ومحللون إسرائيليون وأميركيون إنّ المخاوف السياسية الداخلية منعت نتنياهو من مناقشة هذه القضية، مُذكّرةً بانضمام غالانت إلى الانتقادات، حيث انتقد نتنياهو بشكلٍ غير مباشر بسبب ما أسماه "تردده السياسي".
كما لعب المزاج العام الإسرائيلي دوراً في الانقسام المتزايد، حيث يواصل أقارب الأسرى علناً انتقاد الحرب المتسمرة على قطاع غزّة، والتي لا تؤدي إلا إلى تعريض أبنائهم للمزيد من الخطر.
وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، عن مسؤولٍ كبير في أحد أحزاب المعارضة الإسرائيلية، قوله إنّ الأميركيين أدركوا أنّ "نتنياهو عاجز بسبب الوضع السياسي الذي هو فيه".
وأضافت الصحيفة أنّ نتنياهو، ونتيجةً لخوفه من رد فعل الناخبين الإسرائيليين، "ذهب إلى حدّ إخفاء انتقاله إلى المرحلة الثالثة من الحرب، ليس فقط عن حكومته الحربية، ولكن أيضاً عن الجمهور".
ورأت الصحيفة أنّ تأثير أصوات القلق المتزايدة الصادرة من واشنطن يؤثر على المشهد السياسي الإسرائيلي.
وبحسب الصحيفة، لم تعد المسألة ما إذا كانت الانتخابات ستُجرى في عام 2024، بل تسائلت بـ"متى ستُجرى في عام 2024؟"، مُشيرةً إلى أنّ "أغلب أعضاء الائتلاف الحكومي لا يرغبون في إجراء انتخاباتٍ في أي وقت قريب، وأنّهم ليسوا في عجلة من أمرهم".
وبالمقابل، فإنّ وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، يواصل وحده الصعود في استطلاعات الرأي الداخلية، وذلك على الرغم من فشله الهائل في الحد من الجريمة داخل المجتمع الإسرائيلي، وفقاً للصحيفة، والتي ترجّح أنّ "الحرب المستمرة وتوزيع الأسلحة على فرق الطوارئ الاحتياطية تعمل لصالحه".
وختمت الصحيفة بأنّ إطلاق الأسرى يستلزم انخراط نتنياهو في أكثر ما يكرهه، وهو "اتخاذ قراراتٍ حاسمة وصعبة"، حيث "يفضّل إجراء مناقشاتٍ طويلة، وأخذ الكثير من الوقت للتفكير في جميع السيناريوهات والامتناع عن اتخاذ إجراءات حاسمة"