ومنطقة (بمبور)، موقع أثري يقع إلى الجنوب الشرقي من الهضبة الإيرانية وهي معروفة بقلعتها التاريخية المسماة بنفس الاسم، ويعتبرها علماء الآثار جزءاً من حضارة سهل (جازموريان) الكبيرة، وقد نشأت فيها قبل 5000 عام إحدى أهم الحضارات بسبب ما تمتاز به من مقومات تؤهلها لتكون محلاً للعيش.
ورغم أن هناك طبقات عديدة من التراب تغطي الطبقات الأثرية لهذه الحضارة إلا أن (بمبور) تعد واحدة من أقدم الحضارات والمدن. وهي تعد من المواقع الأثرية المهمة في البلاد ولا تقل من حيث الأهمية عن المدينة المحروقة.
وقد أسفرت الاستكشافات الأثرية التي جرت فيها عن اكتشاف ما يقرب من 20 موقعاً أثرياً يعود تاريخ أكثرها الى ما قبل خمسة آلاف عام. ورغم أنه يلاحظ وجود آثار في بعض هذه المواقع تشير الى عصور تاريخية أخرى كالعصر الأشكاني إلا أن العصر الإسلامي يمتاز بأهمية خاصة في هذه المنطقة.
وقد تعرف خبراء الآثار خلال دراستهم لمنطقة (بمبور) الأثرية على موقع كبير يشبه من حيث المساحة والإتساع المدينة المحروقة. وبالتزامن مع حضارة المدينة المحروقة كانت هناك حضارة أخرى في هذه المنطقة التي ربما يمكن إعتبارها من أكبر المدن في تلك الحقبة من تاريخ الحضارة الإيرانية.
ولقد تم اكتشاف عدد كبير من المواقع الصغيرة التي يعود تاريخها الى ما قبل خمسة آلاف عام، أحدها كبير جداً ويضاهي المدينة المحروقة من حيث المساحة. وذكر أنه كان يعتقد في السابق بأن قلعة (بمبور) هي مركز المنطقة، لكن مساحتها الصغيرة نسبياً التي لا تتجاوز 300 متر مربع لا تؤهلها لتكون مركزاً للمنطقة.
ومن النقاط الجديرة بالإشارة بشأن (بمبور) أنها كانت في الماضي تعد حلقة وصل مهمة تربط شمال الهضبة الإيرانية بجنوبها لهذا فإنها لعبت دوراً مهماً في ظهور المدن في هذه المنطقة.
والجزء الذي يقع بين (بمبور) والمدينة المحروقة والجزء الآخر الذي يربط بين (بمبور) وجيرفت يعدان من أهم أجزاء حلقة الوصل هذه. وذكر بأن المدينة المحروقة كانت تسهل ربط (بمبور) ببعض نقاط ايران وربما نقاط تقع خارج حدود الهضبة الإيرانية، في حين كانت جيرفت تربطها بمناطق أخرى.
وقد أشار الخبيران في مجال الآثار (توزي) و(ديكاردي) الى ذلك بعد التنقيب الأثري الذي أجرياه في هذه المنطقة، حيث توصلا الى أن (بمبور) كانت تعد حلقة وصل مهمة في المنطقة الجنوبية الشرقية من ايران وأنها كانت تلعب دوراً هاماً في هذا الشأن.
وحول أعمال التنقيب والإستكشاف الأثري التي جرت في (بمبور) لحد الآن خلال الفترة بين عامي 1930 و1960 قام عدد من خبراء الآثار بدراسات وتنقيبات أثرية عديدة في كل من (بمبور) و(دامين) و(خوران)، من بينهم (بياتريس ديكاردي) و(توزي) و(شتاين)، توصلوا من خلالها الى نتائج جديرة بالملاحظة.
ويستدل مما تم اكتشافه لحد الآن في منطقة (بمبور) على أن سكان هذه المنطقة كانوا يمتازون بمهارة صناعة الخزف، فضلاً عن وجود أوجه للشبه الثقافي بين (بمبور) و(جيرفت).
إن تحديد تاريخ (بمبور) تم على ضوء نتائج إستكشافات أثرية قام بها الخبير الآثاري (شتاين) في موقع في سلطنة عمان يسمى (أم النار) حيث جاء بعد إنتهائه من دراسته لذلك الموقع الى (بمبور) ليقوم بدراستها وإستكشافها ليعثر فيها على مجموعة من الآثار التي تشبه الآثار التي عثر عليها في (أم النار) وقام على ضوء ذلك بتحديد عمر (بمبور).