واختتم مؤتمر طوفان الأقصى الدولي وصحوة الضمير الإنساني، الذي عقد تحت رعاية المنتدى العالمي للتقريب بين الأديان الإسلامية، أعماله بإصدار هذا البيان الختامي:
بسم الله الرحمن الرحيم
«وَلَقَد كَتَبنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّـلِحُونَ» (الأنبياء: 105)
إنعقد مؤتمر طوفان الأقصى الدولي وصحوة الضمير الإنساني بدعوة واستضافة المنتدى العالمي لتقريب الأديان الإسلامية وبجهود الرئاسة المشرفة للجامعة الإسلامية في طهران بمشاركة شخصيات علمية ودينية وثقافية واجتماعية بارزة من الدول الإسلامية بهدف دعم حقوق الشعب الفلسطيني وخاصة شعب غزة المظلوم.
وناقش العلماء المشاركون في هذا المؤتمر، التطورات الراهنة في المنطقة والعالم والجرائم الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني الغاصب وحلفاؤه، والتي أدت إلى مقتل الآلاف من الأطفال والنساء والأبرياء، وعشرات الآلاف من المدنيين وإصابات وتدمير منازل وتشريد مئات الآلاف من الأهالي.
وأعلن المشاركون وقوفهم إلى جانب كافة فصائل المقاومة وخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي وتضامنهم مع الشعب المظلوم من أجل الوقف الكامل لهذه الجرائم وحصولهم على حقوقهم الكاملة والتعاطف معهم في هذه الجراح والآلام، وإحياء ذكرى شهداء أهل غزة، لذلك أكدوا على النقاط التالية:
1. إن عملية طوفان الأقصى حسب الآية «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَرِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَمِعُ وَبِيَع وَصَلَوَت وَمَسَجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ» (الحج: 39-40) كانت ردا قاطعا ومشروعا تجاه احتلال وسياسات الفصل العنصري للكيان الصهيوني.
ونثمن جهود شعب غزة المظلوم والقوي في هذه العملية المشروعة التي غيرت التاريخ، والتي تعد رداً على سبعين عاما من الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني، وصمت العالم عنها، ونشيد بإيمانهم وصمودهم في هذا الاتجاه.
2. إن قضية فلسطين والقدس المقدسة هي القضية الموحدة للعالم الإسلامي، واليوم أصبحت غزة رمزا للصراع بين الحق والباطل وخط المواجهة لجبهة الاستكبار العالمي والصهيونية الدولية مع الأمة الإسلامية، و لقد أصبحت نقطة تحول في العلاقات الدولية والحضارية للعالم المعاصر، وأي إهمال وصمت وخيانة لفلسطين وغزة سيكون ظلماً واضحاً لأهداف ومستقبل العالم الإسلامي، بل أيضاً للمثل الإنسانية والقيم المشتركة.
3. واستناداً إلى الآية الكريمة «مَن قَتَلَ نَفسًا بِغَيرِ نَفسٍ أَو فَسَادٍ فِي ٱلأَرضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعًا» (المائدة: 32) الوقف الفوري وغير المشروط للجرائم الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال التابعة للكيان الصهيوني ضد المدنيين وإقامة وقف دائم لإطلاق النار في كافة الأراضي المحتلة وخاصة في قطاع غزة ودعم الدفاع المشروع لإنقاذ حياة الأبرياء ينسجم مع ضمير أحرار العالم.
4. إن جميع شعوب العالم يؤكدون على الإلغاء الفوري للحصار المفروض وإرسال المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الإمدادات الطبية والإغاثية والمياه والكهرباء والوقود، والفتح الفوري لطرق آمنة لإيصال المساعدات الأساسية إلى قطاع غزة.
5. يعرب البيان عن الأسف العميق لضعف وعجز مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن القيام بمسؤولياته في حماية الأمن والسلم العالميين ووقف جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، ويطالب الدول الأعضاء في هذا المجلس بحمل بواجباتهم الواضحة والإجماعية دون اعتبارات سياسية، وببساطة انسجاماً مع القيم الإنسانية، وإصدار قرارات تمنع الغزو الغاشم للكيان الصهيوني، وإدانة الداعمين لهذه الجرائم، وخاصة الولايات المتحدة وإنجلترا، وإدانة استخدام ازدواجية المعايير كغطاء للاحتلال وتأجيج الصراع وحصانة مجرمي الحرب وإفلاتهم من العقاب، فضلا عن ضرورة تحويل النظام الدولي بما يتوافق مع حقوق المظلومين والمضطهدين على أساس القيم الطبيعية والإلهية والأعراف.
6. واستنادا إلى الآية «إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» (الممتحنة: 9) ندين جرائم أمريكا وخياناتها لدعم الكيان الصهيوني وامداده بالسلاح والاستخبارات والمساعدات الاقتصادية وعرقلة وقف إطلاق النار .
7. وبينما ندعم العمليات المضادة لجبهة المقاومة، وخاصة الإجراءات الشجاعة للشعب والحكومة اليمنية ضد الولايات المتحدة واحتلال الكيان الصهيوني، ندين أي جرائم حرب ترتكبها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الهجوم على الأراضي اليمنية.
8. المطالبة من محكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في الجرائم التي ترتكب في فلسطين بعد عملية طوفان الأقصى والتي تعتبر مثالا واضحا على جرائم الحرب والإبادة الجماعية، والمحاكمة العادلة لهؤلاء المجرمين في المحكمة، وطلب من الأمم المتحدة وشعوب العالم الحرة، وخاصة الأمة الإسلامية، للتعريف وكشف مجرمي الحرب في الكيان الصهيوني الغاصب وشرح جرائمهم وتوثيقها.
9. ويعرب البيان عن القلق العميق إزاء الوضع المزري لآلاف السجناء الفلسطينيين، بما في ذلك النساء والأطفال، وما يتعرضون له من تعذيب وسوء معاملة، ويدعو إلى إطلاق سراحهم الفوري وغير المشروط؛ ودعم قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بإجراء تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان في كامل الأراضي المحتلة، وخاصة في قطاع غزة المحاصر.
10. إدانة الهجرة القسرية لأبناء قطاع غزة بشكل حاسم والتأكيد على بقاء الشعب الفلسطيني في أرضه، كما أكد على أهمية لعب دور المجتمع الدولي لمنع أي محاولة لإخراج هؤلاء الأشخاص من قطاع غزة .
11. واشار العلماء المشاركون في هذا المؤتمر إلى الآية «وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَنِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» (المائدة: 2) الى ان أي تعاون مع الكيان الصهيوني المعتدي وتوفير احتياجاته ممنوع، والأمة الإسلامية كافة تتوقع تحركاً جدياً وفورياً بشأن إنهاء أو على الأقل تعليق أي نوع من العلاقات السياسية والاقتصادية مع هذا الكيان الصهيوني والحصار الاقتصادي والتجاري.
12. بناء على الآية المباركة:«إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَهَدُواْ بِأَمْوَلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ» (الأنفال: 72) نسأل الأمة الإسلامية كافة أن يبذلوا قصارى جهدهم للمشاركة في إعادة إعمار غزة .
13. إن السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة هو إنهاء الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي وأعماله الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، وتمكين الشعب الفلسطيني من الاستفادة من حقوقه غير القابلة للتصرف، وخاصة الحق في تقرير المصير والاستقلال والعودة إلى وطنه. إن مقترح سماحة القائد مبني على مشاركة كافة أبناء شعب فلسطين الكريم؛ مسلم ومسيحي ويهودي، وتشكيل نظام سياسي أغلبي منتخب على أساس الاستفتاء هو الحل الأمثل للقضية الفلسطينية.
14. توجيه الشكر لشعوب العالم في آسيا وأوروبا وأمريكا وأفريقيا، وكذلك الأمة الإسلامية، وخاصة العلماء والمراكز الدينية الذين كان لهم حضور مؤثر في هذه الصحوة الإنسانية والإسلامية، والتأكيد على ضرورة استمرار الدعم العالمي لتحقيق جميع أهداف عملية طوفان الأقصى.
وفي الختام قام العلماء المشاركون في هذا المؤتمر بتكريم ذكرى كافة شهداء المقاومة وتكريم المقاومة الشجاعة والمقدسة للأمة الفلسطينية وقوى المقاومة وطالبوا المجتمع الدولي وكافة حكومات ودول العالم العربي والإسلامي واحرار العالم للإسراع بمساعدة هذه الأمة.
ونطلب من جميع المسلمين الدعاء للقضاء على فظائع وجرائم هؤلاء المجرمين في هذه الأيام المباركة، ونسأل الله نصر الأمة الفلسطينية.