منذ بدء الهبة العشائرية ضد "قسد" قبل نحو 6 أشهر، وأرياف دير الزور الخاضعة لسيطرتها لا تهدأ، وذلك على خلفية اتهام العشائر لها بإلغاء أي دور للمكون العربي و"الحفاظ على السطوة الكردية في إدارة دير الزور" الغنية بالنفط والغاز، والواقعة على خطوط تماس مع الجيش السوري وحلفائه فيما بات يعرف بشرق الفرات وغربه، وهي المنطقة التي يقسمها نهر الفرات إلى قسمين معروفين شعبياً؛ الأول باسم "الجزيرة"، نسبة إلى مناطق "شرق الفرات" التي تقع بين نهري الفرات ودجلة، والآخر هو "الشامية" أو "غرب الفرات" الذي يفصل المناطق من نهر الفرات حتى طريق العاصمة دمشق.
لم تنجح "قسد" في إنهاء الغضب العشائري ضدها رغم محاولاتها المتعددة، سواء بالقوة عبر شن عملية عسكرية واسعة لاستعادة الريف الشرقي الذي خرج عن السيطرة بكامله مع بداية الحراك العشائري في آب/أغسطس المنصرم، أو بالسياسة والمهادنة من خلال عقد اجتماعات واسعة في ريف دير الزور الشرقي، وإبداء انفتاح على بعض المطالب، وخصوصاً تلك المتعلقة بالخدمات والمعيشة اليومية وتوفير المحروقات وغيرها.
مع ذلك، لم تتوقف هجمات مقاتلي العشائر بقيادة شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، إبراهيم الهفل، والتي تحولت إلى سيناريو يومي، في ظل انتشار مشاهد مصور يومية توثق هذه الهجمات، وتؤكد انضمام مجموعات جديدة من أبناء العشائر إلى "جيش العشائر" الذي أعلن عن تشكيله بغرض محاربة "قسد" وطردها من كامل المنطقة.
ويبرر أبناء العشائر هجماتهم بالرفض الكردي القاطع لمنح أي دور سياسي أو إداري أو عسكري نافذ لأبناء العشائر في إدارة منطقتهم المكونة بكاملها من أبناء القبائل، وخصوصاً قبيلتي العكيدات والبكارة، واقتصار ذلك على تعيين عدد من الأشخاص في بعض المواقع الإدارية والعسكرية بصلاحيات وهمية وإبقاء ملف إدارة المنطقة إدارياً وعسكرياً بيد كوادرها.
ومع الضغط الأميركي على "قسد"، واعتراض الأخيرة على عدد من الشخصيات التي طرحها الأمريكيون ليكونوا شركاء لها في إدارة المنطقة خشية من ولاءاتهم وانتماءاتهم، توصل الطرفان إلى صيغة عبر دعوات شخصيات عشائرية من أبناء محافظتي الحسكة ودير الزور تحمل الجنسية الأمريكية ليتقلدوا مناصب في الجسم الإداري والعسكري للمنطقة، وبما يقنع بعض العشائر بتوجه "قسد" نحو منحهم صلاحيات إدارية وعسكرية وإشراكهم في إدارة شؤون المنطقة.
وبالفعل، انتخب "مجلس سوريا الديمقراطية" في مؤتمره الأخير، قبل نحو شهر، محمود المسلط، القادم من مدينة أوهايو الأميركية، والذي يعد من عائلة ذات ثقل عشائري في عموم المنطقة، إضافة إلى استدعاء عبود جدعان الهفل، السوري الأميركي، من الولايات المتحدة الأميركية، لعقد اجتماعات مع عشائر المنطقة وإقناعهم بأهمية مشروع "قسد" لأمن المنطقة واستقرارها.
وأجرى الهفل، وهو من أعمام شيخ قبيلة العكيدات إبراهيم الهفل الذي يقود الحراك العسكري والشعبي ضد "قسد"، عدة اجتماعات بهدف إحداث التقارب المطلوب من العشائر مع "قسد" ومحاولة الحد من تأثير الحراك العشائري ضدها في عموم أرياف دير الزور. ويبدو أن الهفل الذي حظي بحفاوة كردية خاصة لم ينجح حتى الآن في إقناع أبناء جلدته من قبائل وعشائر المنطقة في تطبيق المشروع الذي يعمل على تطبيقه برعاية وإشراف الأميركيين و"قسد"، وفق ما تؤكد لـ"الميادين نت" مصادر عشائرية.
وتضيف المصادر أن "أبناء العشائر لم يظهروا أي حماسة للأفكار التي يحملها الهفل في مسألة التشارك مع قسد في إدارة المنطقة ومنح دور لأبناء العشائر في إدارة مناطقهم"، مشيرة إلى أن "غالبية وجهاء العشائر والقبائل أكدوا عدم ثقتهم بالولايات المتحدة الأميركية ودورها المنحاز إلى الجهات التي تدعمها في سوريا"، في إشارة إلى "قسد".
ولفتت المصادر إلى أن "أبناء قبيلة العكيدات لا يعترفون إلا بديوان أبناء خليل عبود الهفل كمشيخة لهم، ويبدون الولاء لهم في كل توجهاتهم في المنطقة"، متوقعة أن "يعود هؤلاء الأشخاص المستقدمون من الولايات المتحدة إلى المناطق التي أتوا منها من دون تحقيق أي من أهدافهم، وذلك بسبب التركيبة العشائرية الرافضة لممارسات الولايات المتحدة في عموم المنطقة".