بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴿۱﴾ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴿۲﴾ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴿۳﴾ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴿٤﴾ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴿٥﴾ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴿٦﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴿۷﴾ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى﴿۸﴾ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى﴿۹﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴿۱۰﴾ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴿۱۱﴾ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴿۱۲﴾ وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى﴿۱۳﴾ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى﴿۱٤﴾ لاَ يَصْلاَهَا إِلَّا الْأَشْقَى﴿۱٥﴾ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴿۱٦﴾ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى﴿۱۷﴾ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى﴿۱۸﴾ وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى﴿۱۹﴾ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴿۲۰﴾ وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴿۲۱﴾
سورة الليل
هي السورة الثانية والتسعون ضمن الجزء الثلاثين من القرآن الكريم، وهي من السور المكية، واسمها مأخوذ من أول الآية، وفيها يُقسم الله تعالى بالليل والنهار، ثم يأتي تقسيم الناس إلى منفقين مُتّقين، وبُخلاء منكرين، كما وتذكر عاقبة كل مجموعة منهم، وتُبيّن السورة في آخرها من يدخل النار ومن ينجو منها.
تسميتها وآياتها
سُميت هذه السورة بالليل على أول آية منها، وفيها أقسم الله تعالى بالليل إذا غشيه الظلام لِما في ذلك من الهول المحرّك للنفس بالاستعظام،[١] وآيات هذه سورة (21)، تتألف من (71) كلمة في (316) حرف، وتعتبر هذه السورة من حيث المقدار من السور المفصلات، أي: السور التي لها آيات متعددة وصغيرة.[٢]
ترتيب نزولها
ذكر المفسرون أنّ سورة الليل من السور المكية،[٣] والسورة من حيث الترتيب نزلت على النبي (ص) بالتسلسل (9)، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء الثلاثين بالتسلسل (92) من سور القرآن.[٤]
سبب نزولها
ورد أنَّ رجلاً كانت له نخلة، فرعها في دار رجل فقير ذي عيال، فإذا صعد صاحب النخلة ليأخذ منها التمر، سقط بعض منه، فيأخذه صبيان الفقير، فينزل الرجل من النخلة ويأخذ التمر من أيديهم، فشكى الرجل الفقير إلى النبي (ص)، وأخبره بذلك، وبعد أن لقيَ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم صاحب النخلة قال له: تعطيني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنة؟ فلم يقبل الرجل، فسمع هذا الكلام رجلاً آخر وطلب من النبي صلي الله عليه وآله وسلم أن يذهب إلى صاحب النخلة، فذهب له وساومه عليها وأبدلها بأربعين نخلة غيرها، ثم أعطاها للنبي صلي الله عليه وآله وسلم، ثم ذهب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إلى الرجل الفقير صاحب الدار وقال له: النخلة لك ولعيالك، فأنزل الله: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾[٥] وقيل: اسم الرجل الذي اشترى النخلة أبو الدحداح.[٦]
معاني مفرداتها
أهم المفردات في السورة:
(يَغْشَى): يستر ويواري.
(تَجَلَّى): ظهر وانكشف.
(لَشَتَّى): لمتفرق ومختلف.
(بِالْحُسْنَى): مؤنث أحسن: وهو الثواب والجزاء.
(لِلْيُسْرَى): سهولة الأمر ضد العُسر.
(اسْتَغْنَى): طلب الغنى والثروة.
(تَرَدَّى): الهلاك والموت.
(تَلَظَّى): تتلهب.[٧]
محتواها
غرض السورة الإنذار كما تُشير على اختلاف مساعي الناس فمنهم من أنفق واتقى فسيمكنه الله من حياة خالدة سعيدة، ومنهم من بخل واستغنى فسيسلك الله به إلى شقاء العاقبة.[٨] كما تركّز السورة على القيامة وعلى ما في ذلك اليوم من الثواب والعقاب، كما تذكر السورة في نهايتها من يدخل النار ومن ينجو منها، مع ذكر أوصاف الفريقين.[٩]
فضيلتها وخواصها
وردت فضائل كثيرة في قراءتها، منها:
عن النبي (ص) أنه قال: «من قرأها أعطاه الله حتى يرضى وعافاه من العُسر، ويسّر له اليُسر».[١٠]
وعنه صلي الله عليه وآله وسلم قال: «من قرأها قبل أن ينام خمس عشرة مرة، لم يرَ في منامه إلا ما يحب من الخير، ولا يرى في منامه سوءاً، ومن صلى بها في العشاء الآخرة كأنما صلى بربع القرآن وقبلت صلاته».[١١]
وردت خواص كثيرة، منها:
عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: «من قرأها في أُذن مَغشيٍّ عليه أو مصروع أفاق من ساعته».[١٢]
-----------
-
- الطوسي، تفسير التبيان، ج 11، ص 622.
- الخرمشاهي، موسوعة القرآن والبحوث، ج 2، ص 1265 - 1266.
- الرازي، التفسير الكبير، ج 32، ص 179.؛ الألوسي، روح المعاني، ج 30، ص 509.
- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 168.
- الليل: 1.
- القمي، تفسير القمي، ج 3، ص 1162.؛ الألوسي، روح المعاني، ج 30، ص 509.
- الموسوي، الواضح في التفسير، ج 17، ص 299-300.
- الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 20، ص 343 - 344.
- مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 20، ص 155.
- الطبرسي، جوامع الجامع، ج 3، ص 795.
- البحراني، تفسير البرهان، ج 10، ص174.
- البحراني، تفسير البرهان، ج 10، ص174.