وقال آية الله الخامنئي خلال استقباله في حسينية "الإمام الخميني (رض)" اليوم الثلاثاء حشداً من أهالي محافظة قم بمناسبة الانتفاضة التاريخية في 9 كانون الثاني/يناير عام 1978: لا ينبغي لنا أن ننسى قوة دور الشعب في الأحداث الكبرى. لقد اختبرنا هذا الأمر في حياتنا، إذ يجب ألا ننسى نحن أنفسنا هذه التجربة وأن نعكسها كذلك في الوقت ذاته للآخرين.
وأضاف: أنظروا إلى غزة اليوم. ترون دور حضور الشعب وصموده في حادثة عظيمة، أي مجموعة صغيرة، شعب محدود، مثلاً مليوني شخص في قطعة أرض محدودة، فرض العجز على أميركا بجبروتها والكيان الصهيوني اللصيق بها. هذا الأمر يعني قوة حضور الشعب.
وأشار قائد الثورة الى انتفاضة أهالي مدينة قم التي شكلت منعطفاً حاسماً في تاريخ الثورة الإسلامية أدى بعد عام الى انتصارها وقال: في 9 كانون الثاني/يناير (عام 1978)، خرج أهالي قم إلى الشوارع، وتعرضوا للقمع (من قبل جلاوزة النظام البائد) واستشهد بعضهم ودخل بعضهم الآخر السجن، لكنها كانت بداية حراك أدى الى إسقاط نظام عميل مستكبر ظالم في غضون عام واحد.
*الامام الراحل كان يجتمع بالناس بدلاً من الأحزاب والمجموعات
وأضاف: لا بد من تعزيز قضية حضور الشعب، التي هي من المتطلبات الضرورية للإدارة الصحيحة للبلاد، والتقدم، وتحقيق نتائج الثورة وأهدافها، وينبغي لكل من له صوت ولغة وبيان بليغ وجمهور وتأثير أن يعمل في هذا المجال.
وأكد آية الله الخامنئي أنه يجب على الجميع أن يسعى لحضور الشعب في الساحة وأضاف: لقد علمنا الإمام هذا الأمر وعلّم الشعب بأن وجوده في الساحة يخلق المعاجز. الإمام أثبت ذلك للشعب الإيراني كله بالأفعال والكلمات والمنطق والحجج عامي 1962 و 1963.
وتابع: لقد جعلهم يدركون بانه لو أرادوا المضي قدمًا، ولو أرادوا تحقيق النتائج المرجوة، فيجب عليهم التواجد في الساحة. التراجع والاعتماد على هذا وذاك، واختيار العزلة، لا فائدة منها، ويجب أن يأتوا إلى وسط الساحة مثلما فعل هو.
وأكد سماحته: بدلاً من الجلوس واللقاء مع الأحزاب والجماعات والتيارات والشخصيات السياسية المعروفة التي كانت تدعي الكثير والتي كانت موجودة في ذلك الوقت، كان الإمام يجلس مع الشعب.
*الحادث الارهابي في كرمان
وتابع آية الله الخامنئي: نحن نصر على قمع العناصر الحقيقية والكامنة خلف الستار في الحادث الإرهابي في كرمان، كما أن المسؤولين المعنيين يسعون بجدية في هذه القضية وقدموا أداءً جيداً.
ولفت آية الله الخامنئي إلى قضية غزة، وأشار إلى التحقق التدريجي لتوقعات أصحاب الفكر المنير حول هذه القضية، وقال: لقد كان متوقعا أن يكون المنتصر في هذا الميدان هو المقاومة الفلسطينية، والمهزوم هو الكيان الصهيوني الخبيث واللعين، واليوم يتحقق هذا التوقع.
واعتبر الأشهر الثلاثة من الجرائم الصهيونية وقتل الأطفال حادثة لا تنسى في التاريخ وأضاف: حتى بعد القضاء على هذا الكيان ومحوه من على وجه الأرض فإن هذه الجرائم لن تنسى وسيُذكر في التاريخ أنه في فترة ما كانت هنالك فئة تحكم في هذه المنطقة قاموا بقتل آلاف الأطفال في عدة أسابيع، لكن صبر الشعب وصمود المقاومة الفلسطينية أجبرهم على التراجع.
وفي معرض شرحه لمؤشرات هزيمة وفشل الكيان الصهيوني بعد نحو 100 يوم من الجرائم، قال سماحته: لقد قالوا سندمر حماس والمقاومة ونهجّر أهل غزة، وهو ما فشلوا فيه، واليوم المقاومة نابضة بالحياة والنشاط والجهوزية، في حين أن الكيان الصهيوني مرهق وذليل ونادم، وقد طبعت جبهته بوصم المجرم.
واعتبر هذه النتيجة درسا وقال: هذا الدرس يوضح ضرورة اتباع خط الوقوف ضد الظلم والغطرسة والإستكبار والهيمنة، وعلى المقاومة أن تبقى حاضرة وجاهزة ولا تغفل عن خدع العدو وان توجه له الضربة أينما أمكن بعون الله.
وقال آية الله الخامنئي: إن شاء الله سيأتي يوم يرى فيه الشعب الإيراني والأمة الإسلامية انتصار الصبر والثبات والثقة بالله على أعداء واشرار العالم.
وانتقد آية الله الخامنئي، موقف البعض الذين يصفون حضور رئيس الجمهورية بين الشعب بـ"الشعبوية"، وقال: إن الشعبية هي النقطة الأساسية في سياسات الدولة ، وبطبيعة الحال، فإن جودة العمل مع جماهير الشعب مهارة عظيمة ينبغي التامل والتفكير فيها بعمق.
واعتبر قائد الثورة "التوجيه الدقيق" و"التمكين المعرفي" كشرطين للاتيان بالشعب إلى ميدان النضال والصمود وقال: إن الهدف من دعوة الشعب للحضور هو من اجل الحكم الإسلامي والكرامة الإسلامية والصلاح الكامل ورفعة الشعب ومواجهة الاستكبار.
وبين زيادة المعرفة لدى الشعب بأنها واجب المفكرين والأساتذة والمثقفين وطلبة العلوم الدينية وغيرهم من الشرائح المؤثرة في الرأي العام وقال: الأميركيون بتفكيرهم الساذج وحساباتهم الخاطئة، هم واذيالهم، مازالوا بعد 45 عاماً، يسعون لتبييض وجه النظام المشؤوم والعميل الذي تم طرده في 22 بهمن عام 1357 ه.ش (11 شباط /فبراير 1979 م) من قبل الشعب من هذه الأرض الطاهرة.
وأشار قائد الثورة الى تورط البريطانيين المباشر في وصول رضا خان إلى السلطة وأضاف: هذا العنصر العميل عمل بمساعدة عملاء البريطانيين على تغيير هوية الشعب الثقافية بعد سنوات قليلة من مجيئه الى السلطة حيث ينبغي النظر الى ممارسات مثل "منع الحجاب وتعطيل الحوزات العلمية ومراسم العزاء الحسيني" والأمور المماثلة لها بأنها تأتي في هذا السياق.
وقال آية الله الخامنئي، في إشارة إلى التدخل البريطاني في وصول محمد رضا إلى السلطة والانقلاب الأميركي البريطاني المشترك لإعادة الشاه الهارب إلى السلطة عام 1953: إن نظام الطاغوت وصل إلى السلطة وواصل وجوده المشين بمساعدة الأجانب. ومقابل هذه المساعدة لم يبع نفط إيران فحسب، بل أيضا كرامة الشعب ودينه وشرفه للأجانب، لكن الآن يحاول البعض تبرير اعمال ذلك النظام الفاسد.
وتابع سماحةقائد الثورة الإسلامية'> قائد الثورة الإسلامية في سياق حديثه موضحا استراتيجية جبهة الاستكبار والاستغلال ضد إيران وأضاف: إنه وعلى النقيض من استراتيجية الإمام في جلب الشعب إلى الساحة وتسليمه راية الجهد والنضال، عمدت اميركا والكيان الصهيوني الى السياسة العامة المتمثلة في "إخراج الشعب الإيراني من الساحة" وهم اليوم يتبعون هذه السياسة بأساليب مختلفة في منتهى النذالة.
واعتبر محاولة التقليل من حضور الشعب في المناسبات المهمة من خدع العدو لإبعاد الشعب عن المشهد وقال: السخرية من مسيرة الأربعين والتشكيك في احترام الشعب لقائد إيران العظيم والمنطقة (الشهيد قاسم سليماني)، وأيضا إثارة الشكوك حول حضور الشعب المهيب في الأعياد الدينية مثل النصف من شعبان، تعد من امثلة سياسة العدو الإستراتيجية لإخراج الشعب من الساحة.
وأضاف قائد الثورة: ان هذا العداء يعود الى أنهم ادركوا بان حضور الشعب في الساحة هو السبب في تقدم إيران وكسبها الاحترام، وبروزها كقوة مهمة في المنطقة، وخلق عمق استراتيجي فريد اي قوى المقاومة في عموم المنطقة، وإحباط كل المؤامرات من الانقلاب حتى الحرب المفروضة (1980-1988) والمؤامرات الأمنية.
واعتبر جهود وسائل الإعلام الأجنبية في احباط امل الشعب وخاصة الشباب بالمستقبل، بانها تعد من الاساليب الاخرى لاخراج الشعب من الساحة وقال: تعميم أو تضخيم النقاط السلبية، والترويج لعدم جدوى المشاركة في الأنشطة السياسية والانتخابات، والتركيز على النواقص والمصاعب الإقتصادية، يعد من ضمن انشطة العدو الدعائية.
وأضاف قائد الثورة الإسلامية: بالطبع لدينا مشكلة اقتصادية، وقد كانت ولا تزال هناك نقاط ضعف مختلفة، وإذا تم البحث بعناية فإن معظم نقاط الضعف هذه ترجع إلى قلة الحضور الشعبي فيها، فيما تكون نقاط الضعف أقل في الساحات التي يتواجد فيها الشعب.
واعتبر "التخويف من القوى الكبرى وأميركا والكيان الصهيوني" خدعة أخرى لإخراج الشعب من الساحة وقال: لو كان الشعب الإيراني يخاف من القوة الفلانية لما كانت الجمهورية الإسلامية موجودة الآن، بينما الكثير من القوى التي كانت تدعي الهيمنة على المنطقة، تخشى الشعب الايراني اليوم.
ووصف سماحة آية الله الخامنئي، الوسائل الأخرى التي يستخدمها الاجانب لإبعاد الشعب عن المشهد بأنها تتمثل في "جعل الشعب لا يؤمن بعوامل الحضور والشجاعة والقوة" وقال: الإيمان الديني والتشرع هما أهم العوامل التي تخلق القوة، ومساعي العدو ودعاياته تهدف إلى إضعاف هذه العوامل.
وأضاف: ينبغي الاهتمام والعمل بمسألة الحجاب وأمثاله من منطلق أن المشكلة ليست فقط في جهل البعض بمسألة الحجاب، بل أيضاً أن قلة من الناس هم الذين يعملون هذه الامور من منطلق المعارضة.
واعتبر "خلق الخلافات وايجاد القطبية" بحيث يتجاوز الموضوع الخلافات الودية ويؤدي إلى إدانة كل كلمة، حتى طيبة، من الطرف الآخر، بانه أسلوب آخر لتفريغ الساحة من حضور الشعب، وقال: إن طريقة المواجهة لهذه المخططات هي حضور الشعب في القضايا السياسية والاقتصادية والانتخابية وحتى الأمنية.
وقال آية الله الخامنئي: في مجال القضايا الأمنية، يمكن للناس مساعدة الأجهزة الأمنية من خلال التعرف على عملاء العدو، حيث تم حتى الآن حل الكثير من المشاكل الأمنية بمساعدة الناس، والأجهزة منعت وقوع مآس مشابهة لما حدث في كرمان حيث يمكن القول إن ما يتم احباطه من مؤامرات يبلغ عشرات اضعاف ما يحدث.
*الإعتداء الإرهابي في كرمان
واعتبر قائد الثورة التجمع الشعبي الكبير في الذكرى الرابعة لاستشهاد القائد سليماني، وحضور الشعب في مسيرات 22 بهمن (11 شباط/فبراير ذكرى انتصار الثورة) ويوم القدس العالمي، علامات واضحة على استعداد الشعب للمشاركة الميدانية، وقال: المواطنون جاؤوا من اماكن بعيدة للمشاركة في ذكرى استشهاد القائد العظيم (الشهيد سليماني)، ورغم ذلك الحدث الكارثي، استمر التجمع بنفس القوة والزخم والتحفيز في اليوم التالي، وهذا يعني أن الشعب جاهز وعلينا نحن المسؤولين أن نمهد الطريق لحضورهم.
وقال حول حادث التفجير الارهابي المزدوج في كرمان: إن هذه المأساة جعلت أمتنا في عزاء حقا. بالطبع نحن لا نصر على اتهام هذا وذاك، لكننا نصر على تحديد العوامل الحقيقية والكامنة وراء كواليس القضية والمبادرة الى قمعها حيث يعمل المسؤولون المحترمون بجدية لملاحقة ومعاقبة العناصر الضالعة ومن يقف وراءهم في هذه الجريمة، ان شاء الله تعالى.